«مخيم جباليا» الشاهد على المجازر ومهد انتفاضة الحجارة... ماذا نعرف عنه؟

لم يبقَ حجر على حجر في مخيم جباليا (أ.ف.ب)
لم يبقَ حجر على حجر في مخيم جباليا (أ.ف.ب)
TT

«مخيم جباليا» الشاهد على المجازر ومهد انتفاضة الحجارة... ماذا نعرف عنه؟

لم يبقَ حجر على حجر في مخيم جباليا (أ.ف.ب)
لم يبقَ حجر على حجر في مخيم جباليا (أ.ف.ب)

لم تكن التهديدات الإسرائيلية بمواصلة قصف غزة للقضاء على حركة «حماس»، حتى في حال التوصل إلى اتفاق هدنة، مجرد كلام عبثي. والدليل «الحيّ» على ذلك أن مخيم جباليا، معقل «حماس» الرئيسي، عاد ليتصدر مشهد الحرب الدموية.

فمنذ نحو أسبوع، وفي الوقت الذي كانت فيه المفاوضات بين إسرائيل وحركة «حماس» لا تزال بين أخذ ورد عبر الوساطات للتوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى ووقف الاقتتال، شن الجيش الإسرائيلي هجوماً مكثفاً على مخيم جباليا ومحيطه في شمال قطاع غزة، وطلب من الفلسطينيين إخلاء المنطقة.

وقال مدير الدفاع المدني في شمال قطاع غزة أحمد الكلحوت، اليوم، إن الجيش الإسرائيلي أحرق أجزاء كبيرة من مخيم جباليا.

ويرى محللون أن إسرائيل تريد الضغط أكثر على حركة «حماس» لإجبارها على تقديم تنازلات في مفاوضات صفقة التبادل، وذلك عبر استهداف معقلها الرئيسي في شمال القطاع، إلا أن صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت عن جندي احتياطي إسرائيلي من فرقة «الكوماندوز 98» التي تقاتل حالياً في جباليا قوله إن «حماس» تهاجم بشكل أكثر عدوانية، وتطلق مزيداً من الأسلحة المضادة للدبابات على الجنود الذين يحتمون في المنازل وعلى المركبات العسكرية الإسرائيلية يومياً.

وقبل أشهُر، ظن الجيش الإسرائيلي أنه فكَّك قوات «حماس» في الثلث الشمالي من غزة، إلا أن الصحيفة الأميركية أشارت إلى أن «حماس» تستخدم أنفاقها ومسلحيها ومخزونها من الأسلحة للعودة إلى حرب العصابات المقاتلة في جباليا.

دبابات إسرائيلية تنفذ دورية بالقرب من السياج الأمني مع جباليا في الجزء الشمالي من قطاع غزة (إ.ب.أ)

أين يقع مخيم جباليا؟ وماذا نعرف عنه؟

مخيم جباليا هو أحد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، وأُنشئ بمحاذاة بلدة جباليا بعد نزوح آلاف الفلسطينيين إليه قادمين من قرى ومدن جنوب فلسطين عقب النكبة عام 1948.

يقع مخيم جباليا على مسافة كيلومتر من الطريق الرئيسية (غزة - يافا). تحد المخيم من الغرب والجنوب قريتا جباليا والنزلة، ومن الشمال قرية بيت لاهيا، ومن الشرق بساتين الحمضيات التابعة لحدود مجلس قرى جباليا، والنزلة، وبيت لاهيا.

يرتفع المخيم عن سطح البحر نحو 30 قدماً، ويبعد عن مدينة جباليا مسافة كيلومتر تقريباً، وهو من أقرب المخيمات إلى معبر إيريز، المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى إسرائيل.

عمود من الدخان يتصاعد خلال القصف الإسرائيلي على جباليا في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتُشرف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) على مختلف الخدمات الاجتماعية المقدمة لسكان المخيم، الذي يعاني الاكتظاظ، حسب وكالة «وفا».

