القطاع الفضائي الخاص... «جبهة» جديدة للتنافس بين الصين والولايات المتحدة

علم صيني حمله مسبار إلى القمر (إ.ب.أ)
علم صيني حمله مسبار إلى القمر (إ.ب.أ)
TT

القطاع الفضائي الخاص... «جبهة» جديدة للتنافس بين الصين والولايات المتحدة

علم صيني حمله مسبار إلى القمر (إ.ب.أ)
علم صيني حمله مسبار إلى القمر (إ.ب.أ)

يشكل الإنجاز غير المسبوق في العالم الذي حققته الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع الفائتة والمتمثل بجمع مسبارها عينات من الجانب البعيد من القمر، مؤشراً إلى التقدم الكبير الذي حققته في المجال الفضائي الدولة الآسيوية التي تأمل أن تصبح شركاتها الخاصة قادرة على منافسة «سبايس إكس» الأميركية التي يملكها إيلون ماسك.

ولا شك في أنّ الشركات الناشئة الصينية متأخرة جداً عن الشركات الأميركية العملاقة من أمثال «سبايس إكس» التي نفذت الخميس الرحلة التجريبية الرابعة لصاروخها «ستارشيب» الأكبر في العالم.

لكنّ الفارق بين الجهتين آخذ في التقلّص، لأنّ الصين تدعم بشكل نشط راهناً قطاعها الفضائي الخاص، وتسمح له بتعزيز قدراته، كما يؤكد خبراء لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويقول المتخصص في البرنامج الفضائي الصيني تشين لان، في حديث إلى الوكالة: «في غضون خمس سنوات، ستبدأ سبايس إكس باستشعار الضغط».

إطلاق صاروخ «ستارشيب» لشركة «سبايس إكس» الأميركية من تكساس في 6 يونيو (أ.ف.ب)

ويوضح أنّ «الوضع الحالي في سوق السيارات الكهربائية قد يتكرّر في قطاع الفضاء»، في إشارة إلى شركة «تيسلا» المملوكة أيضاً لإيلون ماسك والتي تفوّقت عليها من حيث المبيعات أخيراً منافستها الصينية «بي واي دي» BYD.

ويرى أنّ «الأسد» الكبير «سبايس إكس» قد يضطر كما حصل مع «تيسلا»، إلى مواجهة «قطيع من الذئاب» متمثل في الشركات الصينية الخاصة.

وفتحت الصين قطاعها الفضائي أمام رؤوس الأموال الخاصة في نهاية عام 2014. ومُذّاك، سارعت مئات الشركات إلى الاستثماء في هذا المجال.

وعلى سبيل المثال، أطلقت شركة «غالاكتيك إنرجي»، الخميس، صاروخها «سيريس 1» محمّلاً بثلاثة أقمار اصطناعية إلى المدار، وهي واحدة من عشرات عمليات الإطلاق المماثلة المرتقبة خلال هذا العام في الصين.

ويقول مؤسس شركة «أوربيتال غيتواي كونسالتينغ» بلين كورسيو إنّ «قطاع الفضاء التجاري الصيني مدهش من حيث الحجم والعمق».

ويشير إلى أنّ «سبايس اكس إذا بقيت متقدمة بفارق كبير» عن القادة الرئيسيين في القطاع الخاص الصيني، «فيُحتمل أن تكون الصين متقدمة» بين الشركات الثانوية.

وتمتلك الصين محطة فضائية، كما سبق أن أنزلت مركبات على القمر والمريخ، في حين تخطط لإرسال رحلات مأهولة إلى القمر بحلول عام 2030 وإلى المريخ بحلول 2033.

ونجحت الدولة الآسيوية الأحد في سحب عينات من الجانب البعيد للقمر، وهو إنجاز غير مسبوق عالمياً. ويُرتقب أن يعود المسبار الذي أنجز هذه المهمة إلى الأرض في نهاية يونيو (حزيران).

ويصب القطاع الخاص الصيني حالياً اهتمامه على إطلاق أقمار اصطناعية في المدار.

وتتمتع الشركات الصينية بقدرة كبيرة في ما يتعلق بعمليات الإطلاق، وهو أمر ضروري لتمكين المشاريع الحكومية من إنشاء مجموعات ضخمة من الأقمار الاصطناعية، على ما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون المركزية الصينية» (CCTV).

وتبتكر الصين شبكتين من هذا النوع هما «غوانغ» و«جي 60 ستارلينك». ويُفترض أن تضم الأولى 13 ألف قمر اصطناعي والثانية 12 ألفاً.

صورة لمسبار صيني يلتقط عينات من سطح القمر (أ.ف.ب)

ويصل عدد الأقمار الاصطناعية الصينية الموجودة راهناً في المدار إلى مئات الآلاف.

وأشارت هيئة الإذاعة والتلفزيون المركزية الصينية إلى أنّ سرعة نشر الأقمار الاصطناعية مسألة مهمة جداً، لأنّ المشاريع الصينية تواجه منافسة من دول أخرى وقيوداً تتعلق بعدد المركبات الفضائية في المدار والترددات المتاحة.

فصواريخ «فالكون 9» من شركة «سبايس إكس» تُستخدم حالياً من الوكالة الأميركية للطيران والفضاء (ناسا)، فيما تغطي كوكبة الأقمار الاصطناعية «ستارلينك» عشرات البلدان.

ويشكل الفضاء مسرحاً لتنافس حاد بين واشنطن وبكين، إذ تتهم كل منهما الأخرى بالرغبة في إخفاء أهداف عسكرية وراء تطوير هذا المجال.

وكان مسؤول أميركي سابق قال أخيراً إنّ العقد المقبل سيكون «الأكثر أهمية» في التاريخ من ناحية المنافسة مع الصين في المجال الفضائي. وقال «يجب ألاّ نسمح بالخسارة».


مقالات ذات صلة

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

الولايات المتحدة​ انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلق اليوم (الأربعاء) من مركز كيندي الفضائي على ساحل الولايات المتحدة الشرقي، صاروخ واحد يحمل مركبتين فضائيتين، لمهمتين إلى القمر لحساب شركتين خاصتين.

«الشرق الأوسط» (مركز كيندي الفضائي (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق ستظهر 3 أقمار عملاقة في عام 2025: «قمر الصياد» في 7 أكتوبر و«قمر القندس» في 5 نوفمبر و«القمر البارد» في 4 ديسمبر (رويترز)

كيف تستطيع رؤية «قمر الذئب» في شهر يناير؟

سيضيء أول قمر مكتمل في عام 2025 - المعروف باسم «قمر الذئب» - سماء الليل بجانب المريخ يوم الاثنين 13 يناير (كانون الثاني).

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد (أ.ب)

المسبار الفضائي «بيبي كولومبو» يلتقط أقرب صور لعطارد

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أجسام محترقة رصدها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي جنوب السعودية

أجسام غامضة في سماء السعودية... هذا تفسيرها

تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الخميس، مقاطع فيديو لظهور ما يشبه أجسام محترقة في سماء مدينة جازان (جنوب السعودية).

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم محطة الفضاء الدولية (ناسا)

التعاون بين روسيا وأميركا في مجال الفضاء مستمر

تواصل روسيا والولايات المتحدة تعاونهما في مجال الفضاء في السنوات المقبلة، على الرغم من التوترات على الأرض.


أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.