الأرقام النهائية سوف تصدر في غضون اليومين التاليين حول تأثير الأحداث الإرهابية التي وقعت في باريس على الإيرادات وحجم الإقبال على صالات السينما سواء في العاصمة أو في سواها. لكن الأمر الطبيعي هو توقع أن يؤدي الوضع الأمني هناك إلى انحسار الإقبال على صالات السينما كونها أشبه بالفخّ المحكم إذا ما داهم الصالة متطرّفون يجدون في العزّل الجالسين أمام شاشة تنقلهم من واقع الأيام إلى خيال الحياة ملاذهم.
> حتى الساعات الأخيرة قبل الهجوم الإرهابي الأخير، كان فيلم «سبكتر» يتحدّث عن تصدي جيمس بوند لمحاولة هدم الديمقراطية الغربية وتأليف تحالف فاشي يحكم العالم (الرسالة نفسها تقريبًا وردت في «المهمّة: مستحيلة - 5»). فيلم بوند كان استولى على مقدّمة العروض الباريسية جامعًا أكثر بقليل من 15 مليون دولار في أسبوع كامل. الآن يبدو الفيلم أكثر بعدًا عن الواقع مما كان يبدو عليه، كون الأحداث تجاوزت ما يسرده.
> الغريب هنا أن الفيلم الثاني في قائمة أكثر الأفلام رواجًا في فرنسا حتى الرابع عشر من الشهر يحمل عنوانًا مسحوبًا من نسيج عربي هو «المغامرات الجديدة لعلاء الدين» وكان جمع نحو 32 مليون دولار، منها 28 مليون دولار في فرنسا وأقل من ذلك في بلجيكا وسويسرا. الفيلم يحمل المعالجة التاريخية كتلك التي ترد في حكايات «ليالي عربية» مع نبرة كوميدية ومغامرات وطيران البساط السحري ومجموعة من الممثلين غير المعروفين خارج فرنسا، بينهم كفّ سميث في دور علاء الدين. وهو تكلّف 15 مليون يورو حتى وقت إطلاقه، بينما توزعت الأدوار الثانوية على مجموعة من العرب المهاجرين، مثل نادر بوصندل ويوسف حجي.
> بعض السينمائيين الفرنسيين شعروا بأن عليهم أن يقولوا شيئًا حيال ما حدث، وهذا من حقهم بالفعل. بين هؤلاء المخرج ميشال هازانوفيوش، صاحب «الفنان» الذي نال «أوسكارًا» قبل خمس سنوات إذ كتب ونشر رسالة وجهها إلى «داعش» يقول فيها: «رجال ونساء (داعش): إذا هي حرب فعلية تلك التي تواجهوننا بها». وتمضي لتقول: «هنا في فرنسا ما نحب هو الحياة والمتع التي تصاحبها» ليتابع فيعددها شاملة ممارسة الجنس والأكل والشرب والقيلولة. أمور لا تنفع في استدعاء منطق الداعشي إذا ما كان ذلك هو غرض الرسالة.
> الأكثر إفادة أن أول رد فعل سينمائي صدر بعد الحوادث المشؤومة تلك كان إلغاء حفل الافتتاح لفيلم نتالي بورتمن المنتج والمصوّر في إسرائيل بعنوان «جين تسلّحت» ((Jane Got a Gun الذي كان مقررًا في الخامس والعشرين من هذا الشهر. القرار الثاني هو تأجيل عروضه لموعد جديد لم يُحدد ولو أنه من المتوقع أن يحدث في الشهر الثاني من عام 2016، وهو الشهر الذي قرر لعرضه الأميركي.
> «داعش» وزميلاتها من المجموعات الإرهابية لا تعترف بالسينما ولا بالفنون ولا بالثقافات أساسًا ولا تنوي ذلك، بل تخوض حربًا تستبيح فيها قتل الناس جميعًا أينما وُجدوا مسلمين أو غير مسلمين. سيبادون وينتهون لكن آلام جرائمهم ستبقى طويلاً وستتناولها أفلام الأعوام القليلة المقبلة.
المشهد
المشهد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة