كيف أحيا القادة الغربيون الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي؟

فرقة عسكرية فرنسية تعزف خلال الحفل التذكاري الدولي على شاطئ أوماها بمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء «D-Day» في النورماندي أثناء الحرب العالمية الثانية بسان لوران سور مير شمال غربي فرنسا 6 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
فرقة عسكرية فرنسية تعزف خلال الحفل التذكاري الدولي على شاطئ أوماها بمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء «D-Day» في النورماندي أثناء الحرب العالمية الثانية بسان لوران سور مير شمال غربي فرنسا 6 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
TT

كيف أحيا القادة الغربيون الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي؟

فرقة عسكرية فرنسية تعزف خلال الحفل التذكاري الدولي على شاطئ أوماها بمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء «D-Day» في النورماندي أثناء الحرب العالمية الثانية بسان لوران سور مير شمال غربي فرنسا 6 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
فرقة عسكرية فرنسية تعزف خلال الحفل التذكاري الدولي على شاطئ أوماها بمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء «D-Day» في النورماندي أثناء الحرب العالمية الثانية بسان لوران سور مير شمال غربي فرنسا 6 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

مع حلول الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي، الذي قاد الحلفاء في الحرب العالمية الثانية للانتصار على النازية، أحيا القادة الغربيون الذكرى، اليوم الخميس 6 يونيو (حزيران) 2024، على شاطئ أوماها في شمال فرنسا، وسط تخوف من امتداد الحرب إلى أنحاء أخرى من أوروبا، مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا.

قدامى محاربين بريطانيون يشاركون في موكب للاحتفال بالذكرى الثمانين لإنزال النورماندي، فرنسا 6 يونيو 2024 (رويترز)

وأشاد زعماء العالم بالمحاربين القدامى، وتعهدوا بمواصلة الدفاع عن الديمقراطية، أثناء إحياء الذكرى لإنزال يوم النصر في السادس من يونيو 1944، عندما غزا أكثر من 150 ألف جندي من الحلفاء فرنسا بحراً وجواً لطرد قوات ألمانيا النازية. ومع تناقص أعداد المحاربين القدامى، الذين يبلغ عمر كثير منهم 100 عام أو أكثر، من المرجح أن يكون هذا هو آخِر احتفال كبير في نورماندي لتكريمهم في حضورهم، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

الملك تشارلز: امتناننا ثابت

وخلال الاحتفال، وجّه الرئيس الأميركي جو بايدن، والعاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، تحية للتضحيات الهائلة التي قدمها عشرات الآلاف من الجنود في النورماندي إلى حيث وصلت طلائع الجنود الأميركيين، فجر 6 يونيو 1944، وحيث خسر الحلفاء عدداً كبيراً من الرجال في مواجهة قوة النار النازية، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

من اليسار، الملك البريطاني تشارلز الثالث، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والملكة كاميلا، والسيدة الأولى بريجيت ماكرون، خلال إحياء الذكرى الثمانين لانزال النورماندي، فرنسا الخميس 6 يونيو 2024 (أ.ب)

وقال الملك تشارلز الثالث، أمام النصب التذكاري البريطاني في فير سور مير الذي يطل على شاطئ غولد؛ وهو من مناطق إنزال القوات البريطانية في فرنسا سنة 1944: «نستذكر الدروس التي تعلمناها، مرة أخرى عبر العقود: يجب على الدول الحرة أن تقف معاً للتصدي للطغيان».

وأضاف: «دعونا نُصلِّ لكي لا يجري تقديم مثل هذه التضحيات مجدداً»، قائلاً: «امتناننا ثابت وإعجابنا أبدي».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت، والرئيس الأميركي جو بايدن وزوجته جيل، يحضرون الحفل التذكاري لإحياء الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي في كولفيل سور مير، فرنسا، 6 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

بايدن: لن نتراجع عن دعم أوكرانيا

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، في كلمته، خلال الذكرى: «لن نتراجع» عن الدفاع عن أوكرانيا، ونسمح لروسيا بتهديد مزيد من أوروبا.

