الممارسات المكثفة تكيّف الدماغ ونشاطاته

حب الاطلاع والدافع الداخلي أقوى محركين تعليميين يعززان مرونته

الممارسات المكثفة تكيّف الدماغ ونشاطاته
TT

الممارسات المكثفة تكيّف الدماغ ونشاطاته

الممارسات المكثفة تكيّف الدماغ ونشاطاته

قضيت الأسبوع الماضي ثلاثة أيام في ميامي، بوصفي عضواً في مجموعة مختارة من الأفراد، تعمقنا في علم «لدونة الدماغ» brain plasticity مع ديفيد إيغلمان عالم الأعصاب والبروفسور بجامعة ستانفورد.

وقد سلطت أفكار البروفيسور إيغلمان حول كيفية عمل الدماغ البشري، الضوء على كيفية إتقان البشر لمهارات جديدة، خصوصاً العنصر المحوري فيها الذي يجعل قاعدة الـ10000 ساعة، فاعلة.

واقع الدماغ البشري

ولكن وقبل التعمق في الأمر، دعونا نستكشف كيفية عمل أدمغتنا، وما الذي يجعل هذه المعلومات مهمة.

لدى مناقشة قدرة الدماغ البشري على التكيف، وكيف أنه يشكل نفسه بناءً على ما نقضي معظم وقتنا في الاضطلاع به، طرح إيغلمان مفهوماً مثيراً؛ أن دماغنا عبارة عن عقار (قطعة أرض) مخصص. وباختصار، فإن المهام التي نخصص لها معظم الوقت ستشغل، نهاية المطاف، الحيز الأكبر في منطقة قطعة الأرض هذه من الدماغ، التي تنشأ فيها اتصالات عصبية أقوى.

واستعان إيغلمان بمثال الأخوات بولغار the Polgar sisters، ثلاث أستاذات في لعبة الشطرنج جرى تدريبهن بصرامة على يد والدهن منذ صغرهن. وهذه الممارسة المكثفة والمركزة رسخت اللعبة بعمق في عقلهن الباطن، ما يوضح كيف تتكيف «عقاراتنا العصبية» مع الأنشطة المتكررة.

ودائماً ما تلعب الجينات دوراً، ببساطة لأن هناك حاجة إلى درجة معينة من الموهبة الطبيعية لكي تبرع في أي شيء. ومع ذلك، فإن علم الأعصاب يؤكد لنا أهمية قضاء ساعات من الممارسة المتعمدة لشيء ما قبل أن نصبح خبراء فيه.

وفي المجال الرياضي، يمكن النظر إلى الأختين ويليامز في التنس. إذ إن سنوات التدريب المتفاني لهما التي أشرف عليها والدهما، وأخلاقيات العمل الدؤوبة التي تتمتع بها الشقيقتان، أسهمت في تشكيل أدمغتهما على نحو مكنهما من تقديم أداء رياضي استثنائي.

الممارسة مقابل الموهبة

ورغم أنه يستحيل أن نعرف على وجه اليقين حجم تأثير هذا النوع من الممارسة المخصصة على مستوى إتقان مهارة ما، مقارنة بتأثير الموهبة الطبيعية، فإن الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا تثبت أن قاعدة الـ10000 ساعة 10000 -hour rule صحيحة، عندما نهدف إلى إتقان مهارة ما. (20 ساعة أسبوعياً لمدة 10 سنين).

بوجه عام، كلما زاد الوقت الذي نخصصه لشيء ما، زادت مساحة الدماغ المخصصة لهذه الممارسة أو المهمة. وكلما زادت المساحة المخصصة لشيء ما في الدماغ، زادت براعتنا في هذا الشيء المحدد. وتعكس دوائر دماغنا أنشطتنا الأكثر تكراراً، ما يجعل الممارسة المركزة ضرورية لإتقان أي مهارة.

الدافع عنصر أساسي

ومع ذلك، وفقاً لإيغلمان، فإن حجم التدريب ليس العامل الأكثر أهمية فيما يخص إتقان مهارة أو ممارسة جديدة. لذا فإن الـ10000 ساعة من التدريب ستضيع هباءً. ولجعل قاعدة الـ10000 ساعة تعمل لصالحك عليك أن تكون مندفعاً وشاعراً بأهمية الممارسة.

