فرنسا: الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التاريخية تنطلق اليوم

جانب من مظاهرات في ساحة الجمهورية احتجاجاً على صعود اليمين المتطرف - الأربعاء 3 يوليو 2024 في باريس (أ.ب)
جانب من مظاهرات في ساحة الجمهورية احتجاجاً على صعود اليمين المتطرف - الأربعاء 3 يوليو 2024 في باريس (أ.ب)
TT

فرنسا: الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التاريخية تنطلق اليوم

جانب من مظاهرات في ساحة الجمهورية احتجاجاً على صعود اليمين المتطرف - الأربعاء 3 يوليو 2024 في باريس (أ.ب)
جانب من مظاهرات في ساحة الجمهورية احتجاجاً على صعود اليمين المتطرف - الأربعاء 3 يوليو 2024 في باريس (أ.ب)

يبدأ الفرنسيون في أقاليم ما وراء البحار الإدلاء بأصواتهم السبت في الجولة الثانية والأخيرة من انتخابات تشريعية تاريخية تراقبها عن كثب عواصم عديدة، مع صعود اليمين المتطرف وتشكل «جبهة جمهورية» لمواجهته.

وسيكون الناخبون في أرخبيل سان - بيار - إيه - ميكلون، شمال المحيط الأطلسي، أول المتوجهين إلى صناديق الاقتراع، اليوم (السبت)، اعتباراً من العاشرة صباحاً بتوقيت غرينتش. وفي الدائرة الوحيدة في الإقليم يتنافس مرشح ميوله يمينية وآخر اشتراكي.

يليهم في الدور ناخبو غويانا والأنتيل وفرنسيو أميركا الشمالية وبولينيزيا ثم كاليدونيا الجديدة في فترة المساء.

أما ناخبو فرنسا القارية وأقاليم ما وراء البحار الأخرى، فسيدلون بأصواتهم، الأحد.

نادراً ما أثارت انتخابات تشريعية في فرنسا قدراً مماثلاً من القلق لدى البعض والأمل لدى آخرين يريدون منح اليمين المتطرف إمكانية الحكم، من خلال التصويت لحزب التجمع الوطني برئاسة جوردان بارديلا (28 عاماً) الطامح لتولي رئاسة الحكومة، حسبما أفاد به تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وسيشكل قيام حكومة برئاسة اليمين المتطرف، سابقة في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقبل ساعات من اختتام الحملة الانتخابية منتصف ليل الجمعة السبت وبدء فترة الصمت الانتخابي، أظهرت عدة استطلاعات لنيات التصويت تقارباً بين الكتل الثلاث: في اليمين المتطرّف حزب التجمع الوطني وحلفاؤه، في اليسار تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة»، وفي يمين الوسط معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون.

وفي الجمعية الوطنية الجديدة التي ستتشكل على أثر نتائج الانتخابات التشريعية، الأحد، لن يكون لليمين المتطرف وحلفائه أغلبية مطلقة (289 نائباً). إنما سيحصل على 170 إلى 210 مقاعد، حسبما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة. تتبعه «الجبهة الشعبية الجديدة»، مع 155 إلى 185 مقعداً، ثم معسكر ماكرون الذي يُرجح حصوله على ما بين 95 و125 مقعداً.

«حزب واحد»

ومنذ قرار ماكرون المفاجئ حل الجمعية الوطنية بعد فشل معسكره في الانتخابات الأوروبية في التاسع من يونيو (حزيران)، أكدت التطورات التي تعيد تشكيل المشهد السياسي الفرنسي صعود حزب التجمع الوطني الذي يأمل في الوصول إلى السلطة.

غير أن الخوف من قيام حكومة برئاسة اليمين المتطرف أفضى، بعد مفاوضات شاقة، إلى تشكيل «جبهة جمهورية» جديدة، مع انسحاب نحو 200 مرشح من اليمين ويمين الوسط واليسار لقطع الطريق أمام مرشحي التجمع الوطني في الجولة الثانية.