ويبلغ تعداد سكان مخيم جباليا، حسب تقديرات جهاز الإحصاء المركزي منتصف عام 2023، نحو 59574 لاجئاً.

ووفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، كان أكثر من 21 ألف فلسطيني يمرون عبر «إيريز» للعمل في إسرائيل يومياً قبل الانتفاضة الثانية.

ومنذ 12 يونيو (حزيران 2007)، أي بعد سيطرة «حماس» على قطاع غزة، بات يُسمح لفئة محدودة جداً من أبناء القطاع بالحصول على تصاريح للخروج من غزة للعمل في إسرائيل.

وفي السنوات الماضية، شمل من يُسمح لهم بالحصول على التصاريح، مرضى ممن لديهم تحويلات طبية للعلاج خارج غزة ومرافقيهم والتجار وموظفي المنظمات الدولية وبعض الحالات الإنسانية الاستثنائية.

وتوجد في المخيم 32 منشأة تابعة لـ«أونروا»، و16 مبنى مدرسياً، ومركز توزيع أغذية، و3 مراكز صحية، اثنان منها في مخيم جباليا، والثالث في منطقة الصفطاوي. كما يوجد مكتبان للإغاثة والخدمات الاجتماعية ومكتبة عامة و 7 آبار مياه ومكتب صيانة ومكتب صرف صحي واحد .

لماذا سمِّي «مخيم جباليا»؟

وفق ما ذكرت موسوعة المخيمات الفلسطينية، سُمي المخيم نسبةً إلى مدينة جباليا التي يقع بمحاذاتها، وهو اسم مشتق من «أزاليا» البلدة الرومانية القديمة التي تقوم عليها «النزلة». وقد تكون تحريفاً لكلمة «جبالية» السريانية، بمعنى الجبال أو الفخاري، وهي من جذر «جَبْلا» بمعنى الفخار والطين.

وعدَّته روايات أخرى مأخوذاً من كلمة «جبالية» الذين وفدوا في أواخر العهد البيزنطي، و«الجبالية» هم أخلاط من أروام ومصريين وغيرهم.

طفل فلسطيني أُصيب بنيران إسرائيلية خلال غزوٍ إسرائيلي لمخيم جباليا للاجئين يجلس في خيمة داخل مستشفى كمال عدوان (رويترز)

التركيبة السكانية

استقر في المخيم بعد النكبة 35 ألف لاجئ، معظمهم كانوا قد هُجروا من القرى والمدن الواقعة في جنوب فلسطين، مثل اللد والرملة ويافا وبئر السبع وأسدود ويتوزعون على 5587 عائلة، حسب موسوعة المخيمات الفلسطينية.

ارتفع عدد السكان عام 1995 إلى نحو 80.137 نسمة، أما في عام 2023 فيكشف الموقع الرسمي لـ«أونروا» أن عدد سكان المخيم بلغ 116.011 ألف نسمة، يتوزعون على مساحة لا تتجاوز 1.4 كيلومتر مربع.

تعرَّض السكان للترحيل القسري على مدار السنوات، ففي عام 1970 رحّلت إسرائيل نحو 975 عائلة من سكان المخيم إلى مشروع بيت لاهيا والنزلة المتاخم لحدود المخيم، وفي عام 1971 عملت على هدم وإزالة ما يزيد على 3600 غرفة تسكنها 1173 عائلة، بدعوى توسيع أزقّة وطرقات المخيم حتى تتمكن سيارات جنود الاحتلال العسكرية من دخول المخيم وتعقب عناصر المقاومة.

مذبحة جباليا

على مر السنوات، تعرَّض المخيم لمجازر راح ضحيتها مئات المدنيين، ودُمِّرت خلالها المباني السكنية والمؤسسات المدنية والخدماتية، ولعل أحدثها مذبحة عام 2023 التي وقعت مع انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث تعرض مخيم جباليا لاستهداف دامٍ ووقعت مجازر عدة.

