هل ينجح رهان ترمب وبايدن على المناظرات الرئاسية؟

التضخم يهدد مكاسب الديمقراطيين... وترقب لدور «الناخبين المستقلين»

توافق بايدن وترمب على عقد مناظرتين رئاسيتين في يونيو وسبتمبر (رويترز)
توافق بايدن وترمب على عقد مناظرتين رئاسيتين في يونيو وسبتمبر (رويترز)
TT

هل ينجح رهان ترمب وبايدن على المناظرات الرئاسية؟

توافق بايدن وترمب على عقد مناظرتين رئاسيتين في يونيو وسبتمبر (رويترز)
توافق بايدن وترمب على عقد مناظرتين رئاسيتين في يونيو وسبتمبر (رويترز)

بدأ الرئيس الأميركي جو بايدن، الأسبوع الماضي، مبارزة كلامية علنية أشعلت سباق الرئاسة مع منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب. فبلهجة يملؤها التحدي والتهكم في الوقت نفسه، دعا بايدن ترمب إلى مواجهته في مناظرتين رئاسيتين. دعوة لاقت ترحيباً فورياً من ترمب المتعطش لمواجهة علنية مع منافسه الديمقراطي، ليجيبه بتحدٍّ آخر تضمن اقتراح مناظرتين إضافتين.

لكن بايدن لم يقع في ما عده الديمقراطيون «فخاً»، بل اكتفى بالمناظرتين المطروحتين، بشروط محددة تتضمن غياب جمهور يشتت انتباهه، لتتوجه الأنظار إلى مسرح مشبع بالدراما السياسية في نهاية شهر يونيو (حزيران)، في حدث قد يسقط أو ينعش أحد المرشحين.

يستعرض برنامج «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، مدى أهمية المناظرات الرئاسية، واحتمالات تأثيرها في رأي الناخب الأميركي.

يتقدم ترمب على بايدن في استطلاعات الرأي (أ.ف.ب)

هل ستحدث المناظرة؟

يرى ستيوارت روي، مدير الاتصالات السابق لزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب توم ديلي، أن بايدن فاز في الجولة الأولى من معركة ما قبل المناظرات، من خلال تحديه ترمب، ووضعه شروطاً معينة لعقد المناظرات؛ كغياب الجمهور مثلاً، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن «ترمب حصل على الأمر الوحيد الذي كان يريده، وهو عقد مناظرة مع بايدن». ويفسّر قائلاً: «إن حملة ترمب تراهن على إبراز التناقض بين الرجلين، وعلى أن بايدن سيبدو مسناً وضعيفاً ومتعباً مقابل ترمب».

ومن ناحيته، يحذر مارك باراباك من حسم موضوع عقد المناظرات باكراً، فيلوح باحتمال أن يغير أحد المرشحين رأيه في المشاركة، مشيراً إلى طلب ترمب إجراء اختبار ذهني وفحص مخدرات لبايدن قبل المشاركة. وأضاف: «مع دونالد ترمب، لا يمكن لأحد توقع ما سيحدث؛ فهو يحب إضافة كثير من الدراما إلى الأمور». كما يرى باراباك أن «العامل المجهول» هو المرشح المستقل روبرت كينيدي جونيور، «فقد كان بايدن واضحاً بأنه لا يريد أن يشاركه المسرح. وفي حال شارك كينيدي، فهذا قد يكون ذلك سبباً كافياً لعدم مشاركة بايدن».

وتنتقد هولي بايج، الشريكة المؤسسة لتجمع «نو لايبلز» الوسطي، رفض المرشحين ترمب وبايدن مشاركة روبرت كينيدي جونيور في المناظرات، وتقول: «أعتقد أنهما يبذلان جهوداً غير اعتيادية في محاولة استبعاد روبرت إف. كينيدي جونيور من الساحة، وهذا برأيي خطأ؛ إذ يجعله شخصية أكبر مما هو عليه في الواقع، بدلاً من السماح له بالحديث مباشرة إلى الشعب الأميركي، والسماح لنا بتقييم بعض من أقواله المثيرة للجدل التي صرّح بها في السابق».

وتشير بايج، التي عملت في الحملة الانتخابية الأولى للرئيس السابق بيل كلينتون، إلى أهمية المناظرات الرئاسية، مُذكّرة بالمناظرة التي جمعت بين جورج بوش الأب وكلينتون، والمشهد الذي صور بوش وهو ينظر إلى ساعته خلال المناظرة، «وكأنه كان يشعر بالملل من وجوده هناك» وأضافت: «لا أعتقد أنها كانت الحقيقة، لكن هذا ما جرى نقله إلى الأميركيين، وقد أثر على وجهة السباق بالفعل».

