هل تمهد تصريحات كاميرون وماكرون لتغيير موقف واشنطن من استهداف الأراضي الروسية؟

ما زالت ممتنعة عن إصدار موقف علني مما صدر عن باريس ولندن وتتمسك بموقفها المعلن بعدم استهداف روسيا مباشرة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال استقباله وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في كييف الجمعة (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال استقباله وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في كييف الجمعة (إ.ب.أ)
TT

هل تمهد تصريحات كاميرون وماكرون لتغيير موقف واشنطن من استهداف الأراضي الروسية؟

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال استقباله وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في كييف الجمعة (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال استقباله وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في كييف الجمعة (إ.ب.أ)

تشير التصريحات الحادة التي أطلقها وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون عن السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة التي تزودها بها بريطانيا داخل الأراضي الروسية، إلى تغيير لافت في المقاربة البريطانية لمستقبل الصراع مع روسيا.

ماكرون خلال إلقاء خطابه بجامعة السوربون التاريخية حيث دعا لبناء دفاع أوروبي قوي في 25 أبريل (إ.ب.أ)

ومع تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المستمرة منذ فبراير (شباط) الماضي، وكان آخرها ما قاله عن احتمال التدخل ميدانياً في حال اخترقت روسيا الخطوط الأوكرانية، بدا أن مقاربة أوروبية بدأت تتصاعد تدريجياً، للتحول إلى موقف موحد تجاه روسيا. وهو ما وصفه المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الجمعة، بأنه «يرقى إلى مستوى التصعيد المباشر للتوترات حول الصراع الأوكراني الذي قد يشكل خطراً محتملاً على الأمن الأوروبي والبنية الأمنية الأوروبية برمتها».

وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون يمر أمام آليات عسكرية مدمرة في العاصمة الأوكرانية كييف يوم الخميس (رويترز)

وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، السبت، إن التدريبات العسكرية التي يجريها حلف شمال الأطلسي على مدى 4 أشهر قرب حدود روسيا دليل على أن الحلف يستعد لصراع محتمل معها. ونفت زاخاروفا اتهامات الحلف لروسيا قبل أيام بالتورط في هجمات إلكترونية على الدول الأعضاء به، قائلة إن هذه «معلومات مضللة» تهدف إلى صرف الانتباه عن أنشطة الحلف. وقالت: «تجري في الوقت الحالي أكبر مناورة لحلف شمال الأطلسي منذ الحرب الباردة بالقرب من حدود روسيا. ووفقاً للسيناريو الخاص بهم، يتم التدريب على إجراءات التحالف ضد روسيا باستخدام جميع الأدوات، ومنها الأسلحة الهجينة والتقليدية». وأضافت: «علينا الإقرار بأن حلف شمال الأطلسي يستعد جدياً لصراع محتمل معنا».

ورغم ذلك، لا يزال الأمر منوطاً بالموقف الأميركي، الذي يعد نقطة الارتكاز في تحديد مستقبل هذه الحرب، في ظل امتناع واشنطن حتى الساعة عن إصدار أي موقف علني، سواء من التصريحات البريطانية أو الفرنسية، وتمسكها «العلني» بعدم استهداف روسيا مباشرة.

كاميرون مع نظيره الأوكراني كوليبا في كييف (إ.ب.أ)

رفع القيود البريطانية

وخلال زيارته إلى كييف قبل يومين، قال كاميرون إن بريطانيا كانت أول دولة توقع اتفاقاً يمنح ضمانات أمنية لأوكرانيا، وإنها الآن أول من يقدم ضمانات بحزمة مساعدات بقيمة 3.75 مليار دولار، على مدى سنوات عدة. وأضاف، في مقابلة مع «رويترز»، أن بريطانيا منحت أوكرانيا الإذن بضرب أهداف على الأراضي الروسية بالأسلحة التي تقدمها لها في حزمة المساعدات الجديدة، بقيمة نحو 620 مليون دولار، التي وصلت طلائعها في اليوم نفسه من زيارته لكييف. وأضاف أن المسؤولين الأوكرانيين سيقررون ما إذا كانوا سيستهدفون الأراضي الروسية. وقال: «أوكرانيا لديها هذا الحق... تماماً كما تضرب روسيا داخل أوكرانيا، يمكنك أن تفهم تماماً سبب شعور أوكرانيا بالحاجة إلى التأكد من أنها تدافع عن نفسها».

