«بنات ألفة» و«وداعاً جوليا» يحصدان عشرات الجوائز... ما السر؟

فوزهما بتصويت النقاد العرب في «كان» الأحدث

لقطة جماعية للفائزين بجوائز النقاد العرب مع علاء كركوتي وماهر دياب مؤسسَي مركز السينما العربية (مركز السينما العربية)
لقطة جماعية للفائزين بجوائز النقاد العرب مع علاء كركوتي وماهر دياب مؤسسَي مركز السينما العربية (مركز السينما العربية)
TT

«بنات ألفة» و«وداعاً جوليا» يحصدان عشرات الجوائز... ما السر؟

لقطة جماعية للفائزين بجوائز النقاد العرب مع علاء كركوتي وماهر دياب مؤسسَي مركز السينما العربية (مركز السينما العربية)
لقطة جماعية للفائزين بجوائز النقاد العرب مع علاء كركوتي وماهر دياب مؤسسَي مركز السينما العربية (مركز السينما العربية)

في إنجاز جديد يضاف إلى رصيدهما الكبير من الجوائز، تصدر الفيلم التونسي «بنات ألفة» والفيلم السوداني «وداعاً جوليا» جوائز النقاد للأفلام العربية في نسختها الثامنة التي أُعلنت مساء (السبت) خلال فعاليات الدورة الـ77 من مهرجان «كان» السينمائي؛ إذ فاز الأول بثلاث جوائز كأفضل فيلم وثائقي، وفازت مخرجته كوثر بن هنية بجائزة أفضل مخرجة، وحاز أفضل مونتاج للمونتيرة التونسية قتيبة برهمجي، في حين فاز الفيلم الثاني بجائزتي أفضل فيلم روائي طويل وأفضل سيناريو لمخرجه محمد كردفاني.

وشارك في التصويت على الجوائز 225 ناقداً عربياً من 72 دولة، وفاز بجوائز التمثيل، الممثلة الأردنية منى حوا عن دورها في فيلم «إن شاء الله ولد» للمخرج أمجد رشيد، الذي تُوج فيلمه أيضاً بجائزة أفضل تصوير لـ«كانيمي أوياما»، في حين فاز بجائزة أفضل ممثل الفنان الفلسطيني صالح بكري عن دوره في فيلم «الأستاذ»، وحصل الموسيقار التونسي أمين بوحافة على جائزة أفضل موسيقى تصويرية عن الفيلم السعودي «هجان»، في حين فاز الفيلم المصري «عيسى» للمخرج مراد مصطفى بجائزة أفضل فيلم قصير التي تم استحداثها لأول مرة في هذه الدورة.

وحقق فيلما «بنات ألفة» و«وداعاً جوليا» منذ عرضهما الأول قبل عام بمهرجان «كان» السينمائي تفوقاً لافتاً، وحصدا عدداً من الجوائز على مدار العام، ليؤكد كل منهما جدارته بها؛ إذ فاز فيلم «بنات ألفة» بـ3 جوائز بمهرجان «كان» خلال دورته الماضية، وهي: جائزة «السينما الإيجابية»، وجائزة «العين الذهبية» - مناصفة مع الفيلم المغربي «كذب أبيض» - كما فاز بجائزة «فرنسوا شالي»، إضافة إلى فوزه بجائزة أفضل فيلم وثائقي بمهرجان «جوثام،» وحاز جائزة «سيزار الفرنسية» لأفضل وثائقي، كما وصل للقائمة القصيرة بتصفيات «الأوسكار»، وتجاوزت جوائزه 30 جائزة.

الفيلم التونسي «بنات ألفة» تصدر جوائز السينما العربية بمهرجان «كان» (الشركة المنتجة)

ويتناول فيلم «بنات ألفة» واقعة حقيقية لأم تونسية لأربع بنات تُفاجأ باختفاء ابنتيها الأكبر سناً وانضمامهما لتنظيم «داعش» في ليبيا، ويمزج الفيلم بين التوثيق والروائية من خلال الاستعانة بالأم الحقيقية، في حين تؤدي دورها بالفيلم في مشاهد أخرى الفنانة هند صبري.

وتُوج الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» بـ37 جائزة حتى الآن، وحسبما أكد مخرجه محمد كردفاني، كانت البداية مع فوزه بجائزة «الحرية» بمهرجان «كان» في دورته الـ76، وجائزة «روجر إيبرت» من مهرجان شيكاغو، وحاز أفضل فيلم في مهرجان «بلفاست» ببريطانيا، وفاز بنفس الجائزة في مهرجان «أفري كاميرا» ببولندا، ومن مهرجان «سبتيموس»، وكذلك «مهرجان الحرب على الشاشة» بفرنسا، كما حاز جائزة الجمهور من عدة مهرجانات، ومثّل السودان في ترشيحات «الأوسكار»، وأُنتج الفيلمان بدعم مهرجان البحر الأحمر، ومشاركة عدة جهات إنتاجية أخرى.

