لبنان يسعى لترحيل نصف النازحين السوريين

الأمن العام يستعد لإنشاء «داتا» خاصة به بعد «تلكؤ» مفوضية اللاجئين

اللواء إلياس البيسري المدير العام بالإنابة للأمن العام اللبناني (المركزية)
اللواء إلياس البيسري المدير العام بالإنابة للأمن العام اللبناني (المركزية)
TT

لبنان يسعى لترحيل نصف النازحين السوريين

اللواء إلياس البيسري المدير العام بالإنابة للأمن العام اللبناني (المركزية)
اللواء إلياس البيسري المدير العام بالإنابة للأمن العام اللبناني (المركزية)

لن ينتظر جهاز «الأمن العام» اللبناني تجاوب مفوضية اللاجئين مع طلباته وطلبات الحكومة المتكررة لتسليمه «الداتا» المفصلة التي بحوزتها للنازحين السوريين الموجودين في لبنان، إذ إنه قرر إعداد «داتا» خاصة به عبر إلزام كل سوري موجود على الأراضي اللبنانية بالتقدم إلى مراكزه لتحديد وضعيته وتاريخ دخوله لبنان.

وتشير مصادر «الأمن العام» إلى أنه «جرى إعطاء الوقت الكافي للمفوضية لتسليم هذه الداتا، لكنها لم تتجاوب، معطية حججاً متعددة، في حين نعتقد أن هناك ضغوطاً دولية تتعرض لها». وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لذلك تقرر أن نجمع نحن هذه الداتا، بحيث سيجري تحديد مراكز على مختلف الأراضي اللبنانية يُفرض على السوريين التقدم إليها ليقدموا أوراقاً تثبت تاريخ دخولهم إلى لبنان، وما إذا كانوا قد دخلوا قبل 2015 حين كانت الحكومة تسمح بدخول النازحين وتسجيلهم، أو بعد ذلك، حين تقرر وقف التسجيل».

وتوضح المصادر أنه «سيجري إنشاء مركز لتجميع كل هذه (الداتا) في منطقة الدامور، ليتم بعدها العمل على ترحيل كل سوري دخل بعد 2015 ولا يحمل إجازة عمل أو إقامة رسمية تخوّله البقاء في لبنان»، لافتة إلى أن «هذا الإجراء من شأنه أن يؤدي إلى ترحيل نصف عدد السوريين الموجودين في لبنان».

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسلّم «الأمن العام» قاعدة بيانات من المفوضية، بعد أشهر طويلة من المطالبة بالحصول عليها، تضم أسماء مليون و486 ألف نازح، دون تصنيف أو تحديد لتاريخ التسجيل أو الدخول إلى لبنان. لكن لبنان الرسمي عاد وطالب بالحصول على «الداتا» المفصلة كي يجري تحديد الوضع القانوني لكل سوري موجود على الأراضي اللبنانية.

وتردّ الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، على المعلومات التي تحدثت عن رفض المفوضية تسليم «الداتا» المفصلة لـ«الأمن العام» اللبناني، مؤكدة أن المباحثات والنقاشات لا تزال مستمرة في هذا الخصوص، لافتة إلى أنه جرى فعلاً عقد اجتماع مع الأمن العام لمناقشة طلب الحكومة الجديد للحصول على البيانات الشخصية للاجئين السوريين، واضعة الاجتماع في إطار المسارات المعتادة للبت بطلبات كهذه وفقاً للمبادئ الدولية المعتمدة لحماية البيانات.

وتؤكد ليزا أبو خالد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المفوضية «موجودة هنا لدعم لبنان، بالتوازي مع تمسكها بالوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حماية البيانات كما بالقانون الدولي للاجئين»، موضحة أن «معالجة البيانات الشخصية تعد جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ ولاية المفوضية المتمثلة في توفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للنازحين قسراً ومكتومي القيد». وتضيف: «نظراً لحساسية البيانات الشخصية لكل فرد، التي تعكس جوهر هويته واحتياجاته الفردية، تسعى المفوضية جاهدة لضمان أعلى مستوى من الحماية للبيانات التي تعالجها»، مشددة على «الالتزام بالمعايير العالمية لحماية البيانات، التي يمكن مقارنتها بأطر حماية البيانات الوطنية في جميع أنحاء العالم».

