رنا مساعد مدرب «سلة الرياضي اللبناني»: التحديات صقلت مهارتي... وعائلتي الداعم الأول

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التعليقات السلبية لم تثنِ عزيمتها عن إكمال مشوارها

رنا بظاظو المساعد الثاني لمدرب نادي الرياضي اللبناني لكرة السلة للرجال (الشرق الأوسط)
رنا بظاظو المساعد الثاني لمدرب نادي الرياضي اللبناني لكرة السلة للرجال (الشرق الأوسط)
TT

رنا مساعد مدرب «سلة الرياضي اللبناني»: التحديات صقلت مهارتي... وعائلتي الداعم الأول

رنا بظاظو المساعد الثاني لمدرب نادي الرياضي اللبناني لكرة السلة للرجال (الشرق الأوسط)
رنا بظاظو المساعد الثاني لمدرب نادي الرياضي اللبناني لكرة السلة للرجال (الشرق الأوسط)

في مجتمع يهيمن عليه الرجال، تبرز قصص نجاح النساء كأمثلة ملهِمة للتحدي والتفوق في مختلف المجالات، من بين هذه القصص الملهمة تبرز قصة رنا بظاظو، المساعد الثاني لمدرب نادي الرياضي اللبناني لكرة السلة للرجال.

رغم التحديات الكثيرة التي واجهتها خلال مسيرتها، بدءاً من التحيزات والتعليقات المشككة، لم تتوانَ رنا لحظة عن الإصرار على النجاح وإثبات نفسها ميدانياً. تؤكد رنا أن دعم العائلة وثقتهم يلعب دوراً حاسماً في تمكين المرأة من تحقيق إنجازات ملموسة في شتى المجالات.

بدأت مسيرة رنا عندما كانت تلعب في فريق هومنمن تحت إشراف المدرب أحمد فران، أحبّت أن تكون متطوعة في ذلك الوقت مع المدربين لتدريب اللاعبين الصغار. وعندما باشرت عملها، شعرت بأن هذا مكانها الذي تنتمي له، وأن يستمع الأولاد إلى تعليماتها. شجعها رئيس النادي على تطوير مهاراتها، وبدأت في سن السادسة عشرة رحلة التطور المستمر من ملعب إلى آخر ومراقبةً أدق التفاصيل في اللعبة. وتقول رنا بأن التحديات التي مرّت بها حتى الآن ساهمت في تكوين شخصيتها المهنية وصقل مهاراتها، مما جعلها تصبح رنا بظاظو التي نعرفها اليوم.

بدأت مسيرة رنا عندما كانت تلعب في فريق هومنمن تحت إشراف المدرب أحمد فران (الشرق الأوسط)

وأوضحت رنا في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن دورها مع نادي الرياضي يتضمن حضور مباريات الفريق الخصم قبل كل مباراة ودراسته بشكل مفصل، هذا يشمل دراسة طريقة لعب الفريق الخصم وخططه على مختلف المراحل وتحضير فيديوهات فردية للاعبين، إذ تقوم بإعداد هذه الفيديوهات بعناية، ثم تجتمع مع الجهاز الفني بأكمله لوضع الخطة المناسبة لكل مباراة بناءً على التحليلات الدقيقة التي تقدمها.

وتصف رنا العمل مع نجوم النادي بأنه سهل وصعب في نفس الوقت. من جهة، هم لاعبون نخبة ومحترفون يعرفون حدودهم، مما يجعل التعامل معهم أسهل. ومن جهة أخرى، يتطلب العمل معهم جاهزية تامة وإلماماً بكافة جوانب اللعبة خلال التمارين والمباريات. وتؤكد رنا أن العمل مع هؤلاء اللاعبين يتطلب منها أن تكون دائماً على استعداد للإجابة عن أي سؤال وأن تكون مطّلعة على كافة تفاصيل اللعبة.

