ترقّب مصري لـ«تعهدات» الحكومة الجديدة بمواجهة الغلاء

خبراء عدّوها رسالة «طمأنة» للشارع

مصطفى مدبولي خلال اجتماع متابعة توافر السلع وضبط الأسواق (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال اجتماع متابعة توافر السلع وضبط الأسواق (مجلس الوزراء المصري)
TT

ترقّب مصري لـ«تعهدات» الحكومة الجديدة بمواجهة الغلاء

مصطفى مدبولي خلال اجتماع متابعة توافر السلع وضبط الأسواق (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال اجتماع متابعة توافر السلع وضبط الأسواق (مجلس الوزراء المصري)

تعهدت الحكومة الجديدة في مصر بـ«إجراءات عاجلة» لمواجهة الأزمات التي شكا منها المصريون خلال الفترة الأخيرة، وعلى رأسها «الغلاء».

وبينما صنف رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قضية التضخم والأسعار أولويةً للحكومة في الفترة المقبلة، عدّ برلمانيون وسياسيون الوعود الحكومية «محاولة لطمأنة الشارع». وطالبوا في نفس الوقت بـ«تحويل تلك الوعود لأفعال لمواجهة التحديات المختلفة».

وأدت الحكومة المصرية الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، وشملت 23 وزيراً جديداً، إلى جانب حركة محافظين، وسط ترقب في البلاد لـ«تعهدات» الوزراء الجدد بشأن الأسعار.

وناقش أول اجتماع للحكومة الجديدة، الخميس، أزمتَي انقطاع الكهرباء، ومتابعة جهود توافر السلع وضبط الأسواق. ودعا مدبولي إلى «وضع خطة عمل واضحة لضمان توافر السلع والمنتجات في الأسواق وضبط الأسعار».

وأكد مدبولي في مؤتمر صحافي وضع ملف «أزمة انقطاع الكهرباء وضبط الأسعار أولوية على أجندة الحكومة الجديدة». وقال إن «الحكومة مستمرة في تشجيع دور القطاع الخاص وخفض الاستثمارات الحكومية من إجمالي الاستثمارات العامة، والعمل على الحد من التضخم وضبط الأسعار وزيادة معدلات النمو»، كما أشار إلى أن «هناك تنسيقاً مع لجنة (الحوار الوطني)، لمناقشة الوضع الاقتصادي، ووضع تصور أكثر كفاءة لتوزيع الدعم».

وتعهد وزير التموين المصري، شريف فاروق، بـ«العمل على استقرار الأسعار من خلال توفير السلع وتكوين مخزون استراتيجي كبير من السلع والتأكد من جودة المقدم للمواطن على منظومة الدعم من خبز وسلع تموينية»، في حين وعد وزير المالية المصري، أحمد كجوك، بـ«تحقيق فائض أولي 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية».

مواطنون مصريون أمام أحد المنافذ الحكومية لشراء اللحوم بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي)

وأرهق غلاء الأسعار مختلف فئات المصريين على مدار الأشهر الماضية، وواجه اقتصاد البلاد الفترة الماضية صعوبات بشأن توفير النقد الأجنبي، أدت إلى تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار، وارتفاعات قياسية بالأسعار، مما دفع إلى سن إجراءات بشأن تحرير سعر الصرف (الجنيه) في مارس (آذار) الماضي (الدولار الأميركي يساوي 48 جنيهاً في البنوك المصرية).

ودعا عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» في مصر، عضو مجلس النواب (البرلمان)، النائب طلعت عبد القوي، الحكومة الجديدة لتنفيذ تعهداتها بوضع حلول للتحديات التي يعاني منها المواطنون. وطالب «الحكومة الجديدة باستكمال تنفيذ توصيات (الحوار الوطني) ضمن تعهداتها في الفترة المقبلة».

وأوضح عبد القوي لـ«الشرق الأوسط» أن «(الحوار الوطني) قدم تشخيصاً للمشكلات الموجودة في المجتمع على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي»، مشيراً إلى أن «المرحلة الحالية هي مرحلة العلاج، بتحويل التوصيات الصادرة عن حوار القوى الوطنية لسياسات وقرارات ومشروعات قوانين».

وقبل نحو عامين، دعا السيسي إلى «حوار وطني» يضم القوى السياسية كافة من التيارات كلها - باستثناء جماعة «الإخوان» التي تصنفها السلطات «إرهابية» - لمناقشة أولويات العمل في البلاد، وأقيمت جلسات المرحلة الأولى من الحوار في مايو (أيار) من العام الماضي، وانتهت برفع مجموعة من التوصيات في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع إلى الرئيس لتنفيذها.