ودخل النازحون السوريون إلى لبنان منذ العام 2011 بشكل عشوائي وعبر معابر شرعية وأخرى غير شرعية، وانتشروا في مخيمات وشقق مستأجرة في معظم المناطق اللبنانية، ما جعل من الصعب جداً على السلطات الرسمية تجميع «داتا» واقعية.

واستضافت مئات القرى والبلدات اللبنانية مئات آلاف النازحين على مدار السنوات الـ12 الماضية، لكن مع اندلاع الأزمة المالية في البلد عام 2019 وتدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية، زاد الاحتقان بين المجتمع اللبناني المستضيف والمجتمع السوري اللاجئ الصيف الماضي، ما أدى إلى مجموعة كبيرة من الإشكالات الأمنية.

ووفق مدير عام «الأمن العام» بالوكالة، اللواء إلياس البيسري، يبلغ العدد التقديري للنازحين السوريين في لبنان مليونين و100 ألف، أي ما يُشكل 43 في المائة من عدد المقيمين في لبنان.

وفي إطار سعيها لتنظيم الوجود السوري في لبنان، كلّفت وزارة الداخلية، قبل أحداث غزة، المحافظات والبلديات بإحصاء النازحين السوريين الموجودين ضمن نطاقها، والتشدد في موضوع مواقع إقامتهم وعمالتهم، ورفع تقارير دورية كل 15 يوماً بالإجراءات التي قامت بها على صعيد قمع المخالفات وإزالة التعديات. وفي الأشهر الماضية، كثّف «الأمن العام» حملاته وإجراءاته بهدف التصدي للاقتصاد الموازي والمخالفات السورية في مجال العمالة والإقامة، ما أدى لتوقيف الآلاف وإقفال مئات المؤسسات المخالفة.



طائرات الهليكوبتر... سلاح إسرائيل وأوكرانيا للتصدي لحرب المسيَّرات

طائرة هليكوبتر إسرائيلية تحلّق فوق غزة (إ.ب.أ)
طائرة هليكوبتر إسرائيلية تحلّق فوق غزة (إ.ب.أ)
TT

طائرات الهليكوبتر... سلاح إسرائيل وأوكرانيا للتصدي لحرب المسيَّرات

طائرة هليكوبتر إسرائيلية تحلّق فوق غزة (إ.ب.أ)
طائرة هليكوبتر إسرائيلية تحلّق فوق غزة (إ.ب.أ)

قال موقع «بيزنس إنسايدر» إن الطائرات الهليكوبتر انضمت إلى معارك إسرائيل وأوكرانيا لمواجهة الطائرات من دون طيار، حيث تعزز الدفاعات الجوية المجهدة من التصدي للحجم الهائل من المسيَّرات.

وأضاف الموقع أنه تم تصميم طائرات هليكوبتر بمدافع دوارة لمهاجمة أهداف أرضية مثل المركبات المدرعة، لكن بدلاً من ذلك، يتم استخدامها لاعتراض الطائرات من دون طيار، وهي ممارسة يقول الكثير من الخبراء إنها مؤقتة في أفضل الأحوال.

وذكر نيكولاس هيراس، الخبير الأمني ​​في مؤسسة «نيو لاينز» للأبحاث في واشنطن، أن «استخدام طائرات الهليكوبتر الهجومية هو حل مؤقت، لكن سوف يصبح قديماً بمجرد استخدام الطائرات من دون طيار في أسراب، وهي القدرات التي يعمل عليها كل من الإيرانيين والروس».

ولفت الموقع إلى أن حروب إسرائيل وأوكرانيا تشهد مواجهات بين طائرات الهليكوبتر والطائرات من دون طيار، حيث أسقطت مروحية هجومية إسرائيلية من طراز «أباتشي» مؤخراً طائرة من دون طيار تابعة لـ«حزب الله» بمدفعها، حيث وجدت الدفاعات الجوية للبلاد صعوبة في اعتراض جميع الطائرات من دون طيار.

