متحف لندن للمياه والبخار: الروائي الإنجليزي «تشارلز ديكنز» وصف محركاته بـ«الوحش»

المحطة كانت تستخدم لضخ المياه العذبة إلى لندن لمدة 98 عاماً

محركات البخار الدوارة (الشرق الأوسط)
محركات البخار الدوارة (الشرق الأوسط)
TT

متحف لندن للمياه والبخار: الروائي الإنجليزي «تشارلز ديكنز» وصف محركاته بـ«الوحش»

محركات البخار الدوارة (الشرق الأوسط)
محركات البخار الدوارة (الشرق الأوسط)

على بعد خطوات من مقر صحيفة «الشرق الأوسط» في جنوب غربي لندن، يقع متحف لندن للمياه والبخار. هو متحف مستقل تأسس عام 1975 باسم متحف «كيو بريدج للبخار». وأعيد تسميته أوائل عام 2014 بعد مشروع استثماري كبير.

بيت المحرك العظيم ويضم محركات 90 بوصة و100 بوصة (الشرق الأوسط)

ويقع المتحف في موقع محطة ضخ «كيو بريدج» القديمة في منطقة «برينتفورد»، بالقرب من جسر كيو على نهر التايمز في غرب لندن، ويحتوي المتحف على مجموعة من محركات ضخ المياه البخارية الثابتة التي تعود إلى الفترة من 1820 إلى 1910. ويضم المتحف أكبر مجموعة في العالم من المحركات المتأرجحة، بما في ذلك أكبر محرك يعمل بذراع متأرجحة، الذي يبلغ قطر أسطوانته 90 بوصة، وارتفاعه يزيد على 40 قدماً، ويزن نحو 250 طناً. وقد وصف هذه المحركات الكاتب والروائي الإنجليزي تشارلز ديكنز بأنها «وحش». ويُعدّ ديكنز بإجماع النُّقّاد أعظم الروائيين الإنجليز في العصر الفيكتوري. تميَّز أسلوبه بالدُّعابة البارعة، والسخرية اللاذعة.

أندر محركات البخار العاملة (الشرق الأوسط)

وتشارلز ديكنز، الذي زار الموقع في عام 1850، يمكن أيضاً الاستماع إليه وهو يتحدث عن محرك شعاع كورنيش 90 بوصة، الذي سماه «الوحش». أنا لست متفاجئاً؛ لأن هذا المحرك يبلغ ارتفاعه أكثر من 5 طوابق، ويصادف أنه أكبر محرك في العالم لا يزال يعمل في موقعه الأصلي. ويمكن رؤية هذا المحرك يعمل بالبخار في عطلة نهاية الأسبوع في الشهر، وخلال فعاليات «ستيم أب» الخاصة ينطلق أيضاً محرك الإطفاء البخاري الفيكتوري.

جانب من الماكينات في الطابق الأول (الشرق الأوسط)

كما يحتوي المتحف على العديد من الماكينات العملاقة التي تعمل، إضافة إلى محرك الديزل ثلاثي الأسطوانات الذي يُعرض أيضاً بشكل عام ويُدار بصورة متكررة. ويدير المتحف خط سكة حديد ضيقة ذات قياس صغير 2 قدم (610 ملم)، شهد عام 2009 إدخال قاطرة بخارية من طراز «رين»، سُميت باسم المهندس توماس ويكستيد. وكان الخط الحديدي يعمل في السابق بواسطة القاطرات الزائرة المُعارة. يمتد الخط لمسافة 400 ياردة حول موقع جسر كيو، ويتم تشغيل قطارات الركاب في نهايات الأسبوع، وفي أيام المناسبات الخاصة الأخرى. ورغم أنها ليست سمة أصلية من محطات المياه في جسر كيو، فإن السكك الحديدية كانت مستوحاة من التسهيلات المماثلة المقدمة في محطات المياه الرئيسية في المملكة المتحدة، لا سيما سكة حديد «متروبوليتان ووتر بورد»، التي كانت في الأصل بين هامبتون ومحطة مياه كيمبتون بارك. وجزء صغير من هذه السكة الحديدية يعمل الآن باسم خط سكة حديد كيمبتون البخارية، وهو الموقع الوحيد في لندن الذي يمكن فيه ركوب القطارات البخارية بهذا الحجم الكبير، وقد استفاد من بعض المساعدة السخية للغاية في ترميمه من متحف لندن للمياه والبخار.