واعتبر عبد القوي أن «هناك إرادة من الحكومة لتنفيذ توصيات (الحوار الوطني)، من خلال اللجنة التنسيقية المشتركة من الجانبين (الحكومة والحوار الوطني)»، مشيراً إلى أن «المرحلة الأولى من الحوار انتهت بتقديم 125 توصية عامة، ونحو 97 توصية في المجال الاقتصادي».

مصريون يترقبون «تعهدات» الوزراء الجُدد بشأن الأسعار (رويترز)

ورأى عضو مجلس النواب المصري، النائب أيمن محسب، أن «هناك جدية من الحكومة الجديدة في التعامل مع التحديات والمشكلات التي يعاني منها المواطن المصري»، وأشار إلى أنه «يلمس إرادة من قبل الوزراء الجدد لتخفيف الأعباء عن المصريين».

وربط محسب أيضاً بين التعهدات التي تصدر من قبل المسؤولين في الحكومة المصرية الجديدة، وتوصيات «الحوار الوطني». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الوعود التي يتحدث عنها رئيس الوزراء المصري، هي التي نادى بها (الحوار الوطني) في جلساته ونقاشاته المختلفة، وتتطابق مع التوصيات النهائية التي خرجت منه».

وفي المقابل، قلّل رئيس حزب «الشعب الديمقراطي»، خالد فؤاد، من أهمية إفادات الحكومة الجديدة، معتبراً أن «المهم الأفعال والعمل في مواجهة التحديات التي يعاني منها الناس، بدلاً من التصريح بوعود وتعهدات».

وعدّ فؤاد تعهدات الحكومة الجديدة «محاولة لطمأنة المصريين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سوف نعطي فرصة لمدة شهر لمتابعة أداء الوزراء الجُدد، وآليات التعامل مع التحديات المختلفة، وإن كانت بطرق تقليدية كما هو معتاد، أم هناك حلول مبتكرة تؤتي ثماراً حقيقية»، لافتاً إلى أن «هناك ترقباً من المصريين لمتابعة التعهدات الحكومية الأخيرة».

واعتبر فؤاد أن انقطاع الكهرباء وغلاء الأسعار «اختباران أولان للحكومة الجديدة، ويُنتظر منها تقديم حلول مستدامة في الملفين».


مقالات ذات صلة

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

شمال افريقيا وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

أرّق «غلاء البيض» أسراً مصرية مجدداً، وسط «اتهامات للتجار برفع الأسعار»، وتحركات حكومية بالتدخل لحل الأزمة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)

«التقييم الأسبوعي للطلاب»... هل يحدّ من الغياب بالمدارس المصرية؟

تأكيدات من وزارة التربية والتعليم المصرية بـ«استمرار تطبيق نظام التقييم والواجبات الأسبوعية» على الطلاب في المدارس.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الطيران المدني المصري سامح الحفني خلال لقاء عضو مجلس الوزراء السعودي عصام بن سعد بن سعيد (مجلس الوزراء المصري)

السعودية ومصر تعززان التعاون في مجال الطيران المدني

رحّب وزير الطيران المدني المصري بوزير الدولة السعودي والوفد المرافق له، وأشاد بقوة وعمق العلاقات الثنائية الممتدة بين مصر والمملكة العربية السعودية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرّم خريجي الكليات العسكرية (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع عرض طلاب الكليات العسكرية خلال ذكرى «حرب أكتوبر»

شهد الحفل العسكري عروضاً أبهرت متفاعلين بمنصات التواصل، ومنها «ظهور مجموعة من طائرات الهليكوبتر طراز (الجازيل) تحمل علم مصر».

محمد الريس (القاهرة)

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
TT

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور، في عملية وصفها مراقبون بأنها «أكبر المجازر» ضد المدنيين، ارتكبها الطيران المقاتل التابع الجيش السوداني منذ بدء الحرب. وفي غضون ذلك لقي العشرات مصرعهم في غارات جوية أخرى استهدفت مناطق مليط وود أبو صالح شمال ولاية شمال دارفور، وأم ضوا بان بالخرطوم، وسط مطالبات بفرض حظر على الطيران العسكري التابع للجيش السوداني.

