فحص سريع للدماغ يحدد أفضل علاج للاكتئاب

يعاني حوالي 30 % من المصابين بما يُعرف بالاكتئاب المقاوم للعلاج (رويترز)
يعاني حوالي 30 % من المصابين بما يُعرف بالاكتئاب المقاوم للعلاج (رويترز)
TT

فحص سريع للدماغ يحدد أفضل علاج للاكتئاب

يعاني حوالي 30 % من المصابين بما يُعرف بالاكتئاب المقاوم للعلاج (رويترز)
يعاني حوالي 30 % من المصابين بما يُعرف بالاكتئاب المقاوم للعلاج (رويترز)

يمكن أن يكشف تصوير الدماغ مع تطبيق تقنيات التعلم الآلي عن أنواع فرعية من الاكتئاب والقلق؛ وفقاً لدراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة «ستانفورد» الأميركية للطب. وأفاد باحثو الدراسة بأنه يمكن أن يشمل فحص الاكتئاب، في المستقبل القريب، إجراء فحص سريع للدماغ لتحديد أفضل علاج.

الدراسة المنشورة (الاثنين) في مجلة «نيتشر ميديسين Nature Medicine»، صنفت الاكتئاب إلى ستة أنواع فرعية، وحددت العلاجات الأكثر احتمالاً أو الأقل احتمالاً للعمل مع ثلاثة من هذه الأنواع.

وقالت الدكتورة ليان ويليامز، أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية، ومدير مركز الطب بجامعة «ستانفورد» للصحة العقلية الدقيقة والعافية، وكبيرة باحثي الدراسة، في بيان صحافي: «هناك حاجة ماسة إلى طرق أفضل لمطابقة المرضى مع العلاجات».

وركّزت ويليامز، التي فقدت شريك حياتها في عام 2015 بسبب إصابته بالاكتئاب، عملها على الريادة في مجال الطب النفسي الدقيق، الذي يعني تحديد العلاج المناسب لكل مريض بمفرده، وبما يتناسب وحالته المرضية دون غيره من المرضى الآخرين.

ويعاني نحو 30 في المائة من الأشخاص المصابين بالاكتئاب بما يُعرف بالاكتئاب المقاوم للعلاج، مما يعني أن أنواعاً متعددة من الأدوية أو العلاج فشلت في تحسين أعراضهم.

ويفشل العلاج في عكس الأعراض لما يصل إلى ثلثي الأشخاص المصابين بالاكتئاب بشكل كامل إلى مستويات صحية.

ووفق الدراسة، يرجع ذلك جزئياً إلى عدم وجود طريقة جيدة لمعرفة أي مضاد للاكتئاب أو أي نوع من العلاج الذي يمكن أن يساعد مريضاً معيناً، إذ يتم وصف الأدوية من خلال استراتيجية «التجربة والخطأ»، لذلك قد يستغرق الأمر شهوراً أو سنوات للوصول إلى دواء فعّال. كما قد يؤدي قضاء المريض وقتاً طويلاً في محاولة العلاج، ثم عدم الشعور بأي راحة، إلى تفاقم أعراض الاكتئاب.

قالت ويليامز: «إنه أمر محبط للغاية ألا يكون لديك بديل أفضل لهذا النهج الذي لا يناسب الجميع». ولفهم العوامل البيولوجية الكامنة وراء الاكتئاب والقلق بشكل أفضل، قامت ويليامز وزملاؤها بتقييم 801 من المشاركين في الدراسة الذين تم تشخيص إصابتهم سابقاً بالاكتئاب أو القلق باستخدام تقنية التصوير المعروفة باسم التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، لقياس نشاط الدماغ.

وقام الباحثون بفحص أدمغة المتطوعين أثناء الراحة وعندما كانوا منخرطين في مهام مختلفة مصممة لاختبار أدائهم المعرفي والعاطفي. ثم قام العلماء بتضييق نطاق البحث على مناطق الدماغ، والروابط بينها، والتي من المعروف أنها تلعب دوراً في الإصابة بالاكتئاب.

وباستخدام نهج وتطبيقات التعلم الآلي المعروف باسم التحليل العنقودي لتجميع صور أدمغة المرضى، حددوا ستة أنماط مختلفة من النشاط في مناطق الدماغ التي درسوها. كما قام العلماء أيضاً بتعيين 250 من المشاركين في الدراسة بشكل عشوائي لتلقي واحد من ثلاثة مضادات للاكتئاب شائعة الاستخدام أو عبر تطبيقات العلاج السلوكي الحديث.

وهو ما علق عليه، جون ما، أستاذ الطب في جامعة «إلينوي» في شيكاغو الأميركية، وأحد باحثي الدراسة، بأن الأنماط الحيوية واستجابتها للعلاج السلوكي منطقية بناءً على ما يعرفونه عن هذه المناطق من الدماغ.

