أكد تقرير أعده ما يسمى «مجلس النواب» في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية انتشار المبيدات الزراعية المحظورة، بينما انحاز قادة الجماعة لتجار هذه المبيدات التي تُتهم بالتسبب في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في اليمن، وعدُّوا الحملة الشعبية المناهضة «مؤامرة غربية تديرها خلايا تجسس تسعى لتدمير القطاع الزراعي».
وفي حين كان المئات من سكان مديرية بني مطر، غرب صنعاء، يواصلون احتجاجهم على خطة القيادي محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة، لإقامة مصنع للمبيدات الزراعية بالشراكة مع «مجموعة دغسان» التي تعمل لمصلحة الجماعة، شن مهدي المشاط رئيس مجلس الحكم الانقلابي، هجوماً عنيفاً على المعارضين لتداول المبيدات المحرمة، وقال: «إنهم يعملون ضمن خلايا تجسس ضمن مخطط لتدمير الزراعة».
ووصف المشاط، في لقاء جمعه مع وزارة الزراعة في الحكومة غير المعترف بها، واللجنة التي شُكلت لتحديد أصناف المبيدات المسموح باستخدامها، المطالب الشعبية بوقف تداول المبيدات، بأنها «حملة مسعورة جائرة على المبيدات الزراعية».
وقال إن الحملة «ليست منطقية»، ورأى «أن المشكلة تكمن في آلية الاستخدام، وعدم وجود إرشاد لدى المزارعين في كيفية استخدام المبيدات استخداماً صحيحاً». وزاد على ذلك بقول إن الزراعة مستهدفة من قبل جهات خارجية، «وعلى رأسها الاستخبارات الأميركية، وتعمل معها منظمات كثيرة».
وزعم المشاط، وهو الحاكم الصوري في مناطق الحوثيين، ويعد في نظر كثيرين أحد اتباع مجموعة «دغسان التجارية»، أن ما أثير حول المبيدات وتخويف السكان أنها تسبب السرطان «هراء وأكاذيب لا أساس لها من الصحة».
كما ادعى أن الشركة قررت التخلص من مبيد «بروميد الميثيل»، نظراً لبروتوكول أوروبا؛ لأنه يؤثر في طبقة الأوزون، «لكن لا توجد مشكلة على طبقة الأوزون من اليمن»، وجزم أنه «لا يوجد بديل لهذا المبيد سوى بديل بدائي يحتاج من 8 إلى 9 أشهر... والقول بوجود علاقة له بالسرطان يأتي في سياق تشويه وضرب المبيدات لمنع مكافحة الأوبئة والآفات التي يراد نشرها في المنتجات الزراعية» في مناطق سيطرة جماعته.
واتهم الداعين لوقف تداول المبيدات المسببة للسرطان، بالتناغم «مع توجه الخلايا التجسسية لتدمير العملية الزراعية»، وقال إن جماعته «لن تسمح بذلك»، ورفض احتجاجات السكان في مديرية بني مطر، وقال: «إن مصنع المبيدات سيقام ولا رجعة عنه»، زاعماً أن المختصين «أكدوا له أنه لا يوجد ضرر على السكان».
خلاف داخلي
ورأى ناشطون يمنيون أن تزامن خطاب المشاط مع تقديم تقرير المبيدات إلى «مجلس النواب» غير الشرعي الخاضع للانقلابيين في صنعاء، هو مؤشر على أن هناك خلافات داخل سلطة الجماعة، وأن تجميد مناقشة التقرير جاء من باب عدم تأجيج الوضع، نظراً للتصادم بين ما أورده المشاط وما جاء في التقرير.
وخلافاً لدفاع رئيس «مجلس حكم» الحوثيين عن تجار المبيدات، ذكر تقرير لجنة شكَّلها ما يسمى «مجلس النواب» في صنعاء، أنه عند مراجعة قوائم المبيدات الممنوعة والمضبوطة في المنافذ الجمركية وُجد أن 39 مادة من المبيدات الممنوعة دخلت تلك المناطق، ورأى في ذلك مؤشراً على استمرار ظاهرة التهريب للمبيدات، نتيجة عدم وجود عقوبات رادعة ضد المهربين.
وبخصوص مبيد «بروميد الميثيل»، بيَّن التقرير أنه وصل إلى المنافذ الجمركية، ولم يكن من المبيدات المسجلة أو المصرَّح باستيرادها كونه مبيداً محظوراً، وأن جميع الإجراءات التي جرى القيام بها لإدخاله مخالِفة للقانون رقم 25 لسنة 1995 بشأن تنظيم تداول المبيدات والآفات النباتية ولائحته التنفيذية. وأكد، أن ما تسمى «وزارة الزراعة والري»، قامت بعمل آلية تنظيمية لاستيراد المبيدات المقيدة، والإشراف على استخدامها، بناءً على رغبة التجار المستوردين.
وأعلنت اللجنة في تقريرها أنه بعد مطابقتها قوائم المبيدات بأنواعها الواردة إليها من «وزارة الزراعة والري»، و«الهيئة العامة لحماية البيئة»، لاحظت وجود 22 صنفاً من المبيدات المسموح بتداولها واستخدامها في قوائم الهيئة، منها 17 مبيداً يتقيد استخدامها بشدة، و5 أصناف أخرى محظورة. كما أظهرت الوثائق دخول 38 طناً من مبيد «بينفثرين»، و20 طناً من مبيد «سيبرمثرين»، وهي من ضمن المبيدات المحظورة.
وكشف التقرير أن حملة التفتيش على محالّ بيع المبيدات، والتأكد من تخزينها وأنواعها توقفت منذ 5 سنوات، وذكر أن هناك قصوراً شديداً في تنفيذ حملات التفتيش والرقابة الدورية وبصورة مفاجئة ومنتظمة، على بيع وتداول المبيدات، حيث كانت آخر حملة رسمية في عام 2019.
وبشأن فحص الأثر المتبقي من المبيدات على المنتجات والمحاصيل الزراعية التي تباع في الأسواق المحلية، ذكر التقرير أن الفحص يقتصر على المنتجات الزراعية التي يجري تصديرها إلى الخارج فقط.