وقفات حوثية في صنعاء لتأييد الاعتقالات ضد موظفي المنظمات

حملة تطهير مرتقبة لغير الموالين في المؤسسات الحكومية

الحوثيون يسعون لإيجاد حالة شعبية للتخفيف من التنديد الدولي بحملة الاعتقالات (إعلام محلي)
الحوثيون يسعون لإيجاد حالة شعبية للتخفيف من التنديد الدولي بحملة الاعتقالات (إعلام محلي)
TT
20

وقفات حوثية في صنعاء لتأييد الاعتقالات ضد موظفي المنظمات

الحوثيون يسعون لإيجاد حالة شعبية للتخفيف من التنديد الدولي بحملة الاعتقالات (إعلام محلي)
الحوثيون يسعون لإيجاد حالة شعبية للتخفيف من التنديد الدولي بحملة الاعتقالات (إعلام محلي)

في مواجهة الانتقادات الداخلية والخارجية لحملة الاعتقالات التي نفّذها الحوثيون وطالت العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية والبعثات الدبلوماسية، أمر قادة الجماعة مشرفيهم في أحياء العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بتنظيم وقفات مسلحة لدعم ومساندة الاعتقالات وتوسيعها لتشمل الموظفين في المؤسسات الحكومية.

ووسط سخرية مجتمعية من الاعتقالات والاعترافات التي بثتها وسائل إعلام الجماعة، ذكر سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن المشرفين الحوثيين المسؤولين عن الأحياء السكنية وزّعوا رسائل عبر تطبيق «واتساب» استناداً إلى قوائم توزيع غاز الطهي المنزلي.

السكان يحضرون فعاليات الحوثيين حتى لا يُحرموا من المساعدات أو غاز الطهي (إعلام محلي)

وطالب المشرفون الحوثيون السكان بالمشاركة في وقفات مسلحة ستنظَّم على مدار أيام الأسبوع، بواقع فعالية في كل حي، لإعلان مباركة ما سمّوه «الإنجاز الأمني» في القبض على شبكة التجسس الأميركية - الإسرائيلية، في مسعى لإضفاء طابع شعبي على تلك الحملة.

ووفق ما ذكرته المصادر فإن الرسائل حثت المشاركين على مطالبة قيادة الحوثيين بإنزال أقصى العقوبات على المعتقلين بتهمة التجسس، والكشف عمّا سمّوها «بقية خلايا التجسس» التي وعد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أخيراً بالكشف عنها، وسط مخاوف من اتساع قاعدة الاعتقالات لتطول كل من عمل لدى منظمة دولية أو بعثة دبلوماسية غربية طوال العقود الثلاثة الماضية.

وكانت الحكومة اليمينية من جهتها قد حذّرت من اتساع رقعة الاعتقالات في مناطق سيطرة الحوثيين وعرضت على المنظمات استكمال نقل مكاتبها إلى مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، فيما جددت الأمم المتحدة والولايات المتحدة مطالبتها الحوثيين بسرعة الإفراج عن الموظفين المعتقلين منذ ما يزيد على شهر ونددت بالاتهامات التي وُجهت إليهم.

جاءت الوقفات الحوثية المساندة للاعتقالات رداً على حملة الإدانات المحلية والدولية عقب اعتقال العشرات من الموظفين لدى مكاتب الأمم المتحدة ومنظمات دولية، وموظفين لدى بعثات دبلوماسية بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة، وإخفائهم قسراً ومنعهم من التواصل مع أسرهم أو الإبلاغ عن مكان اعتقالهم.

تحرك أممي

أكدت الأمم المتحدة مواصلة تحركاتها ومساعيها من أجل تأمين الإفراج عن الموظفين المحتجزين «تعسفياً» لدى الحوثيين منذ أكثر من شهر، وفق ما ذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة، الذي قال إن كبار المسؤولين في المنظمة الأممية يواصلون العمل من خلال جميع القنوات الممكنة لتأمين الإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين تعسفياً من سلطات الحوثيين.

