هدوء حذر في العاصمة الليبية بعد اشتباكات بالأسلحة الثقيلة

«الوحدة» تُقيّد تحركات قواتها في معبر «رأس جدير» الحدودي

النمروش متفقداً معبر رأس جدير الحدودي مع تونس (رئاسة أركان قوات الوحدة)
النمروش متفقداً معبر رأس جدير الحدودي مع تونس (رئاسة أركان قوات الوحدة)
TT

هدوء حذر في العاصمة الليبية بعد اشتباكات بالأسلحة الثقيلة

النمروش متفقداً معبر رأس جدير الحدودي مع تونس (رئاسة أركان قوات الوحدة)
النمروش متفقداً معبر رأس جدير الحدودي مع تونس (رئاسة أركان قوات الوحدة)

عاد الهدوء الحذر، السبت، إلى شوارع العاصمة الليبية طرابلس، بعد اشتباكات قصيرة دامت بضع ساعات، مساء الجمعة، بالأسلحة الثقيلة بين ميليشيات محسوبة على حكومة الوحدة المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تزامناً مع الإعلان عن تقييد التحركات العسكرية لقوات الحكومة، بالقرب من معبر رأس جدير البري، على الحدود المشتركة مع تونس.

وتحدث شهود عيان عن عودة الهدوء لطريق السواني جنوب العاصمة طرابلس، بعد انسحاب التشكيلات المسلحة المتصارعة، وتدخل اللواء 111 وجهاز دعم المديريات التابعة لحكومة الوحدة، وتمركزهما في المنطقة.

ورصدت وسائل إعلام محلية اندلاع مواجهات مفاجئة مساء الجمعة، بين مجموعات مسلحة من مدينتي الزاوية والزنتان، في شارع ولي العهد بطرابلس، بينما التزمت الحكومة وأجهزتها الأمنية الصمت، حيال هذه الاشتباكات، التي لم تصدر أي تقارير رسمية بشأن حجم خسائرها البشرية والمادية، وتعد الأحدث من نوعها هذا العام في المدينة.

ولم تعرف أسباب الاشتباكات التي اندلعت بين عناصر من وزارتي الداخلية والدفاع، لكن تقارير محلية أفادت بأنها بسبب خلاف فردي بين هذه القوات، التي عادة ما تتصارع باستمرار على مناطق النفوذ والسيطرة في المدينة، منذ سقوط نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.

وجاءت هذه الاشتباكات بعد ساعات فقط من إعلان السفارة الأميركية عن دعم الولايات المتحدة بشكل كامل، للحلول التي يقودها الليبيون لتوحيد الجيش الليبي وضمان السيادة الليبية.

وجددت السفارة، بمناسبة اجتماع قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا الجنرال لانغلي، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال براون، مع محمد الحداد رئيس أركان الوحدة، وعبد الرازق الناظوري رئيس أركان قوات الجيش الوطني، المتمركز في شرق البلاد، خلال مشاركتهما في مؤتمر رؤساء الدفاع الأفارقة 2024، في وتسوانا، التزامها بتعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وليبيا، بالتعاون مع ضباط عسكريين ليبيين محترفين في جميع المناطق، لبناء ما سمّته «ليبيا مستقرة وموحدة للشعب الليبي».

إلى ذلك، أبلغ مصدر مسؤول في مجلس زوارة البلدي، «الشرق الأوسط»، باحتمال إعادة افتتاح معبر رأس جدير البري، على الحدود المشتركة مع تونس، خلال اليومين المقبلين، بينما روجت وسائل إعلام محلية لاتفاق كل الأطراف، خلال اجتماع مفاجئ عقد اليوم (السبت) في زوارة، على فتح المعبر، صباح الأحد.

ونفى المصدر وجود أي شروط لإعادة فتح المعبر، لكنه كشف في المقابل، عما وصفه بأمور خدمية، تم طرحها خلال الاجتماع الأخير، الذي عقده مجلس البلدية مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة.

وكشف المصدر الذي رفض تعريفه، عن مفاوضات ومساعٍ محلية لحل الأزمة، لكنه امتنع عن الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.

وأضاف: «الاجتماعات لم تنتهِ، والأمور لم تتضح بعد، وليس معروفاً متى يعاد فتح المعبر، ربما سيتم الافتتاح هذا الأسبوع»، لافتاً إلى أن «افتتاح المعابر من اختصاص رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية التابعة لها».