وفي 31 أكتوبر (تشرين الأول) ارتكب سلاح الجوّ الإسرائيلي مجزرة في مخيم جباليا، مما أدى إلى سقوط أكثر من 400 مدني ما بين قتيل وجريح.

وفي تفاصيل ما حصل، نفَّذت كتائب «القسام» يوم السابع من أكتوبر 2023 عملية «طوفان الأقصى»، وذلك «رداً على الاعتداءات الإسرائيلية وتدنيس الأقصى والاستمرار في الاستيطان»، وفقاً لما أعلن محمد الضيف، القائد العام لـ«القسّام».

وأعطى حينها إشارة انطلاق العمليّة التي شهدت اقتحاماً من المسلحين لمستوطنات غلاف غزة ونجحوا في قتلِ عدد كبيرٍ من الجنود الإسرائيليين، وأسر عشرات آخرين كما استطاعوا خلال ساعات قطع عشرات الكيلومترات ووصلوا إلى مستوطنات أبعد من تلك المحيطة والقريبة من قطاع غزة.

استمرَّت الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وبين مسلحي «القسام» في عديد من المستوطنات وعلى رأسها مستوطنة سديروت. فجاء الرد الإسرائيلي على هذه العمليّة من خلال شنّ سلاح الجو الإسرائيلي عشرات الغارات العشوائيّة على القطاع متسبّبةً في مقتل عشرات المدنيين وتدمير البنية التحتية لمدن القطاع، ليصل إلى فرض إغلاق شامل وقطع متعمد لكل الخدمات من ماء وكهرباء وغاز، وهو ما هدَّد حياة أكثر من مليونَي فلسطيني يعيشون داخل القطاع الذي يُعاني أصلاً تبعات الحصار الخانق عليه منذ ستة عشر عاماً.

وفي عصر يوم 31 أكتوبر 2023، أغارت الطائرات الإسرائيلية على حيّ سكني مكتظ بالسكان ومحاذٍ للمستشفى الإندونيسي في شمال غزّة، مخلّفةً المئات من القتلى والجرحى في حصيلة أولية قُدرت بنحو 400، كلّهم من المدنيين.

وأفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية، بأن طيران الجيش الإسرائيلي استخدم عدة أسلحة «JDAM»، أي ذخائر الهجوم المباشر المشترك، مما أدى إلى 5 حفر عميقة في مخيم جباليا، ودمار شمل 8 مبانٍ بشكلٍ كامل.

ووفق تحقيق لـ«وول ستريت جورنال»، فإن القصف الإسرائيلي الذي كان يهدف إلى اغتيال إبراهيم البياري، أدى إلى مقتل نحو 136 فلسطينياً، من بينهم 69 طفلاً، مما جعل الغارة واحدة من أكثر الغارات الجوية دموية خلال القصف على غزة.

وفي مطلع يناير (كانون الثاني)، أي بعد شهرين ونيف، أعلن الجيش الإسرائيلي الانسحاب من جباليا، معلناً إنهاء عملية تفكيك قوات «حماس»، وتصفية عدد من قادتها الميدانيين البارزين.

نازحون فلسطينيون فرّوا من جباليا بعد أن دعا الجيش الإسرائيلي السكان إلى الإخلاء (رويترز)

مجازر على مر السنوات

وليست هذه المجزرة الأولى، ففي عام 2004، نفّذت إسرائيل عملية عسكرية أطلقت عليها «أيام الندم» بدعوى تأمين منطقة عازلة لحماية المستوطنات الإسرائيلية من صواريخ كتائب «القسام»، وقصفت خلال هذه العملية المخيم لـ17 يوماً.

وقُتل أكثر من 100 فلسطيني، وشُرد أكثر من 600، ودُمِّرت مئات المباني السكنية والمؤسسات المدنية والصحية والخدماتية في هذه المجزرة.