وأَضاف أن نوع العلاج المستخدم في تجربتهم يعلم المرضى مهارات معالجة المشاكل اليومية بشكل أفضل، وبالتالي فإن المستويات العالية من النشاط في مناطق الدماغ هذه قد تسمح للمرضى الذين لديهم هذا النمط الحيوي بتبني مهارات جديدة بسهولة أكبر. أما بالنسبة لأولئك الذين يعانون من انخفاض النشاط في المنطقة المرتبطة بالاهتمام والمشاركة، فقد قال ما: «من الممكن أن يساعد العلاج الدوائي الذي يعالج أولاً انخفاض النشاط هؤلاء المرضى على اكتساب مزيد من العلاج بالكلام».

وقالت ويليامز: «على حد علمنا، هذه هي المرة الأولى التي تمكنا فيها من إثبات أن الاكتئاب يمكن تفسيره باضطرابات مختلفة في عمل الدماغ». وأضافت أنه «في جوهره عرض لنهج الطب الشخصي للصحة العقلية بناءً على مقاييس موضوعية لوظيفة الدماغ».

وتعمل ويليامز وفريقها الآن على توسيع نطاق الدراسة لتشمل مزيداً من المشاركين. كما أنها ترغب في اختبار مزيد من أنواع العلاجات في جميع الأنواع الحيوية الستة، بما في ذلك أدوية لم يتم استخدامها من قبل لعلاج الاكتئاب. ويريد الفريق أيضاً وضع معايير سهلة المتابعة لهذه الطريقة حتى يتمكن الأطباء النفسيون الآخرون من البدء في تنفيذها.

وهو ما علق عليه ما: «لتحريك المجال نحو الطب النفسي الدقيق، نحتاج إلى تحديد العلاجات التي من المرجح أن تكون فعّالة للمرضى، وحصولهم على هذا العلاج في أقرب وقت ممكن».

وأضاف: «الحصول على معلومات عن وظائف المخ، خصوصاً الآثار التي تم التحقق من صحتها والتي قمنا بتقييمها في هذه الدراسة، من شأنه أن يساعد في توفير علاجات ووصفات طبية أكثر دقة للأفراد».


مقالات ذات صلة

تناول الحديد مع الفيتامين «C»... كيف تدمج العناصر الغذائية لأكبر قدر من الاستفادة؟

صحتك كيف نحصل على أكبر قدر من العناصر الغذائية؟ (رويترز)

تناول الحديد مع الفيتامين «C»... كيف تدمج العناصر الغذائية لأكبر قدر من الاستفادة؟

من المهم جداً اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة والعناصر الغذائية، لكن كيفية تناول هذه العناصر الغذائية تلعب دوراً في الحصول على أكبر فائدة ممكنة منها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق تعرف على أفضل 10 دول في العالم من حيث جودة الحياة (رويترز)

الدنمارك رقم 1 في جودة الحياة... تعرف على ترتيب أفضل 10 دول

أصدرت مجلة «U.S. News and World Report» مؤخراً تصنيفها لأفضل الدول في العالم بناءً على جودة الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك السمنة... تحديات صحية وحلول مبتكرة

السمنة... تحديات صحية وحلول مبتكرة

تُعد السمنة من أبرز التحديات الصحية في العصر الحديث، حيث تتزايد معدلاتها بشكل ملحوظ في جميع أنحاء العالم، وتلقي بتأثيراتها السلبية على الصحة العامة.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (الخبر - المنطقة الشرقية)
صحتك فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

مع بدء العام الدراسي، سلط العلماء في جامعة فلوريدا أتلانتيك، الضوء على أهمية ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الطفل الإبداعية والفكرية في مرحلة ما قبل الدراسة.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك عضلات جسمك تؤلمك... 9 أسباب قد تغيب عنك

عضلات جسمك تؤلمك... 9 أسباب قد تغيب عنك

عند استخدام لغة الأرقام، فإن حالات آلام العضلات تمثل مشكلة صحية واسعة الانتشار.

د. عبير مبارك (الرياض)

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
TT

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

يسجّل الشاعر سمير نخلة حالة خاصة بكلام الأغاني التي يكتبها. يتعرّف سامعها بسرعة على أنه هو موقّعها. تعاون مع أهم النجوم في لبنان والعالم العربي. حقق نجاحات متتالية مع فنانين مشهورين أمثال عاصي الحلاني، ونانسي عجرم، ووائل كفوري، ونجوى كرم، وراغب علامة وغيرهم.

كتب «بزعل منّك» لديانا حداد و«أنا هيفا» لهيفاء وهبي و«كلما غابت شمس» لملحم زين، فشكّلت مجموعة أغنيات من فئة العمر المديد. وفي «لون عيونك غرامي» لنانسي عجرم حقق نجاحاً هائلاً. فهو لا يزال يحصد صدى أعماله تلك حتى اليوم.

مع الفنان الراحل وديع الصافي (سمير نخلة)

وكما في الأغنية الرومانسية كذلك في الأعمال الوطنية استطاع سمير نخلة أن يحفر في ذاكرة اللبنانيين، ولعلّ أغنية جوزيف عطيّة «الحق ما بموت» من أشهر ما قدّمه في هذا الإطار.

فقلّة من الأغاني الوطنية التي تستطيع أن تحقق الانتشار الواسع على مدى سنوات طويلة. عمرها الذي ناهز الـ15 عاماً لم يقهره الزمن، وتُعدّ اليوم بمثابة نشيد وطني يتفاعل معه اللبنانيون في كلّ مرّة يستمعون إليها.