وصرح: «نحن نعيش في حقبة أصبحت فيها الديمقراطية معرضة للخطر في كل أنحاء العالم، أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية».

وقال بايدن، في المدفن الأميركي بنورماندي: «الاستسلام للبلطجية، أو الخضوع للديكتاتوريين، أمر لا يمكن تصوره على الإطلاق. إذا فعلنا ذلك، فهذا يعني أننا سننسى ما حدث هنا على هذه الشواطئ المقدسة».

ويوم هجوم النورماندي هو أكبر هجوم برّمائي في التاريخ، ووصفه بايدن بأنه «توضيح قوي لكيفية أن التحالفات والتحالفات الحقيقية تجعلنا أقوى». وأضاف أن هذا «درس أدعو الله ألا ننساه، نحن الأميركيين، أبداً»، وفق تقرير لـ«وكالة أسوشييتد برس».

الرئيس الأميركي جو بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن يضعان إكليلاً من الزهور على المقبرة والنصب التذكاري الأميركي لإنزال النورماندي في كولفيل سور مير بفرنسا، 6 يونيو 2024 (رويترز)

ماكرون يكرّم قدامى المحاربين

وقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسام الشرف، وهو أعلى وسام فرنسي، إلى كريستيان لامب، وهي عضوة في الخدمة البحرية البريطانية النسائية في زمن الحرب تبلغ من العمر 103 أعوام، وساعدت في التخطيط لعمليات الإنزال، واصفاً إياها بأنها «بطلة في الظل».

وقال: «لقد قدمتم لنا مثالاً لن ننساه، لن تنسى فرنسا أبداً القوات البريطانية التي نزلت في يوم النصر، وجميع رفاقهم في السلاح».

وفي الاحتفال الذي أقيم في كولفيل سور مير، حيث تظهر صفوف من الصلبان الرخامية البيضاء - بعضها يحمل أسماء وبعضها لا أسماء عليه - تظهر الخسائر التي تكبدتها القوات المتحالفة نتيجة الغزو، منح الرئيس ماكرون وسام الشرف لقدامى المحاربين الأميركيين، وكثير منهم على الكراسي المتحركة؛ لتقدمهم في السن، ويرتدون قبعات كُتب عليها «محارب قديم في الحرب العالمية الثانية».

أحد المقاتلين القدامى خلال الحفل بمناسبة الذكرى الثمانين ليوم إنزال النورماندي في كولفيل سور مير، فرنسا 6 يونيو 2024 (رويترز)

وقال ماكرون، لقدامى المحاربين الأميركيين باللغة الإنجليزية: «لقد عدتم، اليوم، إلى الوطن، إذا جاز لي أن أقول»، مضيفاً «فرنسا لن تنسى تضحياتكم».

من جهته قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن العالم يجب أن يواصل الدفاع عن الديمقراطية. وأضاف، في مراسم كندية في كورسول - سور - مير القريبة: «الديمقراطية لا تزال مهددة، اليوم، إنها مهددة من قِبل المعتدين الذين يريدون إعادة رسم الحدود»؛ في إشارة إلى غزو روسيا أوكرانيا وضمّها من طرف واحد لأراض أوكرانية معترَف بها دولياً بوصفها جزءاً من أوكرانيا.

وتابع ترودو: «أسلوب حياتنا لم يأت بالصدفة، ولن يستمر دون جهد».

خلال الاحتفال بذكرى إنزال النورماندي خلال الحرب العالمية الثانية، في سان لوران سور مير، شمال غرب فرنسا، 6 يونيو 2024 (رويترز)

لمواجهة التهديد الروسي

من جهته، قال كريستوفر كافولي، القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الخميس، إن «الناتو» «مستعد للقيام بدفاع إقليمي جماعي»، مضيفاً أن الدول الأعضاء في التحالف «تحتاج إلى بناء مزيد» من المُعدات العسكرية لمواجهة التهديد الروسي المتزايد.

وصرّح كافولي، خلال الاحتفال: «فيما يخص المعدات العسكرية... نحن بحاجة إلى بناء المزيد، نحتاج إلى توسيع قاعدتنا الصناعية».