ويحتوي موقع المتحف على عدد من المباني المدرجة من الدرجة الأولى والثانية. تم بناء بيت المحرك الأصلي، وهو موطن محركات «بول» و«بولتون أند وات» و«مودسلي» عام 1837، وهو مدرج في الدرجة الأولى، كما هو الحال مع بيت المحرك العظيم، ويضم محركات 90 بوصة و100 بوصة، التي تم بناؤها على جزأين في عامي 1845 و1869. وتم بناء «بيت المرجل»، الذي يضم الآن محركات البخار الدوارة، في عام 1837، جنباً إلى جنب مع المباني الملحقة و«البوابة» و«الجدار الحدودي»، في الدرجة الثانية. ويستعمل عدد من الفنانين والمبدعين المستقلين المباني الملحقة، والتي تتضمن ورشة عمل كاملة لأعمال الصهر والتشكيل والأحزمة.

البرج الفيكتوري العمودي:

أكثر ميزات المتحف إثارة للانتباه هو البرج الفيكتوري العمودي الذي يبلغ ارتفاعه 200 قدم. وهو ليس عموداً للمدخنة، بل إنه يحتوي على نظامين من الأنابيب العمودية التي تم ضخ المياه عبرها قبل دخولها إلى إمدادات المياه الرئيسية. تم بناء برج الطوب، ذي التصميم الإيطالي، في عام 1867 ليحل محل هيكل الشبكة المعدنية المفتوحة في وقت سابق. وهو مبنى من الدرجة الأولى، ونادراً ما يكون البرج مفتوحاً للجمهور.

البرج الفيكتوري العمودي الذي يبلغ ارتفاعه 200 قدم (الشرق الأوسط)

ويذكر أن، متحف لندن للمياه والبخار هو واحد من أهم معالم الجذب السياحية الفيكتورية في لندن. وهو يضم بعضاً من أندر محركات البخار العاملة في العالم التي لا تزال في موقعها الأصلي، وتروي قصة مذهلة عن كيفية قيام الفيكتوريين بتنظيف إمدادات المياه في لندن. وللقيام بذلك، تم إنشاء المخطط الأصلي لمدينة لندن الحديثة كما نعرفها اليوم. ويأخذك معرض «ووترووركس الجديد» داخل المتحف في رحلة عبر الزمن، تنزل عميقاً تحت مدينة لندن العائمة، حيث يمكنك مشاهدة كل الأنابيب وأعمال الأنفاق اللازمة للحفاظ على المدينة الحديثة. يحتوي المتحف على أربعة منازل نموذجية رائعة تظهر لكم كيفية استخدام المياه في المنزل منذ القرن السابع عشر حتى يومنا هذا، وكذلك أنفاق الزحف والسير عبر المجاري. يمكن العثور على «سبلاش» قطة المتحف في جميع أنحاء المتحف، وهي تُخفي حقائق مسلية لزوارنا الصغار.

نموذج مصغر للمتحف (الشرق الأوسط)

وأثبتت منطقة «سبلاش» في الهواء الطلق، التي تزود فرصة للمرح المائي التفاعلي الحقيقي، أنها مفضلة بقوة لدى العائلات، بالإضافة إلى الراشدين الذين يتمتعون بقلوب شابة، إضافة إلى 3 محركات بخارية تعمل في نهاية كل أسبوع، كما يوجد أيضا قاطرة سكة حديد بخارية ضيقة يمكن أن تركبها، والكثير من الأحداث الممتعة على مدار السنة.


