آلاف المفقودين في غزة... لا سبيل للعثور عليهم

10 آلاف تحت الأنقاض أو مصيرهم مجهول منذ السابع من أكتوبر

مسعف فلسطيني يحمل طفلاً انتُشل من المباني المدمَّرة في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في رفح (أرشيفية - أ.ب)
مسعف فلسطيني يحمل طفلاً انتُشل من المباني المدمَّرة في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في رفح (أرشيفية - أ.ب)
TT

آلاف المفقودين في غزة... لا سبيل للعثور عليهم

مسعف فلسطيني يحمل طفلاً انتُشل من المباني المدمَّرة في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في رفح (أرشيفية - أ.ب)
مسعف فلسطيني يحمل طفلاً انتُشل من المباني المدمَّرة في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في رفح (أرشيفية - أ.ب)

لليوم الـ93 على التوالي، يذهب يوسف عواد، إلى منزل أحد أقاربه الذي دمرته طائرة حربية إسرائيلية، محاولاً معرفة فيما إذا نجحت أي جهة في انتشال جثمان والده الذي بقي مع 3 آخرين تحت الأنقاض بعد قصف طال مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

وحاول عواد بعد أيام من القصف، مستعيناً ببعض أصدقائه وأقاربه وأبناء الحي، وبأدوات بسيطة، انتشال جثمان والده، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.

وقبله كانت طواقم الدفاع المدني قد توقفت عن العمل في المنطقة بسبب قلة الإمكانات، وحجم الدمار.

يشرح عواد للشرق الأوسط كيف قضى أياماً يمنِّي النفس أن والده على قيد الحياة، واليوم يُمني النفس بانتشال جثة سليمة، وهو أمر يدرك أنه شبه مستحيل. ومثل عواد تناضل آلاف الأسر من أجل انتشال أحبائهم في القطاع.

وقال جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، الثلاثاء، إن هناك أكثر من 10 آلاف مفقود ما زالوا تحت أنقاض مئات البنايات والمنازل المدمرة منذ بداية الحرب الإسرائيلية، لم تتمكن طواقمه من انتشال جثامينهم، ولم يجرِ شملهم في إحصائية الضحايا التي تصدر عن وزارة الصحة بسبب عدم تسجيل وصول الجثامين للمستشفيات.

فلسطينيون يعاينون جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا في نوفمبر الماضي (أ.ب)

ووفقاً لوزارة الصحة بغزة، فإن ما وصل المستشفيات من ضحايا حتى الآن، بلغ 34535 شهيداً، و77704 من الجرحى الذين أصيبوا بجروح متفاوتة، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

عمال إنقاذ يحاولون انتشال أحياء من تحت الأنقاض في مدينة غزة (رويترز)

ويقدر الدفاع المدني أنه من دون طواقم إضافية ومعدات مخصصة، فإن العمل على استخراج الجثامين سيحتاج من عامين إلى 3 بالوتيرة الحالية.

ولا تستطيع نيرمين الشريف من سكان منطقة النفق وسط مدينة غزة، استيعاب أنهم لم يستطيعوا حتى الآن انتشال جثامين 2 من أشقائها تحت أنقاض منزلهم.

وقصفت إسرائيل منزل الشريف قبل 4 أشهر، ففقدت نيرمين والدها ووالدتها و3 من أشقائها، لكن بعد عملية بحث مكثفة جرى استخراج جثامين 3 منهم.

وقالت الشريف لـ«الشرق الأوسط»: «كل ليلية يزورانني في المنام، كأنهما يطلبان مني إنقاذهما. لا أعرف ماذا أقول. كل ما أتطلع إليه دفنهم في قبر أستطيع أن أزوره». أضافت: «حاولت. توجهت للدفاع المدني ولجهات ومبادرات شبابية، لكن الإمكانات قليلة والأعداد (المفقودين) كبيرة».

فلسطينيون يمشون وسط الخراب الذي خلَّفه القصف الإسرائيلي في مخيم جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

وأكد جهاز الدفاع المدني بغزة أنه تلقى كثيراً من النداءات من الأهالي وفرق شبابية متطوعة، لمساندة جهود ومبادرات فردية في محاولات استخراج جثامين تحت عدد من المنازل والبنايات السكنية التي مضى على تدميرها شهور عدة، وقد نجح في محاولات وفشل في أخرى.

