تركيا تعود إلى عصر «الحكومات الخالصة» لحزب العدالة والتنمية

إردوغان كلف داود أوغلو تأليف الحكومة الـ64.. ونائبة كردية تتحداه بلغتها الأم

النائبة الكردية التركية ليلى زانا عن حزب الشعوب الديمقراطي بعد حلفها اليمين باللغة الكردية أمس في البرلمان بأنقرة (إ.ب.أ)
النائبة الكردية التركية ليلى زانا عن حزب الشعوب الديمقراطي بعد حلفها اليمين باللغة الكردية أمس في البرلمان بأنقرة (إ.ب.أ)
TT

تركيا تعود إلى عصر «الحكومات الخالصة» لحزب العدالة والتنمية

النائبة الكردية التركية ليلى زانا عن حزب الشعوب الديمقراطي بعد حلفها اليمين باللغة الكردية أمس في البرلمان بأنقرة (إ.ب.أ)
النائبة الكردية التركية ليلى زانا عن حزب الشعوب الديمقراطي بعد حلفها اليمين باللغة الكردية أمس في البرلمان بأنقرة (إ.ب.أ)

تعود تركيا يوم الجمعة المقبل إلى عصر حكومات حزب العدالة والتنمية، بعد بداية عهد البرلمان الجديد المنتخب في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، والذي يحمل أغلبية مريحة للحزب تمكنه من تأليف الحكومة الجديدة التي توقعت مصادر تركية تأليفها يوم الجمعة المقبل، مشيرة إلى أن التشكيلة الحكومية شبه جاهزة لدى رئيس الحزب أحمد داود أوغلو الذي كلف أمس رسميا تأليف الحكومة الجديدة من قبل الرئيس رجب طيب إردوغان.
وخرق البرلمان التركي «البرتوكول» المعتمد في قسم اليمين لتسريع قسم داود أوغلو بهدف منع «الفراغ الحكومي» ولو لساعات قليلة. فحكومة الانتخابات تسقط فور أداء البرلمان الجديد قسم اليمين، مما كان سيعني أن انتظار الترتيب الأبجدي لقسم اليمين وفق البرتوكول المعتمد سيؤدي إلى جعل داود أوغلو يقسم اليمين قبيل انتهاء الجلسة، وستبقى البلاد من دون حكومة بانتظار تكليف رئيس الجمهورية لداود أوغلو تأليف الحكومة وتمديد ولاية الحكومة الحالية لتصريف الأعمال.
وفي جلسة قسم اليمين أيضا، أثارت النائبة الكردية ليلى زانا جدلا بعد حديثها بلغتها الأم أثناء مراسم تأدية اليمين الدستورية. وأثارت هذه الخطوة ضجة في جنبات البرلمان أثناء الجلسة العامة التي عقدت لتأدية أعضاء البرلمان الـ550 اليمين الدستورية في أعقاب الانتخابات التي أجريت الشهر الحالي. وسبق لزانا التي حصلت في عام 1995 على جائزة سخاروف من البرلمان الأوروبي أن قضت 10 أعوام في سجن تركي لتحدثها باللغة الكردية في عام 1991 وذلك أيضا خلال مراسم أداء اليمين الدستورية. وتعرضت زانا للسجن وقتها عندما أجرت تعديلا طفيفا على القسم الذي يؤديه أعضاء البرلمان في بداية فترة ولايتهم، حيث قالت باللغة الكردية إنها تعمل من أجل: «الأخوة بين الشعب التركي والشعب الكردي». وقالت زانا هذه المرة، جملة عن السلام باللغة الكردية - وجهتها على ما يبدو للرئيس رجب طيب إردوغان، الذي كان حاضرا - قبل أدائها القسم الرسمي.
وكانت رئاسة البرلمان التركي المؤقتة، سارت في البرتوكول الذي يقضي بأداء القسم وفق الترتيب الأبجدي، فما كان من داود أوغلو النائب عن مدينة قونيا إلا أن طلب تعجيل أداء القسم، فكان له ما أراد، ليغادر بعدها فورا للقاء إردوغان الذي كلفه تأليف الحكومة الـ64 للجمهورية التركية.
وفاز حزب العدالة والتنمية بـ317 مقعدًا من أصل 550 وهو ما يمكنه من تشكيل الحكومة منفردًا، بينما حصد حزب الشعب الجمهوري 134 مقعدًا، وحزب الشعوب الديمقراطي 59 مقعدًا، وحزب الحركة القومية 40 مقعدًا.
ووقع الرئيس التركي أيضا على مذكّرة تقضي بتكليف مجلس الوزراء الحالي مواصلة العمل وتسيير الأمور إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة من قبل أحمد داود أوغلو. وجاء ذلك في العدد الجديد الصادر من الجريدة الرسمية. وكان من المفترض أن ينتهي عمل مجلس الوزراء المؤقت أمس حسب المادة 114 الواردة في الدستور التركي والتي تقتضي بانتهاء عمل المجلس الحالي مع بدء اجتماع البرلمان الجديد.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».