قادة الانقلاب في اليمن ينهبون موارد قطاع الاتصالات

مشتريات وهمية واستيلاء على معدات بـ 132 مليون دولار

مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
TT

قادة الانقلاب في اليمن ينهبون موارد قطاع الاتصالات

مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)

يعاني قطاع الاتصالات في اليمن تدهوراً كبيراً، بفعل ممارسات الفساد التي تضرب مؤسساته التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية في صنعاء، والتي تنفق مبالغ ضخمة تحت مسميات شراء معدات، وأجهزة، بينما تذهب تلك المبالغ إلى حسابات خاصة تتبع أبرز قيادات الجماعة، فيما تسيطر جهة مجهولة تابعة للجماعة على الأجهزة المشتراة.

وكشفت مصادر خاصة في قطاع الاتصالات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مبالغ شهرية تقدر بما يعادل 19 مليون دولار تذهب إلى حسابات عدد من القادة، أبرزهم محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة، وعبد الكريم الحوثي عم زعيم الجماعة، وأبو علي عبد الله الحاكم رئيس الاستخبارات العسكرية في الجماعة، وأحمد حامد مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي.

مبنى شركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

وذكرت المصادر أن تقريراً داخلياً حديثاً أظهر أنه جرى في الربع الأول من هذا العام إنفاق ما يزيد عن 132 مليون دولار (نحو 70 مليار ريال يمني) من حساب المؤسسة العامة للاتصالات تحت مسميات شراء أجهزة ومعدات وبناء أبراج توسعة تغطية الشبكات، بينما لم يتم تنفيذ أي من ذلك.

واتضح – طبقاً للمصادر - أن الأجهزة والمعدات التي تم شراؤها سُلِّمت، وبحسب توجيهات مسفر النمير المعين وزيراً للاتصالات في حكومة الجماعة غير المعترف بها، إلى جهة تتبع الجماعة، لم يجر تسميتها.

وكانت مصادر عسكرية يمنية توقعت مطلع العام الحالي أن الجماعة الحوثية بصدد إنشاء شبكة اتصالات خاصة بها، واستبدال الشبكة الحالية بعد حصولهم على أجهزة ومعدات جديدة وصلت من إيران، بهدف السيطرة التامة على قطاع الاتصالات، واحتكار الخدمة، ومنع وجود البدائل التنافسية، ورفع تكلفة الاتصالات ومضاعفة الإيرادات.

وسبق أن تم إنفاق ما يزيد عن 188 مليوناً ونصف المليون دولار (نحو 100 مليار ريال يمني) مقابل شراء نفس الأجهزة والمعدات، ومن ذات الجهة، نهاية العام الماضي، إلا أن تلك الأجهزة لم تصل، وتحجج حينها القيادي مسفر النمير وزير الجماعة، وصادق مصلح المعين مديراً عاماً للاتصالات، بحجز ومصادرة تلك الأجهزة والمعدات في المنافذ الجمركية لدى الحكومة اليمنية.

ولم تعلن أي جهة حكومية شرعية، في تلك الفترة، عن احتجاز أو مصادرة أي أجهزة أو معدات اتصالات كانت متوجهة إلى الجماعة الحوثية كما جرت العادة، ما يرجح أن تلك الحجة كانت لتبرير إنفاق تلك المبالغ واختلاسها.

فساد واختلاس

طبقاً للمصادر اليمنية المطلعة في صنعاء، عين مسفر النمير وزير الاتصالات في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، بداية العام الماضي قيادياً حوثياً هو إسماعيل حميد الدين مديراً لقطاع الإنشاءات في المؤسسة العامة للاتصالات، وهو أحد الذين اشتهروا بالفساد في الفترة التي سبقت سيطرة الجماعة على مفاصل مؤسسات الدولة، وسبقت إحالته إلى نيابة الأموال العامة بسبب تهم فساد واختلاس ما يقرب من ثلاثمائة مليون ريال يمني خلال رئاسته قسم المشاريع في فرع المؤسسة (نحو 600 ألف دولار).

قادة حوثيون يضعون حجر الأساس لمشروع في قطاع الاتصالات لم يرَ النور منذ سنوات (إعلام حوثي)

ولم يكتفِ النمير بتعيين حميد الدين، بل وأقر له - بحسب المصادر - ما يزيد عن 3 ملايين و773 ألف دولار (نحو ملياري ريال يمني) شهرياً، كميزانية إعادة بناء وإعمار بعض مكاتب ومقرات المؤسسة، تصرف له من حساب المؤسسة العامة للاتصالات.