مقالات ذات صلة

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق استعرضت بعض اللوحات أساليب مبتكرة في التكوين (الشرق الأوسط)

ملتقى القاهرة للخط العربي... رحلة بصرية بين هيبة التراث وروح الحداثة

احتفاءً بالخط العربي بوصفه فناً أصيلاً يحمل بين ثناياه دعوة للسلام، والانسجام الإنساني، أطلقت مصر الدورة العاشرة من «ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق طفل يبحث عما يشبهه من كتب تحاكي ذاته (الشرق الأوسط)

650 ألف زائر يرسخ مكانة معرض جدة للكتاب كمنصة ثقافية إقليمية

مع رحيل آخر أيام معرض جدة للكتاب، يطرح المشهد الثقافي جملةً من الأسئلة حول المعرض وترسيخ مكانته كأحد أبرز الفعاليات الثقافية في المملكة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق عبد الحليم رضوي... طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر (الشرق الأوسط)

القاهرة تحتفي برائد الفن السعودي عبد الحليم رضوي

يُصاحب معرض رضوي تقديم أعمال نخبة من رواد وكبار التشكيليين المعاصرين في المملكة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

محمد نزار: «غرق» يطرح أسئلةً صعبةً عن الحب والإنكار العائلي

محمد نزار (مهرجان البحر الأحمر)
محمد نزار (مهرجان البحر الأحمر)
TT

محمد نزار: «غرق» يطرح أسئلةً صعبةً عن الحب والإنكار العائلي

محمد نزار (مهرجان البحر الأحمر)
محمد نزار (مهرجان البحر الأحمر)

في فيلم «غرق»، يقدّم الممثل الأردني محمد نزار أداءً مركباً في أولى تجاربه بالبطولة المطلقة، مجسداً شخصية «باسل»، المراهق العبقري المنعزل اجتماعياً، في عمل سينمائي يقترب بحساسية من موضوع الصحة النفسية داخل الأسرة العربية. الفيلم الذي أخرجته زين دريعي بأولى تجاربها الروائية الطويلة وحصد جائزة «التانيت البرونزي» ضمن مهرجان قرطاج السينمائي في دورته المنقضية الـ36 لا ينشغل بتشخيص المرض بقدر انشغاله بتفكيك علاقة أم بابنها؛ تلك الرابطة المشدودة بين حب غير مشروط وخوف عميق وإنكار يتراكم بصمت.

يقول محمد نزار لـ«الشرق الأوسط»، إن مشروع «غرق» بدأ عام 2020، عندما تلقى رسالةً عبر «فيسبوك» من المخرجة زين دريعي تطلب لقاءه لأنها تعمل على سيناريو جديد، تم اللقاء على فنجان قهوة، وبعده مباشرة أبلغته باختياره للدور، لكن الطريق لم يكن قصيراً، إذ استغرق التحضير سنوات قبل أن يرى الفيلم النور، فقراءة السيناريو النهائي تمت عام 2023، ومعها انطلق العمل الجاد الذي امتد بين عامي 2023 و2024 حتى انتهاء التصوير.

عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)

يشير نزار إلى أن شخصية «باسل» تقوم على شاب مراهق يمر بتحولات نفسية وسلوكية قد تبدو غامضة أو مقلقة لمن حوله، لكن جوهر الفيلم لا يكمن في غرابة التصرفات بقدر ما يكمن في العلاقة التي تجمعه بأمه، مشيراً إلى أن الفيلم، في المقام الأول، يتناول هذه العلاقة المعقدة، والرحلة النفسية الداخلية التي يخوضها الطرفان، حيث يحاول كل منهما الإمساك بالآخر في لحظة هشاشة مشتركة، لذا يمكن اعتبار أن «غرق» يفتح نافذة نادرة في السينما العربية على قضايا الصحة النفسية بعيداً عن التنميط أو الأحكام السريعة.

وأشار إلى أن الفيلم يقترب من موضوعات لم تحظَ باهتمام كافٍ في السينما العربية، إذ تبدأ الأحداث بحادث يقع في المدرسة، يدفع باسل إلى الانسحاب ورفض الذهاب إلى الدراسة، ثم التمسك بالبقاء في المنزل. من هناك، تتدهور حالته النفسية تدريجياً، دون علامات واضحة تمكّن العائلة من التدخل المبكر، مما يجعل الأزمة تتفاقم حتى تصل إلى نقطة الانفجار. هذا الغموض، حسب نزار، هو أحد مفاتيح الفيلم الأساسية، لأنه يعكس واقع كثير من العائلات التي تعجز عن فهم ما يجري داخل أبنائها.