وكانت عمليات الإنزال التي نظّمها الأميركيون والبريطانيون والكنديون بسرية تامة قد مهّدت الطريق أمام تحرير فرنسا، وإلحاق الهزيمة بألمانيا النازية.

لكن بعد مرور 80 عاماً على هذه العملية الضخمة، ستتجه كل الأنظار نحو أوكرانيا التي تشهد، منذ فبراير (شباط) 2022، هجوماً روسياً دامياً لا تزال نتائجه غير محسومة.

عقيلة الرئيس الفرنسي بريجيت ماكرون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال استقبالهما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزوجته أولينا زيلينسكا عند وصولهما لحضور الحفل التذكاري الدولي على شاطئ أوماها بمناسبة الذكرى الثمانين لهبوط الحلفاء في الحرب العالمية الثانية في نورماندي. في سان لوران سور مير شمال غرب فرنسا، 6 يونيو 2024 (رويترز)

حضور أوكراني وغياب روسي

في حين حضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمشاركة في الاحتفالات، لم تجرِ دعوة أي مسؤول من روسيا؛ وريثة الاتحاد السوفياتي الذي شارك في الانتصار على النازية، وذلك بعدما أصبحت روسيا مستبعَدة من الغرب بعد غزوها أوكرانيا في 2022، وشنّها الحرب الكبرى على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

وكتب زيلينسكي، على منصة «إكس» بُعَيد وصوله: «هذا الحدث وهذا اليوم بمثابة تذكير بالشجاعة والتصميم اللذين ظهرا في السعي لتحقيق الحرية والديمقراطية. لقد دافع الحلفاء عن حرية أوروبا آنذاك، والأوكرانيون يفعلون ذلك الآن. سادت الوحدة آنذاك، ويمكن للوحدة الحقيقية أن تسود اليوم».

طائرات تابعة للسلاح الجوي الملكي البريطاني (RAF) خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الثمانين لإنزال النورماندي، فرنسا الخميس 6 يونيو 2024 (أ.ب)

في عام 2014، حضر الرئيس فلاديمير بوتين، رغم ضم شبه جزيرة القرم قبل ثلاثة أشهر، في إطار مساعي إحلال السلام، والتقى آنذاك نظيره الأوكراني بترو بوروشنكو، بمبادرة من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.

لكن الحوار الشهير، المعروف باسم «صيغة النورماندي»، الذي أنشئ لمحاولة وضع حد للصراع الانفصالي الموالي لروسيا في شرق أوكرانيا، تلاشى منذ ذلك الحين.

وتُكرِّم الاحتفالات خصوصاً المحاربين القدامى الذين لا يزالون على قيد الحياة، ويصل عددهم إلى 200 شخص، وهو عدد يتضاءل، كل عام، حيث إن معظمهم في أواخر التسعينات من عمرهم، وبعضهم تفوق سنه المائة عام. وقد يكون هذا الحفل الأخير الذي سيتمكنون من حضوره.


مقالات ذات صلة

55 يوماً لليالٍ لا تنسى لزوار «موسم جدة» من حول العالم

يوميات الشرق الموسم الترفيهي سيتيح للزوار الاستمتاع بتجربة سياحية مميزة (واس)

55 يوماً لليالٍ لا تنسى لزوار «موسم جدة» من حول العالم

ينطلق «موسم جدة 2024» الترفيهي، الجمعة، عبر 15 منطقة موزعة على أنحاء المدينة الساحلية «غرب السعودية» مانحاً خيارات متعددة للزوار والسياح من داخل وخارج المملكة.

إبراهيم القرشي (جدة)
صحتك أنابيب اختبار تحمل علامة «فيروس جدري القرود إيجابي» في هذه الصورة الملتقطة في 22 مايو 2022 (رويترز)

«الصحة العالمية» تدعو لتحرك عاجل بشأن سلالة جديدة من جدري القردة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الثلاثاء)، إن انتشار جدري القردة في أفريقيا يحتاج إلى تحرك عاجل، في وقت حذر علماء بشكل منفصل من سلالة خطيرة تنتشر في الكونغو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا زائرون يستخدمون المناظير لرؤية الجانب الكوري الشمالي من مرصد التوحيد في باجو بكوريا الجنوبية... الثلاثاء 25 يونيو 2024 (أ.ب)