لكن كاميرون لم يوضح متى اتخذت بريطانيا هذا القرار، أو إذا كانت خطوة منسقة مع باقي الحلفاء، وخصوصاً مع الولايات المتحدة، أو ما إذا كانت القوات الأوكرانية بدأت في استهداف المنشآت الروسية بأسلحة بريطانية.

القادة الأوروبيون في صورة جماعية قبل بدء قمتهم الاستثنائية ببروكسل مساء الأربعاء (رويترز)

وقال بيان، على الموقع الإلكتروني للحكومة البريطانية، إن المعدات العسكرية «ستشمل توفير قنابل دقيقة التوجيه وصواريخ دفاع جوي ومعدات لـ100 فريق دفاع جوي متنقل لتمكين أوكرانيا من إسقاط الطائرات من دون طيار والصواريخ الروسية».

وبعدما كان حلفاء كييف الغربيون، بما في ذلك الولايات المتحدة، يمنعون حتى الآن القوات الأوكرانية من استخدام الأسلحة التي زوّدها بها الغرب لاستهداف مواقع داخل روسيا، خوفاً من التصعيد، وربما الانجرار إلى الصراع، عدّت تصريحات كاميرون تحولاً حاداً في موقف أحد أقوى مؤيدي أوكرانيا. حتى الآن، كانت أوكرانيا لا تزال ملتزمة بهذا «المنع»، لكنها كانت قد بدأت في استخدام أسلحتها الخاصة، وخصوصاً طائراتها المسيرة بعيدة المدى، في ضرب العمق الروسي، بما في ذلك العاصمة موسكو وبعض البنى التحتية الحيوية، كمخازن النفط ومصافي تكريره.

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي في البنتاغون (أ.ب)

وأكدت روسيا، السبت، أنها أسقطت خلال الليل 4 صواريخ من طراز «أتاكمس» (ATACMS)، وهي صواريخ بعيدة المدى أرسلتها الولايات المتحدة مؤخراً إلى أوكرانيا، فوق شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها موسكو في 2014.

مديرة المخابرات الوطنية الأميركية أفريل هاينز خلال شهادتها الخميس أمام الكونغرس (أ.ب)

واشنطن على موقفها العلني

وفي وقت سابق، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة أرسلت إلى أوكرانيا أنظمة صواريخ «أتاكمس» بعيدة المدى، شرط استخدامها «داخل أراضيها»، وكانت جزءاً من حزمة مساعدات أرسلت لأوكرانيا في مارس (آذار). وبعد ساعات من توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن على حزمة المساعدات لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، إن «عدداً كبيراً» من الصواريخ أرسل إلى أوكرانيا، مضيفاً: «سنرسل المزيد». وقال إن أوكرانيا ملتزمة باستخدام هذه الصواريخ داخل أراضيها فقط، وليس في روسيا. ورفضت إدارة بايدن إرسال تلك الصواريخ سابقاً بسبب مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى زيادة تصعيد الصراع مع روسيا.

واشنطن زوّدت كييف بصواريخ «أتاكمس» طويلة المدى (رويترز)

لكن تقارير إخبارية نقلاً عن مسؤولين لم تحدد هويتهم، أشارت إلى أن استخدام روسيا للصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي زوّدتها بها كوريا الشمالية ضد أوكرانيا في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضي، أدى إلى تغيير موقف إدارة بايدن. وأضاف هؤلاء أن استمرار روسيا في استهداف البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا كان أحد العوامل أيضاً.