وقال شهود تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» هاتفياً من مليط، إن الطيران الحربي، التابع للجيش السوداني، استهدف سوق منطقة الكومة صبيحة الجمعة، وألقى عدداً من «البراميل المتفجرة»؛ مما أدى إلى إحراق السوق بشكل واسع، وقُتل جرّاء الغارة الجوية أكثر من 60 شخصاً، وجُرح أكثر من 250 مدنياً، جراح بعضهم خطيرة؛ إذ كانوا يرتادون «سوق الجمعة»، في حين ينتظر أن يتزايد عدد القتلى تباعاً بين الجرحى، بسبب عدم وجود الرعاية الصحية والطبية.

ووصف شهود ما حدث في منطقة الكومة بأنها «مجزرة» غير معهودة، استهدفت عن قصد المدنيين المقيمين هناك، بسبب عدم وجود أي مشاهد أو تمركزات لـ«قوات الدعم السريع» في السوق المكتظة بالمدنيين، وقالوا إن السوق «كانت تشهد نشاطاً طبيعياً عندما استهدفها القصف الجوي فجأة ودون سابق إنذار؛ مما أسفر عن دمار واسع فيها، في حين تناثرت جثث القتلى في أرجائها».

وفي مدينة مليط، قال شهود عيان إن الطيران الحربي استهدف، الجمعة، أيضاً «حفل عرس»؛ ما أدى إلى مقتل نحو 13 شخصاً وجُرح آخرون، في عملية وُصفت هي الأخرى بأنها استهداف للمدنيين، حيث لا توجد عناصر لـ«قوات الدعم السريع» في المكان.

ويؤكد قادة الجيش دائماً أن العمليات الحربية الجوية تستهدف «قوات الدعم السريع»، لكن النشطاء وشهود عيان ينفون وجود هذه القوات، في حين تتصاعد دعوات بين مؤيدي الجيش وأنصاره من الإسلاميين وكتائبهم إلى استهداف ما يسمونه «الحواضن الاجتماعية» لـ«قوات الدعم السريع»؛ انتقاماً من انتهاكاته بوسط وشمال البلاد.

ونشر نشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي قوائم بأسماء الضحايا، من النساء والأطفال وكبار السن، الذين كانوا يمارسون التسوق أو يعرضون سلعهم للبيع في السوق الأسبوعية، وبينهم زوجة وابنة شقيق عضو «مجلس السيادة الانتقالي» ومساعد قائد الجيش إبراهيم جابر.

ووجّهت قوى سياسية وحركات مسلحة وتنظيمات حقوقية انتقادات حادة لتصعيد العمليات الجوية للجيش السوداني في إقليم دارفور خصوصاً، وطالبت بفرض حظر للطيران الحربي في الإقليم. وقالت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) في بيان، السبت، إن سوق مدينة الكومة شهدت انتهاكاً مريعاً بحق المدنيين، جرّاء قصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني؛ مما أدى إلى إزهاق أرواح عشرات القتلى ومئات الجرحى من الذين تصادف وجودهم في أثناء الغارة الجوية.

كما نددت «تقدم» بغارات جوية استهدفت مناطق أم ضو بان بالخرطوم، وود أبو صالح ومليط بولاية شمال دارفور، نتج عنها مقتل العشرات من المدنيين وجرح المئات.

وأبدت «تقدم» أسفها لما أطلقت عليه «استمرار الانتهاكات على المدنيين، وتكرارها بشكل ممنهج في مختلف أنحاء السودان»، ودعت إلى التذكير بـ«إعلان جدة الإنساني» الذي شدد على التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين والأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم يُتوقع أن يسبب أضراراً مدنية عرضية مفرطة، مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة. ودعت طرفي القتال إلى حقن دماء السودانيين والانخراط فوراً في مفاوضات لوقف الحرب.

من جهتها، وصفت القوى المدنية الدارفورية الغارة الجوية بأنها «واحدة من أبشع جرائم الحرب»، وقالت إن الطيران الحربي قصف مدينتي الكومة ومليط بوابل من الصواريخ والبراميل المتفجرة، والأسلحة المحرمة دولياً، مستهدفاً مناطق «مأهولة جداً بالسكان المدنيين»؛ مما خلّف عشرات القتلى والجرحى، إلى جانب قصف تجمع مدني في «سرادق عزاء» بمدينة مليط، راح ضحيته أكثر من 100 قتيل.

وناشد التجمع المدني المنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل السريع والحاسم؛ لوضع حد لما سمّاه «جرائم جماعات الهوس الديني وطيران جيش الفلول، الذي بات سجله متخماً بالمذابح في حق مدنيين أبرياء وعلى حين غرة»، مندداً بصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة حيال الجرائم التي يرتكبونها، ومطالباً الأسرة الدولية بفرض حظر على الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، «الذي ظلّ يحصد أرواح المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء»، وفقاً للبيان.