ويتطرق فيلم «وداعاً جوليا» لفترة ما قبل انفصال جنوب السودان عن شماله، من خلال «منى» الزوجة الشمالية التي تسعى للتخلص من ذنب مقتل رجل جنوبي بسببها، فتستعين بزوجته «جوليا» لتعمل كخادمة عندها، وشارك في بطولته إيمان يوسف، وسيران رياك، ونزار جمعة.

الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» حصد 37 جائزة خلال عام (الشركة المنتجة)

ورأى الناقد الكويتي عبد الستار ناجي الذي يوجد حالياً بمهرجان «كان»، أن كلا الفيلمين التونسي والسوداني حققا فوزاً مستحقاً منذ انطلاقتهما في «كان»، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «وداعاً جوليا» حصد الانتباه والتقدير منذ عرضه الأول بسبب طرحه المتميز لقضية الحرب الأهلية وانفصال جنوب السودان، عبر كتابة عالية المستوى وتميز في إيصال مضامين. وعدّ ناجي «بنات ألفة» أحد الأعمال المهمة التي تناولت موضوع الإرهاب، وهو عمل نال الكثير من الجوائز ووصل للترشيحات النهائية بـ«الأوسكار»، مؤكداً أنه «من الإنصاف أن يعطي النقاد أصواتهم لهذه الأعمال التي كللت مسيرة صنّاعها من منتجين ومخرجين وكتّاب وشركات توزيع تدعمها بقوة وتصل بها لأكبر المحافل الدولية».

وهو ما يتفق معه الناقد خالد محمود، أحد المصوتين بجوائز النقاد العرب، الذي أكد أنها من الجوائز القيمة التي تعمل بشكل منضبط سنوياً، وتعتمد على تصويت أكبر عدد من نقاد السينما العربية الذين يعيشون ببلادهم أو خارجها، مؤكداً أن «الفيلم الجيد يحقق رؤية شبه موحدة واختيارات قريبة للغاية من بعضها، في حين تتضاءل الاختلافات بين المصوتين، وبالتالي تكون الاختيارات أقرب للمصداقية».

وأوضح خالد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن فيلم «بنات ألفة» تجربة متميزة جمعت بين الوثائقي والتاريخي والشخصي والوطني، في رصد لظاهرة الإرهاب وتحولاتها في المجتمع، مؤكداً أن هذا سر تميزه وسر صعوده المتوالي على منصات التتويج، في حين وصف «وداعاً جوليا» بأنه أكثر فيلم عربي حقيقي خلال السنوات العشر الماضية، لافتاً إلى أن الظرف التاريخي بالسودان ربما ساعده، مع تنفيذه بشكل رائع رغم أنه أول فيلم طويل لمخرجه؛ إذ نفذه بتقنيات فنية عالية، مشيراً إلى أن «القضية المطروحة مرتبطة بالواقع السوداني، ما وضعه في مكانة مختلفة».


مقالات ذات صلة

نجوم التسعينات في مصر أشعلوا الذاكرة وأبهجوا بيروت

يوميات الشرق نجوم الأغنية المصرية في التسعينات غنّوا روائع الذاكرة (الشرق الأوسط)

نجوم التسعينات في مصر أشعلوا الذاكرة وأبهجوا بيروت

نجوم الأغنية المصرية في التسعينات، حسام حسني وحميد الشاعري ومحمد فؤاد وهشام عباس وإيهاب توفيق، غنّوا روائع الذاكرة في حفل بيروتي حضره الآلاف.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق رياض في المؤتمر الصحافي للمهرجان (إدارة المهرجان)

«القومي للمسرح» يمنح أولوية لتكريم الفنانين على قيد الحياة

دافع الفنان المصري محمد رياض، رئيس المهرجان القومي للمسرح عن قرارته التي أحدثت جدلاً في الأوساط المسرحية ومن بينها أسماء المكرمين في الدورة الـ17 من المهرجان.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق أريد من الحفل «فعل صلاة» لقدرة الموسيقى على غَسْل الداخل (الشرق الأوسط)

المايسترا مارانا سعد تقود الموسيقى نحو الحبّ الأعظم

في حفل المايسترا اللبنانية الأخت مارانا سعد، يحدُث التسليم للحبّ. ليس بهيئته المُتدَاولة، بل بكينونته. بالعظمة الكامنة في نبضه وجوهره وسُلطته على العناصر.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
TT

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

18 طفلاً من جنوب لبنان اختارتهم «سيناريو» للتعليم التشاركي والفني لتقديم مسرحية بعنوان «جبل الأمل». الهدف من هذه المبادرة هو دعم هؤلاء الأطفال وتزويدهم بفسحة أمل. فما يعانونه من الحرب الدائرة في بلداتهم وقراهم دفعهم إلى النزوح وترك بيوتهم.

