الجثث تتناثر في شوارع مدينة غزة... والوسطاء يكثفون مساعي الهدنة

فلسطينيون يصلون على جثامين أقاربهم الذين قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة شرق مدينة خان يونس (د.ب.أ)
فلسطينيون يصلون على جثامين أقاربهم الذين قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة شرق مدينة خان يونس (د.ب.أ)
TT

الجثث تتناثر في شوارع مدينة غزة... والوسطاء يكثفون مساعي الهدنة

فلسطينيون يصلون على جثامين أقاربهم الذين قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة شرق مدينة خان يونس (د.ب.أ)
فلسطينيون يصلون على جثامين أقاربهم الذين قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة شرق مدينة خان يونس (د.ب.أ)

يقبع سكان مدينة غزة اليوم (الخميس) وهم محاصرون في منازلهم بينما تتناثر الجثث في الشوارع وسط هجوم إسرائيلي مكثف جديد حتى مع سعي واشنطن للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في محادثات تجرى في مصر وقطر، وفقاً لوكالة «رويترز».

ويقول مقاتلون من حركة «حماس» إن هجوما إسرائيليا واسع النطاق على مدينة غزة هذا الأسبوع قد يقوض جهود التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب بينما دخلت المفاوضات مراحلها الأخيرة.

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في حي الشجاعية (رويترز)

وضمت مدينة غزة أكثر من ربع سكان القطاع قبل الحرب. وتعرضت المدينة للدمار في الأسابيع الأولى من القتال العام الماضي لكن مئات الآلاف من الفلسطينيين عادوا إلى أطلال منازلهم وسط الدمار والأنقاض لكن الجيش الإسرائيلي يأمرهم الآن بإخلاء المنطقة من جديد.

فلسطيني ينظر إلى مركبة عسكرية إسرائيلية مدمرة بالقرب من المباني المتضررة والأنقاض من حي الشجاعية (أ.ف.ب)

وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن لديها تقارير عن سكان محاصرين وعالقين وآخرين قتلوا داخل منازلهم في حي تل الهوى وحي صبرة في مدينة غزة دون أن يتمكن مسعفون من الوصول إليهم.

ويقول الدفاع المدني إن تقديراته تشير إلى مقتل 30 على الأقل في تل الهوى والرمال في مدينة غزة وإن فرقه غير قادرة على انتشال الجثث من الشوارع هناك.

وعلى الرغم من إصدار الجيش أوامر أمس (الأربعاء) لسكان مدينة غزة باستخدام ممرين «آمنين» للتوجه صوب جنوب القطاع، رفض العديد من السكان الانصياع لتلك الأوامر. ونشر بعضهم وسما على وسائل التواصل الاجتماعي يرفض المغادرة (#لن نرحل).

فلسطينيون ينتشلون الحطب لاستخدامه في الطهي من أنقاض المباني بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من حي الشجاعية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب)

وقال محمد علي (30 عاما) عبر رسائل نصية «بنموت ولا ننزح على الجنوب، إحنا تحملنا المجاعة والقنابل تسع شهور وعنا استعداد نستشهد هنا». وأوضح علي الذي نزحت عائلته أكثر من مرة داخل المدينة إنهم يعانون من نقص الغذاء والمياه والأدوية. وتابع «الاحتلال بيقصف مدينة غزة وكأنه الحرب بتبدأ من جديد. بنتأمل إنهم يوصلوا لاتفاق وقف إطلاق نار، بس إذا ما صار بيكون أمر الله».

لقطة تُظهر الأبنية المدمرة والركام بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من حي الشجاعية (أ.ف.ب)

القتال في رفح

شنت إسرائيل حملتها العسكرية الواسعة على قطاع غزة العام الماضي بعد أن اقتحم مسلحون تقودهم حركة «حماس» الحدود ونفذوا هجوما على جنوب إسرائيل. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن ذلك الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ ذلك الحين أزهقت أرواح أكثر من 38 ألف فلسطيني.