كوريا الجنوبية: بيونغ يانغ تستأنف إرسال بالونات القمامة

قال جيش كوريا الجنوبية، اليوم الثلاثاء، إن كوريا الشمالية استأنفت إرسال المزيد من البالونات التي تحمل على ما يبدو نفايات إلى كوريا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا صورة أرشيفية تُظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند بأوزبكستان 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

الكرملين «يستعد» لزيارة مودي إلى روسيا

أعلن الكرملين، الثلاثاء، أنه «يستعد» لزيارة منتظرة في المستقبل القريب لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، لكنه رفض الكشف عن تاريخ محدد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
صحتك امرأة تبرد نفسها بقارورة ماء خلال موجة حر في إشبيلية بإسبانيا 11 يونيو 2022 (رويترز)

ماذا يحدث لجسمك عند الإصابة بضربة شمس؟

تشكل ضربة الشمس مخاطر شديدة على صحة جسم الإنسان مما يؤكد الأهمية الزائدة للوعي بمخاطر ارتفاع الحرارة مع موجات الحر العالمية بسبب تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الحملة الانتخابية في فرنسا بساعاتها الأخيرة واليمين المتطرف في الصدارة

مناظرة سياسية لزعماء الكتل الرئيسية تم بثها على القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس 2 في باريس في 27 يونيو 2024، قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا للجمعية الوطنية الجديدة (أ.ف.ب)
مناظرة سياسية لزعماء الكتل الرئيسية تم بثها على القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس 2 في باريس في 27 يونيو 2024، قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا للجمعية الوطنية الجديدة (أ.ف.ب)
TT

الحملة الانتخابية في فرنسا بساعاتها الأخيرة واليمين المتطرف في الصدارة

مناظرة سياسية لزعماء الكتل الرئيسية تم بثها على القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس 2 في باريس في 27 يونيو 2024، قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا للجمعية الوطنية الجديدة (أ.ف.ب)
مناظرة سياسية لزعماء الكتل الرئيسية تم بثها على القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس 2 في باريس في 27 يونيو 2024، قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا للجمعية الوطنية الجديدة (أ.ف.ب)

لم تبق لليسار والمعسكر الرئاسي في فرنسا سوى ساعات قليلة لمحاولة ردم الهوة مع اليمين المتطرف الذي لا يزال يتصدّر بفارق كبير نيات الأصوات للدورة الأولى من الانتخابات التشريعية المقرّرة، الأحد، وسط جدل حول الدستور، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتتوقّف الحملة للدورة الأولى رسمياً منتصف ليل الجمعة (22.00 ت غ)، على أن تجري الدورة الثانية في 7 يوليو (تموز).

وبقي الوضع على حاله، مساء الخميس، في استطلاعات الرأي، مع تصدّر «التجمع الوطني» (يمين متطرف) بحصوله على 36 في المائة من نيّات الأصوات، متقدماً على تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليساري الذي تقدّم نصف نقطة إلى 29 في المائة، وفق استطلاع للرأي أجراه معهد «أيفوب - فيدوسيال» لحساب محطة «إل سي إي» وصحيفة «لو فيغارو» وإذاعة «سود راديو».

وتحت راية «معاً من أجل الجمهورية»، لا يزال تكتل الرئيس إيمانويل ماكرون في المرتبة الثالثة مسجلاً 21 في المائة من نيّات الأصوات، فيما «الجمهوريون» (يمين تقليدي) لا يتخطون نسبة 6.5 في المائة.

غير أنه يتعيّن على رئيس «التجمّع الوطني»، جوردان بارديلا، إقناع المزيد من الناخبين ليحصل على الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية، وهو ما وضعه شرطاً لتولّي رئاسة الحكومة بعد انتخابات تجري بالاقتراع الفردي على أساس الأغلبية في دورتين.

«تهدئة ضرورية»

يأتي يوم الحملة الأخير هذا غداة جدل حول تصريحات أدلت بها زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن أوحت بتعايش سياسي صعب في حال فوز «التجمّع الوطني».