وأكد أن التحضير الطويل كان ضرورياً نظراً لتعقيد الشخصية وحساسيتها، لافتاً إلى أن تجسيد أدوار مرتبطة بالاضطرابات النفسية ينطوي على خطر المبالغة. لذلك حرص على تقديم أداء متزن وطبيعي، يقرّب الشخصية من المتفرج بوصفها إنساناً قبل أن تكون حالة، فكان هدفه أن يمنح شخصية «باسل» ملامح إنسانية قابلة للتصديق، وأن يقدمه كبني آدم يحمل تناقضاته وضعفه، لا مجرد تمثيل لمرض.

وتحدث عن بروفات مكثفة سبقت التصوير، شملت قراءة السيناريو والعمل عليه، إضافة إلى استخدام ما يُعرف بالإيماءات النفسية، حيث جرى تفكيك كل مشهد وتحديد الحالة الداخلية والحركة الجسدية المناسبة له، موضحاً أن «العمل انصبّ كثيراً على الجسد والصوت، والذهاب إلى مساحات أدائية واسعة خلال التحضير، ثم تقليص هذه المساحات أثناء التصوير للوصول إلى النقطة الأدق والأصدق للشخصية»، على حد تعبيره.

استغرق عمل نزار على الشخصية نحو 4 سنوات (الشركة المنتجة)

وعن أكثر المشاهد التي شغلته قبل التصوير، أشار إلى وجود أكثر من مشهد معقد، لكنه توقف عند مشهد جسدي يتضمن عنفاً واشتباكاً مباشراً مع شخصية أخرى، مؤكداً أن «هذا المشهد كان مصدر قلق كبير في مرحلة التحضير، إلا أنه أثناء التصوير اتضح أن التعامل معه تقني بالدرجة الأولى، ليصبح في النهاية من أسهل مشاهد الفيلم»، حسب قوله.

وعن ظروف التصوير، أوضح أن مدة التصوير بلغت 22 يوماً اتسمت بالكثافة والضغط، رغم الاستعداد الطويل الذي سبقها، دخل موقع التصوير وهو ملمّ بكل تفاصيل القصة والشخصية، لكن التحديات لم تغب، خصوصاً مع محدودية الوقت، مشيراً إلى تعرضه لإصابة قوية خلال اليوم التاسع من التصوير، حيث تمزق الرباط الصليبي في ركبته، ورغم ذلك واصل العمل حتى نهاية التصوير، لأن التوقف لم يكن خياراً، لكون المشروع قريباً من قلبه بعد سنوات من التحضير والانتظار.

وتطرق نزار إلى استقبال الفيلم في مهرجان «تورنتو» ثم «البحر الأحمر السينمائي»، معرباً عن سعادته بردود الفعل الإيجابية التي حظي بها، ومؤكداً أن وقع العرض أمام جمهور عربي في جدة يظل مختلفاً، لأن الفيلم في جوهره عمل عربي يتناول قضايا حاضرة بقوة في مجتمعات الشرق الأوسط، لكنها غالباً ما تبقى مسكوتاً عنها أو مؤجلة.

وعن تجربة البطولة، رأى نزار أنها «كانت خطوة مهمة حملت قدراً كبيراً من المسؤولية، خصوصاً أن معظم أدواري السابقة كانت مساندة أو بطولات في أفلام قصيرة، فهذه التجربة دفعتني إلى مزيد من الالتزام والانضباط، لكنها لم تغيّر نظرتي الأساسية للتمثيل»، إذ يؤكد أن ما يشغله أولاً هو جودة الشخصية والسيناريو، لا حجم الدور أو مسماه.