ومع تصريحات كاميرون جنباً إلى جنب مع تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون، توقعت أوساط أميركية حصول تغييرات كبيرة في موقف واشنطن أيضاً تجاه استهداف الأراضي الروسية. وقال كاميرون إن الأموال ضرورية من أجل «صدّ» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حتى يكون هناك «سلام عادل» وتستعيد أوكرانيا «سيادتها». وأضاف أن هذا ليس مجرد استثمار في أمن أوكرانيا، ولكنه «أفضل استثمار ممكن» يمكن أن تقوم به بريطانيا في أمنها وازدهارها. وحذّر كاميرون من أن «هناك سيناريو بديلاً يتمثل في عدم دعم أوكرانيا بما فيه الكفاية، حيث يحقق بوتين فوزاً... سنعيش بعده في عالم غير آمن وغير مؤكد وخطير للغاية، وسيكلفنا ذلك بطرق كثيرة».

وفي مقابلة مع مجلة «الإيكونوميست»، نشرت الخميس، قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن السؤال سيطرح إذا اخترقت روسيا الخطوط الأمامية ووجّهت كييف نداء. وأضاف: «لا أستبعد أي شيء، لأننا أمام من لا يستبعد أي شيء». وقال: «إذا اخترق الروس الخطوط الأمامية، وإذا كان هناك طلب أوكراني - وهو ليس الحال اليوم - فيجب علينا أن نطرح هذا السؤال على أنفسنا بشكل مشروع». ورداً على سؤال عما إذا كان يعتقد أن الحلفاء قد يشاركونه وجهة نظره في نهاية المطاف، قال ماكرون إنه قد يتعين عليهم جميعاً مواجهة هذا الاحتمال «إذا قررت روسيا الذهاب إلى أبعد من ذلك»، ما يهدد الأمن في أوروبا. وقبل كل شيء، قال إنها مسألة «مصداقية وردع» أن نقول لروسيا: «لا تعتقدي أننا سنتوقف هنا إذا لم تتوقفي أنت».

إنهاء الحرب بشروط أوكرانيا

من جهة أخرى، يقول تقرير في مجلة «فورين أفيرز»، إنه على الرغم من أهمية حزمة المساعدات الأميركية الأخيرة بقيمة 61 مليار دولار، في توفير شريان حياة لكييف، فإنها وحدها لن تحل المشكلات الكبرى التي تواجهها أوكرانيا في حربها مع روسيا. فإنهاء الحرب بشروط مواتية لأوكرانيا سيتطلب أكثر من مجرد خط أنابيب جديد من المعدات.

ويضيف التقرير أنه على الرغم من مرور أكثر من عامين على غزو روسيا واسع النطاق لأوكرانيا، ظلّ هدفها في الحرب دون تغيير: سعى الكرملين إلى إخضاع كييف. وكان الدعم غير المستمر والتأخير السياسي بين شركاء أوكرانيا الدوليين سببين في جعل الهدف الروسي مستمراً.

منظومة «باتريوت» المضادة للطيران التي زُوِّدت بها أوكرانيا لتعطيل فاعلية الطيران الروسي (د.ب.أ)

وإذا كان لأوكرانيا أن تتمكن من منع النصر الروسي في الأمد الأبعد، فسوف تحتاج إلى استراتيجية شاملة. وهذا يعني تدريب وتجهيز وتعبئة قوات جديدة، وتحويل أوكرانيا إلى موقع يتمتع بالقدر الكافي من القوة، حتى تتمكن من تحديد معايير السلام الدائم، بشروطها الخاصة. ويعني ذلك، إقناع الكرملين بأن مواصلة الحرب سوف تصبح محفوفة بالأخطار على نحو متزايد بالنسبة لروسيا مع مرور الوقت.

