مصر تدعو إلى حل «دون إملاءات خارجية» بالسودان

«تقدم» للمشاركة في مؤتمر للقوى السودانية بالقاهرة الأسبوع المقبل

شكري وأبو الغيط وفقي يشهدون فعاليات النسخة الرابعة من «منتدى أسوان للسلام» (الخارجية المصرية)
شكري وأبو الغيط وفقي يشهدون فعاليات النسخة الرابعة من «منتدى أسوان للسلام» (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى حل «دون إملاءات خارجية» بالسودان

شكري وأبو الغيط وفقي يشهدون فعاليات النسخة الرابعة من «منتدى أسوان للسلام» (الخارجية المصرية)
شكري وأبو الغيط وفقي يشهدون فعاليات النسخة الرابعة من «منتدى أسوان للسلام» (الخارجية المصرية)

دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، (الثلاثاء)، إلى «حل سياسي حقيقي» للأزمة في السودان، يستند إلى «رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم»، مع ضرورة «تجنب أي إملاءات أو ضغوط من أي أطراف خارجية».

وأودت الحرب، التي يشهدها السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي)، بحياة الآلاف، ودفعت ملايين للنزوح داخلياً وإلى دول الجوار، وتسببت بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وفي كلمته، خلال افتتاح فعاليات النسخة الرابعة من «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين»، الذى تُقيمه القاهرة على مدار يومين، قال شكري إن بلاده «مستمرة في مساعيها من أجل وقف الحرب في السودان».

وأكد أن أي حل سياسي حقيقي في السودان لا بد أن «يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم دون إملاءات أو ضغوط من أي أطراف خارجية، وبالتشاور مع أطروحات المؤسسات الدولية والإقليمية الفاعلة».

كما شدد الوزير المصري على «أهمية معالجة الأزمة من جذورها عبر التوصل إلى حل سياسي شامل حفاظاً على مصالح الشعب السوداني ومقدراته، وعلى أمن واستقرار المنطقة كلها».

شكري يلقي كلمته خلال «منتدى أسوان للسلام» (الخارجية المصرية)

وفي مايو (أيار) الماضي، دعت وزارة الخارجية المصرية القوى السياسية والمدنية السودانية لمؤتمر موسع في القاهرة، بهدف «الوصول إلى توافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني»، بحضور «الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين». ورجّحت مصادر مصرية وسودانية عقد المؤتمر في يوليو (تموز) الحالي، «من أجل جذب أكبر عدد من المشاركين».

ورغم أن مصر لم تعلن رسمياً موعداً محدداً لعقد المؤتمر؛ فإن «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)» السودانية، التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق، عبد الله حمدوك، أعلنت مساء الاثنين، ترحيبها بدعوة مصر لعقد مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية يومي الأحد والاثنين المقبلين بالقاهرة.

وأفادت «تقدم» بأن الدعوة تأتي لمناقشة موضوعات «وقف الحرب، ومعالجة الأزمة الإنسانية، وسبل التهيئة للمسار السلمي لحل الأزمة».

من جهة أخرى استعرض وزير الخارجية المصري في مداخلته عدداً من الأزمات التي تشهدها القارة الأفريقية، داعياً إلى تضافر الجهود الإقليمية والدولية لدعم تعزيز الأمن والاستقرار في القارة، مؤكداً أن مصر ترى أهمية تطبيق مبدأ «الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية، بعيداً عن التدخلات الخارجية التي تسهم في تعقيد الأوضاع في بعض الدول الأفريقية».

ويُعقد «منتدى أسوان»، بمشاركة موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وعدد من الوزراء الأفارقة، ووفود رفيعة المستوى من مسؤولي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، فضلاً عن ممثلي منظمات إقليمية ودولية معنية بقضايا السلم والأمن.

ونوه شكري، في كلمته، إلى ما تشهده النسخة الرابعة للمنتدى من إطلاق مبادرات «تعزز من الملكية الأفريقية لجهود السلم والأمن»، ومنها «تدشين شبكة أفريقية جديدة لمنع التطرف المؤدي إلى الإرهاب»؛ تجمع المراكز العاملة في هذا المجال بهدف تعزيز التعاون فيما بينها.

كما أعلن الوزير المصري جائزة «منتدى أسوان» لإعادة الإعمار والتنمية، التي سيتم تقديمها لأول مرة لأحد النماذج الأفريقية الواعدة؛ تثميناً لجهوده في بناء السلام في القارة الأفريقية.