ونددت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن بتشكيل «حزب واحد» يجمع «الذين يريدون البقاء في السلطة بخلاف إرادة الشعب».

وحذَّر العضو اليساري في البرلمان الأوروبي، رفاييل غلوكسمان، وهو مؤيد للتكتل اليساري رغم معارضته لحزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي، من تراجع عزيمة الناخبين، مؤكداً أنه لا يمكن استبعاد إمكانية حصول اليمين المتطرف على غالبية مطلقة. وقال مساء أمس (الجمعة): «خلافاً لما يقال، ليس مضموناً أبداً حالياً» ألا يحصل اليمين المتطرف على غالبية مطلقة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يغادر حجرة التصويت قبل التصويت في الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة في لو توكيه باريس بلاج شمال فرنسا - الأحد 30 يونيو 2024. (أ.ب)

من جهته، حذَّر رئيس الوزراء غابريال أتال عبر قناة «فرانس 2»، مساء الجمعة، من أن «الخطر اليوم يتمثل في غالبية يُهيمن عليها اليمين المتطرف، وهذا سيكون مشروعاً كارثياً».

وفي حال اقتراب حزب التجمع الوطني من غالبية 289 نائباً في الجمعية العامة أو حصوله عليها، سيصبح بارديلا أصغر رئيس حكومة فرنسية سناً في التاريخ، وسيطبق مشروعاً مناهضاً للهجرة يروج له حزبه منذ عقود.

لكن في حال عدم انبثاق غالبية واضحة، ستهيمن حالة من الإرباك والبلبلة السياسية غير المسبوقة.

وتحدث أتال الجمعة عن احتمال حصول عرقلة سياسية، مؤكداً أن بإمكان حكومته ضمان استمرارية الدولة «للوقت اللازم»، إذا لم تنبثق غالبية واضحة عن صناديق الاقتراع، من خلال تصريف الأعمال بانتظار تشكيل حكومة جديدة.

خلط مستحيل

من هنا ظهرت فكرة تشكيل ائتلاف واسع يضم جزءاً من اليسار وكتلة الوسط واليمين الرافض لاتفاق مع حزب التجمع الوطني. لكن على أي برنامج يمكن أن يتفق هذا التحالف الذي يصفه خبراء سياسيون بأنه أشبه بالخلط المستحيل بين نقيضين.

وقال مصدر مقرب من الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعة: «يمكن للفرنسيين الأحد فرض ائتلاف جمهوريين في صناديق الاقتراع».

وقد تنتهي الانتخابات وتصدر النتائج من غير أن يُعرف مَن سيحكم فرنسا، وذلك قبل شهر من استضافة باريس للألعاب الأولمبية التي تجري بين 26 يوليو (تموز) و11 أغسطس (آب).

وجرت العادة في فرنسا أن تستقيل الحكومة بعد الانتخابات التشريعية. وأشار أتال إلى أنه سيعلن قراره مساء الأحد.

وشهدت نهاية الحملة الانتخابية هجمات وأعمال عنف ضد مرشحين أو ناشطين. وفي مواجهة تجاوزات محتملة مساء الأحد، سيتم تعبئة 30 ألف عنصر شرطة، من بينهم 5 آلاف في باريس.


مقالات ذات صلة

بدء محاكمة مارين لوبن بتهمة اختلاس أموال أوروبية

أوروبا مارين لوبن (رويترز)

بدء محاكمة مارين لوبن بتهمة اختلاس أموال أوروبية

بدأت محاكمة زعيمة حزب اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن إلى جانب 24 عضوا في حزب التجمع الوطني، بتهمة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي لتمويل رواتب موظفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا نمساويون يرفعون لافتة تقول «ليخرج النازيون من البرلمان» بعد تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بفيينا الأحد (إ.ب.أ)

صعود اليمين المتطرف في النمسا يدفع قضية الهجرة إلى صدارة المشهد

يشعر كثير من النمساويين بالقلق بشأن قدرة بلادهم على دمج المهاجرين، لا سيما المسلمين، وهو ما شكل أرضية لليمين المتطرف للفوز بالانتخابات