وأكد أن هذه التجربة قد تؤثر على اختياراته المستقبلية، لكنه في الأساس ملتزم بمبدأ واضح يتمثل في عدم المشاركة في أي مشروع دون تحضير جاد، مشيراً إلى انشغاله بالتحضير لمشروعين سينمائيين جديدين، أحدهما سيُصوَّر في الأردن، والآخر بين كرواتيا وإسطنبول والأردن.


«هي»... وثائقي مصري يستدعي سيرة «امرأة ملهمة»

لقطة من فيلم «هي» (المركز القومي للسينما)
لقطة من فيلم «هي» (المركز القومي للسينما)
TT

«هي»... وثائقي مصري يستدعي سيرة «امرأة ملهمة»

لقطة من فيلم «هي» (المركز القومي للسينما)
لقطة من فيلم «هي» (المركز القومي للسينما)

لم يكن العرض الخاص للفيلم الوثائقي «هي» مثل كل العروض السينمائية المعتادة؛ إذ كان عرضاً استثنائياً لحضور بطلته الحقيقية ووالدتها وصديقاتها وكثير من شهود رحلتها. كما شهده نجوم وصناع أفلام، من بينهم الفنانة إلهام شاهين، والمخرج محمد ياسين، والمنتج هشام سليمان، والموسيقار راجح داود الذي وضع الموسيقى التصويرية. والفيلم كتبه وأخرجه عاطف شكري وأنتجه «المركز القومي للسينما».

يتتبع الفيلم الذي عُرض، الخميس، في دار الأوبرا المصرية رحلة امرأة مُلهمة، تحدّت كل الظروف القاسية، لتحقق نجاحاً في حياتها من فوق كرسي متحرك حتى وصلت إلى رئاسة المركز القومي لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يُعنى بشؤون المعاقين.

يبدأ الفيلم الوثائقي بصور من طفولة بطلته إيمان كريم التي وُلدت في عائلة ميسورة، وحظيت بتدليل والديها وبإعجاب مدرسيها في المدرسة الألمانية التي التحقت بها. تتحدث والدتها في الفيلم قائلة إن إيمان تعرضت لحادث وهي بعمر 13 عاماً خلال رحلة عائلية، حين قفزت للسباحة في البحر قفزة قوية فقدت بعدها قدرتها على الحركة، لتخضع لرحلة علاج طويلة بين القاهرة ولندن أكد بعدها الأطباء إصابتها بعجز كلي.

د. إيمان كريم بطلة الفيلم وصاحبة السيرة (المركز القومي للسينما)

وتروي إيمان أنها ظلت 10 أشهر لا ترى من الحياة سوى سقف الغرف فقط، وحين أخبرها الطبيب البريطاني أنها ستقضي فترة تأهيل في أحد المراكز الطبية لتجلس على كرسي متحرك كانت فرحتها كبيرة، بعدما بقيت طويلاً أسيرة سرير المرض.

وعادت إيمان إلى مدرستها لتواصل حياتها ودراستها من على كرسي متحرك، وكلها إصرار على تحدي كل الصعاب، وحققت تفوقاً في المرحلة الثانوية، لتلتحق بالجامعة وتدرس بكلية الآداب، ثم تحصل على الماجستير والدكتوراه في الأدب الألماني، لتصبح أستاذة جامعية، وتمارس نشاطاً لخدمة المجتمع في المدارس ودور الأيتام.

ولعل قصة الحب التي جمعتها بزوجها العميد يسري عبد العزيز كانت أكثر ما أثارت الإعجاب في الفيلم، وهو ضابط بحري تعرض لحادث خلال حرب أكتوبر وأُصيب بشلل نصفي أقعده عن الحركة. ولفت نظرها بشخصيته الآسرة ونشاطه الكبير وثقته بنفسه ومساعدته للآخرين بصفته أحد أبطال الرياضة البارالمبية للمعاقين، وعاشا معاً حياة سعيدة استمرت 20 عاماً حتى وفاته.