رنا بجوار الطاقم الفني لفريق كرة السلة للرجال (الشرق الأوسط)

عند الحديث عن التحديات الكبرى التي واجهتها عند الانضمام إلى الفريق، تروي رنا لـ«الشرق الأوسط» أنها واجهت العديد من التحديات، خاصة كونها المرأة الأولى في هذا الدور: هذا هو موسمي الثالث مع النادي، لكنه الأول الذي أكمله من البداية. في الموسم الأول، اضطررت للغياب لفترة شهرين بسبب تحديات في العمل. في الموسم الثاني، كنت في كندا وعدت في منتصف الموسم. لكن هذا الموسم هو الأكثر تحدياً لي من بداية التحضيرات لنهاية الموسم. الذين ينظرون من الخارج يقولون نعم إنها فتاة، لكنني لم أحصل على الوظيفة لأنني فتاة بل لأنني «كفاءة»، أعلم أن هناك العديد من المدربين في لبنان الذين يتمنون أن يكونوا مكاني، لكنني محظوظة وطورت عملي واستحققت أن أكون هنا.

وتحدثت رنا عن العديد من التعليقات السلبية التي كانت تتلقاها مثل «إنها بنت غير موجودة في المكان المناسب» و«مدعومة من الرئيس» و«شو بفهمها». لكنها تتجاهل هذه التعليقات لأنها تعتقد أن الذين يقفون خلفها هم أشخاص لا علاقة لهم بالرياضة «أنا أتجاهل كل التعليقات السلبية ويجب أن أكون واعية وألا أقف عند الأمور الصغيرة لأنها لن تطورني وستجعلني أقف في مكاني ولن أصل إلى أي مكان. أنا شخص سافرت كثيراً وعملت في الخارج، وبالتالي أعرف التحديات التي سأواجهها، وأركز على أهدافي. حالياً، تغير الوضع وكسبت ثقة الناس، والتعليقات أصبحت إيجابية مما يدل على أن الأشخاص يجب أن تُعطى لهم الفرص قبل الحكم عليهم وتغيير الصورة النمطية التقليدية عن النساء في الرياضة».

وعن الإنجازات التي حققتها مع النادي حتى الآن، تقول رنا «أفتخر بالاستحقاقات التي حققناها معاً، مثل حصولنا على ثلاثة ألقاب في بطولة لبنان، ولقبين في غرب آسيا، وبطولة دبي. أشعر بأنني محظوظة جداً لأن هناك العديد من المدربين الذين يعملون جاهدين في مسيرتهم دون أن يتمكنوا من الحصول على الألقاب».

وتصف رنا العمل مع نجوم النادي بأنه سهل وصعب في نفس الوقت (الشرق الأوسط)

أكدت رنا أن دعم عائلتها كان عنصراً أساسياً في نجاحها، كونها من بيئة محافظة وهي سيدة محجبة، إذ كانت عائلتها الداعم الأول لها منذ بداية مسيرتها، «لولا دعمهم لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم. بدأ ذلك من سفري للتعليم وكسب خبرات في الخارج، وبعدما تم تعييني مع الرياضي في أيام كورونا، لم يلق الخبر حماساً كبيراً عندهم، لكن بعد عودة الحياة إلى طبيعتها وعودة المباريات، أصبحوا يشاهدونني ويفتخرون بي ويدعمونني من الملعب ويحضرون كافة المباريات».

وعند سؤالها عن رؤيتها لمستقبل دور النساء في تدريب كرة السلة، خاصة في فرق الرجال تقول رنا «على صعيد لبنان، أنا الفتاة الوحيدة في هذا المجال وأتمنى أن يُفتح المجال في فرق أخرى لبنات أخريات. يجب أن تكون الفتاة قوية وتعمل على تطوير نفسها، وأن تكون قوية في أي مكان تتواجد فيه».

لا تخفي رنا أنها تواجه بعض الصعوبات، مثل عدم دخولها غرف الملابس بين الأشواط أثناء عرض ملخص الشوط ووضع بعض النقاط للأشواط المقبلة، لكنها تتأقلم مع هذا الوضع لأنها على حد تعبيرها هذا اختيارها مشيرة إلى أنها تضع حدوداً للتعامل مع الآخرين لضمان استمرارية عملها، «أضع حدوداً للتعامل مع الآخرين، وهذه الالتزامات تساعدني على الاستمرارية في عملي وأن لا أكون صديقة مقربة كي لا أسمع كلاماً لا أريد سماعه. بالحدود، يكون كل شيء تحت السيطرة».