تحويل المدارس إلى معسكرات لتجنيد المراهقين طائفياً (إعلام حوثي)

وحسب المتحدث الأممي ستيفان دوجاريك، فإن الأمين العام للأمم المتحدة أرسل في وقت سابق من هذا الأسبوع، رسالة تضامن إلى موظفي المنظمة في اليمن، قال فيها إنه «لا يزال يشعر بقلق عميق بشأن سلامة موظفي الأمم المتحدة اليمنيين، والعاملين في المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية والبعثات الدبلوماسية والمجتمع المدني والشركاء الذين احتُجزوا تعسفياً».

وأضاف في رسالته: «الموظفون الأمميون وغيرهم من العاملين في المنظمات المحلية والدولية الشريكة يؤدون عملاً قيّماً يستحق التقدير، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نُستهدَف أبداً، ولا ينبغي أبداً اعتقالنا أو احتجازنا في أثناء أدائنا مهامنا لصالح الشعب اليمني».

وجدَّد دوجاريك، الدعوات الدولية المتكررة لجماعة الحوثيين من أجل «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الوطنية والدولية غير الحكومية، والبعثات الدبلوماسية، والمجتمع المدني، وغيرهم من موظفي الشركاء، وأن يتم التعامل معهم باحترام كامل لحقوقهم الإنسانية، والسماح لهم بالاتصال بأسرهم وممثليهم القانونيين».

الحوثيون انتزعوا اعترافات بالتجسس من معتقلين يعملون مع الأمم المتحدة وفي السفارة الأميركية (إعلام حوثي)

كان الناطق باسم مفوضية حقوق الإنسان، جيريمي لورنس، قد ذكر أن المنظمة الأممية لا تزال قلقة للغاية حيال مصير 13 من أفراد طواقمها وموظفي منظمات غير إنسانية محتجزين منذ أكثر من شهر الآن لدى الحوثيين الذين لا يزالون يرفضون أي وصول إلى المحتجزين.

كما أعرب عن قلق الأمم المتحدة حيال وضع فردين آخرين من طواقم الأمم المتحدة محتجزَين منذ وقت أطول أحدهما منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 والآخر منذ أغسطس (آب) 2023.

ورفض لورنس رفضاً قاطعاً المزاعم الصادمة والصادرة علناً بشأن موظفي الأمم المتحدة، ودعا الحوثيين إلى إطلاق سراحهم فوراً ومن دون شروط. وأضاف: «إننا قلقون جداً بشأن ظروف احتجازهم». وشدد على وجوب أن تتوقف الهجمات على موظفي وكالات حقوق الإنسان والعاملين الإنسانيين فوراً.

حملات تطهير

شرع الحوثيون في التهيئة لبدء حملة تطهير المؤسسات الحكومية من الأفراد الذين يشكّون في ولائهم، وتحت مبرر مكافحة الفساد والعملاء، حيث وزع المشرفون الحوثيون رسائل على السكان في كل المديريات الخاضعة لسيطرة الجماعة طلبت منهم تنظيم وقفات شعبية مسلحة في كل مديرية على حدة للمطالبة «بتطهير المؤسسات من بقايا الفاسدين والعملاء» وهي الصفة التي يطلقها الحوثيون على من يعارضون توجهاتهم الطائفية والسلالية.

الحوثيون يُرغمون كل الموظفين والمسؤولين على حضور الفعاليات التي تنظمها الجماعة (إعلام محلي)

هذه الفعاليات -وفق مصادر وثيقة الاطلاع في صنعاء- تزامنت مع مواصلة فريق شكَّله زعيم الجماعة ويشرف عليه مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي أحمد حامد، فرز أسماء الموظفين وشاغلي المناصب الوسطية (مدير عام وما دون) بهدف التأكد من ولائهم، واستبعاد من يشكّون في ولائه.