وتضمن الفيلم شهادات لصديقات إيمان ومدرساتها وشهادات لمعاقين أسهمت في إخراجهم من حالة اليأس، ليمارسوا حياتهم بشكل طبيعي ويحققوا نجاحات مماثلة. وتحدث الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، مؤكداً أن إيمان من النماذج التي بنت نفسها، متمنياً أن يستمد منها الشباب الإلهام ليواصلوا رحلتهم بنجاح.

وخلال ندوة أُقيمت بعد عرض الفيلم قال الموسيقار راجح داود، إنه وافق على تأليف الموسيقى التصويرية للفيلم بحماس كبير، وهذا يرجع إلى حضوره حفلاً لأوركسترا النور والأمل للكفيفات منذ 30 عاماً في فيينا معقل الموسيقى، وفوجئ بالتفوق الكبير للعازفات اللاتي حققن نجاحاً غير مسبوق، تحدثت عنه الصحافة النمساوية، وأنه أراد أن يخرج الطاقة الكبيرة التي عاشها منذ 30 عاماً في هذا الفيلم الذي يقدم إلينا بطلة غير عادية.

جانب من الندوة عن فيلم «هي» (المركز القومي للسينما)

وقالت الفنانة إلهام شاهين إنها تتمنى أن تؤدي شخصية الدكتورة إيمان في فيلم روائي لأنها شخصية ملهمة، فهي تتمتع بقدرات أفضل من الكثيرين، وبدلاً من أن تحتاج إلى من يساعدها أصبحت هي من تساعد الناس وتعلم أجيالاً بتدريسها في الجامعة وتترشح عضوة لمجلس إدارة نادي الصيد، لترعى كل أصحاب القدرات الخاصة. وأكدت إلهام شاهين ضرورة أن يصل الفيلم إلى كل الجمهور.

وذكر المخرج محمد ياسين أن بطلة الفيلم غيّرت مفاهيم البطولة بما لديها من إيمان قوي بقدرتها على تحدي الإعاقة، مشيداً بشغف المخرج بهذا العمل على مدى 3 سنوات، ليقدم إلينا فيلماً تسجيلياً شديد العذوبة والإنسانية.

وأكد المخرج عاطف شكري أنه تعرف إلى بطلة الفيلم مع توليها رئاسة المركز القومي للمعاقين، ولفتت نظره بنشاطها الكبير في عملها رغم الإعاقة، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه حينما علم برحلتها عرض عليها تصوير فيلم تسجيلي عنها، لكنه وجد صعوبة في إقناعها؛ إذ قالت له إنها لا تجد نفسها بطلة وإنها امرأة عادية، فاستمر في محاولات إقناعها حتى وافقت، وأوضح أنه صوّر نحو 8 ساعات اختزلها في المونتاج إلى 52 دقيقة هي مدة الفيلم، وأن الجهد الأكبر كان خلال مرحلة المونتاج، مؤكداً أنه واجه صعوبات كبيرة نظراً إلى ضعف ميزانية الفيلم.

بينما رأى الناقد أحمد سعد الدين أن «بطلة الفيلم تُعد نموذجاً يُحتذى به»، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنها «تعطي أملاً وتمنح طاقة إيجابية للآخرين، وتجعلنا مجتمعاً نغيّر من نظرة التعاطف للمعاقين، وأن نتعامل معهم بوصفهم أصحاب قدرات خاصة». ولفت سعد الدين إلى تميز عناصر الفيلم الفنية تصويراً وإخراجاً وموسيقى عكست مشاعر البطلة.


7 حيل نفسية لمواكبة وتيرة العالم المتسارعة في 2026

التفاؤل ممارسة يومية هادئة للبقاء في اللحظة الحاضرة والتمسك بالأمل (بيكسلز)
التفاؤل ممارسة يومية هادئة للبقاء في اللحظة الحاضرة والتمسك بالأمل (بيكسلز)
TT

7 حيل نفسية لمواكبة وتيرة العالم المتسارعة في 2026

التفاؤل ممارسة يومية هادئة للبقاء في اللحظة الحاضرة والتمسك بالأمل (بيكسلز)
التفاؤل ممارسة يومية هادئة للبقاء في اللحظة الحاضرة والتمسك بالأمل (بيكسلز)