وعن متابعتها للدوريات العربية، تشير رنا إلى أن اهتمامها يتركز على كرة السلة فقط لكنها تتابع الدوري السعودي للمحترفين كون الأضواء اليوم متجهة إلى المملكة العربية السعودية نظراً لاستقطابها لأهم النجوم وتنظيمها لأحداث عالمية بمختلف مجالات الرياضة وكشفت أنها من مشجعي رونالدو ونادي النصر السعودي. كما أشارت إلى التطور الكبير الذي تشهده الكرة النسوية السعودية ودخولها في فترة قصيرة ضمن تصنيف الاتحاد الدولي للعبة مؤكدة أن المستقبل يعد بالمزيد من التطور والإنجازات.

وتنصح رنا الرياضيات في مختلف مجالات الرياضة أن «يكن قويات وذوات شخصية قيادية، وأن يثقفن أنفسهن دائماً لمواجهة أي صعوبات، وبالتالي يجب أن يكن جاهزات لكل ما سيواجههن في الطريق لأن الرجال يحاولون اختبار الفتيات في هذه المجالات ليروا إذا كنّ على قدر التحدي والعمل أم لا، وأن يضعن نصب أعينهن خطة طويلة الأمد للوصول إلى أهدافهن، خاصة أن الفتاة تتميز بأنها تقوم بعملها بحب وشغف رغم كل الظروف المحيطة، لذلك يجب أن تبقى قوية وثابتة».

قصة رنا بظاظو تلهم العديد من النساء وتثبت أن التفاني والإصرار يمكن أن يتغلبا على التحديات التقليدية ويحققن النجاح في مجالات كانت حكراً على الرجال. بفضل إصرارها ودعم أهلها، تمكنت رنا من تخطي العقبات والنجاح في مجال يتطلب الكثير من الجهد والتحدي، وهي لا تقف فقط هنا بل تؤكد أنه تعشق التحدي وتهرب من الروتين ولديها الكثير من الأهداف التي تعمل عليها مستقبلاً لتتطور وتكبر في مجالها.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: الهجمات التي تستهدف الجيش اللبناني «انتهاك صارخ» للقرار 1701

المشرق العربي جنود لبنانيون يتجمعون في موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت موقعاً للجيش في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الهجمات التي تستهدف الجيش اللبناني «انتهاك صارخ» للقرار 1701

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أنها «تشعر بالقلق» إزاء تصاعد الأعمال القتالية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، والهجمات التي تعرض لها الجيش اللبناني.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

يونيفيل: مقتل 45 جندياً لبنانياً في هجمات إسرائيلية حتى الآن

نددت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان بالهجمات التي شنتها إسرائيل على الجيش اللبناني خلال حربها المستمرة على «حزب الله».

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد دخان كثيف وألسنة لهب جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى في الطيونة ببيروت الاثنين 25 نوفمبر 2024 (أ.ب)

واشنطن وباريس: محادثات وقف إطلاق النار في لبنان حققت تقدماً كبيراً

قال البيت الأبيض، الاثنين، إن المناقشات التي أجرتها الحكومة الأميركية بشأن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل إيجابية، وتمضي في الاتجاه الصحيح.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا خلال عمليات الإسعاف بعد انفجار أجهزة «البيجر» التي يستخدمها عناصر «حزب الله» للتواصل في جميع أنحاء لبنان... الصورة في بيروت 17 سبتمبر 2024 (رويترز)

النرويج تلغي تحقيقاً بشأن أجهزة «البيجر» التي انفجرت في لبنان

قالت قوة شرطة الأمن النرويجية، الاثنين، إنها لم تجد أي أساس للتحقيق في صلات نرويجية بتوريد أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) الملغومة لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي مبنى مدمَّر بعد استهدافه بقصفٍ إسرائيلي في منطقة الطيونة بضاحية بيروت الجنوبية (إ.ب.أ) play-circle 01:42

مجازر في البقاع وجنوب لبنان تسابق وقف إطلاق النار

تواصل تصعيد المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل بعد اشتدادها بشكل غير مسبوق يوم الأحد، حيث وصلت صواريخ الحزب إلى تل أبيب.