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا زعيم حزب الحرية هربرت كيكل بعد إدلائه بصوته في الانتخابات التشريعية (أ.ف.ب)

اليمين المتطرف يحقق فوزاً انتخابياً تاريخياً في النمسا

بعد 5 سنوات من هزيمته، عاد اليمين المتطرف بقوة في الانتخابات التشريعية بالنمسا الأحد.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا عناصر من الشركة الألمانية (رويترز)

اتهام رجل بصنع قنبلة في مدينة هاله الألمانية

أفاد ممثلو الادعاء في مدينة هاله الألمانية، اليوم الجمعة، بتوجيه اتهام لرجل بالتخطيط لشن هجوم يميني متطرف بقنبلة بدائية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم متظاهرون ضد حزب «البديل من أجل ألمانيا» في مدينة إيرفورت بولاية ثورينغيا الألمانية (رويترز)

صعود اليمين المتطرّف في العالم الغربي... مرحلة عابرة أم واقع «مقيم»؟

الخطر الأكبر في عالم السياسة الغربية هو أن هو أن الشباب لا يجذبهم الاعتدال، بل يُنصتون بتركيز إلى المتحدثين بصوت عالٍ و يزعمون امتلاك الحقيقة والحلول السحر.

أنطوان الحاج

القضاء الأوروبي: كل النساء الأفغانيات يحق لهن طلب وضع لاجئ في دول الاتحاد

امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)
امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)
TT

القضاء الأوروبي: كل النساء الأفغانيات يحق لهن طلب وضع لاجئ في دول الاتحاد

امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)
امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)

قضت محكمة العدل الأوروبية، الجمعة، بأن الجنسية والجنس «كافيان» لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي لمنح حق اللجوء للنساء الأفغانيات بسبب «الإجراءات التمييزية» التي فرضت عليهن في ظل حكم «طالبان».

وجاء في الحكم الصادر عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي: «يحق للسلطات المختصة في الدول الأعضاء اعتبار أنه من غير الضروري إثبات أن هناك خطراً من أن تتعرض مقدِّمة الطلب فعلياً لأعمال اضطهاد في حال عودتها إلى بلدها الأصلي».

وأضاف القرار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يكفي أن نأخذ في الاعتبار جنسيتها ونوعها الاجتماعي فقط». واستجابت المحكمة، التي يقع مقرها في لوكسمبورغ، لإحالة من المحكمة الإدارية النمساوية بعد رفض السلطات هناك الاعتراف بوضع اللاجئ لامرأتين أفغانيتين.

وذكرت المحكمة أنه في حال كان الأمر يتعلق بـ«الزواج القسري، الذي يشبه شكلاً من أشكال العبودية»، أو «الافتقار إلى الحماية ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف المنزلي»، فهذه «أعمال اضطهاد».

وعلى نطاق أوسع، فإن «الأثر التراكمي والتطبيق المتعمد والمنهجي» للتدابير التمييزية يؤدي إلى «الحرمان الصارخ من الحقوق الأساسية المرتبطة بالكرامة الإنسانية».

ومن بين دول الاتحاد، تمنح السويد وفنلندا والدنمارك بالفعل وضع اللاجئ للنساء الأفغانيات. بينما تبقى الدول الأعضاء ذات سيادة فيما يتعلق بمنح وضع اللجوء أو عدم القيام بذلك، إلا أن قرار المحكمة الأوروبية على الأرجح سيشكّل سابقة.

في فرنسا، قضت المحكمة الوطنية للجوء، في يوليو (تموز)، أن «جميع النساء الأفغانيات» بوصفهن «مجموعة اجتماعية» من المرجح الآن أن يحصلن على اللجوء.

منذ عودتها إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021، تضع الحركة قيوداً على النساء، بينما تندّد الأمم المتحدة بسياسات تكرّس التمييز و«الفصل القائم على النوع الاجتماعي».

وأغلقت سلطات الحركة الثانويات ثم الجامعات أمام النساء، وكذلك المتنزّهات وصالات الرياضة والحمامات.