وقال ناطق باسم الجهاز إن غالبية الجثامين لم تنتشل وإن معظمها تحلل بالفعل. أضاف: «العمل بهذه الآلية البدائية سيستغرق عامين إلى 3 أعوام، خصوصاً أن مسؤولين أمميين قدروا بأن قصف الاحتلال خلَّف ما لا يقل عن 37 مليون طن من الأنقاض والركام في جميع محافظات قطاع غزة».

وناشد الدفاع المدني المنظمات الدولية بالضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المعدات لإنقاذ المصابين واستخراج الجثامين.

مجمع «الشفاء» الطبي بغزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه (د.ب.أ)

تجدر الإشارة إلى أنه إذا كان يمكن حصر أعداد المفقودين في 10 آلاف على الأقل، فليس جميعهم تحت الأنقاض.

ومنذ فَقَدَ أحمد مطر من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، آثار اثنين من أشقائه، خلال الاقتحام الثاني الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي لمجمع الشفاء الطبي منذ أسابيع، حيث كانا نازحين بداخله، وهو يحاول معرفة مصيرهما.

قال مطر لـ«الشرق الأوسط»: «كانا داخل المستشفى، وبعد انسحاب قوات الاحتلال، لا يوجد أي أثر لهما، هل قُتلا ودفُنا؟ هل اعتُقلا أم فرا؟ لا نعرف».

وعمل مطر مع الطواقم الطبية والدولية التي وصلت منذ أيام للمستشفى لانتشال جثامين لم يجرِ التعرف علي هوية أصحابها بعد دفنها في مقابر جماعية، ولكن حتى اللحظة لم يصل إلى معلومة.

كما أرسل لهيئات دولية منها «الصليب الأحمر»، لكنه لم يتلقَّ أي مساعدة حول إذا ما كان شقيقاه من بين المعتقلين.

ويخشى مطر أنه مع مرور الوقت لن يتمكنوا من معرفة أي شيء: «حتى لو كانوا في مقبرة جماعية، سيتحللون».

وكثيراً ما عُثر على جثامين متحللة في أعقاب انسحاب قوات الاحتلال من مناطق متفرقة من القطاع، خصوصاً من مجمع «الشفاء» الطبي، ومستشفى ناصر في خان يونس، وغيرها من المناطق.

انتشال جثث من تحت أنقاض الكنيسة الأرثوذكسية في مدينة غزة بعد غارة جوية إسرائيلية أكتوبر الماضي (أ.ب)

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية من خبراء مختصين حول الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال بما في ذلك احتمالية استخدامها قنابل تولد حرارة شديدة تؤدي إلى تبخر أجساد الضحايا.

وقال المرصد الأورومتوسطي، إن شهادات وثقها ومعلومات أولية جمعها، كشفت جانباً مخفياً من المستويات المروعة للقتل الذي يمارسه الاحتلال في قطاع غزة، يتعلق بتبخُّر أو انصهار أجساد الضحايا بفعل قنابل تسقطها طائرات حربية إسرائيلية على المنازل السكنية.

ورأى المرصد أن لجوء جيش إسرائيل إلى إحداث دمار هائل في مربعات سكنية بأكملها، يثير مخاوف من احتمال استخدامه «أسلحة حرارية» أو ما يعرف باسم «القنابل الفراغية»، التي تشتهر في المجال العسكري بفاعليتها في تدمير الكهوف ومجمعات الأنفاق الأرضية.

مفقودون سابقون

إضافة إلى الذين فُقدوا أثناء الحرب، ثمة مفقودون في الهجوم الذي سبق الحرب. وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك عشرات إن لم يكن مئات من الغزيين فُقدت آثارهم بعد دخولهم مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وهم من المدنيين الذين أتيحت لهم الفرصة للدخول، ولا يشمل ذلك مئات من مقاتلي «حماس» الذين قُتلوا أو اعتُقلوا في الهجوم.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي القيادي الفلسطيني محمد دحلان (صفحته عبر «فيسبوك»)

دحلان يجدد رفضه تولي دور أمني أو حكومي في غزة

قال القيادي الفلسطيني محمد دحلان، اليوم (الخميس)، إن وقف الحرب هو الأولوية القصوى، مجدداً رفضه تولي أي دور أمني أو حكومي في غزة.

