انسحاب بايدن يمنح الديمقراطيين فرصة جديدة بقدر ما يثير الغموض مخاوفهم

نسخ من صحف اليوم التالي لإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيتخلى عن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة في مدينة نيويورك الاثنين (رويترز)
نسخ من صحف اليوم التالي لإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيتخلى عن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة في مدينة نيويورك الاثنين (رويترز)
TT

انسحاب بايدن يمنح الديمقراطيين فرصة جديدة بقدر ما يثير الغموض مخاوفهم

نسخ من صحف اليوم التالي لإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيتخلى عن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة في مدينة نيويورك الاثنين (رويترز)
نسخ من صحف اليوم التالي لإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيتخلى عن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة في مدينة نيويورك الاثنين (رويترز)

يمنح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن، من خوض الانتخابات في الولايات المتحدة، الحزب الديمقراطي فرصة جديدة وإنْ متأخرة لإعادة إطلاق حملة شابتها العثرات، بقدر ما يثير مخاوفه بشأن أسابيع من عدم اليقين إلى حين اختيار مرشح لمواجهة الجمهوري دونالد ترمب، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

ويأمل الناخبون في أن يقدم الحزب الديمقراطي صورة مغايرة لبدايات حملته لانتخابات 2024، حين لم يتمكن من طرح أي مرشح جدي غير بايدن البالغ 81 عاماً، رغم القلق الذي كانت تثيره سنّ الرئيس وقدراته الذهنية.

ورأى المستثمر أندرو يونغ، الذي خاض الانتخابات التمهيدية للحزب ضد بايدن قبل رئاسيات 2020، أن الرئيس «أظهر حساً قيادياً لافتاً. يعود الأمر الآن (إلى الديمقراطيين) لإظهار حسّ قيادي مماثل من خلال عملية مفتوحة لتحديد المرشح الأمثل لمواجهة ترمب (ونائبه جاي دي) فانس في نوفمبر (تشرين الثاني)».

وأضاف عبر منصة «إكس»: «يجب أن يكون الهدف بسيطاً، وهو الفوز».

وتتصدر هاريس (59 عاماً) قائمة المرشحين المحتملين للحزب الديمقراطي، مرتكزة بشكل أساسي إلى الآن على دعم الرئيس الحالي، وهو موقع قد تتمكن من تعزيزه في الأيام المقبلة. وفي حال حسم ذلك، سينصرف الديمقراطيون لتركيز جهود حملتهم على محاولة هزيمة ترمب ومنعه من العودة إلى البيت الأبيض.

لكن عدم حصول ذلك يضع الديمقراطيين في مواجهة احتمال متزايد وأكثر ترجيحاً بالانخراط في منافسة فوضوية، وربما مؤذية، على أصوات زهاء أربعة آلاف مندوب في المؤتمر العام للحزب المقرر في شيكاغو في أغسطس (آب).

ووعد رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي خايمي هاريسون بـ«عملية شفافة ومنظمة» لاختيار مرشح بديل لبايدن، وهو أول رئيس أميركي يمتنع عن الترشح لولاية ثانية منذ الديمقراطي ليندون جونسون في 1968.

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث خلال حفل في 8 مايو 2024 بواشنطن (د.ب.أ)

المدعية كامالا

وتعثرت الحملة الانتخابية لبايدن بعد أدائه الكارثي خلال مناظرة تلفزيونية مع ترمب الشهر الماضي، مما عزّز المخاوف بشأن تراجع قدراته الذهنية ووضعه الصحي مع تقدّمه في السن.

من جهته، بدا ترمب الذي سيبلغ الثانية والثمانين في ختام ولايته بحال فوزه في انتخابات 2024، أكثر صلابة. إلا أن خوضه المنافسة في مواجهة مرشّح أصغر سنّاً، قد يعيد توجيه الاهتمام إلى خطاباته ومقابلاته الصحافية حيث غالباً ما يخلط الأسماء وتبدو تصريحاته غير متماسكة.

وفي إطار البحث عن بديل لبايدن، يجري تداول أسماء شخصيات صاعدة في الحزب الديمقراطي ما زالت دون الستين من العمر، مثل حكام الولايات جوش شابيرو وغريتشن ويتمر وغافن نيوسوم.

وألمحت ويتمر سريعاً إلى أنها لا تعتزم الترشح، بينما أيَّد نيوسوم ترشح هاريس، لكنَّ الحاكمَين لم يعلنا بشكل صريح استبعاد نفسيهما من خوض السباق.

ويُتوقع أن توفر حملة تقودها هاريس بمعية مرشح معتدل من وسط غرب البلاد لمنصب نائب الرئيس، أفضل الحظوظ للحزب الديمقراطي في مواجهة ترمب، عبر استقطاب الناخبات اللواتي عادةً ما يشاركن في عمليات الاقتراع بأعداد أكبر من الرجال، ويمثّلن نقطة ضعف في سجل المرشح الجمهوري.

ويمكن لهاريس أن تمنح الحزب الديمقراطي فرصة إعادة رسم المواجهة الانتخابية بما يناسبه، وتحويلها إلى منافسة بين ثقافتين مختلفتين، تجسّد إحداهما المدعية العامة السابقة، بينما يمثّل الثانية مجرم مدان.

ورأت أستاذة السياسة في جامعة «بانوما» بولاية كاليفورنيا سارة سادواني: «بعدما بقيت في الظل بدرجة كبيرة على مدى الأعوام الأربعة الماضية، حان الوقت للمدعية العامة كامالا... للعودة» إلى دائرة الضوء.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته شركة «بابليك بوليسي بولينغ» الديمقراطية نُشرت نتائجه الخميس، أن هاريس، في حال سمّت نائباً مناسباً لها، قادرة على إلحاق الهزيمة بترمب وفانس في بنسلفانيا وميشيغان، وهما من الولايات الثلاث التي تشكّل «الجدار الأزرق» حيث يعدّ الفوز بها محورياً لانتخاب رئيس من الحزب الديمقراطي.

استقطاب وأموال وقضاء

من جهته، قال راين وايت، الخبير في الترويج السياسي في جامعة «بريغام يونغ» في أيداهو، إن المنافسة لدى الديمقراطيين لنيل الترشيح قد تصبّ في صالح الحزب عبر حرمان ترمب تصدّر العناوين في وسائل الإعلام على مدى أشهر.

وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية: «سيستفيد المرشح الديمقراطي الجديد من نافذة تدقيق ضيّقة وتأثير إعلامي مهم قُبيل الانتخابات... السؤال الآن هو: مَن سيكون (هذا المرشح)؟ وهذا ما سيستحوذ على الاهتمام خلال مؤتمر» الحزب.

وسيشكّل أي مرشح غير هاريس انفصالاً تاماً عن الإدارة الحالية، وسيكون محصّناً حيال جزء كبير من الانتقادات الموجهة إلى إدارة بايدن على خلفية ارتفاع التضخم وأزمة الحدود مع المكسيك وفوضى الانسحاب من أفغانستان.

وسيكون في مقدور هاريس على الأرجح أن تَرِث كل احتياطي الدعم المالي لحملة بايدن، المقدّر بنحو 94 مليون دولار حتى يوليو (تموز)، وهو ما لن يكون ممكناً بهذا الشكل لمرشح غيرها.

وسيكون على أي مرشح جديد أن يبذل جهوداً لاستقطاب الدعم من تكتلات كبرى مؤثرة مؤيدة للثنائي بايدن - هاريس، مثل اتحاد عمال قطاع السيارات.

وفي حين لوّح الجمهوريون بإمكانية الطعن قضائياً في أي تغيير متأخر لمرشح الحزب الديمقراطي، شدد كبير محاميه الانتخابيين مارك إلياس، على أن أي اسم يختاره الحزب لخوض السباق الرئاسي، سيكون مدرجاً على قوائم الاقتراع في الولايات الخمسين.

وأكد أنه «لا يوجد أي أساس لأي طعن قانوني».


مقالات ذات صلة

إرث بايدن: إنجازات لم تُترجم إلى دعم سياسي

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث قبل التوقيع على أوامر تنفيذية بشأن الرعاية الصحية في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في واشنطن العاصمة... 28 يناير 2021 (أ.ف.ب)

إرث بايدن: إنجازات لم تُترجم إلى دعم سياسي

بدأت رئاسة الرئيس الأميركي جو بايدن تعمل بهدف شفاء أمة أميركية مصدومة تواجه وباءً وتضخماً. وعلى الرغم من ثقته الأولية، فإن الدعم للرئيس بايدن تآكل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب محاط بعملاء الخدمة السرية الأميركية أثناء مساعدته على الخروج من تجمع انتخابي في بتلر بولاية بنسلفانيا في 13 يوليو 2024 (أ.ب)