المقصود هنا أنه كي يتعلم دماغنا مهمة ما أو يمارسها بفاعلية، يجب أن تكون هذه المهمة ذات صلة بالشخص الذي يمارسها. من دون وجود دافع يحث على الاندفاع، فإن أدمغتنا لا تتفاعل بالطريقة نفسها. وشدد إيغلمان على أن أدمغتنا تتكيف بشكل أكثر فاعلية، عندما تكون المهام ذات معنى لنا.

ولإثبات هذه النقطة، قدم أمثلة على ممارسات مثل العلاج التقييدي، حيث يحسن المرضى عمل أطرافهم الأضعف عبر إجبارهم على استخدامها، مدفوعين في ذلك بدافع جوهري يتمثل في استعادة عمل هذه الأطراف.

وبالمثل، عندما يعاني الأشخاص من إعاقة في الرؤية في عين واحدة، غالباً ما تجري تغطية العين السليمة لإجبار العين الأضعف على العمل بجدية أكبر. ويشجع هذا الدافع القائم على القيود، الدماغ على تحسين أداء العين الأضعف، ما يوضح كيف أن الأهمية والضرورة تدفعان الدماغ إلى التكيف الفعال.

وأظهرت دراسات أجريت على الفئران، أن تعلم مهام جديدة يزداد صعوبة من دون وجود الناقل العصبي «أسيتيل كولين»، الذي يجري إطلاقه في الدماغ استجابة للأحداث ذات الصلة والمهمة التي تلفت انتباهنا. ويسلط ذلك الضوء على أنه من أجل إعادة توصيل الدماغ بشكل فعال، يجب على الدماغ أن يدرك أهمية المهمة التي بين يديه. وعليه، فإن مجرد قضاء الوقت في مهمة ما لا يكفي؛ يجب أن يجد الدماغ أن الأمر مناسب لتحفيز استجابة التعلم والتكيف بصورة حقيقية.

حب الاطلاع ومرونة الدماغ

الفضول وحب الاطلاع هما السبيل نحو بلوغ المستوى الأمثل من اللدونة للدماغ.

يركز نهج علم الأعصاب على أن التعلّم يرتكز على مدى اهتماماتنا، لذا فإن الفضول والدافع الداخلي يصبحان أقوى محركات التعلم، عندما يتعلق بمرونة أو لدونة الدماغ. وأوضح إيغلمان أنه عندما نكون مهتمين حقاً بشيء ما، تزداد قدرة أدمغتنا على التكيف، ويزيد استعدادها لاستيعاب المعلومات الجديدة.

وتشير أفكاره إلى أن الانخراط في مهام تتماشى مع اهتماماتنا يزيد من مرونة أدمغتنا، ومن ثم إمكانات التعلم لدينا.

ويعني تطبيق هذا المفهوم على التطوير المهني، أن قضاء ساعة مع مرشد حكيم يمكن أن يكون أكثر تأثيراً من ساعات لا حصر لها من الدراسة غير الموجهة. يمكن للمرشد تقديم تعليقات مستهدفة وذات صلة تتوافق مع أكثر ما نهتم به. وعبر التركيز على التحديات الهادفة، والبحث عن تعليقات وردود فعل بدافع من فضولنا، يمكننا تعظيم قوة عمليات التعلم الطبيعية في دماغنا لتحقيق نجاح أكبر.

من الممكن أن يسهم فهم أهمية التحفيز ودوره في مسألة التعلم، في تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع مهمة إتقان مهارات جديدة. وباستطاعتنا تحقيق أقصى استفادة من مرونة أدمغتنا الرائعة عبر مواءمة جهودنا مع ما يهمنا حقاً.

وعليك التفكير في كيفية تطبيق هذه الفكرة على حياتك المهنية. ابحث عن المهام والتحديات التي تحفزك، وأحط نفسك بالأشخاص الذين يقدمون المعلومات ذات الصلة والتعليقات المفيدة، وحافظ على فضولك. عبر ذلك، ستفتح الباب أمام أفضل ما لديك من قدرات، وتجعل قاعدة الـ10000 ساعة تعمل لصالحك.

* «إنك»، خدمات «تريبيون ميديا».



برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».