شكوك حول تفعيل مخرجات اجتماع «النواب» و«الدولة» الليبيَّين بالقاهرة

في ظل عدم وجود دعم أممي ودولي

المشاركون من «النواب» و«الأعلى للدولة» الليبيَّين في اجتماع القاهرة (موقع مجلس النواب الليبي)
المشاركون من «النواب» و«الأعلى للدولة» الليبيَّين في اجتماع القاهرة (موقع مجلس النواب الليبي)
TT
20

شكوك حول تفعيل مخرجات اجتماع «النواب» و«الدولة» الليبيَّين بالقاهرة

المشاركون من «النواب» و«الأعلى للدولة» الليبيَّين في اجتماع القاهرة (موقع مجلس النواب الليبي)
المشاركون من «النواب» و«الأعلى للدولة» الليبيَّين في اجتماع القاهرة (موقع مجلس النواب الليبي)

أثارت مخرجات اجتماع أعضاء مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» الليبيَّين في القاهرة، أخيراً، تساؤلات وشكوكاً حول تفعيل هذه المخرجات. فبينما رحّب سياسيون بما صدر عن الاجتماع من توصيات، بوصفها «تُحرك حالة الجمود السياسي في البلاد»، عدّ آخرون الاجتماع «لم يأتِ بجديد»، واستبعدوا «إمكانية تنفيذ مخرجاته في ظل عدم وجود دعم أممي ودولي».

واتفق أعضاء بـ«النواب» و«الأعلى للدولة»، (الخميس)، خلال اجتماعهم في العاصمة المصرية على «تشكيل حكومة موحدة جديدة بالبلاد، ودعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاستها».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)
عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ورأى عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن الاجتماع «مجرد مشاورات بين أعضاء المجلسين، لم تفضِ لأي جديد عمّا صدر خلال اجتماع هؤلاء الأعضاء من قبل في تونس نهاية فبراير (شباط) الماضي». وأضاف التكبالي لـ«الشرق الأوسط» أن تشكيل حكومة موحدة جديدة «يتطلب توافقاً ودعماً دولياً، وهذا غير متحقق».

وتضمّن البيان الختامي للاجتماع الأول لأعضاء بمجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في تونس «التأكيد على إجراء الانتخابات، والالتزام بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها إطاراً تشريعياً ودستورياً لإنجازها، وضرورة تشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على التجهيز لها».

وأكد التكبالي أن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، هو فقط مَن رحّب باجتماع القاهرة ومخرجاته، وأنه سيشرع في إجراءات تشكيل الحكومة الموحدة، مقابل تجاهل رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، وعدم التعليق على الاجتماع بأي إشارة، مما يشير إلى رفضه له، موضحاً أن «أي خلاف بين تكالة وصالح حول أي قضية يعني استبعاد دعمها أممياً؛ لكن للأسف البعض يحاول تناسي تلك الحقيقة، مثل الشخصيات التي سبق أن أعلنت منذ فترة طويلة ترشحها لرئاسة الحكومة الموحدة، الذين كانوا في طليعة المرحِّبين باجتماع القاهرة الأخير».

رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة (إ.ب.أ)
رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة (إ.ب.أ)

مدير «مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية»، محمد الأسمر، أشار من جانبه إلى أن غياب توافق رئيسَي المجلسَين على عقد الاجتماع ومخرجاته، «يقلل بدرجة كبيرة من دعمه من قبل البعثة الأممية». وذهب الأسمر إلى أن «بعض المشاركين في اجتماع القاهرة يعوّلون في الوقت الراهن على احتمال ترك تكالة موقعه برئاسة المجلس الأعلى للدولة في انتخابات الرئاسة الدورية للمجلس، التي ستُعقد مطلع أغسطس (آب) المقبل». وأرجع ذلك في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى «استمرار تأييد تكالة موقف رئيس حكومة الوحدة (المؤقتة)، عبد الحميد الدبيبة، الرافض لتسليم سلطته لحين إجراء الانتخابات».

ومنذ مارس (آذار) 2022 تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى حكومة «الوحدة» برئاسة الدبيبة ومقرها طرابلس، والأخرى «الاستقرار» وهي مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية. ويعد ملف تشكيل حكومة جديدة قضيةً خلافيةً بين القوى والأطراف الرئيسية في ليبيا.

