أوسع تصعيد في جنوب لبنان: عشرات الغارات والهجمات المتبادلة

غالانت يتوعد لبنان بـ«صيف ساخن»... وأنباء عن استهداف «حزب الله» قاعدة زارها عند الحدود

فرق الإسعاف في موقع منزل استهدفته غارة إسرائيلية في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
فرق الإسعاف في موقع منزل استهدفته غارة إسرائيلية في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

أوسع تصعيد في جنوب لبنان: عشرات الغارات والهجمات المتبادلة

فرق الإسعاف في موقع منزل استهدفته غارة إسرائيلية في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
فرق الإسعاف في موقع منزل استهدفته غارة إسرائيلية في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تصاعد تبادل إطلاق النار بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، الأربعاء، بشكل غير مسبوق، حيث شن الجيش الإسرائيلي «هجمات واسعة النطاق» بلغت إحدى جولاتها 20 غارة متزامنة في القطاع الأوسط، كما استخدم «قنابل ارتجاجية»، في حين أعلن «حزب الله» عن استهدافات لمنازل يتحصن بها جنود إسرائيليون في 5 بلدات إسرائيلية، وموقع عسكري بُعيد زيارة وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت له وتوعَّد منه لبنان بـ«صيف ساخن».

أهداف محددة

ويركز الحزب منذ مطلع الأسبوع الحالي، على قصف تجمعات لجنود إسرائيليين أو مراكز التجمع المؤقتة، كما يقول، وذلك في تصعيد جديد يتزامن مع تعثر المفاوضات في مصر لإنهاء حرب غزة.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية، صباح الأربعاء، عن 8 صواريخ موجهة استهدفت 5 بلدات ومستوطنات إسرائيلية في الشمال.

وقال الحزب بدوره، خلال بيانات متعاقبة، صباح الأربعاء، إن مقاتليه استهدفوا مباني يستخدمها جنود إسرائيليون في مستعمرات «المطلة» التي تم استهداف منزل فيها، و«شلومي» حيث تم استهداف مبنيين يستخدمهما الجنود، و«المنارة» حيث تم استهداف مبنى، و«حانيتا» حيث قُصف مبنيان يستخدمهما الجنود، و«أفيفيم» حيث تم استهداف مبنيين، حسبما قال الحزب.

وبعد الظهر، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن دوي صفارات الإنذار في الجليل الغربي إثر إطلاق رشقة صاروخية وطائرات مسيرة. وأعلن «حزب الله» بدوره عن سلسلة عمليات عسكرية، حيث نفذ «هجوماً جوياً بمسيرات انقضاضية على مقر قيادة اللواء الغربي المستحدث في يعرا، ‏وأصابت هدفها بدقة»، حسبما قال في بيان، كما نفَّذ مقاتلوه هجوماً مركَّباً بالصواريخ الموجهة وقذائف المدفعية استهدفت موقع المالكية التي «أوقعت حاميته بين قتيل وجريح ودمرت تجهيزاته التجسسية»، بُعيد استهداف جنود إسرائيليين داخل إحدى دُشَم موقع المالكية بالصواريخ الموجهة. وبعد الظهر، أعلن الحزب عن استهداف مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت «بصاروخ (بركان) من العيار الثقيل».

الدخان يتصاعد نتيجة غارة اسرائيلية استهدفت مروحين بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويُعد هذا التصعيد كمياً ونوعياً، تحولاً كبيراً في مجريات القصف من داخل لبنان الذي قابلته إسرائيل بمروحة واسعة من القصف، استخدمت فيها القنابل الارتجاجية الخارقة للتحصينات. ‏ وشن الطيران الحربي الإسرائيلي حتى العاشرة صباحا 20 غارة على جبل بلاط وأطراف بلدتي رامية وبيت ليف وعيتا الشعب في القطاع الأوسط، سُمِعت أصداؤها في مدينة صور. وقالت مصادر ميدانية إن الجيش الإسرائيلي استخدم قنابل ارتجاجية ضخمة سُمِعت تردداتها في الزهراني التي تبعد نحو 40 كيلومتراً.

وتناقلت وسائل إعلام لبنانية مشاهد لغارة جوية استهدفت بلدة كفركلا، قائلة إنها «قد تكون من أولى الاستعمالات الموثقة للقنابل الخارقة للتحصينات المعروفة بعائلة GBU الأميركية في لبنان بهذه الحرب».

‏ومن المعروف أن هذه القنابل مُعدَّة لاختراق التحصينات، وتتمتع بقدرات اختراق السطوح الأرضية قبل الانفجار الأساسي، وهو ما يترك بصمة واضحة للانفجار عبر عمود السحاب الطويل، وتؤدي إلى انفجار تحت الأرض ينتج عنه اهتزاز أكبر من العادة، بهدف تدمير الأنفاق والتحصينات.