وعدّت لوبن أن وظيفة «قائد القوات المسلحة» الممنوحة للرئيس هي مجرّد «لقب فخري»، وهو ما عبّر عنه بارديلا ضمناً خلال المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء الخميس.

والواقع أن صفة قائد القوات المسلحة التي ينص عليها الدستور تمنح الرئيس سلطات في مجال السياسة الخارجية والدفاع احتفظ بها الرؤساء في فترات التعايش السياسي السابقة التي عرفتها فرنسا.

وأسف زعيم الغالبية المنتهية ولايتها رئيس الوزراء غابريال أتال خلال المناظرة لمثل هذا الموقف، عاداً أنه يشير إلى أنه «إذا فاز التجمع الوطني في هذه الانتخابات، سيكون هناك نوع من الشجار بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية لمعرفة من سيتولى دور قائد القوات المسلحة».

وقال أتال الذي سجل صعوداً ملفتاً في صفوف الوسط الحاكم «إنها رسالة موجهة إلى القوى العالمية، وهي رسالة خطيرة جداً بالنسبة لأمن الفرنسيين وبالنسبة لاستمرارية» فرنسا.

ويقوم أتال الذي عُين قبل أقل من 6 أشهر، بزيارة الجمعة إلى منطقة قريبة من ليون (جنوب شرق) سعياً لاجتذاب أصوات بطرح نفسه في موقع خيار المنطق. وأكد الخميس عزمه على بث «التهدئة الضرورية» داخل المجتمع الفرنسي.

من جانبه، قال بارديلا: «أريد أن أجمع الفرنسيين، أريد أن أجمع كل الفرنسيين، من أينما أتوا وأياً كان خيارهم السياسي في الماضي».

ودعا الفرنسيين إلى أن يثقوا بمرشحي «التجمع الوطني» الذين وصفهم بأنهم «يكنّون حباً كبيراً للفرنسيين ويحترمونهم ويقيمون لهم خصوصاً اعتباراً».

مواضيع خلافية

وعمل أتال على دحض هذا الخطاب، متهماً خصمه من اليمين المتطرف بطرح حوالي «مائة مرشح» أدلوا بـ«كلام عنصري ومعاد للسامية ومعاد للمثليين»، وهو ما نفاه بارديلا نفياً قاطعاً.

في بروكسل، ندّد ماكرون خلال الليل بـ«تفلّت الكلام من الضوابط»، وانتقد «العنصرية ومعاداة السامية» في النقاش السياسي، حاملاً على «غطرسة» التجمّع الوطني الذي «وزع على نفسه منذ الآن» كل المناصب الحكومية.

وتكثر المواضيع الخلافية التي تقسم الفرنسيين، في طليعتها انعدام الأمن والهجرة والتربية.

في الخارج، تلقى الانتخابات الفرنسية متابعة حثيثة، لا سيما في كييف التي تخشى تراجع الدعم الفرنسي لها بمواجهة روسيا حال وصل اليمين المتطرف إلى السلطة في هذا البلد لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، لا سيما وأن «التجمع الوطني» متهم بأنه قريب من نظام فلاديمير بوتين.

غير أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رأى في تصريحات خطية لوكالة الصحافة الفرنسية، الخميس، «نعتقد أن الفرنسيين سيستمرون في دعم أوكرانيا أياً كان الوضع السياسي».

وأكد بارديلا، الخميس، بهذا الصدد، أنه لن يدع «الإمبريالية الروسية تبتلع دولة حليفة مثل أوكرانيا».

لكنه ردد مرة جديدة أنه سيرفض في حال توليه رئاسة الحكومة إرسال جنود فرنسيين إلى أوكرانيا، وهو احتمال سبق أن طرحه ماكرون.

وقال: «موقفي بسيط جداً حول هذا النزاع... ولم يتغير إطلاقاً. هو موقف يقضي بدعم أوكرانيا وتفادي تصعيد مع روسيا... القوة النووية».

كما أكد مرة جديدة رفضه إمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى «يمكن... أن تضرب مباشرة الأراضي الروسية، وتضع فرنسا والفرنسيين في وضع الشريك في النزاع».