يقول الشاعر سمير نخلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن للأغنية الوطنية صفات خاصة كي تنجح. وإن كلاماً كثيراً اختصرته أغنيات وطنية لم تحقق هدفها.

ويتابع: «لا بدّ أن تنبع من الروح فلا تكون مجرّد صفّ كلام»، وهذا ما يفعله في كلمات أغنياته الوطنية وغيرها. وتابع: «لذا تصل إلى قلوب الناس بسرعة. فما ينبع من القلب لا يمكن أن يخطئ. كما أن التركيبة الثلاثية للأغنية من شاعر وملحن ومغنٍّ، تلعب دوراً مهماً».

يتشارك نخلة ملاحظات العمل مع الملحن والمغني، يقول: «أحياناً تُعدّل عبارة أو نوتة موسيقية أو أسلوب أداء. فالأمر يتطلّب اجتماع الركائز الثلاث على قاعدة الانسجام».

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان. ونسأل الشاعر نخلة عن سبب الوقت الطويل الذي يفصل بين أغنية وطنية ناجحة وأخرى مثلها، يوضح: «الأغنية الوطنية صعبة الولادة وعندما كتبت (الحق ما بموت) استلهمتها من حلم يراودني. كنت حينها أحلم بلبنان ينتفض من كبوته ويستعيد دوره الريادي في العالم العربي. كل هذا الحب والشغف تجاه وطني فرّغته في كلمات هذه الأغنية. وهذه الأحاسيس الدفينة والعميقة لا يمكن أن تحضر بسهولة».

الشاعر سمير نخلة يرى أن ولادة الأغنية الوطنية صعبة (سمير نخلة)

وإذا ما تصفّحنا مشهدية الأغنيات الوطنية في لبنان، لاحظنا أن الرحابنة كانوا الأشهر فيها. وقد استطاعوا أن يُنتجوا كثيراً منها بصوت فيروز. ويعلّق نخلة: «كانت مسرحيات الرحابنة لا تخلو من الأغاني الوطنية. ويعدّونها أساسية بحيث تؤلّف مساحة لا يستهان بها من باقي الأعمال الغنائية المغناة بصوت فيروز. وأنا شخصياً معجب بعدد كبير من تلك الأغنيات. ومن بينها (رُدّني إلى بلادي) و(بحبك يا لبنان) و(وطني) وغيرها».

ولكن، ما ينقص الساحة اليوم لتوليد أغنيات بهذا المستوى؟ يقول: «زمن اليوم تبدّل عن الماضي، وأصبح العمل الرديء يطغى. ولكن لا شيء يمكن أن يمحو الأصالة. وعلى هذا الأساس نلحظ موت تلك الأغنيات بسرعة. ولكن ولحسن الحظ لا يزال لبنان ولّاداً لشعراء أصحاب أقلام جيدة. فإضافة إلى مخضرمين مثلي تلوح على الساحة أسماء جيل شاب يمكن التّعويل على الكلام الذي يكتبونه».

حالياً يعيش لبنان حالة حرب قاسية، فهل ألهمته كتابة أغنية وطنية؟ يردّ في سياق حديثه: «ما نعيشه اليوم مليء بالمآسي. ولا أستطيع شخصياً أن أكتب في هذه الأجواء. أميل أكثر إلى كتابة الكلام المفعم بالأمل وقيامة لبنان».

عادة ما يحصد المغني شهرة أغنية معينة، ويغيّب - إلى حدّ ما - اسم كلّ من ملحنها وكاتبها. يعلّق الشاعر سمير نخلة: «الكلمة في الأغنية هي الأساس، وهناك ألحان جميلة لم تلفت النظر بسبب ضعف الكلمة المغناة. وبشكل عام الملحن والشاعر لا يُسلّط الضوء عليهما. بعض الأحيان، نلاحظ أن الملحن يحاول الترويج لعمله من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك بالكاد تبقى مكانته محفوظة في الأغنية».

يعتب نخلة على المطرب الذي لا يذكر اسم ملحن وشاعر أغنية يقدّمها، «لا أتوانى عن التدخل مباشرة إذا ما لاحظت هذا الأمر. أتصل بالمغني وأصارحه بأنه نسي ذكر اسمي شاعراً، فأنا متابع جيد لعملي. وأحياناً، عندما يُكتب اسم شاعر آخر بدل اسمي على قناة تلفزيونية ألفت نظرهم إلى ضرورة تصحيح الخطأ».

يعاني الشعراء في لبنان من عدم حصولهم على حقوق الملكية لمؤلفاتهم، «هل تعرفين أنه على المغني دفع نسبة 8 في المائة من أرباح حفلاته للملحّن والشاعر. وهذا بند مدرج ضمن نص حقوق الملكية الفكرية في لبنان، ولكنه لا يُطبّق. في الدول الأجنبية الأمر طبيعي. وأركان العمل الغنائي تصلهم حقوقهم بلا أي معاناة. ولكن مع الأسف حقوقنا في لبنان مهدورة ولا أحد يهتمّ بها».