وفي يوليو (حزيران) 2014 ارتكبت إسرائيل مجزرة في مخيم جباليا بعدما قصفت مدرسة تابعة لـ«أونروا» احتمى فيها نحو 3000 فلسطيني، مما أدى إلى استشهاد 20 شخصاً وإصابة أكثر من 50.

جباليا مهد انتفاضة الحجارة

انطلقت من جباليا الانتفاضة الفلسطينية الأولى «انتفاضة الحجارة» في أواخر عام 1987، عندما دهس سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمال الفلسطينيين عند حاجز «إيريز»، مما أسفر عن مقتل 4 عمال وجرح 7 آخرين.

وتحولت جنازة الضحايا إلى مظاهرات كبيرة سرعان ما انتشرت في جميع أنحاء قطاع غزة والضفة الغربية. واستمرت إلى حين توقيع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.


مقالات ذات صلة

خاص الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

خاص عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

بينما يمر اتفاق غزة بوضع حرج، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتنفيذ فوري للمرحلة الثانية، عبر انسحاب إسرائيل، وتسليم «حماس» سلاحها للسلطة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

قال تلفزيون فلسطين إن سبعة أشخاص قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم السبت.

«الشرق الأوسط»
المشرق العربي طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

خلال ساعات ليل ونهار السبت، استخدمت القوات الإسرائيلية الطائرات الحربية تارةً والعربات المفخخة تارةً أخرى، لقصف وتدمير ما تبقى من منازل وبنى تحتية داخل قطاع غزة

المشرق العربي على اليمين صورة لمريم إبراهيم قبل الإصابة في الحرب... ويساراً صورة لها بعد الإصابة (وسائل إعلام محلية - إ.ب.أ)

نجاح عملية معقّدة لفتاة فقدت جزءاً من جمجمتها في حرب غزة

نجت فتاة من غزة كانت تعاني من إصابة في جمجمتها، جراء شظية إسرائيلية، بعد جراحة تمت لها في الأردن.

«الشرق الأوسط» (غزة)

رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

قالت الحكومة اللبنانية اليوم (السبت) إن رئيس الوزراء نواف سلام التقى بالممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، وأكد لها الحاجة الملحّة لدعم الجيش اللبناني، لتمكينه من استكمال مهامه.

وذكرت رئاسة الوزراء اللبنانية في بيان أن سلام شدد أيضاً خلال اللقاء على «أهمية الدور الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في دعم لبنان، وفي ممارسة الضغط اللازم على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من النقاط التي ما زالت تحتلها».

وأضاف البيان أن سلام أطلع ممثلة الاتحاد الأوروبي على ما تم إنجازه في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتنفيذ قرار «حصر السلاح»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، ولا سيما الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في هذا الإطار والمراحل المقبلة لتنفيذ الخطة.

دورية مشتركة لـ«اليونيفيل» والجيش اللبناني في جنوب لبنان (اليونيفيل)

واستعرض رئيس الوزراء تصور لبنان للمرحلة التي تلي انتهاء عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)؛ إذ أشار إلى حاجة بلاده لـ«قوة أممية ولو محدودة الحجم لسد أي فراغ محتمل، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في الجنوب».

كانت «اليونيفيل»، التي تنتهي ولايتها بنهاية عام 2026، قالت أمس (الجمعة) إنها رصدت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد يوم الخميس، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم «1701».

كما ذكرت «اليونيفيل» أن إحدى دورياتها تعرضت لإطلاق نار قرب بنت جبيل في جنوب لبنان، ولكن دون وقوع إصابات.

من ناحية أخرى، أفادت وسائل إعلام لبنانية اليوم بأن وفد مجلس الأمن الدولي الذي يزور البلاد، أكد دعم المجلس لسيادة لبنان على أرضه، والقرار الدولي رقم «1701»، الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006.

ونقلت قناة «إم تي في» اللبنانية عن وفد مجلس الأمن تأكيده على ضرورة احترام سلامة القوات الدولية في لبنان وعدم استهدافها.