الدخان يتصاعد عمودياً إثر غارة إسرائيلية بقنبلة خارقة للتحصينات استهدفت كفركلا بجنوب لبنان (مواقع تواصل)

الجيش الإسرائيلي

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، عصر الأربعاء، إنه هاجم أكثر من 20 هدفاً عسكرياً لـ«حزب الله» في راميا بجنوب لبنان. وأضاف البيان أنه هاجم الأهداف بواسطة القصف المدفعي والطيران الحربي، ومن بين الأهداف مبان عسكرية وبنى تحتية عسكرية.

وذكر الجيش في بيانه: «رصدنا بالتزامن انفجارات على هامش استهدافاتنا للمواقع، ما يُشير إلى مواقع أسلحة في المكان. وبالإضافة إلى ذلك، هاجم الطيران الحربي مبنى عسكرياً وبنية تحتية عسكرية لـ(حزب الله) في مروحين وكفركلا بجنوب لبنان».

وشوهد الدخان يتصاعد من الجبال التي تعرضت للغارات، وأدَّت الغارات إلى اشتعال النار في الأحراج المتاخمة للخط الأزرق قرب بلدتي رامية وعيتا الشعب... كما نفَّذ الجيش الإسرائيلي غارات طالت إقليم التفاح ومحيط نبع الطاسة ومرتفعات جزين الجنوبية، واستهدف بلدة الخيام حيث تم تدمير منزل، وأسفرت الغارة عن مقتل 3 فلسطينيين كانوا يوجدون فيه، كما استهدفت غارة بلدة العديسة، حيث تحدثت معلومات عن وقوع إصابات.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن المدفعية الإسرائيلية استهدفت أطراف الناقورة وكفرشوبا وحلتا وكفرحمام وبلدة يارون. وتعرضت الأحياء السكنية في بلدة عيترون لقصف مدفعي مصدره المرابض الإسرائيلية، و«استخدم الجيش الإسرائيلي في اعتداءاته القذائف الفسفورية المحرمة دولياً».

غالانت

ووسط هذا التصعيد، التقى وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت خلال جولة ميدانية في مقر الفرقة 91 بالمنطقة الحدودية مع لبنان (وهو المقر الذي استهدفه «حزب الله» بصاروخ «بركان» بُعيد مغادرة غالانت)، مع قوات الاحتياط التابعة لسلاح المدفعية العاملين في المنطقة، وقال: «المعركة الدفاعية معركة معقدة، هي معركة تتوقع فيها باستمرار ردود فعل العدو، وتكون فيها نشطاً على الدوام»، وتابع: «أعتقد أن الفرقة بأكملها تنفذ هذه المعركة بطريقة ممتازة، لقد أبعدنا (حزب الله) عن خطوط التماس إلى مسافات كبيرة»، لكنه استدرك قائلاً: «هذا لا يعني أنه اختفى، لكنه ليس موجوداً هناك»، حسبما جاء في بيان صدر عن وزارة الأمن.

غالانت خلال زيارته للحدود مع لبنان (وزارة الأمن الإسرائيلية)

وأضاف أنه «من أجل إعادة السكان بأمان، هناك حاجة إلى عملية سياسية (تفضي إلى التوصل إلى اتفاق) أو عملية عملياتية (عسكرية) ومن واجب الجيش الإعداد للعملية العسكرية، التي ستكون أيضاً بمثابة مرساة وسندان لعملية أخرى. أنا مصمم على إعادة السكان إلى منازلهم بأمان وإعادة بناء ما تم تدميره».

وتابع «إنني أدرك الحاجات وكذلك الشعور في كثير من النواحي بأن المهمة لم تكتمل، وهي في الواقع لم تكتمل. للحرب تكاليف، ستكون باهظة على إسرائيل وكارثية على (حزب الله) ولبنان، ونحن نسعى جاهدين للوصول إلى وضع دون الوصول إلى الحرب، لكن إذا كان هذا هو الملاذ الأخير فسنلجأ إليه، لأننا في النهاية لدينا التزام بالعقد بيننا وبين المواطنين».

وختم مخاطباً قوات الاحتياط التابعة للفرقة 91 (تابعة للقيادة الشمالية ومسؤولة عن الجبهة مع لبنان، من رأس الناقورة إلى جبل الشيخ): «لدينا منظومات نارية كبيرة جداً وثقيلة جداً، وسنتأكد من تفعيلها إذا استدعت الحاجة وتوفرت الأسباب؛ عليك الاستعداد للمواصلة... هذا الصيف قد يكون حاراً».