كارولين عاكوم (بيروت)

الحكم ببراءة الرئيس السابق للاتحاد الكويتي لكرة القدم

هايف المطيري (الاتحاد الكويتي)
هايف المطيري (الاتحاد الكويتي)
TT

الحكم ببراءة الرئيس السابق للاتحاد الكويتي لكرة القدم

هايف المطيري (الاتحاد الكويتي)
هايف المطيري (الاتحاد الكويتي)

قضت دائرة جنايات في المحكمة الكلية في الكويت، يوم الاثنين، ببراءة الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم هايف المطيري ونائبه أحمد عقلة والأمين العام صلاح القناعي من التهم المنسوبة لهم.

وسبق للنيابة أن أسندت إلى المطيري تهمة نشر أخبار كاذبة في الخارج بأن السلطات الكويتية وافقت على حضور 200 مشجع عراقي لمباراة منتخب بلادهم أمام مضيفتهم الكويت ضمن التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

كما أسندت إلى عقلة والقناعة تهمة تنظيم المباراة نفسها بصورة من شأنها إظهار الكويت بصورة معيبة.

كانت النيابة العامة أمرت بحبس الثلاثي 21 يوماً على ذمة قضية أمن الدولة بحجة «الإضرار بمصالح البلاد وإذاعة أخبار كاذبة» على خلفية أحداث المباراة التي أقيمت في 10 سبتمبر (أيلول) الجاري، ثم ما لبثت أن مددت الحجز.

معلوم أن ما شهدته المباراة أدى إلى تقديم رئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد لاستقالتهم الجماعية إثر اجتماع طارئ.

وقام مجلس الإدارة بعد أيام من المباراة بتكليف الأمين العام بالتكليف صالح المجروب بدعوة الجمعية العمومية غير العادية للانعقاد لانتخاب مجلس إدارة جديد لاستكمال مدة المجلس الحالي.

وقرر الاتحاد في حينها تشكيل لجنة تحقيق بالأحداث «غير المقبولة» التي صاحبت اللقاء وأوقف أمينه العام ومدير العلاقات العامة، قبل أن يرضخ للهجمات والانتقادات التي طالته من كل حدب وصوب ويستقيل بكامل أعضائه.

وتعرّض الاتحاد لانتقادات لاذعة بعيد نهاية المواجهة بسبب سوء التنظيم والفوضى التي رافقت المباراة نتيجة عدم ربط التذاكر بأرقام المقاعد، فضلاً عن دخول عدد كبير من المشجعين لا يحملون تذاكر، وحرمان عدد ممن يحملها من الدخول.

وأقيمت المباراة في أجواء صعبة وصلت فيها الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية من دون توفير مياه شرب للحضور، الأمر الذي أدى إلى حالات من الإغماء والاختناق، وناشدت الجماهير المسؤولين تزويدها بالماء، بحسب مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

وامتلأ الملعب الذي افتتح قبل 14 سنة تماماً ويتسع لـ60 ألف متفرج، بمعظمه قبل أكثر من ثلاث ساعات على انطلاق المباراة رغم الحرارة المرتفعة، بعدما بيعت التذاكر كافة، بينها 5 آلاف للجمهور الضيف.

وحصل الكثير منذ الحين، حيث تولى مجلس إدارة جديد مقدرات الاتحاد برئاسة الشيخ أحمد اليوسف، وقبلها تم التعاقد مع شركة كبرى سبق لها المساهمة في تنظيم مونديال 2022 في قطر، كي تشارك في تنظيم «خليجي 26» التي تستضيفها الكويت في الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024 وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025.