كما نقل تلفزيون «إل بي سي آي» عن رئيس الوفد قوله في ختام الزيارة، إنه يجب على جميع الأطراف الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، والذي دخل حيز التنفيذ قبل أكثر من عام.

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي بوساطة أميركية بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


سلام: حصر السلاح بجنوب الليطاني شارف على الاكتمال

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
TT

سلام: حصر السلاح بجنوب الليطاني شارف على الاكتمال

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، أن الجيش «يواصل القيام بمهامه في بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، بدءاً من جنوب الليطاني، حيث شارفت المرحلة الأولى على الاكتمال»، وسط موقف لافت للجيش، أعلن فيه عن توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لقوات «اليونيفيل» في الجنوب، يوم الخميس الماضي.

وجاءت تصريحات سلام، خلال لقائه بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على هامش مشاركته في منتدى الدوحة. وخلال اللقاء، أكّد أمير قطر استمرار بلاده في دعم لبنان سياسياً واقتصادياً، مشيراً إلى أنّ الدوحة ستعلن قريباً عن حزمة جديدة من مشاريع الدعم المخصّصة للبنان.

من جهته، أكّد سلام حرصه على صون أفضل العلاقات بين البلدين، وعبّر عن «تقديره للدعم المتواصل الذي تقدّمه قطر للبنان، لا سيّما في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية».

وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية بأن سلام «أشاد بالدور الذي تؤديه الدوحة في مساندة جهود الاستقرار في لبنان وتعزيز قدرات مؤسساته الشرعية»، مشيراً إلى أن «الجيش اللبناني يواصل القيام بمهامه في بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، بدءاً من جنوب الليطاني؛ حيث شارفت المرحلة الأولى على الاكتمال».

كما شدّد سلام على «ضرورة تكثيف الحشد الدبلوماسي للضغط على إسرائيل من أجل وقف اعتداءاتها والانسحاب من المناطق التي ما زالت تحتلّها»، داعياً دولة قطر إلى مواصلة «دورها الحيوي في دعم هذا المسعى، وتعزيز الجهود الدولية الرامية إلى ترسيخ الاستقرار في الجنوب».

وأكد التزام حكومته «بالمضيّ قدماً في تنفيذ الإصلاحات، وتعزيز سيادة الدولة على كامل أراضيها»، معرباً عن تطلّعه إلى توسيع مجالات التعاون الثنائي في المرحلة المقبلة.

من لقاء سلام بالشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على هامش «منتدى الدوحة» (رئاسة الحكومة)

كذلك، التقى سلام، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في دولة قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وذلك بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري. وأكّد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني «استمرار دعم قطر للبنان، مع حزمة جديدة من مشاريع الدعم التي سيُعلن عنها قريباً». وأعرب الرئيس سلام بدوره عن تقديره الكبير للدور الذي تؤديه قطر في دعم لبنان، وتعزيز الاستقرار فيه، ومساندة مؤسساته.

الاتحاد الأوروبي

وفي سياق الترحيب الدولي بإجراءات لبنان، عبرت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية كايا كالاس، عن تقديرها العمل الذي تقوم به الحكومة اللبنانية، وذلك خلال لقائها بسلام على هامش منتدى الدوحة.

وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية بأنها اطلعت من سلام «على ما أُنجز في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، وعلى التقدّم المُحرز في تنفيذ قرار حصر السلاح، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، لا سيّما الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في هذا الإطار والمراحل المقبلة لتنفيذ الخطة».

من لقاء سلام وكالاس (رئاسة الحكومة)

وأشار سلام إلى «الحاجة الملحّة لدعم الجيش اللبناني لتمكينه من استكمال مهامه»، كما شدّد على «أهمية الدور الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في دعم لبنان، وفي ممارسة الضغط اللازم على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من النقاط التي ما زالت تحتلّها».