وتؤكد المصادر أنه، ومنذ تعيين حميد الدين في هذا المنصب، واعتماد ذلك المبلغ له، لم تشهد مؤسسات قطاع الاتصالات أي إنشاءات جديدة، أو أعمال صيانة، أو توسعة، ولا يُعلم مصير المبالغ التي يتقاضاها شهرياً، سواه والقيادي النمير.

وإلى جانب ذلك جرى تعيين حميد الدين عضواً في مجلس إدارة شركة «يمن موبايل» الحكومية للهاتف الجوال.

يذكر أن شبهات فساد كبيرة رافقت تدشين الجماعة الحوثية نهاية العام قبل الماضي مشروع النطاق العريض اللاسلكي بتقنية الجيل الرابع، عبر المؤسسة العامة للاتصالات الخاضعة للجماعة في صنعاء، حين ألزمت كل مشترك في هذه الخدمة بدفع 75 دولاراً (نحو 40 ألف ريال يمني)، بينما لا يتعدى ثمن جهاز موائم الإشارات (المودم) 8 دولارات.

واتضح لاحقاً - طبقاً للمصادر - أنه جرى شراء الأجهزة التي تم بيعها للمشتركين من إحدى الشركات التجارية بأكثر من 56 دولاراً (30 ألف ريال يمني) لكل جهاز، وأن تلك الشركة تتبع القيادي الحوثي أحمد حامد مدير مكتب مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي (مجلس الحكم الانقلابي).

تدهور كبير يعاني منه قطاع الاتصالات في اليمن منذ الانقلاب الحوثي (إكس)

ولكي يضمن القادة الحوثيون المسيطرون على المؤسسة العامة للاتصالات إعادة ذلك المبلغ الذي تم دفعه للشركة التابعة لأحمد حامد، أعلنت المؤسسة احتكار بيع أجهزة (المودم)، وعدم تشغيل الخدمة إلا عبر الأجهزة المبيعة من طرفها.

وبينما تشهد مؤسسات قطاع الاتصالات في مناطق سيطرة الحوثيين كل وقائع الفساد هذه، يؤكد الموظفون أنهم يعانون من الحرمان من أبسط حقوقهم، في الوقت الذي يؤكد المراقبون الفنيون زيادة الإيرادات، وارتفاع حجم المبالغ المحصلة من المشتركين والمستفيدين من خدماتها.


مقالات ذات صلة

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي نقص التمويل يحرم الملايين في اليمن من المساعدات (المجلس النرويجي للاجئين)

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

أظهرت دراسة أممية انخفاض مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في مقابل زيادة في تدابير الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عناصر حوثية في عرض عسكري بعد أن جندت الجماعة عشرات الآلاف خلال الأشهر الماضية (غيتي)

قادة حوثيون يجردون رئيس حكومتهم الانقلابية من صلاحياته

منع الحوثيون رئيس حكومتهم الانقلابية الجديدة من اختيار مدير مكتبه بنفسه في سياق سعيهم لجعله مجرد واجهة لأجندة كبار قادة الجماعة المنتسبين لسلالة زعيمهم الحوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أشخاص يتجمعون بالقرب من ورشة عمل تضررت جراء انفجار غاز في عدن (أ.ف.ب)

مقتل 3 أشخاص وإصابة 18 آخرين بانفجار محطة غاز في مدينة عدن

لقى ثلاثة أشخاص حتفهم، وأصيب 18 آخرون، في انفجار بمحطة غاز، مساء الجمعة، في مدينة عدن، جنوبي اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)

العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

وسط مساعي المبعوث الأممي لتحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية، أبلغه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بأن الحوثيين ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام.

علي ربيع (عدن)

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال العميد يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين المدعومين من إيران في بيان: «انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، نفذت قواتنا المسلحة عملية عسكرية استهدفت السفينة (جروتون)، وذلك لانتهاك الشركة المالكة لها قرار حظر الدخول إلى مواني فلسطين المحتلة».

وأضاف سريع: «نفذت العملية القوات البحرية وسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية. وقد أدت العملية إلى إصابة السفينة بشكل دقيق ومباشر».

وأشار إلى أن هذا الاستهداف «هو الثاني للسفينة بعد استهدافها في الثالث من أغسطس (آب) الحالي».

وأوضح المتحدث العسكري الحوثي أن قوات جماعته «أكدت نجاحها في منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وكذلك فرض قرار حظر الملاحة في منطقة العمليات المعلن عنها على جميع السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه، بغض النظر عن وجهتها أو السفن التابعة لشركات لها علاقة بهذا العدو».

كما أكد سريع استمرار عملياتهم البحرية في منطقة العمليات التابعة لهم «وكذلك استمرار إسنادها للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يواصل الحوثيون استهداف كثير من السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ويقولون إن هذه العمليات تأتي «نصرة لغزة».