جهاز الخدمة السريّة الأميركي يقر بفشله في حماية ترمب

أقرّت مديرة جهاز الخدمة السريّة الأميركي كيمبرلي تشيتل، الاثنين، بأن الوكالة فشلت في مهمة منع محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (يسار) تصفق بينما يتعانق الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس السابق باراك أوباما خلال مناسبة بالبيت الأبيض بالعاصمة الأميركية بواشنطن في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

لماذا لم يدعم أوباما ترشيح كامالا هاريس؟

يمكن تفسير موقف أوباما، وفق «سكاي نيوز»، على أنه دعوة لمسابقة مفتوحة بين المرشحين عن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يقف بجوار نائبه جي دي فانس في تجمع انتخابي في ميشيغان (رويترز)

حملة ترمب تغير استراتيجيتها لمهاجمة كامالا هاريس

بدأت حملة الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب ونائبه جي دي فانس في إجراء تغييرات تكتيكية كبيرة لتحويل الهجمات نحو كامالا هاريس.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

شعر بالعزلة والإحباط والغضب... كواليس قرار بايدن الانسحاب من سباق الرئاسة

كيف اتخذ بايدن قرار انسحابه من السباق الرئاسي؟

يسرا سلامة (القاهرة)

نتنياهو يزور واشنطن في خضم العاصفة السياسية الداخلية

نتنياهو يتحدث مع الصحافيين قبل مغادرته إلى أميركا في 22 يوليو 2024 (د.ب.أ)
نتنياهو يتحدث مع الصحافيين قبل مغادرته إلى أميركا في 22 يوليو 2024 (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يزور واشنطن في خضم العاصفة السياسية الداخلية

نتنياهو يتحدث مع الصحافيين قبل مغادرته إلى أميركا في 22 يوليو 2024 (د.ب.أ)
نتنياهو يتحدث مع الصحافيين قبل مغادرته إلى أميركا في 22 يوليو 2024 (د.ب.أ)

بينما تتخبّط الولايات المتحدة في أزماتها الداخلية غير المسبوقة بعد تنحّي رئيسها جو بايدن عن السباق الرئاسي، يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للدخول في معترك الأزمة مع زيارته المقررة إلى واشنطن هذا الأسبوع.

فنتنياهو الذي لم يزر الولايات المتحدة منذ عام 2020 ليس غريباً عن الأزمات الحزبية الأميركية، على العكس فهو معروف بشغفه في تحريك الدفة لصالح طرف ضد آخر، وخير دليل على ذلك خطابه الشهير في عام 2015 أمام «الكونغرس»، حين وجّه انتقادات لاذعة إلى الرئيس الأسبق باراك أوباما بسبب الاتفاق النووي الإيراني؛ ما أثار حفيظة الديمقراطيين الذين لم ينسوا هذه اللحظة حتى يومنا هذا.

بايدن ونتنياهو خلال زيارة الرئيس الأميركي لتل أبيب في 18 أكتوبر 2023 (أ.ب)

زيارة جدلية

ولهذا السبب، يقارن كثيرون ما بين تلك الزيارة التي طغت عليها رسائل تحدٍّ حزبية، والزيارة الأحدث في خضم أزمة ديمقراطية دفعت بالحزب إلى إعلان حالة التأهب القصوى ترقباً للمرحلة المقبلة مع اختيار كامالا هاريس بديلة لبايدن.

وينتقد براين كتوليس، كبير الباحثين في «معهد الشرق الأوسط»، توقيت زيارة نتنياهو، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «التوقيت في الحياة مهم، وقد اختار نتنياهو أسوأ توقيت ليزور واشنطن؛ لأن أميركا منهمكة في سياساتها الداخلية وانتخاباتها».

ويتابع كتوليس: «على عكس زيارته في عام 2015 وخطابه أمام (الكونغرس) حين سُلّطت الأضواء عليه ووقف الجمهوريون والديمقراطيون في المجلس ترحيباً بما قاله، هذه المرة سوف يحظى باهتمام أقل في وسائل الإعلام، ويواجه ردود فعل منقسمة في السياسة».