مع اقترابنا من عام 2026، لا تزال وتيرة التغيير التي اعتدنا عليها خلال السنوات القليلة الماضية مستمرة دون أي مؤشرات على التباطؤ بينما يواصل الذكاء الاصطناعي تقدمه السريع. ويبدو أن حالة عدم اليقين هي الثابت الوحيد، ويبقى التساؤل مطروحاً دائماً: كيف يمكننا التعامل مع هذا المشهد المتغيّر مع الحفاظ على ثباتنا، وهدفنا، وسلامتنا النفسية؟

يقول فيصل حق، خبير في مجال التحول والابتكار، في مقال تحليلي على موقع «سيكولوجي توداي»، إنه من المهم تنمية ممارسات محددة تحمي إنسانيتك، وتُصقل تفكيرك، وتساعدك على البقاء حاضراً في اللحظة حتى مع تسارع وتيرة العالم من حولك، مشدداً على أن هناك سبعة حيل نفسية يمكنك القيام بها الآن للاستعداد لما هو قادم.

1-عزز شجاعتك:

الشجاعة ليست صفة فطرية، بل قدرة تُنمّى بالممارسة. وكما أن رفع الأثقال يُقوّي الجسم، فإن اتخاذ خطوات صغيرة شجاعة يُنمّي شجاعتك.

2-امنح أفكارك وقتاً لتنضج:

يحتاج دماغنا إلى وقتٍ لتكوين روابط غير متوقعة وتطوير فهم حقيقي، وهذا لا يحدث إلا عندما نمنح عقولنا مساحة للتأمل. خصّص وقتاً للمشي أو أي أنشطة أخرى تُبقي عقلك صافياً، تدرب على قول: «ما زلتُ أفكر في ذلك» عندما يسألك أحدهم عن رأيك في أمرٍ مهم.

3-ركز على مهمة واحدة:

عندما نُسرع بإنجاز كل شيء في وقت واحد، نفقد اتصالنا بأنفسنا. اختر مهمة واحدة وركّز عليها تركيزاً كاملاً.

4-استغل تناقضاتك كمصدر إلهام:

أكثر المفكرين أصالةً ليسوا أولئك الذين تخلّصوا من تناقضاتهم، بل أولئك الذين تعلّموا كيف يتعايشون معها. فالمبدعون يمتلكون جوانب متعددة؛ متواضعون وواثقون، مرحون ومنضبطون، انطوائيون ومتعاونون.

مع ازدياد تطور الذكاء الاصطناعي في محاكاة الأصوات والوجوه وأنماط السلوك، يظهر شكل جديد من سرقة الهوية (رويترز)

5-احمِ هويتك الرقمية:

مع ازدياد تطور الذكاء الاصطناعي في محاكاة الأصوات والوجوه وأنماط السلوك، يظهر شكل جديد من سرقة الهوية، وعندما تتصرف نسخة رقمية منك بشكل مستقل؛ فإنها تهدد إحساسك بذاتك وحريتك. كن حذراً فيما تشاركه عبر الإنترنت. افهم حقوقك ودافع عنها.

6 - أعد اكتشاف أهمية عملك:

عندما نعيد اكتشاف غايتنا - أي عندما ندرك أهمية ما نقوم به - يتغير كل شيء. عندها تتحسن صحتنا، وتزداد قدرتنا على التحمل، ونستعيد فخرنا بما نقدمه. استكشف علاقتك الشخصية بالعمل، وتعرف على ما يحفزك حقاً.

7 - اجعل التفاؤل عادة يومية:

التفاؤل هو ممارسة يومية هادئة للبقاء في اللحظة الحاضرة والتمسُّك بالأمل. ابدأ كل يوم بممارسة واحدة تُرسّخ ثباتك، مهما كانت بسيطة، اربط أفعالك اليومية بهدف أسمى.

وفي الأخير، يرى حقي أن هذه الممارسات السبع تقدِّم ما هو مطلوب تماماً. لن تقضي على التحديات المقبلة، لكنها ستساعدك على مواجهتها بحضورٍ أكبر ونفسٍ سليمة.