مقالات ذات صلة

ما خطة الاتفاق الحدودي بين إسرائيل ولبنان التي يريد مستشار بايدن طرحها؟

المشرق العربي كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة والاستثمار آموس هوكستين في بيروت 4 مارس (آذار) 2024 (رويترز)

ما خطة الاتفاق الحدودي بين إسرائيل ولبنان التي يريد مستشار بايدن طرحها؟

قال مستشار كبير للرئيس الأميركي جو بايدن، إن اتفاقاً للحدود البرية بين إسرائيل ولبنان يتم تنفيذه على مراحل قد يخفف من الصراع المحتدم والدامي بينهما.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي تدريبات إسرائيلية على الحدود مع لبنان (رويترز)

إسرائيل تضع قواعدها في الشمال بحالة تأهّب

وضعت إسرائيل قواعدها العسكرية في الشمال في حالة تأهب غداة زيارات لافتة على مدى يومين لقيادتها السياسية والعسكرية إلى الشمال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق رفيق حسن قاسم قتلته غارة الأحد الماضي (الجنوبيون الخضر)

متطوعون لبنانيون يتحدّون القصف لإطعام الحيوانات الأليفة في جنوب لبنان

تتنقل زينب سعد (30 عاماً) بين المنازل المدمرة في أحياء مدينة بنت جبيل، بحثاً عن القطط والكلاب المنزلية الشاردة في الشارع، لإطعامها.

«الشرق الأوسط» (جنوب لبنان)
يوميات الشرق التحرُّك يُجدي حين يتحوّل من شعار إلى فعل (صور بيار بعقليني)

نفايات اللبنانيين للبيع... والدفع فوري بشرط

اعتاد لبنانيون مقابلة التغيير بصدٍّ عبثي من نوع «شو وقفت عليِّ»، أو «شو جاييني؟»، (ما الفائدة؟)، وما هو أشدّ استسلاماً: «ما إلي جَلَدْ»...

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي قائد «اليونيفيل» يتفقد قوات حفظ السلام في القطاع الغربي من جنوب لبنان الحدودي مع إسرائيل (اليونيفيل)

حرب جنوب لبنان تمنع «اليونيفيل» من الاحتفال بـ«اليوم الدولي لحفظة السلام»

حثّت قوات حفظ السلام الأممية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) جميع الأطراف والقوى الفاعلة على وقف إطلاق النار وإعادة الالتزام بالقرار 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تكثف هجماتها على رفح والضفة

عائدون لتفقد مساكنهم في مخيم جباليا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (الشرق الأوسط)
عائدون لتفقد مساكنهم في مخيم جباليا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (الشرق الأوسط)
TT

إسرائيل تكثف هجماتها على رفح والضفة

عائدون لتفقد مساكنهم في مخيم جباليا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (الشرق الأوسط)
عائدون لتفقد مساكنهم في مخيم جباليا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (الشرق الأوسط)

بعدما سيطر الجيش الإسرائيلي على «محور فيلادلفيا» على حدود قطاع غزة مع مصر، كثّف عملياته في مدينة رفح بجنوب القطاع، كما صعّد هجماته في عدد من المدن بالضفة الغربية. وأفاد شهود في رفح بوقوع قصف مدفعي وإطلاق نار كثيف، أمس (الخميس)، رغم الغضب الدولي إزاء القصف الدامي، الذي وقع يوم الأحد، في مخيم للنازحين على أطراف المدينة المكتظة بالسكان.

وبعد بدء العمليات في شرق المدينة، تقدمت القوات الإسرائيلية غرباً، ما أدى إلى فرار جماعي لنحو مليون شخص، خلال ثلاثة أسابيع، وفقاً للأمم المتحدة.

وبالتزامن مع ذلك، عاشت الضفة الغربية، أمس، أحد أعنف الأيام مع اقتحام الجيش الإسرائيلي مدن رام الله ونابلس وجنين وسلفيت وبيت لحم وقلقيلية وطوباس وطولكرم والخليل وأريحا، قبل أن يشتبك مع فلسطينيين، قتل بعضهم، وجرح واعتقل آخرين، وداهم محلات صيرفة، وأحرق سوق رام الله القديمة.

وهدد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بتحويل مدن الضفة إلى «خراب»، قائلاً إنه على إسرائيل أن تبدأ «حرباً دفاعية» في الضفة التي وصفها إسرائيليون بأنها وصلت إلى «نقطة واحدة قبل الغليان»، وذلك بعد ساعات من مقتل جنديين إسرائيليين على حاجز عسكري، جنوب نابلس، في شمال الضفة.

في هذه الأثناء، قدم حزب «معسكر الدولة»، بزعامة بيني غانتس، مشروع قانون لحل الكنيست، والدعوة إلى انتخابات مبكرة. وردّ حزب «ليكود»، برئاسة بنيامين نتنياهو، على تلك الخطوة بالقول إن إسرائيل بحاجة إلى الوحدة، وإن حل الحكومة سيضر المجهود الحربي.