ويُذكّر باراباك بـ«بشاعة» المناظرات الرئاسية على حد تعبيره، ويعطي مثالاً لذلك مناظرات عام 2020 بين بايدن وترمب، قائلاً: «لنتذكر مناظرات 2020، لقد عكست مشاهد قبيحة جداً خصوصاً خلال المناظرة الأولى: من الصراخ إلى مقاطعة الحديث بشكل مستمر، لم تكن مثل أي مناظرة رأيناها سابقاً جديرة بمستوى رئاسي».

وبينما قرر كل من بايدن وترمب تخطي لجنة المناظرات الرئاسية في عقدهما مناظرتين، في 27 يونيو (حزيران) و10 سبتمبر (أيلول)، رأت بايج أن سبب القرار كان تجنب مشاركة روبرت كينيدي جونيور، نظراً لأن القرار بهذا الشأن يقع بيد اللجنة، ولا يحق للمرشحين وضع شروطهما للمشاركة. ورجّحت هولي أن يوافق ترمب وبايدن على عقد مناظرات إضافية بإشراف اللجنة، وهو ما نقلته من اجتماعها مع مفوض اللجنة فرنك فيرينكوف، الذي أكّد لها أن احتمال عقد مناظرات بإشراف اللجنة لا يزال وارداً.

بايدن خلال حدث انتخابي في نيوهامشير (رويترز)

ملفات داخلية مهمة

بينما ينصب تركيز الإعلام على المناظرات المقبلة، يتمحور اهتمام الناخب الأميركي حول ملفات داخلية أساسية؛ كالهجرة والاقتصاد والتضخم، وهي ملفات سترسم معالم السباق في مراحله النهائية.

ويشير باراباك إلى أنه تاريخياً، «هناك أمران رئيسيان يهمان الناخبين: الأول هو فرص العمل، أي الوضع الاقتصادي، والأمر الثاني هو التضخّم والذي يؤثر في الجميع. وعلى الرغم من تراجع التضخم، فإنه ما زال يعد مصدر إحباط كبيراً لإدارة بايدن والرئيس نفسه». ويرى باراباك أنه على الرغم من أن «الاقتصاد، وفق معظم المعايير في حالة جيدة، فإن هذا لم يُتَرْجَم بنوع من الشعور الإيجابي بالنسبة إلى كثير من الأميركيين»، ما يصب في مصلحة ترمب.

مناصرو ترمب لن يغيروا من دعمهم إياه على عكس المستقلين (أ.ف.ب)

دور «المستقلين»

يشير ستيوارت روي إلى عامل مهم في حسم السباق، وهو عامل الناخبين المستقلين، مُذكّراً بأن هذه هي الفئة الانتخابية التي يحتاج إليها المرشحان للفوز، لكنه يسلط الضوء على «صعوبة» تعريف الناخب المستقل، ويفسر قائلاً: «إن تعريف المستقلين والعثور عليهم هي مهمة صعبة للغاية. فغالباً ما نجد أن الذين يطلقون على أنفسهم لقب «مستقلون» يميلون بالأغلبية إلى حزب أو آخر»

وتستطرد هولي بايج أن سبب ميل المستقلين لجهة معينة على حساب أخرى، يعود إلى غياب «خيار ثالث موثوق به»، مؤكدة أنه «لو كان هناك خيار ثالث موثوق به، لَصَوَّتَ معظم الأميركيين له». وهنا يذكر باراباك بطبيعة الناخبين المستقلين الحقيقيين، مشيراً إلى أنهم «أشخاص يميلون إلى عدم متابعة الأحداث السياسية عن قرب»، فيقول: «قد يكون لديهم إدراك عام عن محاكمة ترمب مثلاً أو عن خطط بايدن، لكنهم لا يتابعون التطورات السياسية من كثب، ومن المؤكد أنهم لن يشاهدوا المناظرات الرئاسية في يونيو». ويضيف: «هؤلاء هم الأشخاص الذين سيهتمون بالانتخابات في وقت متأخر جداً، ربما في الأسبوع الأخير من أكتوبر (تشرين الأول)، حينها سيركزون على ما يجري لاتخاذ قرار نهائي».


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن: أوامر اعتقال الجنائية الدولية ضد زعماء إسرائيل «أمر شائن»

ندد الرئيس الأميركي جو بايدن بإصدار الجنائية الدولية أوامر لاعتقال نتنياهو وغالانت، وقال في بيان: «سنقف دوماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات التي تواجه أمنها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مجلس الشيوخ الأميركي (رويترز)

مجلس الشيوخ الأميركي يجهض حظر إرسال أسلحة هجومية إلى إسرائيل

أحبط مجلس الشيوخ مساعي صدّ تسليم الأسلحة الهجومية لإسرائيل بسبب ممارساتها خلال الحرب في غزة، وفشل داعمو الطروحات في الحصول على الأصوات اللازمة لإقراره.

رنا أبتر (واشنطن)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».