تأتي هذه التحركات نزولاً على طلب زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بضرورة إيجاد مساندة شعبية لما سمّاها «التغييرات الجذرية» التي تحدَّث عنها، وهدفها تطهير المؤسسات الحكومية، حتى تظهر تلك الإجراءات كأنها تحظى بتأييد السكان.

وحسب المصادر، طلب المشرفون الحوثيون في رسائلهم إلى مسؤولي المديريات الذين سيشاركون في الوقفات، أن يوجّهوا مطالبات إلى زعيم الجماعة بسرعة تطهير بقية المؤسسات الحكومية من «الفاسدين والعملاء»، باعتبار أن ذلك كان سبب تأخر تشكيل حكومة انقلابية جديدة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعززون أعمال التعبئة الفكرية والتغيير المذهبي

العالم العربي المشرف الحوثي في محافظة إب يحاضر طالبات الجامعة حاملاً سلاحه (إعلام محلي)

الحوثيون يعززون أعمال التعبئة الفكرية والتغيير المذهبي

كثف الحوثيون مساعيهم لتعبئة طلبة الجامعات عسكرياً ومذهبياً وبسبب رفض المجتمع، رهنوا النجاح أو الحصول على الشهادة بالاشتراك في الدورات العسكرية والتعبوية.

محمد ناصر (تعز)
الخليج مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة عبد العزيز الواصل خلال كلمته (واس)

السعودية تؤكد دعمها المبادرات الدولية لتعزيز قدرات الحكومة اليمنية

أكدت السعودية أن رؤية الحكومة اليمنية للإصلاح الاقتصادي والمؤسسي لمعالجة التحديات الاقتصادية الراهنة، تُعد خطوة إيجابية مهمة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي أكدت الدول المشاركة في الاجتماع دعم أولويات الحكومة اليمنية سياسياً واقتصادياً (سبأ)

نيويورك: دعم إقليمي ودولي لأولويات الحكومة اليمنية سياسياً واقتصادياً

أكد شركاء اليمن الإقليميين والدوليين التزامهم بتقديم الدعم السياسي والمالي والفني لتحقيق رؤية الحكومة وأولوياتها.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: التزامات دولية أمنية تجاه اليمن

أعلن رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، أن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات.

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

خاص بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يعززون أعمال التعبئة الفكرية والتغيير المذهبي

المشرف الحوثي في محافظة إب يحاضر طالبات الجامعة حاملاً سلاحه (إعلام محلي)
المشرف الحوثي في محافظة إب يحاضر طالبات الجامعة حاملاً سلاحه (إعلام محلي)
TT
20

الحوثيون يعززون أعمال التعبئة الفكرية والتغيير المذهبي

المشرف الحوثي في محافظة إب يحاضر طالبات الجامعة حاملاً سلاحه (إعلام محلي)
المشرف الحوثي في محافظة إب يحاضر طالبات الجامعة حاملاً سلاحه (إعلام محلي)

كثفت الجماعة الحوثية مساعيها لإجراء تغيير مذهبي في محافظة إب اليمنية الواقعة على مسافة 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، وردّ قادتها على مقاومة المجتمع لتلك المساعي بالإعلان بأن طلاب جامعات المحافظة لن يحصلوا على شهادات تخرجهم إلا إذا التحقوا بالدورات الطائفية، وتدربوا على حمل الأسلحة.

وفي رسائل وجَّهها ما يسمى «الملتقى الطلابي»، وهو كيان مخابراتي أسسه الحوثيون في كل الجامعات اليمنية للتحكم في الأنشطة ومراقبة الطلاب والأساتذة، أُلزم كل طلاب الجامعات الثلاث في المحافظة بالالتحاق بدورة طائفية تحت مسمى «دورة طوفان الأقصى».

وطلبت الرسالة من جميع الطلاب من الجنسين الحضور من الساعة 8 صباحاً، وأكدت ضرورة وجود الجميع في القاعة، ونبهت إلى أنهم سيقومون بالتأكد من الحضور تحت إشراف عمداء الكليات.