هليكوبتر إسرائيلية تحلّق فوق جنوب لبنان (إ.ب.أ)

وفي 13 أكتوبر (تشرين الأول)، ضربت طائرة من دون طيار أخرى تابعة لـ«حزب الله» قاعدة للجيش في وسط إسرائيل؛ ما أسفر عن مقتل جنود.

وبالمثل، تطارد طائرات الهليكوبتر الأوكرانية المسيَّرات التي صممتها إيران، وتحاول إسقاطها باستخدام المدافع الرشاشة.

وقال صامويل بينديت، الخبير في مركز التحليلات البحرية: «بشكل عام، تعدّ طائرات الهليكوبتر وسيلة لاعتراض المسيرات؛ ولهذا السبب تستخدم أوكرانيا طائرة تدريب بسيطة أيضاً».

وذكر فيديريكو بورساري، الخبير في مركز تحليل السياسات الأوروبية، أن «طائرات الهليكوبتر نظراً لتعدد استخداماتها، يمكنها إجراء مهام الدفاع الجوي في حالة الحاجة، على الرغم من أن هذا ليس دورها الأساسي فقد استُخدمت طائرات الأباتشي الإسرائيلية مرات عدة في الماضي لاعتراض طائرات من دون طيار معادية قادمة من لبنان وسوريا؛ لذا فإن هذا ليس مفاجئاً».

ويمكن لبعض المروحيات حمل صواريخ جو - جو تمتد نطاقات اشتباكها إلى ما هو أبعد من المدافع الرشاشة، التي تتطلب مواجهات قريبة جداً لدرجة أنها تعرّض الطائرة وطاقمها للخطر.

وفي أوكرانيا، وهي دولة ضخمة مقارنة بإسرائيل، تعدّ المروحيات وسيلة لحماية مجالها الجوي ضد الطائرات من دون طيار الكبيرة.

وأضاف بورساري: «نظراً لنمط الطيران البطيء والمنخفض للمسيَّرات الروسية، يمكن للمروحيات مطاردتها وتدميرها بسهولة، ومع ذلك، بشكل عام، يظل استخدام المروحيات في هذا الدور دون المستوى الأمثل، أيضاً بسبب المخاطر التي تتعرض لها الطائرات والطاقم في عمليات مماثلة».

وتعد المدافع الرشاشة أقل تكلفة بكثير من الصواريخ جو - جو، لكنها لا تحل محل دقة ومدى الصواريخ.

وقال بورساري: «بشكل عام، تعدّ طائرات الهليكوبتر أرخص بكثير في الطيران والتشغيل مقارنة بالطائرات المقاتلة، وبالطبع، تكلف المدافع الرشاشة الثقيلة الموجودة على متنها أقل بكثير من الصواريخ جو - جو، ومع ذلك، يعتمد الأمر كثيراً على نوع التهديد (طائرة من دون طيار عالية السرعة مقابل طائرة من دون طيار بطيئة الطيران)، حيث يمكن للطائرات المقاتلة الوصول إلى الهدف بشكل أسرع بكثير، على سبيل المثال».

وتابع: «بشكل عام، تعدّ طائرات الهليكوبتر هي الملاذ الأخير الذي يأتي مع كل من التكاليف والمخاطر، في حين أن العبء الأكبر من هذه المهام يجب أن يقع على أنظمة التشويش والدفاعات الجوية ونظام الليزر العسكري الذي في طور التطوير».

وذكر أنه من المرجح أن تستمر طائرات الهليكوبتر في لعب دور دفاعي ضد المسيَّرات، ومن الممكن أن تزوَّد بأسلحة لجعلها أكثر فاعلية، لكن مدافع المروحيات رغم أنها أرخص بكثير من الطائرات النفاثة المسلحة بالصواريخ، فإنها ليست بديلاً لها.