ويرى تقرير «فورين أفيرز» أنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين أن يدركوا أن مساعدة أوكرانيا على صدّ الهجمات الروسية لا تعني وضع أوكرانيا في موقف تفاوضي قوي فقط. ولكي تتفاوض موسكو حقاً، يجب أن تواجه وضعاً يشكل فيه تمديد الصراع تهديداً غير مقبول لها. وعندها فقط سوف تتمكن أوكرانيا من انتزاع تنازلات ذات معنى. إن تجهيز أوكرانيا لتكون قادرة على الإضرار بالأصول الروسية أو تدمير هيبتها هو أمر يصبّ بقوة في مصلحة حلف شمال الأطلسي. ومن المرجح أن يكون للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية النفطية في روسيا تأثير أكبر. ورغم وجود أسباب وجيهة تجعل الغرب يتجنب تقديم المساعدة المباشرة لمثل هذه الهجمات، فإن هذا لا يعني أن أوكرانيا لا ينبغي لها أن تشنّ مثل هذه الهجمات.


مقالات ذات صلة

النقاط الأساسية في البيان المشترك لقمة السلام بأوكرانيا

العالم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يحمل مجموعة من الأورق خلال جلسة تحضيرية لقمة السلام في سويسرا (أ.ف.ب)

النقاط الأساسية في البيان المشترك لقمة السلام بأوكرانيا

اتفقت عشرات الدول على أن السبيل لإنهاء الحرب بين كييف وموسكو يكمن في الحوار «بين كل الأطراف»، واحترام وحدة أراضي أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بورغنستوك)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي 16 يونيو (أ.ف.ب)

زيلينسكي: روسيا وقادتها «غير مستعدين لسلام عادل» والصين «ليست عدو» أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأحد)، في ختام قمة حول السلام عُقدت بسويسرا إن روسيا وقادتها «غير مستعدين لسلام عادل».

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني يقف بجوار عدد من القادة خلال المؤتمر الصحافي الختامي لقمة السلام في أوكرانيا (رويترز)

قمة أوكرانيا تدعو إلى «إشراك جميع أطراف النزاع» لتحقيق السلام

دعت أول قمة دولية حول السلام في أوكرانيا والتي عقدت في غياب روسيا، الى "إشراك جميع أطراف" النزاع بهدف وقف العمليات الحربية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أوروبا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا (رويترز)

وزير خارجية أوكرانيا: بيان قمة السلام يأخذ في الاعتبار مواقف كييف

قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الأحد، إن مواقف كييف وضعت في الاعتبار في صياغة البيان الختامي لقمة زعماء العالم المنعقدة لتحقيق السلام في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بورجنشتوك - سويسرا)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 14 يونيو (إ.ب.أ)

بوتين لا يستبعد المحادثات مع أوكرانيا لكنه يريد ضمانات

بوتين لا يستبعد إجراء محادثات مع أوكرانيا، لكن ستكون هناك حاجة إلى وجود ضمانات من أجل مصداقية أي مفاوضات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مبابي عن الانتخابات الفرنسية: أنا «ضد التطرف والأفكار المسببة للانقسام»

نجم المنتخب الفرنسي لكرة القدم وقائده كيليان مبابي خلال مؤتمر صحافي في دوسلدورف (يويفا - أ.ف.ب)
نجم المنتخب الفرنسي لكرة القدم وقائده كيليان مبابي خلال مؤتمر صحافي في دوسلدورف (يويفا - أ.ف.ب)
TT

مبابي عن الانتخابات الفرنسية: أنا «ضد التطرف والأفكار المسببة للانقسام»

نجم المنتخب الفرنسي لكرة القدم وقائده كيليان مبابي خلال مؤتمر صحافي في دوسلدورف (يويفا - أ.ف.ب)
نجم المنتخب الفرنسي لكرة القدم وقائده كيليان مبابي خلال مؤتمر صحافي في دوسلدورف (يويفا - أ.ف.ب)

كان نجم المنتخب الفرنسي لكرة القدم وقائده كيليان مبابي واضحاً، الأحد، في موقفه حيال الانتخابات التشريعية المفصلية المقبلة في البلاد، قائلاً إنه «ضد التطرف والأفكار المسببة للانقسام».

ولم يبدِ مبابي، المنتقل مؤخراً إلى ريال مدريد الإسباني بعد انتهاء عقده مع باريس سان جيرمان، رأيه صراحة ضد أو لصالح أي طرف قبل الانتخابات التي ستجرى الجولة الأولى منها في 30 يونيو (حزيران) الحالي، على أن تقام الجولة الثانية في 7 يوليو (تموز).