وكان صلاح النمروش، معاون رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الوحدة، قد أعلن أنه أشرف على تمركز الكتائب المكلفة منها في مداخل ومخارج منطقة أبو كماش، التي تبعد نحو 15 كيلومتراً فقط عن المعبر، كما أمر مساء الجمعة، بمنع عبور أي آليات مسلحة غير مكلفة في اتجاه المنفذ، وضرب كل من يخالف ذلك بيد من حديد.

ويعد معبر رأس جدير الشريان البري الرئيسي الرابط بين ليبيا وتونس، ويقع في أقصى الغرب الليبي بالقرب من مدينة زوارة، على بعد نحو 170 كيلومتراً من العاصمة طرابلس.

النمروش متفقداً معبر رأس جدير الحدودي مع تونس (رئاسة أركان قوات الوحدة)

وفى الإطار نفسه، أعلنت حكومة الوحدة عن اتفاق وزيرها للعمل علي العابد، مع وزير العمل والتكوين المهني التونسي لطفي ذياب، على الإسراع في تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، والخاصة بتوفير فرص عمل للشباب وتبادل الخبرات، بالإضافة إلى تحقيق الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال تنظيم إجراءات استخدام القوى العاملة وضمان حقوقها بالشكل الذي يعود بالمنفعة الإيجابية على البلدين الجارين.

ونفت حكومة الوحدة، في بيان مقتضب السبت، اعتزامها رعاية ما يسمى ملتقى صالونات ومراكز التجميل.

وكان الدبيبة قد اطلع مساء الجمعة، على مبادرة لتشجيع عمليات الدفع الإلكتروني لإنهاء المعاملات الرسمية في مؤسسات الدولة والمصارف، كما بحث الدبيبة هاتفياً مع نظيره المالطي روبرت أبيلا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الأهمية المشتركة بين البلدين، مشيراً إلى أنه تم التأكيد خلال المكالمة على الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى الاهتمام المشترك في مجالات الاقتصاد والاستثمار والطاقات المتجددة، والتعامل مع ملف الهجرة.

من جهة أخرى، أعلنت السفارة الأميركية، ونيكولا أورلاندو سفير الاتحاد الأوروبي، عن مبادرة من الاتحاد الأوروبي لعقد اجتماع بطرابلس لرؤساء مجموعة العمل الاقتصادية التابعة لعملية برلين.

وأدرجت السفارة ونيكولا، في بيانين منفصلين، عبر منصة «إكس»، الاجتماع ضمن «الجهود الرامية إلى دعم الأطراف الليبية، لمواجهة التحديات المالية والاقتصادية وتعزيز الاستقرار والفرص الاقتصادية لصالح الشعب الليبي».

المنفي متلقياً أوراق اعتماد سفراء جدد في طرابلس (المجلس الرئاسى)

بدوره، نقل رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، عن السفراء الجدد لإيران واليابان وصربيا وإسبانيا وتركيا والصومال، خلال تلقيه أوراق اعتمادهم في طرابلس، إعرابهم عن أهمية توطيد العلاقات الثنائية، وإشادتهم بجهوده ومساعيه لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في ليبيا.



أول تغيير في «الخارجية» خلال عهد السيسي... هل تتبدل السياسات؟

بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
TT

أول تغيير في «الخارجية» خلال عهد السيسي... هل تتبدل السياسات؟

بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)

شهدت حقيبة وزارة الخارجية المصرية أول تغيير في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع تولي السفير بدر عبد العاطي قيادتها، خلفاً لسامح شكري، الذي أمضى 10 أعوام على رأس الوزارة.

وهذا ما أثار تساؤلات بشأن أسباب التغيير، وتأثير ذلك في مسار الدبلوماسية المصرية والسياسات الخارجية. وبينما عد سياسيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» التغيير «أمراً طبيعياً»، أكدوا أنه «لن يؤثر في مسار الدبلوماسية المصرية».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق علي الحفني، لـ«الشرق الأوسط»، إن عبد العاطي «ابن وزارة الخارجية ويعرف ملفاتها جيداً وسياسة الدبلوماسية المصرية العريقة»، واصفاً إياه بأنه «أحد مهندسي الشراكة المصرية - الأوروبية». وقال إن «اختياره يعزز صعود تلك الشراكة مستقبلاً». وأضاف الحفني أن استمرار شكري في «الخارجية» عشر سنوات «أمر طبيعي مرتبط بحقيبة الخارجية، التي تشهد تغييرات على فترات طويلة. فالدولة قد تحتاج أحياناً للاستفادة من مزايا وشبكات العلاقات التي كونها الوزير مع نظرائه في دول أخرى، وبالتالي يستمر فترة أطول».

وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) النائب مجدي عاشور، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الخارجية من الوزارات التي تشهد تغييرات محدودة في أسماء من يتولى حقيبتها، وربما التغيير يحمل دعماً لمسار العلاقات المصرية - الأوروبية التي يتميز عبد العاطي بنجاحاته في إدارتها».

ملف عبد العاطي

ويبدو أن هذا الملف يحظى فعلاً باهتمام عبد العاطي، حيث أكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الجديد، الأربعاء، «الأهمية الخاصة لشراكة مصر والاتحاد الأوروبي»، لافتاً إلى أنها تأتي «نتيجة استقرار مصر وتماسكها ودورها الريادي الإقليمي والدولي».

ودلل الوزير المصري على ذلك بانعقاد مؤتمر الاستثمار الأول من نوعه بين مصر والاتحاد الأوروبي، قبل أيام، وما سبقه من توقيع على الإعلان المشترك لتدشين شراكة استراتيجية وشاملة بينهما، قبل أشهر.

صورة التُقطت لبعض إنشاءات «سد النهضة» في سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

وعمل عبد العاطي سفيراً لمصر في ألمانيا من 2015 حتى 2019. ووقع أول اتفاقية مصرية - ألمانية بشأن مكافحة «الهجرة غير المشروعة»، ونال تكريماً ألمانياً رفيعاً في2020 عبر «وسام صليب الاستحقاق». كما شغل عبد العاطي، منصب سفير مصر لدى مملكة بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ والاتحاد الأوروبي من مارس (آذار) 2022، ومنصب مندوب مصر الدائم لدى حلف الناتو، ونائب مساعد وزير الخارجية للاتحاد الأوروبي وغرب أوروبا، فيما وصفته صحيفة «الأهرام» المصرية الرسمية، الأربعاء، بأنه «مهندس العلاقات المصرية - الأوروبية».

وكان عبد العاطي، مسؤولاً داخل وزارة الخارجية عن ملف الشؤون الأفريقية، ومديراً لشؤون فلسطين، ومتحدثاً باسم الوزارة بين 2013 و2015، وترأس الوفد المصري في اجتماع دول جوار ليبيا في 2014.

وقال عبد العاطي في تصريحات صحافية أدلى بها عقب إدلائه بالقسم، إن منطقة الشرق الأوسط «تموج بالصراعات والأزمات من جميع الاتجاهات، وإن الاتحاد الأوروبي والشركاء الغربيين لم يجدوا دولة يعتمدون عليها في حفظ الأمن والاستقرار مثل مصر».

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

ويعتقد الوزير المصري أن ذلك «هو الوضع أيضاً بالنسبة لباقي دول العالم التي تحرص على أن يكون دور القاهرة مهماً ونشيطاً حتى لا يحدث في المنطقة أزمات أكثر مما هو قائم بالفعل»، مشدداً على أن مصر كانت وستكون «ركيزة الاستقرار في هذه المنطقة».

لا تغيير

إلا أن حنفي يرى أن «مسار الدبلوماسية المصرية لن يشهد تغييراً مع عبد العاطي»، موضحاً أن «مصر لديها سياسة خارجية عريقة وثوابت لا تتغير بتغيير الأشخاص». وتعهد عبد العاطي في بيان للخارجية المصرية «باستكمال مسيرة من سبقوه في تولي هذه المسؤولية في الدفاع عن المصالح المصرية وأمن مصر القومي، والاهتداء بالخطى والتوجيهات التي رسمها الرئيس المصري للحكومة الجديدة».

ويعتقد الحفني أن أبرز الملفات التي ستكون على طاولة الوزير الجديد «هي الملفات السابقة نفسها للوزير شكري، وفي مقدمتها ملف غزة والمفاوضات لوقف الحرب المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي». لكن الحفني يشير أيضاً إلى أنه «سيكون هناك اهتمام أكبر بملف العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الملفات المستمرة كـ(سد النهضة) والصراعات في السودان وليبيا واليمن وسوريا».