وعرض الرئيس سلام أيضاً أمام كالاس تصوّر لبنان للمرحلة التي تلي انتهاء عمل قوة «اليونيفيل»، مشيراً إلى حاجة لبنان إلى «قوة أممية ولو محدودة الحجم، لسدّ أي فراغ محتمل، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في الجنوب»، وفقاً لبيان رئاسة الحكومة.

توقيف متورطين باعتداء على «اليونيفيل»

لا تقتصر مهمة الجيش في منطقة جنوب الليطاني على تنفيذ «حصرية السلاح»، بل تشمل حفظ الاستقرار. وبدا لافتاً بيان الجيش اللبناني حول توقيف متورطين في الاعتداء على قوات «اليونيفيل» الدولية العاملة في الجنوب؛ إذ أعلنت قيادته عن أن مديرية المخابرات أوقفت 6 لبنانيين تورطوا في الاعتداء على دورية لـ«اليونيفيل» ليل الخميس – الجمعة على طريق الطيري - بنت جبيل في جنوب لبنان؛ ما أدى إلى تضرر آلية تابعة لها، من دون وقوع إصابات في صفوف عناصرها. وشددت قيادة الجيش على «خطورة أي اعتداء على (اليونيفيل)»، وأكدت أنها «لن تتهاون في ملاحقة المتورطين». ولفتت إلى «الدور الأساسي الذي تقوم به (اليونيفيل) في منطقة جنوب الليطاني، وعلاقة التنسيق الوثيق بينها وبين الجيش، ومساهمتها الفاعلة في جهود إعادة الاستقرار».

دورية مشتركة لـ«اليونيفيل» والجيش اللبناني في جنوب لبنان (اليونيفيل)

وكانت «اليونيفيل» قد أعلنت، الجمعة، أن «6 رجال اقتربوا على متن 3 دراجات نارية من جنود حفظ السلام في أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو 3 طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى». وقالت إن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة، وتُمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701».

وذكَّرت السلطات اللبنانية «بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام»، وطالبت «بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
TT

مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)

سخر مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان من تصريحات لونا الشبل، مستشارة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، التي وردت في مقاطع فيديو بثتها قناة «العربية/الحدث»، السبت، وتقول فيها إن «(حزب الله) لم يُسمع له صوت في النهاية»، كما أعربوا عن غضبهم من سكوت الأسد عن تلك العبارات «لعلمه بأنه لولا الحزب لسقط نظامه منذ 2012».

وبثّت «العربية» تسريبات غير مؤرخة من جولة الأسد في الغوطة الشرقية، ويُعتقد أن الفيديو مسجل في مارس (آذار) 2018، إثر انسحاب مسلحي المعارضة من الغوطة في ذلك الوقت.

وكانت مستشارته السابقة لونا الشبل ترافقه في الجولة، إضافة إلى شخص ثالث يسجل الفيديو. وحين صادف الأسد مسلحين مجهولين، قال إنهم من لبنان، في إشارة إلى مسلحي «حزب الله»، لتفتح لونا الشبل حديثاً عن الحزب.

وقالت في الفيديو: «الجيش السوري تعلّم وصارت عنده خبرات يدرّسها لغير جيوش»، مضيفة: «(حزب الله) في النهاية لَبَدْ (أي تراجع عن ادعاءاته)». وتابعت: «لم نسمع صوته».

ورأى مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان أن سكوت الأسد عن كلام مستشارته، «إساءة لكل التضحيات وإنكار للواقع»، وقال أحدهم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سكوته يعني أنه راضٍ عما ادعته الشبل... وهذه إساءة أخرى». وتابع: «هذا إنكار، ويعني أنه ليس وفياً، ولا يقدّر التضحيات».

وسخر مناصر لـ«حزب الله» من تصريحات لونا الشبل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن ما تقوله في الفيديو «ادعاءات وأوهام». وأضاف: «الأسد يعرف، كما الشبل التي تبدو في هذه اللقطة تمالق بشار، أنه لولا مقاتلو الحزب، لكان المسلحون (المعارضة) في دمشق منذ شتاء 2012». وتابع: «هي تافهة وكاذبة وممالقة».

