في جلسة صاخبة شهدت صداماً بين وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ورئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، على تحويل خمس بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية إلى مستوطنات ثابتة، والدفع بمخططات لبناء 6 آلاف وحدة استيطانية جديدة في جميع أنحاء الضفة، بالإضافة إلى سلسلة من الإجراءات «العقابية» التي تستهدف السلطة الفلسطينية وقادتها.
ورأى محللون هذه القرارات رضوخاً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإرادة سموتريتش، وهو صاحب «خطة الحسم» المشهورة التي نُشرت في سنة 2017، وترمي إلى تحطيم السلطة الفلسطينية وتصفية الحركة الوطنية الفلسطينية، ووضع خيار من اثنين أمام الفلسطينيين: إما البقاء في الوطن رعايا بلا حقوق موالين لإسرائيل، وإما الرحيل.
وكان نتنياهو قد أبدى اعتراضاً على فكرة تحطيم السلطة الفلسطينية، وقال إنها تقوم بعمل مهم، وفي بعض الأحيان تريح إسرائيل. لكن سموتريتش أوضح له أن السلطة تقوم بحراك دبلوماسي خطير يمس بإسرائيل في المؤسسات الدولية، ولا بد من معاقبتها على ذلك.
وطرح سموتريتش سلسلة عقوبات بينها اعتقال عدد من قادة أجهزة السلطة، وإبعاد بعضهم إلى الخارج، أو تقييد تحركاتهم وإلغاء التصاريح والمزايا المختلفة لبعض المسؤولين الفلسطينيين، ومنعهم من مغادرة البلاد. وفوق كل هذا، ترك نتنياهو لسموتريتش أن ينفذ خطته لتحطيم السلطة الفلسطينية مالياً، بواسطة حجب مزيد من أموال الضرائب والجمارك. وبعدما رضخ نتنياهو لمطالب وزير المال، نشر الأخير بياناً بشّر فيه المستوطنين وغيرهم من نشطاء اليمين، بأنه نجح في تمرير قرارات تاريخية لمنع مشروع إقامة دولة فلسطينية.
في المقابل، امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن نشر أي شيء في هذا الموضوع، علماً بأن الإدارة الأميركية كانت قد حذّرت من مغبة المساس بالسلطة الفلسطينية.
وكشفت «القناة الـ12» للتلفزيون الإسرائيلي عن أن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، ورئيس أركان الجيش هليفي، وغيرهما من ممثلي قوى الأمن، عارضوا هذه الخطوات. وخلال جلسة الكابينت، حذّر رئيس الأركان من تبعاتها، فهاجمه سموتريتش قائلاً: «أنتم كنتم نياماً في 6 أكتوبر (تشرين الأول)»، في إشارة إلى الليلة التي سبقت هجوم حركة «حماس» على مناطق غلاف غزة.
وفي أعقاب الجدل المشحون، طلب نتنياهو فترة استراحة، حاول خلالها التحدث إلى سموتريتش بحضور وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر؛ في محاولة لتوضيح الضرر الذي قد يحدثه هذا الإجراء في العلاقات مع واشنطن، التي من المتوقع أن تعارض ذلك «بشدة».
والبؤر الاستيطانية الخمس التي أعلن سموتريتش أن الكابينت صادق على جعلها قانونية تقع في مواقع استراتيجية في الضفة الغربية، وهي «أفيتار» القائمة في منطقة نابلس، و«سدي أفرايم» و«غفعات أساف» في منطقة رام الله، و«حالتس» في المنطقة الواقعة بين الخليل وبيت لحم، بالإضافة إلى البؤرة الاستيطانية «أدوريم» في منطقة الخليل، جنوبي الضفة.
وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية «كان 11» أن مقترح سموتريتش يتمثل بشرعنة بؤرة استيطانية مقابل كل دولة اعترفت بدولة فلسطين منذ السابع من أكتوبر الماضي (سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وآيرلندا وأرمينيا).
وذكرت «القناة الـ12» أيضاً أن الجيش الإسرائيلي والمسؤولين في جهاز الأمن العام (الشاباك) أوصوا بالامتناع عن اتخاذ الخطوات التي بادر إليها سموتريتش خلال الفترة الراهنة، على اعتبار أنها قد تؤدي إلى تصعيد أمني في الضفة، الأمر الذي رأت القناة أن «حماس» فشلت في تحقيقه خلال الأشهر الماضية، على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.