توقيف تركيا لإعلاميين مصريين موالين لـ«الإخوان» يُربك حسابات الجماعة

حبس مذيع في قناة «الشرق» بداعي «التهرب الضريبي»

مجموعة من «شباب الإخوان» خلال تجمع لهم بتركيا في وقت سابق (صفحات على فيسبوك وتلغرام)
مجموعة من «شباب الإخوان» خلال تجمع لهم بتركيا في وقت سابق (صفحات على فيسبوك وتلغرام)
TT

توقيف تركيا لإعلاميين مصريين موالين لـ«الإخوان» يُربك حسابات الجماعة

مجموعة من «شباب الإخوان» خلال تجمع لهم بتركيا في وقت سابق (صفحات على فيسبوك وتلغرام)
مجموعة من «شباب الإخوان» خلال تجمع لهم بتركيا في وقت سابق (صفحات على فيسبوك وتلغرام)

أثار توقيف السلطات التركية، للإعلامي المصري الموالي لجماعة «الإخوان»، عماد البحيري، الذي يعمل بقناة «الشرق»، حالة من «القلق والارتباك بين تجمعات الإخوان في تركيا». في حين عد باحثون توقيف البحيري «رسالة سياسية من أنقرة برفض أي إساءة إعلامية ضد القاهرة تبث من أراضيها على خلفية تقارب البلدين».

وتُصنف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2014. ويقبع معظم قياداتها ومن بينهم المرشد العام، محمد بديع، داخل السجون المصرية؛ وهم بين متهم ومدان بارتكاب «أعمال عنف وقتل» اندلعت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) عام 2013، إثر احتجاجات شعبية، وصدرت بحقهم أحكام متفاوتة بين السجن والإعدام.

وألقت أجهزة الأمن التركية، الأربعاء، القبض على البحيري، قبل أن يتم إطلاق سراحه، لعرضه على «دائرة الهجرة التركية»، الخميس، بعدّه أجنبياً لا يحمل الجنسية التركية.

وتضاربت الإفادات بشأن أسباب توقيف البحيري؛ حيث أشارت تقارير صحافية إلى أن «السلطات التركية ألقت القبض عليه بتهمة الاعتداء على رجل أمن تركي، وأن النيابة العامة قررت حبسه على ذمة التحقيقات تمهيداً لمحاكمته». وبحسب تقارير أخرى فإن السلطات وجدت خلال التحقيقات مع مذيع «الشرق» أنه متهم بـ«التهرب من سداد الضرائب المستحقة عليه».

لكن قناة «الشرق» قالت عبر مقطع فيديو، إن «البحيري كان يسدد رسوم ضرائب مستحقه عليه، ورأى موظفو الضرائب أن هناك دعوى مقامة بحقه من شخص سوداني لديه معاملات معه، وعليه تم اصطحابه لجهات التحقيق، قبل إطلاق سراحه لعرضه على (دائرة الهجرة بتركيا) بعدّه أجنبياً لا يحمل الجنسية التركية». ونفت القناة أن يكون القبض على البحيري له «أبعاد سياسية أو طلبات من الجانب المصري».

لكن الباحث في الحركات الإسلامية بمصر، عمرو عبد المنعم، رأى أن «توقيف مذيع قناة الشرق يحمل دلالات سياسية تتعلق بالتقارب التركي - المصري»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «السلطات التركية سبق أن حذرت البحيري مراراً وطالبته بضرورة الالتزام بمواثيق العمل الإعلامي؛ خصوصاً أنه دائم الهجوم على مصر».

محمد بديع مرشد «الإخوان» خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)

وطالبت السلطات التركية في مارس (آذار) عام 2021 القنوات الموالية لـ«الإخوان» في تركيا بوقف (برامجها التحريضية ضد مصر)، أو التوقف نهائياً عن البث من الأراضي التركية، حال عدم الالتزام.

