العلاقة بين القوقاز و«داعش» تثير المزيد من القلق لموسكو

ما لا يقل عن ألفي مقاتل من الإقليم الروسي يحاربون الآن في سوريا والعراق

العلاقة بين القوقاز و«داعش» تثير المزيد من القلق لموسكو
TT

العلاقة بين القوقاز و«داعش» تثير المزيد من القلق لموسكو

العلاقة بين القوقاز و«داعش» تثير المزيد من القلق لموسكو

بيت جديد وأنيق من الطوب الأبيض من دون نوافذ يقف مهجورا في وسط هذه القرية الزراعية الهادئة في داغستان، حيث توقف صاحب المنزل عن استكمال البناء ليغادر برفقة زوجته وأطفاله الثلاثة للانضمام إلى تنظيم داعش.
لم يكن الأول ممن وصلوا في يناير (كانون الثاني) بعد وقت قصير من إعلان قادة التمرد المستمر منذ فترة طويلة هنا في داغستان، تلك الجمهورية الصغيرة الواقعة إلى جنوب روسيا، التعهد بالولاء إلى الخلافة الإسلامية المزعومة في سوريا والعراق. يقول سكان البلدة الصغيرة إن نحو 30 رجلا وامرأة قد غادروا إلى سوريا خلال هذا العام.
يقول النقيب عباس كراييف (27 عاما) ضابط الشرطة في القرية جالسا في مبنى البلدية الصغير ذي البنية المتهالكة للغاية والمترب حتى أنك لتظنه مكان مهجور من بعيد: «حينما كانوا يعيشون هنا كانوا جميعهم يتبعون مذهبا واحدا متطرفا، ولذلك حينما غادر أحدهم، صار مثلا يحتذى به ومن ثم غادر خلفه الآخرون. قيل لهم إن هناك قتالا قائما في سوريا، وإنهم سوف يذهبون إلى جنة الخلد إذا ما لقوا حتفهم في تلك الحرب. ذلك كل ما يدور بخلدهم».
على غرار الكثير من المجتمعات المسلمة الساخطة داخل أوروبا، صار إقليم القوقاز ورقعة كبيرة من الجمهوريات السوفياتية السابقة عبر آسيا الوسطى مرتعا حيويا لتجنيد الشباب لصالح تنظيم داعش الإرهابي، والمعروف اختصارا أيضا باسم (ISIS)، أو (ISIL). يقدر مسؤولو إنفاذ القانون أن هناك ما لا يقل عن 2000 مقاتل من إقليم القوقاز بين 7 آلاف مقاتل آخرين من روسيا وحدها ومن الاتحاد السوفياتي سابقاً يحاربون الآن في سوريا والعراق.
وفي الأثناء ذاتها، يعمل تنظيم داعش وعن كثب على تأمين موطئ قدم راسخة في إقليم القوقاز. ويستغل التنظيم حالة الغضب والسخط من الوجود الأمني الوحشي والتعسفي الروسي من أجل تعزيز الحصول على دفعة جديدة من المعارضين المتطرفين لإحياء حركة التمرد التي أخمدها الكرملين من قبل.
ولقد ثارت حفيظة الغالبية المسلمة من السكان في الإقليم إثر التدخل العسكري الروسي في سوريا إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، وهو من الطائفة العلوية الشيعية، الذي عمل على قتل الآلاف من المعارضين السنة داخل البلاد. بالنسبة للكرملين، فإن الرابطة التي باتت أكثر جلاء عن ذي قبل بين تنظيم داعش الإرهابي وبين سكان القوقاز تثير الكثير من القلق والمخاوف.
قبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعرض سكان روسيا لسلسلة مروعة ومدمرة من الهجمات الإرهابية التي نالت المدارس، والطائرات، وأحد المسارح، وخطوط المترو في موسكو، وغير ذلك من الأهداف العامة، وأغلبها كان على أيدي المقاتلين الشيشان. واحتمال أن الآلاف من المتشددين المتمرسين على أساليب القتال والكارهين لروسيا يعودون للقتال تحت راية تنظيم داعش، أو بتكوين جماعة جديدة من المقاتلين الأصليين المتطرفين المنتشرين في طول روسيا وعرضها، ينذر فعلا بخطر كبير.
حتى الآن، ومع ما يعتبره المسلمون المتطرفون أنه قتال مقدس لا يزال قائما في سوريا والعراق، هناك أدلة قليلة جدا على وجود ردود فعل سلبية داخل إقليم القوقاز. ففي داغستان في عام 2015، على سبيل المثال، توفي 95 شخصا فقط جراء أعمال العنف في شهر سبتمبر (أيلول)، مقارنة بـ208 أشخاص ماتوا في عام 2014، و413 شخصا ماتوا في عام 2011، وفقا لموقع الرابطة القوقازية الذي يتابع الصراع الدائر هناك.
ومع ذلك، يعمل تنظيم داعش على مدار الساعة، ويقيم الروابط المحلية والقدرات العسكرية قبل توجيه الضربات. ولا يزال التنظيم الإرهابي نشطا إلى حد ملحوظ في منطقة القوقاز، حيث ينشر سيلا من أفلام الفيديو الدعائية المتطورة ويعد بالعودة من أجل الانتقام من التصرفات والإجراءات الروسية في المنطقة.
بكل تأكيد، يعتبر الأمر من الأهمية بمكان لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. عندما أعلن في سبتمبر (أيلول) بأنه سوف ينشر وحدات من القوات الجوية الروسية في سوريا، كان جزءا من مبرراته في ذلك هو تدمير المسلحين هناك قبل أن يتمكنوا من توجيه الضربات داخل الوطن في روسيا. ثم وبعد مرور أسابيع قليلة، في 31 أكتوبر (تشرين الأول) انفجرت قنبلة داخل طائرة ركاب مدنية تحمل مسافرين معظمهم من روسيا كانوا عائدين إلى بلادهم من رحلة سياحية في مصر، مما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متن الطائرة، في حين أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الحادث.
يبعد ذلك كل البعد عن الأيام الأولى للحرب الأهلية السورية، حينما رحبت روسيا باحتمال أن أكثر العناصر المتطرفة على أراضيها قد جذبها إغراء التطرف في مكان بعيد. يقول زبيروف، المتحدث الرسمي باسم حكومة داغستان، الذي نفى رغم ذلك توفير حكومة بلاده أي مساعدات لشباب المتطرفين للمغادرة أو، كما تقول جماعات حقوق الإنسان، عمدت إلى اغتيال أولئك الذين لم يغادروا: «إن انتقال أولئك المغادرين من هنا إلى سوريا لا يعني إلا أن التهديد الداخلي لدينا قد تضاءل».

* خدمة «نيويورك تايمز»



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».