وبمواجهة هذه الأجواء المتشنجة، سعى نتنياهو إلى التخفيف من وطأة زيارته، فقال، قبل مغادرته على متن طائرة متوجهة إلى الولايات المتحدة، إن إسرائيل ستبقى حليف أميركا الأساسي في الشرق الأوسط «بغض النظر عمن سيختاره الأميركيون رئيساً».

تصريحات مشبعة بالمعاني المبطنة، يسعى من خلالها نتنياهو إلى رأب الصدع بينه وبين بايدن، في ظل تجاذب علني بينهما خيّم على أجواء العلاقة في الفترة الأخيرة.

وبينما ينتظر رئيس الوزراء الإسرائيلي لقاءً وعده به بايدن في المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء، يرفض مايكل سينغ، المدير السابق لمكتب الشرق الأوسط وإيران في البيت الأبيض في عهد بوش الابن، المقاربة الداعية إلى تأجيل زيارة نتنياهو بسبب التجاذبات الداخلية، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «من المناسب لنتنياهو أن يزور واشنطن في الوقت الحالي، فعلينا أن نستكمل عملنا في مجال الأمن القومي رغم الأزمة السياسية الداخلية».

وتوقع سينغ أن زيارة من هذا النوع من شأنها أن «تصبّ في مصلحة بايدن»، وفسّر قائلاً: «أتوقع أن يرحّب الرئيس بايدن بهذه الزيارة، بوصفها فرصة لإظهار أنه لا يزال قادراً على ممارسة أعماله رئيساً رغم إنهاء حملته لولاية ثانية».

نتنياهو يتحدث أمام «الكونغرس» في 3 مارس 2015 (أ.ب)

عائلات الأسرى

وفي محاولة لإقناع الإدارة الأميركية بالامتناع عن استقباله، توجهت عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» مباشرة إلى بايدن تطلب منه أن يقول لضيفه نتنياهو «Don't» (لا تفعل)، وهي الكلمة التي تفوّه بها بايدن تجاه إيران، محذراً من مغبة توسيع رقعة الحرب.

ويريد أهالي الأسرى من الرئيس بايدن أن يوجه تحذيراً حازماً مماثلاً، ولكن هذه المرة إلى رئيس حكومتهم، نتنياهو، الذي يماطل في إقرار صفقة لوقف النار وتبادل الأسرى. ويقولون فيها إنهم يثقون بأن الرئيس الأميركي مخلص أكثر من رئيس حكومتهم لقضية الأسرى الإسرائيليين، وأنهم يثقون بصدق نياته أكثر مما يثقون بنتنياهو.

وعبّرت عن موقفهم البروفيسورة نوعا ليمونة، وهي محاضرة في الفلسفة، في مقال نشرته بصحيفة «هآرتس»، قائلة: «هذه دعوة يائسة للرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي أعلن انسحابه من المنافسة على الرئاسة. في الحقيقة هذه هي أيامك الصعبة، وربما لا تكون إسرائيل على رأس اهتماماتك. ينشرون بأنك معزول ومهان. أيضاً أنك فحصت تأخير الإعلان إلى ما بعد زيارة نتنياهو في واشنطن. أنت لم ترغب في إعطائه هذه المتعة. ولكن، هناك طريقة أخرى تغزّ فيها الإبرة في بالون غطرسة نتنياهو».

متظاهرون يطالبون بإطلاق سراح الأسرى لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (إ.ب.أ)

وزادت الكاتبة الإسرائيلية مخاطبة بايدن: «أنت تعرف ما هو السيرك المتوقع أن يعرضه (أي نتنياهو) في الأيام المقبلة. هو سيلقي خطاباً في (الكونغرس)، وسيعبّر عن الشكر المنافق لأميركا على مساعدتنا، وسيعطي إشارات على أنه كان يمكنكم أن تفعلوا مزيداً، وسيحظى بالتصفيق من الجمهوريين، وربما حتى الوقوف (تقديراً) على حسابك. هو يأمل الالتقاء معك، وأكثر من ذلك مع دونالد ترمب، الذي تعوّل الحكومة الأكثر تهديداً في تاريخنا على عودته إلى البيت الأبيض».

وتعتقد الكاتبة أن الزيارة «يجري تسويقها هنا على أنها فرصة للتأثير في الشعب الأميركي ومنتخبيه من أجل مصالح إسرائيل، ولكن نحن نعرف أن جمهور الهدف الأساسي في هذا الاحتفال هو نحن، وأن الهدف هو تحسين صورته المهتزة، وعرضه زعيماً عالمياً له تأثير دولي».