واضطر عدد من إعلاميي «الإخوان» إلى مغادرة الأراضي التركية؛ عقب إجراءات ضد إعلاميين محسوبين على «الإخوان»، إضافة إلى تشديد الإجراءات المتعلقة بفحص الإقامات الخاصة بعناصر الجماعة وإجراءات منح الجنسية، وطالت تلك الإجراءات قيادات بارزة في الإخوان، من بينهم محمود حسين القائم بأعمال مرشد «الإخوان»، الذي ترددت معلومات سابقة عن «سحب الجنسية منه نتيجة مخالفة إجراءات قانونية».

عبد المنعم تحدث كذلك عن «حالة من ارتباك في صفوف الإخوان بتركيا»، قائلاً إن «عناصر الإخوان في تركيا تسرعوا بالإعلان عن أن توقيف البحيري ليست له أهداف سياسية». ودلل على ذلك بأن «البحيري تم استدعاؤه كثيراً من قبل السلطات التركية لنشره (أكاذيب) عن مصر، حتى بعد رفض منحه الجنسية التركية».

ورفضت السلطات التركية، العام الماضي، منح البحيري الجنسية وآخرين معه من المحسوبين أو المنتمين لـ«الإخوان» ومن بينهم، هشام عبد الله، وهيثم أبو خليل، وأحمد عبده، كما رفضت تجديد الإقامة لعدد آخر.

وكانت تركيا اتخذت مجموعة من الإجراءات ضد إعلاميين محسوبين على «الإخوان» كان من بينهم حسام الغمري، الذي تم ترحيله من أراضيها في فبراير (شباط) من العام الماضي. وعاد الغمري العام الماضي إلى مصر؛ حيث نشر وثائق قال إنها «تكشف عن اعتراف عناصر وقيادات إخوانية بممارسة الإرهاب»، وأشار بعدها إلى تلقيه «تهديدات بالقتل من جانب عناصر التنظيم»، كما هدد الغمري حينها بنشر ما وصفه بـ«فضائح أخلاقية موثقة في محادثات مسربة لقادة آخرين، إذا لم تتوقف لجانهم عن استهدافه».

وتفاعل متابعون على منصات التواصل في مصر، الخميس، مع خبر توقيف مذيع «الشرق» عبر هاشتاغ «#عماد_البحيري»، وتنوعت الردود حول أسباب التوقيف.

الرئيسان المصري والتركي خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة في فبراير الماضي (الرئاسة التركية - رويترز)

وأشار الإعلامي المصري، أحمد موسى، عبر حسابه على «إكس» إلى أنه «ليس المهم سبب اعتقال عماد البحيري، المهم تم حبسه ولو ليلة واحدة». في حين عدّ عمرو عبد الهادي، المقيم في تركيا، والموالي لـ«الإخوان»، عبر حسابه على «إكس»، أن القبض على البحيري «لا علاقة له بالأمن التركي، لكن بسبب (ضرائب اليوتيوب)»، مشيراً إلى أن «السلطات التركية سوف تستدعي أكثر من ألف ناشط وسياسي وإعلامي بينهم رؤساء قنوات، بتهم التهرب الضريبي في الفترة المقبلة».

في سياق ذلك، رأى الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية بتركيا، طه عودة، أن «إجراءات السلطات التركية ضد بعض (الإخوان) على أراضيها تأتي في إطار صفحة العلاقات الجديدة بمصر»، مشيراً إلى أن «ما حدث مع البحيري، رسالة طمأنة من أنقرة بعدم السماح بأي نشاط ضد القاهرة من على أراضيها»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيا لا تريد أي مشكلات مع الدول العربية وخصوصاً مصر؛ حيث إن العلاقات بين البلدين أصبحت جيدة جداً حالياً». وقال عودة إن «السلطات التركية تحدثت مع عناصر الإخوان في وقت سابق، وبعضهم غادر أراضيها».

وقررت مصر وتركيا إعادة العلاقات بينهما خلال الأشهر الأخيرة؛ حيث زار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مصر للمرة الأولى منذ 12 عاماً في فبراير الماضي، وتم وقتها توقيع الإعلان المشترك حول إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي الرفيع المستوى بين البلدين، كما تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الخاصة بالتعاون الاقتصادي والتجاري.


مقالات ذات صلة

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

شمال افريقيا مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

وفق إفادة للنيابة العامة المصرية الأحد فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف القوائم الإرهابية جميعها»

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».