مقالات ذات صلة

«مؤتمر القاهرة» للقوى السودانية يطرح رؤى لإنهاء الحرب

شمال افريقيا حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)

«مؤتمر القاهرة» للقوى السودانية يطرح رؤى لإنهاء الحرب

استضافت العاصمة المصرية القاهرة، السبت، فعاليات مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» تحت شعار «معاً لوقف الحرب».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)

«قوى سودانية» تجتمع في القاهرة بحثاً عن «توافق» لوقف الحرب

دعت مصر إلى مؤتمر يجمع القوى السياسية السودانية بهدف «الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا 
سودانيون فرّوا من ولاية سنار بعد وصولهم إلى مدينة القضارف (أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتقدم قرب حدود جنوب السودان

بينما تتصاعد المواجهات بين طرفي النزاع العسكري في السودان في عدد من المناطق الاستراتيجية، أعلنت «قوات الدعم السريع» أمس (الخميس) الاستيلاء على مدينة الميرم.

أحمد يونس (كمبالا) وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا مرفأ بورتسودان على البحر الأحمر (سونا)

مدير الموانئ السودانية: لم نستقبل بوارج أميركية في بورتسودان

أكد مسؤول سوداني حكومي رفيع أن ميناء بورتسودان الرئيسي في البلاد لم يستقبل أي بوارج أميركية حربية.

وجدان طلحة (بورتسودان)
العالم العربي نزوح نحو 10 ملايين شخص داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك في السودان (أ.ف.ب)

قوات «الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة حدودية بين السودان وجنوب السودان

أعلنت قوات «الدعم السريع» التي تحارب الجيش في السودان منذ أكثر من عام عن سيطرتها على منطقة الميرم الحدودية مع جنوب السودان التي تضم أحد اللواءات التابعة للجيش.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

بينما خصصت الأمم المتحدة، حديثاً، نحو 5.4 مليون دولار لمعالجة سوء التغذية في 5 محافظات يمنية تقع مُعظمها تحت سيطرة الحوثيين، كشفت مصادر صحية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في عدة مناطق واقعة تحت سيطرة الانقلابيين.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن القطاع الصحي سجل بغضون شهرين آلاف الإصابات الجديدة بسوء التغذية الحاد والوخيم في نحو 7 محافظات، أغلبها تحت السيطرة الحوثية، وهي محافظات صنعاء والحديدة وحجة وإب وريمة وعمران وتعز.

ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)

وعبَّرت المصادر ذاتها عن قلقها إزاء الارتفاع المستمر في معدلات سوء التغذية بين الأمهات والأطفال، مرجعةً ذلك إلى استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي الحادّ الذي تكابده مئات الآلاف من الأسر التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء، وانعداماً لأغلب الخدمات، بما فيها الصحية، وتوقف الرواتب واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة.

جاء هذا متزامناً مع تأكيد مشروع كويتي إغاثي أن ما يزيد على 8 ملايين طفل وامرأة حامل ومرضع، في نحو 13 محافظة يمنية، تم تسجيلهم مع بداية العام الحالي على أنهم مصابون بسوء التغذية وبحاجة إلى تدخلات غذائية وعلاجية عاجلة منقذة للحياة، والإشارة إلى أن هناك نحو 99 في المائة من الأسر اليمنية لا تتحمل تكلفة علاج أطفالهم من سوء التغذية.

عجز عن العلاج

يتحدث عصام محمد، أحد السكان في ريف صنعاء، عن إصابة اثنين من أولاده: مرام (8 أشهر)، وإياد (3 سنوات) بسوء التغذية الحاد، حيث يعجز حتى اللحظة عن تقديم العلاج لهما.

وقال عصام، وهو عامل بالأجر اليومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن ابنته (مرام) تعاني من سوء التغذية منذ ولادتها، كما كانت تعاني زوجته أيضاً من المشكلة ذاتها أثناء فترة الحمل، إلى جانب مواجهتها صعوبة كبيرة أثناء الولادة، وذلك يعود (وفق قوله) إلى نقص حاد في الغذاء حُرِمت منه زوجته وأطفالها بالفترات السابقة، بسبب عدم تحصله على عمل يؤمِّن لهم لقمة العيش.