لكن الهداف المتواجد حالياً مع منتخب بلاده لخوض كأس أوروبا في ألمانيا، دافع عن التعليقات التي أدلى بها السبت زميله ماركوس تورام، قائلاً إن مهاجم إنتر الإيطالي «لم يبالغ كثيراً» في دعوة البلاد إلى «القتال كل يوم لمنع» حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف من الفوز بالانتخابات.

ودعا تورام، الجمعة، إلى «القتال حتى لا يفوز التجمع الوطني»، وهو موقف نادر من رياضي بارز، فجاء الرد من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم الذي طالب بـ«تجنّب أي شكل من أشكال الاستخدام السياسي للمنتخب الفرنسي».

وقال مبابي (25 عاماً)، في مؤتمر صحافي عقده في دوسلدورف حيث تلعب فرنسا، الاثنين، مع النمسا مباراتها الافتتاحية في كأس أوروبا: «أعتقد أنها لحظة حاسمة في تاريخ بلادنا، نحن في وضع غير مسبوق».

وأضاف، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية»، «كأس أوروبا مهمة للغاية في مسيرتنا، لكننا مواطنون أولاً وقبل كل شيء ولا أعتقد أنه يمكننا الانفصال عن العالم من حولنا. اليوم، يمكننا جميعاً رؤية المتطرفين قريبين جداً من الفوز بالسلطة ولدينا الفرصة لاختيار مستقبل بلادنا».

ولذلك، دعا «جميع الشباب إلى الخروج والتصويت، ليكونوا مدركين حقاً لأهمية الوضع. تحتاج البلاد إلى التماهي مع قيم التنوع والتسامح. وهذا أمر لا يمكن إنكاره. وآمل حقاً أن نتخذ القرار الصحيح».

وتظاهر 250 ألف شخص على الأقل، السبت، في فرنسا ضد اليمين المتطرف الذي يبدو في موقع قوة مع اقتراب موعد انتخابات تشريعية مبكرة دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يحاول معسكره استعادة زمام المبادرة بوعود بتعزيز القوة الشرائية.

وكانت نقابات وجمعيات وأحزاب يسارية قد دعت إلى «مد شعبي» لدرء فوز جديد يتوقّع أن يحقّقه حزب التجمّع الوطني في جولتي الانتخابات التشريعية بعد تفوّقه الأحد الماضي في الاستحقاق البرلماني للاتحاد الأوروبي في تطوّر دفع رئيس البلاد إلى حل الجمعية الوطنية.

ورأى مبابي أن «البلاد تحتاج إلى التماهي مع قيم التنوع والتسامح. وهذا أمر لا يمكن إنكاره. آمل حقاً أن نتخذ القرار الصحيح».

وأكد بطل مونديال 2018 وهداف مونديال 2022 أنه «ضد التطرف وضد الأفكار المسببة للانقسام. ولدينا الفرصة لاختيار مستقبل بلدنا. هذه مهمة بالغة الأهمية. قد يكون هناك الكثير من الشباب الذين لا يدركون أهمية الوضع، خاصة عندما تنظر إلى نسبة الامتناع عن التصويت سواء كان ذلك في الريف أو في الضواحي».

وتعتبر فرنسا مرشحة بقوة للفوز بكأس أوروبا ويريد مبابي «أن أكون فخوراً بارتداء قميص بلدي في 7 يوليو (بعد ربع النهائي والجولة الثانية من الانتخابات). لا أريد أن أمثل دولة لا تتوافق مع قيمي وقيمنا».

وشدد اللاعب المولود لأب كاميروني وأم من أصول جزائرية «يجب ألا نختبئ. يقول الناس في كثير من الأحيان إنه لا ينبغي لنا الخلط بين كرة القدم والسياسة، لكن عندما تكون في مثل هذه المواقف، فإن الأمر مهم للغاية، وأكثر أهمية من مباراة الغد» ضد النمسا.