مقاتلو «حزب الله» يؤدون القسم خلال تدريب عسكري مُنظم في معسكر بقرية عرمتى جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

ويتناقل مناصرو «حزب الله» روايات عن قتالهم في سوريا في الشوارع والمقاهي، فضلاً عن أن الحزب في السنوات الماضية نشر فيديوهات لعملياته، ولا سيما الهجوم على القُصير وقرى القلمون في ربيع وصيف 2013، والقتال في حلب والزبداني والغوطة في 2016. وباتت تلك العمليات العسكرية جزءاً من مأثورات الحزب الذي يعترف بأن هجوم حلب ما كان ليتم لولا الإسناد الناري الروسي، وأن القتال في ريف اللاذقية تصدره الجيش السوري الموالي للأسد آنذاك.

وينقل مناصر للحزب عن مقاتل في التنظيم كان قد تعرّض لإصابة طفيفة في سوريا، قوله إن الجيش السوري «لم يكن يدرك كيف يوقف الهجمات في 2012 في جنوب دمشق، خصوصاً في الديابية والحسنية المتاخمتين للسيدة زينب، قبل أن يضع الحزب الخطط ويوزع المجموعات».

صورة من فيديو لقيادي في المراسم يقدم بندقية هدية للأمين العام الراحل لـ«حزب الله» هاشم صفي الدين خلال عرض في جنوب لبنان (أرشيفية - إعلام الحزب)

ويشير إلى أن هجوم مقاتلي المعارضة آنذاك في درعا البلد «صدّه الحزب وحده، وبعض المقاتلين السوريين الذين يقاتلون إلى جانبه»، مضيفاً أنه في الغوطة الشرقية، حيث أصيب المقاتل السابق، «كان مقاتلو جيش النظام يتراجعون، بينما كان أفراد من الحزب يقاتلون لساعتين وحدهم، قبل أن يعيد قادة في الحزب تنظيم المقاتلين على المحاور». وتابع: «كان على الشبل أن تقول من وضع خطط السيطرة على قرى القلمون والزبداني، ومن قاتل فيها قبل أن تقول إن الحزب لم يُسمع صوته».

رسالة لمن يدافع عن الأسد

هذا الاحتقان تفجّر أيضاً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال أحد مناصري الحزب: «الحمد لله لم يخب ظني بهذا ومن معه في النظام»، في إشارة إلى الأسد وأركان نظامه. فيما أعاد آخر التذكير بأن الخصومة بين «حزب الله» والنظام السوري «تعود إلى الحرب الأهلية في لبنان، وتم تصحيحها شكلاً، لكنها بقيت مخفية ما دام النظام كان بحاجة للحزب». وقالت مغردة أخرى: «هذه رسالة لمن لا يزال يدافع عن الأسد».

علاقة متوترة

ولم تكن علاقة «حزب الله» بالأسد في فترة ما قبل سقوطه، مستقرة، فقد اتهم قياديون في الحزب في مجالسهم الخاصة، الأسد، بالتخلي عنهم في «معركة الإسناد» مع غزة، ولم يتخطَّ موقف موسكو وتعليماتها.

وخلال الأشهر الماضية، بدأت تتكشف فصول من العلاقة المتوترة مع النظام؛ إثر معلومات عن أن الأسد «لم يسمح لـ(حزب الله) بإطلاق الصواريخ الدقيقة من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل»، وأن مقاتليه «تعرضوا لمضايقات، شملت أيضاً القيود السورية على إمداد الحزب بالأسلحة خلال المعركة الموسعة» التي يُطلق عليها الحزب اسم «معركة أولي البأس»، واندلعت في 23 سبتمبر (أيلول) 2024، وتوقفت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إثر توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية برعاية أميركية.