يمنية تحمل طفلة تعاني سوء تغذية تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في صنعاء (إ.ب.أ)

وأكد عصام أنه وعائلته المكونة من 6 أفراد لا يزالون منذ عدة أشهر يتناولون وجبات طعام خفيفة ومتواضعة، منها «الخبز والشاي» أو «الخبز والزبادي» بعيداً عن تناول أي نوع من اللحوم، مُرجِعاً سبب هذا التدهور الغذائي الذي أصاب أفراد عائلته إلى عجزه عن إيجاد فرصة عمل لتأمين الغذاء الكافي لهم.

ويُعدّ سوء التغذية في اليمن من ضمن الأسباب الأولى المؤدية إلى وفاة الأمهات، والأطفال دون سن الخامسة، كما أن هذه المشكلة الصحية قد استفحلت كثيراً بسبب استمرار تدهور النظام الصحي وتوقف المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، بحسب ما تؤكده التقارير الدولية.

ويفيد أحد العاملين الإغاثيين في صنعاء بأن عدداً كبيراً من الأطفال والنساء بمختلف المناطق تحت سيطرة الانقلابيين لا يزالون جراء الحرب المستمرة والممارسات الجائرة للجماعة محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، والخدمات العلاجية، الأمر الذي ساعد بدرجة كبيرة في ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية الحاد والوخيم بين أوساطهم.

ويحذر العامل الإغاثي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن حياة الآلاف من الأطفال والنساء في اليمن باتت على المحك، لافتاً إلى أن الأغلبية منهم يعانون من مخاطر الإصابة بسوء التغذية، وهم بحاجة إلى تدخلات طارئة من قبيل ضمان الوصول إليهم وغيرهم، وتوفير الخدمات العلاجية ومختلف المساعدات، بما فيها الغذائية، لهم.

النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

ودفعت النساء والأطفال (وهم الأكثر ضعفاً) في اليمن طيلة الأعوام الماضية التي أعقبت الانقلاب والحرب الحوثية، أثماناً باهظة جراء شدة الفاقة والحرمان المستمر من أبسط الحقوق والاحتياجات الضرورية، مع تعرض كثير منهم للإصابة بأوبئة وأمراض مختلفة، وتعرضهم بصورة يومية لسلسلة انتهاكات وتعسفات حوثية.

انعدام الغذاء

أدى التدهور المستمر للأمن الغذائي لملايين اليمنيين إلى إعلان الأمم المتحدة عن تخصيص أكثر من خمسة ملايين دولار، لمعالجة تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المديريات والمناطق الأكثر تضرراً في اليمن.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) إنه تم إطلاق التخصيص الاحتياطي الأول للصندوق الإنساني لليمن بمبلغ 5.4 مليون دولار بهدف معالجة الارتفاع المتوقع في سوء التغذية نتيجة توقف توزيع المساعدات الغذائية على الأسر الضعيفة في 5 محافظات.

أسعار المواد الغذائية أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأسر الضعيفة في اليمن (الأمم المتحدة)

ويستهدف التخصيص توفير المساعدات الغذائية العاجلة والمنقذة للحياة لما مجموعه 267 ألف شخص في 34 مديرية تابعة لمحافظات الحديدة وحجة وريمة والضالع وتعز، حيث تُعدّ من المناطق ذات الأولوية التي تُظهِر أعلى تقارب في الاحتياجات بناءً على المؤشرات متعددة القطاعات.

وسيدعم هذا التخصيص توزيع إمدادات التغذية بقيمة 20 مليون دولار، المتوفرة بالفعل لدى «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» و«برنامج الغذاء العالمي»، كما يأتي مكملاً لمنحة الاستجابة السريعة للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ البالغة 7 ملايين دولار، التي تم إطلاقها في مارس (آذار) الماضي، لكي يبدأ البرنامج عملية توزيع المساعدات الغذائية العامة، قبل موسم العجاف.

وطبقاً لبيانات المكتب الأممي، تُعد محافظة حجة اليمنية في مقدمة المحافظات المستهدفة حيث خصص لها 2.1 مليون دولار، تليها الحديدة بمليونَي دولار، ثم الضالع (503.2 ألف دولار)، وريمة (452.8 ألف دولار)، وتعز (374.3 ألف دولار). أما بالنسبة للمستفيدين فإن غالبيتهم من الأطفال وبعدد 129 ألف طفل من الجنسين، تليهم النساء بـ103.7 ألف، ثم الرجال 34.2 ألف.