تأتي هذه المسرحية من ضمن برنامج «شو بيلد» (إظهار البناء) الذي بدأته «سيناريو» في 22 يوليو (تموز) الجاري في بلدة الزرارية الجنوبية. فأقيمت التمارين للمسرحية التي ستعرض في 29 الجاري، وتستضيفها مؤسسة سعيد وسعدى فخري الاجتماعية في البلدة المذكورة.

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

غالبية الأطفال يقيمون في البلدة وبعضهم الآخر يأتيها من بلدتي أرزاي والخرايب على الشريط الحدودي. وتشير مخرجة المسرحية ومدرّبتهم زينة إبراهيم، إلى أن فكرة العمل وضعها الأطفال بأنفسهم. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد زودناهم بكلمات محددة كي يستلهموا منها أفكارهم. وتتألف هذه الكلمات من حب وسفر وأمل ورحلة ومغامرة واكتشاف... وغيرها. وعلى أساسها كتبوا قصة المسرحية بعنوان (جبل الأمل). وكما تلاحظون ابتعدنا عن استخدام كلمة حرب ضمن المفردات التي عرضناها عليهم».

يتراوح أعمار الأولاد المشاركين ما بين 10 و17 عاماً. خضعوا في برنامج «شو بيلد» إلى 7 جلسات شائقة تركز على اللعب والتمثيل والأداء المسرحي. وتستغرق كل جلسة نحو ساعتين، وذلك على مدى أسبوعين. وتأتي هذه المسرحية لتختتم البرنامج الفني لـ«سيناريو». وتضيف إبراهيم: «هذا البرنامج يوفّر للأولاد متنفساً للتعبير والإبداع، لا سيما خلال هذه الأوقات الصعبة التي يعيشونها في منطقة الجنوب».

تصف زينة إبراهيم هذه التجربة باللبنانية بامتياز. فقد سبق أن قامت ببرامج تعليمية سابقة شملت أولاداً لبنانيين وغيرهم من فلسطينيين وسوريين. وتقول إننا نرى قلقاً كبيراً في عيون أطفال الجنوب. وتتابع: «أكثر ما يخافونه هو أصوات الانفجارات. فهي تشكّل مفتاح الرعب عندهم، ويحاولون قدر الإمكان تجاوزها بابتسامة. وبينهم من كان يطمئنني ويقول لي (لا تخافي إنه ببساطة خرق لجدار الصوت). لا أعرف ما إذا كان تجاوزهم لهذه الأصوات صار بمثابة عادة يألفونها. وقد يكون أسلوباً للهروب من واقع يعيشونه».

تتناول قصة المسرحية رحلة تخييم إلى جبل يصادف فيه الأولاد مجموعة مساجين. وعندما يهمّون بالتواصل معهم يكتشفون أنهم يتحدثون لغة لا يفهمونها. ولكنهم ينجحون في التعبير عن أفكارهم المشتركة. ويقررون أن يمكثوا على هذا الجبل حيث يشعرون بالأمان.

وتعلق المخرجة إبراهيم: «اسم المسرحية استوحيته من عبارة قالتها لي فتاة في العاشرة من عمرها. فبرأيها أن الأمل هو نتيجة الأمان. وأنها ستحارب للوصول إلى غايتها هذه. أما فكرة اللغة غير المفهومة فنشير فيها إلى ضرورة التواصل مع الآخر مهما اختلف عنا».

تروي إبراهيم عن تجربتها هذه أنها أسهمت في تقريب الأولاد بعضهم من بعض: «لقد بدوا في الجلسة الأولى من برنامج (شو بيلد) وكأنهم غرباء. حتى في الحلقات الدائرية التي كانوا يرسمونها بأجسادهم الصغيرة كانوا يحافظون على هذا البعد. أما اليوم فتحولوا إلى أصدقاء يتحدثون في مواضيع كثيرة. كما يتشاركون الاقتراحات حول أفكار جديدة للمسرحية».

أثناء التدريبات على مسرحية «جبل الأمل» (سيناريو)

إضافة إلى التمثيل ستتلون مشاهد المسرحية بلوحات راقصة وأخرى غنائية. وتوضح إبراهيم: «حتى الأغنية كتبوها بأنفسهم ورغبوا في أن يقدموا الدبكة اللبنانية كتحية للبنان».

إحدى الفتيات المشاركات في العمل، وتدعى غزل وعمرها 14 عاماً، تشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه المسرحية تعني لها الكثير. وتتابع: «لقد نقلتني من مكان إلى آخر وزادتني فرحاً وسعادة. وكان حماسي كبيراً للمشاركة في هذه المسرحية التي نسينا معها أننا نعيش حالة حرب».

بدورها، تقول رهف ابنة الـ10 سنوات: «كل شيء جميل في هذا المكان، ويشعرني بالسعادة. أنا واحدة من أبطال المسرحية، وهي جميلة جداً وأدعوكم لمشاهدتها».