من جهته، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أن هدف اجتماع أعضاء المجلسين بالقاهرة كان «مواصلة التوافق بينهما حول تشكيل حكومة، تقود لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي لاستحالة إجرائه في ظل الانقسام الحكومي». وشدد بن شرادة، وهو أحد المشاركين في اجتماع القاهرة، على أن «الاجتماع وضع المجتمع الدولي والبعثة الأممية في اختبار مكاشفة لمصداقيتهما، بشأن إجراء الاستحقاق الانتخابي ومسار العملية السياسية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن البعض على الصعيدَين الإقليمي والدولي «يرغب في استمرار حالة الانقسام بالساحة الليبية كونها تصب في صالحه».

أعضاء «النواب» و«الأعلى للدولة» اتفقوا على تشكيل حكومة جديدة تتولى الإشراف على إنجاز الانتخابات المؤجلة (الشرق الأوسط)
أعضاء «النواب» و«الأعلى للدولة» اتفقوا على تشكيل حكومة جديدة تتولى الإشراف على إنجاز الانتخابات المؤجلة (الشرق الأوسط)

أما عضو مجلس النواب الليبي، على الصول، فعبّر عن قناعته بأن «نجاح مخرجات اجتماع القاهرة من عدمه متوقف على دعم المجتمع الدولي لهذا التوافق بين المجلسَين واحترام سيادة ليبيا».

في حين انتقد عضو مجلس النواب الليبي، صلاح أبو شلبي، حديث البعض عن «عدم وجود أي جهد ملموس قام به أعضاء المجلسَين منذ اجتماعهم الأول بتونس». وقال أبو شلبي لـ«الشرق الأوسط»: «طيلة الفترة السابقة، وفي إطار تحقيق أكبر قدر من التوافق، عقدنا سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع قوى وطنية من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني، وزيارات لبعض سفارات دول إقليمية وغربية، معروف تدخلها بملف الأزمة السياسية في بلادنا». ولمّح إلى «حصول أعضاء المجلسَين على دعم لهدفهم الرئيسي، وهو تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، وذلك خلال زياراتهم ولقاءاتهم مع بعض السفراء».


مقالات ذات صلة

الدبيبة يوجّه «اتهامات مبطنة» لحفتر بإدخال «مهاجرين» إلى ليبيا

شمال افريقيا الدبيبة وصف اتهام حكومته بتوطين المهاجرين بـ«الكاذب» خلال اجتماع مع قيادات بحكومته وأجهزة أمنية (مكتب الدبيبة)

الدبيبة يوجّه «اتهامات مبطنة» لحفتر بإدخال «مهاجرين» إلى ليبيا

قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة إنه «لا يمكن أن نكون حراساً لأوروبا، نحن معبر وغير مصدرين للهجرة».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الشاب عبد الرؤوف خلف الله الذي قضى في الزاوية الليبية (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل الاجتماعي)

مقتل ليبي برصاص عناصر مسلّحة يعيد التوتر إلى الزاوية

يقول سكان من مدينة الزاوية إن مقتل الشاب خلف الله أبقى الأمور رهن الاشتعال مجدداً، ولا سيما أنه لم تجرِ معاقبة قتلة «البيدجا» في حين لا تزال القضية قيد التحقيق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ليبيون يدلون بأصواتهم خلال المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في ترهونة (أ.ب)

سياسيون ليبيون يتهمون حكومة «الوحدة» بعرقلة الانتخابات المحلية

قال عضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات الليبية إنها أطلقت إجراءات المرحلة الثانية من العملية الانتخابية رغم أنها لم تتلقَّ استجابة لطلبها اعتماد الميزانية.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا وفد السفارة البريطانية خلال زيارة قوة مكافحة الإرهاب في طرابلس (السفارة)

ليبيا وبريطانيا تبحثان تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب

قالت السفارة البريطانية لدى ليبيا إن وفداً منها ممثلاً في العقيد ماثيو كيتيرر الملحق العسكري بالسفارة وليزي لوفيت مسؤولة مكافحة الإرهاب زار مصراتة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا توقيف «مهاجرين» تمت مداهمة مقرهم بمصراتة (إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية)

سلطات طرابلس تتعقّب «المهاجرين» وسط تصاعد مخاوف «التوطين»

وجّهت السفارة السودانية لدى ليبيا رعاياها بـ«تقليل الحركة والتنقل إلّا للضرورة القصوى، واحترام حقّ الجار وعدم التسبب في إحداث ضرر أو أذى له».

