هل يستطيع الدبيبة استقطاب حلفاء خصومه بشرق ليبيا؟

بعد دعوته الشركات الروسية والصينية للاستثمار بالبلاد والمشاركة في «إعادة الإعمار»

الدبيية مصافحاً نظيره الصيني (حكومة الوحدة الليبية المؤقتة)
الدبيية مصافحاً نظيره الصيني (حكومة الوحدة الليبية المؤقتة)
TT

هل يستطيع الدبيبة استقطاب حلفاء خصومه بشرق ليبيا؟

الدبيية مصافحاً نظيره الصيني (حكومة الوحدة الليبية المؤقتة)
الدبيية مصافحاً نظيره الصيني (حكومة الوحدة الليبية المؤقتة)

خلال مشاركته في أعمال الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي - الصيني المنعقد في بكين، دعا رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إلى عودة الشركات الصينية للعمل في ليبيا، ومشاركتها في عملية «إعادة الإعمار»، وكذا عودة السفارة الصينية للعمل من العاصمة طرابلس، وهو ما ترجمته أوساط ليبية بكونه مواصلة لسياسته في استقطاب حلفاء لخصومه السياسيين، تحديداً بالشرق الليبي، أي قيادات البرلمان والجيش الوطني، لافتين في هذا السياق إلى زيارة وفد رسمي تابع لحكومته للعاصمة الروسية موسكو منتصف مايو (أيار) الماضي.

الدبيبة خلال مشاركته في أعمال الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي - الصيني المنعقد في بكين (الوحدة)

في البداية، يرى عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، أحمد الشركسي، أن الدبيبة يسعى لإقامة علاقات وشراكات قوية مع بكين، كما سعى من قبل للانفتاح على موسكو، بالرغم مما هو معروف من قرب الأخيرة من الشرق الليبي، وتمتعها بعلاقات جيدة مع المؤسسة العسكرية وقياداتها هناك، تحديداً قائد «الجيش الوطني» الليبي، خليفة حفتر.

وقال الشركسي لـ«الشرق الأوسط» إن هدف الدبيبة من تعزيز العلاقات مع موسكو وبكين «لا ينحصر فقط في استقطاب حلفاء خصومه، أو تعزيز شرعية حكومته من خلال الوجود بالمحافل الدولية وعقد الاتفاقيات، بل للتقارب مع دول معروفة بعدائها ومعارضتها القرارات الأميركية».

وأوضح الشركسي في هذا الصدد أن الصين وروسيا اللتين تعدان حليفتين، وفي الوقت ذاته من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، «يمكنهما بسهولة عرقلة أي مبادرة أو عملية سياسية تطرحها القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، على المجلس، والتي قد تستهدف تشكيل حكومة جديدة مصغرة تضطلع بمهمة إجراء الانتخابات».

الدبيبة في لقاء سابق مع السفير الروسي (الوحدة)

ورهن عضو «ملتقى الحوار السياسي» إمكانية نجاح الدبيبة في استمالة الروس والصين بحجم «ما سيقدمه لهما من عروض وصفقات اقتصادية»، وشدد على أن ذلك «لا يعني انتهاء علاقات الدولتين بقيادات الشرق الليبي العسكرية والسياسية»، لافتاً إلى أن الدبيبة «تمكن خلال سنوات قليلة من توليه السلطة في فبراير (شباط) 2021، من استقطاب بعض دول المنطقة، التي كانت تعرف بكونها من أبرز حلفاء قيادات الشرق الليبي، وبالتالي فالسيناريو قابل للتكرار، خصوصاً أن لديه علاقات جيدة بالفعل مع الروس حتى قبل توليه منصبه».

وقبل أسبوعين فقط، استقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، عدداً من قادة السلطة في طرابلس، حيث ناقش الجانبان آفاق توسيع الشركات الاقتصادية بين البلدين وتفعيل الاتفاقيات، وملف عودة الشركات الروسية للعمل في ليبيا.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

وفي هذا السياق، أعرب الشركسي عن قناعته بـ«قيادات الشرق الليبي لمحاولات الدبيبة الراهنة للتقارب مع موسكو والصين، وكيف تقابل ذلك بالانفتاح بدورها وبناء تحالفات مع دول مقربة منه بالغرب الأوروبي، كإيطاليا».

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي فرج فركاش أن دولاً عدة، من بينها روسيا والصين، «تسعى للانفتاح على الدبيبة وحكومته، بعد أن أحدثت حالة من الاستقرار بالبلاد، وأيضاً بدافع عدم وضع رهانها وكل بيضها بالساحة الليبية في سلة واحدة». وقال فركاش لـ«الشرق الأوسط»: «رصدنا تقارباً روسياً مع حكومة طرابلس تمثل بافتتاح السفارة الروسية في فبراير الماضي، وها نرى تقارباً صيناً أيضاً مع تلك الحكومة».

ورغم إقراره بوجود منافسة بين قيادات الشرق العسكرية والسياسية والدبيبة، فإن فركاش قلل بدرجة كبيرة مما يطرح عن «محاولات رئيس الحكومة المؤقتة استقطاب حلفاء قيادات شرق ليبيا». ولفت إلى وجود «حالة تنافس وصراع بين مختلف الأطراف والقوى الليبية تكاد تكون ظاهرية، وهناك مؤشرات عدة توحي بوجود اتصالات وتفاهمات تتم تحت الطاولة بينها من حين لآخر».

وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى مطار بنينا بنغازي لمقابلة مسؤولين بحكومة «الاستقرار» الموازية

غير أن فركاش حذر من توسع المتنافسين على السلطة بالبلاد، شرقاً وغرباً، بتوقيع عقود، وبدء مشروعات إعادة الإعمار، التي يتم تدشينها بشكل منفرد من قبل كل طرف، كونها «تتم بعيداً عن الرقابة الكاملة، في ظل استمرار الانقسام الحكومي والمؤسسي، مما يثير تخوفات من وجود شبهات فساد».

بدوره، حذر الأكاديمي وأستاذ العلاقات الدولية، إبراهيم هيبة، من مغبة عدم الانتباه لتوسع الأطراف المتصارعة على السلطة لعقد تحالفات متعددة مع دول كبرى. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن كل طرف ليبي «سيندفع في خضم محاولاته مزاحمة خصومه في استقطاب حلفائهم لتقديم مزيد من التسهيلات والصفقات بمناطق نفوذه شرقاً أو غرباً وجنوباً، وهو ما سيؤدي لتعزيز وضعية الانقسام بالبلاد».

وانتهى هيبة متسائلاً: «مع تعاظم مكاسب الدول الكبرى من وضعية الانقسام، هل يمكن أن نراهن على إمكانية دفعهم للمسار السياسي، وإجراء الانتخابات وتحقيق الاستقرار في بلادنا؟».


مقالات ذات صلة

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
TT

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف حكومته مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار، في أعقاب جولة مباحثات أجراها في العاصمة أسمرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى بلاده في زيارة رسمية.

وتأتي زيارة البرهان إلى إريتريا، بعد وقت قصير من إعلان أفورقي دعمه المباشر للجيش السوداني في حربه ضد قوات «الدعم السريع»، وعدّ أفورقي الحرب الدائرة بأنها حرب إقليمية تهدد أمن بلاده، وهدد بالتدخل بجيشه وإمكانياته لنصرة الجيش السوداني، حال اقتراب الحرب من ولايات «البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، والنيل الأزرق»، كونها امتداداً للأمن القومي لبلاده.

وأجرى البرهان جولة مباحثات مع أفورقي، تناولت علاقات البلدين، وتطور الأوضاع في السودان، وجهود إحلال الأمن والاستقرار، واستمع خلالها المضيف لتنوير من البرهان بشأن مستجدات الأوضاع في السودان، والانتهاكات التي «ارتكبتها الميليشيا الإرهابية المتمردة ضد المواطنين، والتدمير الممنهج للدولة السودانية ومؤسساتها»، وعزمه على «القضاء على الميليشيا ودحرها وهزيمتها»، وذلك وفقاً لنص إعلام مجلس السيادة.

أفورقي لدى استقباله البرهان في مطار أسمرة الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

ونقل إعلام السيادة عن الرئيس أفورقي، أن بلاده تقف بثبات ورسوخ إلى جانب السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يعد امتداداً للعلاقات الأزلية بين شعبي البلدين: «سنعمل على تعزيز آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».

إريتريا لن تقف على الحياد

وكان الرئيس آسياس أفورقي قد هدد قبل أيام، بأن بلاده ستتدخل لصالح الجيش السوداني إذا اقتربت الحرب من أربع ولايات حدودية، هي: القضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «التيار» السودانية: «إذا وصلت الحرب إلى هذه الولايات، فإن إريتريا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستصبح طرفاً في الحرب بكل ما تملك من جيوش وإمكانيات، لأن أمنها القومي سيصبح في المحك».

ووفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، الذي زار أسمرة، ضمن وفد صحافي سوداني، الشهر الماضي، فإن الرئيس الإريتري أبلغهم بأن بلاده «تنظر إلى الحرب الدائرة بوصفها حرباً إقليمية تستهدف السودان»، داعياً للتعامل معها بالجدية الكافية، وقال أيضاً: «ما كان يجب السماح بقيامها (الحرب) ابتداءً، سواء كان ذلك سلماً أو حرباً، وعدم السماح باستمرارها لأكثر من عام ونصف العام، وكان يجب توجيه ضربة استباقية لـ(الدعم السريع)».

وأوضح ميرغني على «فيسبوك»، أن أفورقي أبلغهم بأهمية بلوغ الدولة السودانية ما سماه «بر الأمان»، عادّاً ذلك «أولوية الأولويات»، وقال أفورقي أيضاً: «الدولة السودانية تواجه تحدي البقاء أو الفناء، وإنقاذها من هذا المصير يتطلب اتحاد كلمة الشعب السوداني مع الجيش».

دعوة بوتين لزيارة بورتسودان

من جهة أخرى، سير مئات السودانيين في العاصمة الإدارية «بورتسودان» موكباً إلى السفارة الروسية، تأييداً وشكراً على «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وسيراليون، لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وحملوا لافتات كتب عليها: «شكراً روسيا، روسيا تدعم السلام والاستقرار في السودان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لدى لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود أكتوبر 2019 (أ.ب)

وقال السفير الروسي في بورتسودان، أندريه تشيرنوفول، لدى استقباله المسيرة، إن حكومته صديقة وستظل صديقة للشعب السوداني، وأضاف: «الكل يعرف الوضع الداخلي في السودان، وأن الشعب يقف مع الجيش ومع الحكومة الشرعية، وهذا واقع معروف في كل العالم».

وأوضح أن استخدام بلاده لحق النقض «فيتو» يأتي احتراماً لخيار الشعب السوداني، وأضاف: «نحترم خيار الشعب السوداني، ومن أجل ذلك رفعنا صوتنا في مجلس الأمن ضد الوجود الأجنبي على أراضي السودان». ووجهت «المبادرة السودانية الشعبية»، وهي الجهة التي نظمت الموكب الدعوة للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لزيارة السودان لتكريمه من قبل الشعب، وكرّمت سفير بلاده في بورتسودان.