وبحسب إفادة عدد من الطلاب، فإنهم ملزَمون بالخضوع لدورات فكرية طائفية لمدة أسبوع يتخللها التدريب على استخدام الأسلحة، وأن برنامج التعبئة الفكرية الطائفية يركز على إحداث تغيير مذهبي في هذه المحافظة ذات الثقل السكاني الكبير، من خلال الاستماع إلى خطابات زعيم الحوثيين ومحاضرات إلزامية لأخيه الذي أسس الجماعة قبل مقتله في المواجهة مع القوات الحكومية قبل 20 عاماً.

صورة ضوئية لاستمارة تجنيد طلاب الجامعات اليمنية (إعلام محلي)

إلى جانب ذلك، يركز الحوثيون في تعبئتهم الفكرية للطلاب على التحريض على القتال ومواجهة من يصفونهم بالكفار. كما يستعرضون أفلاماً تمجّد زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، الذي قُتل أخيراً.

وذكرت المصادر أن بعض الطلاب فضَّلوا إيقاف الدراسة بسبب هذه الممارسات، خصوصاً أن الجماعة الحوثية ربطت نجاح أي طالب بحضوره هذه الدورة، كما أبلغت إدارة جامعة إب كل الطلاب بأن شهادة التخرج في الجامعة لن تُمنح إلا لمن أثبت حضوره في هذه الدورات.

تهديد وحرمان

هذه الممارسات شهدتها مختلف الجامعات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، حيث فرضت الجماعة على الطلاب الحضور، وهددت من يتغيب بحرمانه من دخول اختبارات نهاية الفصل الدراسي. أما من يلتزم، فسوف يحصل على 10 درجات إضافية في كل مقرر دراسي. كما يُلزم طلاب الجامعة بتعبئة استمارة البيانات الشخصية والانضمام إلى ما تسمى حملة التعبئة الشعبية للقتال ضد إسرائيل.

ووفق مصادر جامعية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإنه عقب تعبئة البيانات وانتهاء برنامج التعبئة الفكرية في مراحله الأولى، يُرغم الطلاب على الالتحاق بدورات مكثفة للتدريب على استخدام الأسلحة والأعمال القتالية في مواقع خصصت لهذا الغرض. وقال زعيم الحوثيين إن عدد المتخرجين من هذه الدورات يبلغ 814 ألف شخص.

ويقول نشطاء إن الطلاب في إب أمام خيارين: إما حضور الدورات الثقافية الطائفية والاستماع لخطب وأحاديث زعيم الحوثيين وأخيه، والتدرُّب على استخدام السلاح، والحصول على شهادة التخرج في الجامعة حتى لو لم تكن ناجحاً، أو أن ترسب أو لا تحصل على شهادة إذا كنت من طلاب السنة الدراسية الأخيرة.

زعيم الحوثيين اعترف بإلحاق أكثر من 800 ألف مدني بالتعبئة العسكرية (أ.ف.ب)

ولم تقتصر محاولات الحوثيين لإجراء تغيير مذهبي على طلبة الجامعات الثلاث في محافظة إب، بل امتدت هذه الممارسات إلى العاملين في قطاع التربية والتعليم من معلمين وموجهين وإداريين في كل مدارس المحافظة، حيث أُخضع هؤلاء لدورات فكرية طائفية، وفق ما ذكرته مصادر محلية في المحافظة.

ووفق المصادر، يُؤخذ العاملون غصباً إلى إحدى المدارس الكبيرة في كل مديرية، والتي حُوّلت إلى مركز للتدريب الفكري واستخدام الأسلحة، وتُبلّغ عائلاتهم أنهم سيغيبون لمدة أسبوع ثم يعودون.

وفي حين أن هؤلاء التربويين والمعلمين وبسبب قطع الحوثيين المرتبات منذ 8 أعوام، مرغمون على العمل في مدارس خاصة لتوفير احتياجات أسرهم، فإنهم يعيشون طوال أسبوع التعبئة الطائفية على الديون من محلات بيع المواد الغذائية.