مبان مدمرة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من حي الشجاعية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب)

وقال المكتب الإعلامي لحكومة قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس» إن القوات الإسرائيلية غادرت حي الشجاعية شرقي مدينة غزة بعد أن اجتاحته مجددا على مدى أسبوعين مما أسفر عن مقتل العشرات وتدمير أحياء سكنية.

فلسطينيون يقفون أمام المباني المدمرة والركام بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من حي الشجاعية (أ.ف.ب)

وفي الطرف الجنوبي للقطاع في رفح قرب الحدود مع مصر، حيث تجوب دبابات إسرائيلية وتنفذ عمليات في المدينة منذ مايو (أيار)، قال سكان إن الجيش الإسرائيلي واصل تفجير منازل في مناطق غرب ووسط رفح بينما تدور معارك مع مقاتلين من «حماس» و«الجهاد» وفصائل أصغر.

وذكر مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني أن أربعة قتلوا من بينهم طفل في ضربة جوية إسرائيلية على تل السلطان غرب رفح.

وقال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من اليوم إنه اعترض خمسة صواريخ انطلقت من منطقة رفح.

فلسطينيون يسيرون بالقرب من أنقاض المنازل التي دمرت خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي في خان يونس (رويترز)

وعلى صعيد المفاوضات، تعقد جولات في قطر ومصر بعد تنازلات مهمة قدمتها «حماس» الأسبوع الماضي إذ وافقت على إمكانية بدء الهدنة وإطلاق سراح بعض الرهائن دون موافقة إسرائيل أولا على إنهاء الحرب.

ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن أي اتفاق يجب أن يسمح لإسرائيل باستئناف القتال لحين تحقيق كل أهدافها. ويواجه نتنياهو معارضة من داخل حكومته اليمينية لأي اتفاق يوقف الحرب قبل القضاء التام على «حماس».

سيدة فلسطينية تتفقد الأضرار بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من حي الشجاعية بغزة (رويترز)

وقال مسؤولان من «حماس» تواصلت معهما «رويترز» إنه ليس لديهما تعليق على مضمون المحادثات الجارية التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة.

وأفاد مسؤول فلسطيني مقرب من جهود الوساطة «سيكون هناك اجتماع بين (حماس) والوسطاء اليوم لمعرفة طبيعة رد اسرائيل»، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.

 


مقالات ذات صلة

«التعاون الإسلامي» تدعو مجلس الأمن لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي

الخليج جانب من الندوة التي أقيمت في جدة الاثنين (يونا)

«التعاون الإسلامي» تدعو مجلس الأمن لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي

طالبت السعودية المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والعاجل لوقف العدوان الإسرائيلي غير المبرر على المدنيين العزل في الأرض الفلسطينية المحتلة.

أسماء الغابري (جدة)
الولايات المتحدة​ عائلة نازحة في ملجأ بمدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة في 7 يونيو (أ.ف.ب)

بريطانيا تعلن تقديم مساعدة مالية للسلطة الفلسطينية بقيمة 10 ملايين جنيه إسترليني

أعلنت بريطانيا اليوم (الثلاثاء) استئناف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية للمساهمة في توفير خدمات أساسية ودفع رواتب العاملين بالقطاع الصحي على مدى شهرين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)

منتدى دولي لحشد الدعم الإعلامي الإسلامي لمبادرات الاعتراف بفلسطين

تنظم الأمانة المساعدة للاتّصال المؤسَّسي في رابطة العالم الإسلامي و«يونا»، منتدى دولياً لحشد الدعم الإعلامي الإسلامي لمبادرات الاعتراف بفلسطين.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (الخارجية السعودية)

فيصل بن فرحان ومصطفى يبحثان الأوضاع في فلسطين

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان هاتفياً مع محمد مصطفى رئيس الوزراء الفلسطيني، مستجدات الأوضاع بالضفة الغربية وقطاع غزة، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان يستقبل محمد مصطفى في الرياض (الخارجية السعودية)

فيصل بن فرحان ومحمد مصطفى يبحثان تطورات غزة ورفح

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع محمد مصطفى رئيس الوزراء الفلسطيني، المستجدات في فلسطين، لا سيما التطورات في قطاع غزة ومدينة رفح.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.