جمال جوهر (القاهرة)

مصر تتراجع 16 مركزاً في مؤشر «الإرهاب العالمي»

بنايات على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)
TT
20

مصر تتراجع 16 مركزاً في مؤشر «الإرهاب العالمي»

بنايات على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)

تراجعت مصر 16 مركزاً في تقرير مؤشر «الإرهاب العالمي» الجديد، خلال السنوات العشر الماضية. وأكد مجلس الوزراء المصري، الجمعة، أنه «كلما تراجع ترتيب الدولة في مؤشر (الإرهاب العالمي)، انخفضت معدلات الإرهاب فيها».

وجاءت مصر في «المركز 29 عالمياً، عام 2024، وذلك في تقرير (معهد الاقتصاد والسلام) عن نشاط الإرهاب العالمي، في مقابل المركز 13 عالمياً في 2014»، وفق إفادة لـ«مجلس الوزراء» المصري.

وتقرير مؤشر «الإرهاب العالمي» يَصدر سنوياً عن «معهد الاقتصاد والسلام» بمدينة سيدني الأسترالية. ويصنف التقرير 163 دولة بالاعتماد على أربع مؤشرات فرعية؛ وهي: «عدد الحوادث الإرهابية، وعدد الوفيات التي تسببت فيها الجماعات الإرهابية، وعدد الإصابات، وعدد الرهائن»، خلال العام، وفق «الوزراء» المصري. وأوضح التقرير أن «مصر سجلت انخفاضاً ملحوظاً في الإرهاب، خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث انخفض إجمالي درجتها على مؤشر (الإرهاب العالمي)».

وواجهت مصر عدداً من التنظيمات الإرهابية في مناطق متفرقة بالبلاد، خصوصاً في سيناء، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة «الإخوان» عن الحكم عام 2013.

وعَدَّ تقرير مؤشر «الإرهاب العالمي» أن «عام 2015 شهد ذروة النشاط الإرهابي في مصر، خلال العقد الأخير، حيث قُتل نحو 481 شخصاً، جراء 257 هجوماً إرهابياً».

ووفق الخبير الأمني المصري، العقيد حاتم صابر، فإن «مصر لم تسجل أي عمليات إرهابية منذ 2021». ويرى أن «التطور الأمني في مواجهة التنظيمات المتطرفة كان عنصر حسم في تجفيف منابع الإرهاب». وأضاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة المصرية خصصت قوات مدرَّبة على التعامل مع التنظيمات المسلَّحة والإرهابية، والتي استطاعت أن تتعامل مع العناصر التكفيرية، خصوصاً في سيناء».

وأطلق الجيش المصري، بمعاونة الشرطة، عملية «عسكرية شاملة» في شمال ووسط سيناء، عام 2018؛ لمواجهة جماعات مسلّحة، ونجحت «العملية الشاملة» في القضاء على كثير من عناصر هذه التنظيمات.

وهنا أشار صابر إلى أن «القاهرة نفّذت خطة تنموية شاملة في سيناء، بالتزامن مع المواجهات العسكرية مع التنظيمات الإرهابية».

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

ووفق الحكومة المصرية، زادت الاستثمارات العامة الموجَّهة لمشروعات التنمية في سيناء نحو 10 أضعاف، خلال السنوات العشر الماضية. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إن «بلاده أنفقت نحو 600 مليار جنيه لتنمية سيناء منذ عام 2014».

بينما يعتقد الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، ماهر فرغلي، أن تصنيف مصر في مؤشر «الإرهاب العالمي» (المركز 29) «لا يعبر عن حقيقة تحسُّنها في مواجهة الإرهاب». وقال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاهرة لم تشهد أي عمليات إرهابية منذ سنوات، بعد تنفيذ (العملية الشاملة) عام 2018 بسيناء، في المقابل جاء تصنيفها في (المؤشر) قبل دول تشهد توترات أمنية مثل ليبيا».

وأشار تقرير «مؤشر الإرهاب» إلى أن «مصر شهدت ثاني أكبر تحسن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال العقد الأخير، بعد ليبيا التي سجلت أكبر تحسن بالمنطقة». ووفق التقرير، فإن «ليبيا لم تُسجّل أي حوادث أو وفيات ناجمة عن الإرهاب، للعام الثاني على التوالي، ولم تُسجّل سوى عشر وفيات، خلال السنوات الخمس الماضية».

وأوضح فرغلي أن «العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر كانت بدوافع سياسية»، مضيفاً أن «الحكومة المصرية استطاعت إجهاض تحركات وأفكار هذه التنظيمات بصورة كبيرة، عبر جهود التوعية المجتمعية، والتي أسهمت في عمليات المواجهة».