رقم قياسي في «الكونغرس»

وبعد لقاء بايدن المرتقب، يتوجه نتنياهو إلى «الكونغرس» الأميركي لمواجهة تجاذبات من نوع آخر، إذ سيُلقي خطاباً أمام مجلسي «الكونغرس» يوم الأربعاء في تمام الساعة 2 بتوقيت واشنطن، ليصبح بذلك الزعيم الأجنبي الأول الذي يتحدث أمام غرفتي المجلس التشريعي 4 مرات؛ الأولى في عام 1996 في عهد الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون، ثم في عامي 2011 و2015 خلال عهد الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.

والقاسم المشترك المهم هنا هو ليس أن الخطاب حصل في عهد الرؤساء الديمقراطيين، بل إنه تم بدعوة الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، إذ إن الخطابات الـ4 ستكون أمام مجلس نواب يسيطر عليه الجمهوريون الذين لا يوفّرون مناسبة لتحدي الرؤساء الديمقراطيين.

ويسلّط كتوليس الضوء على هذه الانقسامات الحزبية، خصوصاً بعد الدعوة الشهيرة لزعيم الديمقراطيين في الشيوخ تشاك شومر، نتنياهو إلى التنحي، فيقول: «سوف يصفّق له الجمهوريون بحماسة، في حين سيتحفظ الديمقراطيون. بكل بساطة واقع الحال هو أن معظم الزعماء الأميركيين لا يحبون نتنياهو، ولا يثقون به، ولا يحترمونه في هذه المرحلة المتأخرة من مسيرته السياسية».

وتابع كتوليس لـ«الشرق الأوسط»: «السياسيون لن يتحدثوا عن هذه المشاعر علناً، لكنهم سيذكّرون نتنياهو على أنه الشخص الذي حوّل العلاقة الأميركية - الإسرائيلية إلى شرخ حزبي في السياسة الأميركية».

من ناحيته، يستبعد سينغ في هذا الإطار أي مقارنة مع خطاب عام 2015، حين وجّه نتنياهو انتقادات لاذعة إلى أوباما من منصة «الكونغرس»، ما أثار حفيظة البيت الأبيض، وبعض الديمقراطيين.

ويقول سينغ: «في ذلك الوقت، كانت هناك اختلافات جذرية بين أميركا وإسرائيل حول الاتفاق النووي مع إيران. اليوم هناك توافق أفضل بين الطرفين بشأن طهران. ورغم وجود اختلافات بشأن غزة فإن إدارة بايدن كانت داعمة بشكل واسع لسياسة إسرائيل، رغم الانتقادات الدولية الشديدة».

ترمب ونتنياهو في القدس في 23 مايو 2017 (أ.ب)

بين 3 مسؤولين

عندما يلقي نتنياهو خطابه أمام مجلسي «الكونغرس»، ستجلس نائبة بايدن، كامالا هاريس، وراءه بصفتها رئيسة لمجلس الشيوخ. وسيكون أمام نتنياهو مهمة صعبة في التودد لهاريس التي وعلى الرغم من دعمها لإسرائيل، فإنها تحدثت بلهجة أكثر ودية من بايدن مع المعارضين لتل أبيب في ظل حرب غزة التي ستُلقي بظلالها أيضاً على الخطاب، إذ أعلن نحو 100 مُشرّع ديمقراطي نيتهم مقاطعة الخطاب.

وبينما يتوقع أن يلتقي نتنياهو مع هاريس، خلال زيارته، يخيّم شبح الرئيس السابق دونالد ترمب على هذه الزيارة. فالعلاقة الودية التي جمعت بين الرجلين في عهد الرئيس السابق، تبدّدت بعد أن هنّأ نتنياهو بايدن بفوزه على ترمب في الانتخابات الرئاسية في عام 2020؛ ما أثار حفيظة الرئيس السابق المعروف بحبه للولاء.

ويسعى نتنياهو إلى إعادة العلاقات إلى مجاريها، فعمد إلى تسجيل شريط فيديو يدين فيه محاولة اغتيال ترمب، وعلى الرغم من أن الرئيس السابق أعاد نشر تصريحات نتنياهو على حسابه الخاص في «تروث سوشيال»، فإن هذا لم يضمن لرئيس الوزراء بعد لقاء ثنائياً يجمع بينهما لإعادة إحياء شعلة العلاقة.