«أيام القاهرة السينمائية» تفتح أبوابها للأفلام العربية... متعة لـ3 أشهر

أبرزها السعودي «مندوب الليل» والتونسي «بنات ألفة» والفلسطيني «الأستاذ»

لقطة من الفيلم السعودي «مندوب الليل»
لقطة من الفيلم السعودي «مندوب الليل»
TT

«أيام القاهرة السينمائية» تفتح أبوابها للأفلام العربية... متعة لـ3 أشهر

لقطة من الفيلم السعودي «مندوب الليل»
لقطة من الفيلم السعودي «مندوب الليل»

فتحت فعاليات «أيام القاهرة السينمائية» أبوابها للأفلام العربية خلال الدورة السابعة التي انطلقت في 9 مايو (أيار) الحالي، وتستمر على مدى 3 أشهر. واستقبلت أفلاماً من دول عربية مختلفة، أبدى صنّاعها رغبتهم في المشاركة بالبرنامج الذي أطلقته المنتجة والمخرجة ماريان خوري، ابنة شقيقة المخرج يوسف شاهين، لعرض أهم إنتاجات السينما العربية خلال عام، ليشاهدها جمهور القاهرة في سينما «زاوية» بشارع عماد الدين (وسط العاصمة)، وتنظيم مناقشات بين صنّاع الأفلام والجمهور عقب العروض.

وافتتحت التونسية كوثر بن هنية هذه العروض، بفيلمها «بنات ألفة» المتوَّج بعشرات الجوائز المهمّة، ووصل إلى القائمة النهائية بتصفيات «الأوسكار»، وحاز جائزة «سيزار» الفرنسية.

الفيلم التونسي «بنات ألفة» ضمن «أيام القاهرة السينمائية»

ويجمع الفيلم بين التوثيق والرؤية الدرامية من خلال قصة حقيقية لأسرة تونسية انخرطت ابنتان مراهقتان منها في صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي بليبيا. كما يُعرَض لتونس أيضاً الوثائقي «ماشطات» لسونيا بن سلامة الذي يتناول قصة 3 نساء يُغنّين في حفلات الزفاف.

ويشهد مايو عرض الفيلم الفلسطيني «الأستاذ» لفرح النابلسي، وهو إنتاج فلسطيني - بريطاني - قطري مشترك؛ استضاف مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» عرضه الأول، حيث فاز بطله صالح بكري بجائزة أفضل ممثل، كما حاز جائزة لجنة التحكيم. وهو يتتبَّع قصة المعلّم «باسم»، الذي يفقد ابنه في حادث أليم وتتغيّر حياته عندما يتقرّب من تلميذه آدم.

ويشارك من السعودية فيلم «مندوب الليل» لعلي الكلثمي الذي يُعرض في 29 الحالي؛ وشهد عرضه الأول مهرجان «تورنتو» خلال دورته الماضية. وفيه، يؤدّي محمد الدوخي دور البطولة، مجسِّداً شخصية ثلاثيني يعمل في توصيل الطلبات ويعاني اضطراباً.

في هذا السياق، قال كلثمي لـ«الشرق الأوسط»: «عرضُه في القاهرة حدث مهم لي، لأنه يُعرَض أمام جمهور متذوّق للفنون ومتابع للسينما العالمية، لذا أتطلّع إلى أن يترك لديهم انطباعاً حقيقياً عن قصصنا السعودية»، مضيفاً: «حين بدأنا كتابة (مندوب الليل)، كان تركيزنا أن نكتب قصة سعودية أصيلة تخاطب الجمهور السعودي، لكننا سعدنا بتفاعل الجمهور حول العالم مع بطل الفيلم فهد القضعاني».

وختم: «ثمة كثير من المواهب المصرية ضمن فريق العمل، فأهديهم هذا العرض، وأشكرهم على جهودهم التي ساهمت في خروج الفيلم بهذه الجودة والحرفية». وشارك في الفيلم من مصر مدير التصوير أحمد طاحون، ومصمّمة الإنتاج نيرفانا الشناوي.

أما للمغرب، فيُعرض فيلم «أنيماليا» لصوفيا علوي؛ وتدور أحداثه في إطار الخيال العلمي من خلال امرأة حامل تضطر إلى العيش في منزل أسرة زوجها. وبينما تجتاح ظواهر خارقة جميع أنحاء البلاد، تشهد المرأة سلسلة من الأحداث التي تحوِّل حياتها إلى جحيم.

الفيلم المغربي «أنيماليا» يدور في إطار الخيال العلمي

كما يشارك الوثائقي اللبناني «ق» لجود شهاب التي تتتبَّع من خلاله رحلة 3 أجيال من أسرتها مع تنظيم «القبيسيات» الديني.

وعدَّ الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين تخصيص سينما «زاوية» ضمن «أيام القاهرة السينمائية» لعرض الأفلام العربية «فرصة للجمهور لمشاهدة أفلام من نوعية مختلفة لا يُتاح عرضها في السينمات التجارية، مما يحاكي ذائقته؛ وأغلبه من صنّاع الأفلام وطلبة معهد السينما وكليات الإعلام». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «البرنامج فتح نافذة مهمّة أمام هذا الجمهور، خصوصاً مع الاهتمام بالجانب الفنّي للفيلم، والتركيز على الأفلام المُشارِكة في مهرجانات دولية»، مفسِّراً عروض الأفلام لـ3 أشهر بالقول: «لوجود إنتاج سينمائي عربي مميّز خلال العام الماضي الذي شهد وصول أفلام عدّة لتمثيل بلادها في مهرجانات عالمية، وكذلك في منافسات (الأوسكار)، على غرار (وداعاً جوليا)، و(بنات ألفة)، و(كذب أبيض)».


مقالات ذات صلة

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
سينما «بالرغم من» ‫(مهرجان ڤينيسيا السينمائي)

شاشة الناقد: فيلم افتتاح «ڤينيسيا» 81 مبهر وموحش

يختلف جمهور اليوم عن جمهور 1988 عندما خرج ما بات الآن الجزء الأول من هذا «بيتلجوس بيتلجوس». آنذاك كان الفيلم جديداً في الفكرة والشخصيات

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».