«الشرق الأوسط» (دبي )
المشرق العربي أشخاص يسيرون في شارع بجوار المباني التي دُمرت خلال القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة في 23 يوليو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

دراسة: عدد القتلى في غزة كان دقيقاً إلى حد كبير في الأيام الأولى للحرب

وجدت دراسة جديدة تحلل الأيام الـ17 الأولى من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، أن أرقام وزارة الصحة بغزة بشأن القتلى في الأيام الأولى للحرب كانت ذات مصداقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس... 22 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

هل ينبئ موقف هاريس بشأن حرب غزة بتحول محتمل عن سياسة بايدن؟

يؤشر موقف هاريس الصريح بشأن حرب غزة إلى تحول محتمل عن سياسة جو بايدن تجاه إسرائيل بينما تتطلع نائبة الرئيس الأميركي إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي ناشط يلصق لافتة على عمود إنارة احتجاجاً على الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وخطابه أمام الكونغرس في واشنطن (رويترز)

نتنياهو يقول إن الاتفاق في غزة قريب

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لعائلات رهائن محتجزين في قطاع غزة إن التوصل إلى اتفاق مع حركة «حماس» أصبح قريباً.

كفاح زبون (رام الله)

تقارير تركية: لقاء إردوغان والأسد الشهر المقبل عند معبر كسب الحدودي

من لقاء سابق بين بشار الأسد ورجب طيب إردوغان في دمشق خلال مايو (أيار) 2008 (أ.ب)
من لقاء سابق بين بشار الأسد ورجب طيب إردوغان في دمشق خلال مايو (أيار) 2008 (أ.ب)
TT

تقارير تركية: لقاء إردوغان والأسد الشهر المقبل عند معبر كسب الحدودي

من لقاء سابق بين بشار الأسد ورجب طيب إردوغان في دمشق خلال مايو (أيار) 2008 (أ.ب)
من لقاء سابق بين بشار الأسد ورجب طيب إردوغان في دمشق خلال مايو (أيار) 2008 (أ.ب)

كشفت مصادر تركية عن أن اللقاء المحتمل بين الرئيسين رجب طيب إردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، قد يعقد عند معبر كسب الحدودي في أغسطس (آب) المقبل، بحسب ما اتُفق عليه بين رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين ورئيس الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين خلال لقائهما في أنقرة قبل أيام قليلة.

ونقلت صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، عن مصادر مطلعة، أن مسؤولين أتراكاً وسوريين عقدوا 3 جولات من المحادثات خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، للتحضير للقاء إردوغان والأسد، وأن العملية تتطور بسرعة، وقد يعقد اللقاء في معبر كسب على الحدود التركية - السورية في أغسطس المقبل.

وسبق أن استضاف المعبر قبل نحو 3 سنوات لقاء بين مسؤولين من الاستخبارات التركية والسورية في بدايات التحركات التي قادتها روسيا لإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى طبيعتها.

وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها، إنه تم في البداية مناقشة فكرة أن تكون بغداد هي مكان اللقاء بين إردوغان والأسد، لكن أنقرة تدرس الآن خيار عقد القمة في معبر كسب.

ولفتت إلى أنه بعد لقاء الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، الأربعاء الماضي، تردد أن لقاء الأسد وإردوغان سيعقد في موسكو، لكن مصادر دبلوماسية سارعت إلى نفي ذلك.

وكانت صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة التركية، قالت الثلاثاء الماضي، إن لقاء إردوغان والأسد سيعقد في أغسطس بموسكو، لكن مصدراً مسؤولاً بوزارة الخارجية نفى صحة هذه المعلومات.

تشيليك: اللقاء ينتظر إعداد ملفاته

وقال المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء، عقب اجتماع مجلس الإدارة والقرار المركزي للحزب برئاسة إردوغان في أنقرة، إن جهازي الاستخبارات التركي والسوري عقدا اجتماعات في فترات مختلفة لتحضير ملف اللقاءات الخاصة بالعلاقات بين أنقرة ودمشق.

وقال تشيليك: «بعد أن يصبح الملف الذي قامت به استخبارات البلدين ملفاً سياسياً، تبدأ اللقاءات بين وزيري الخارجية، وبعد ذلك سيتم تقديم الإطار الذي أعدته وزارات الخارجية والدفاع في البلدين لرئيسنا والرئيس السوري، وسيوجه الرئيس إردوغان دعوة له بمجرد الانتهاء من تحضير الملف».

وكانت وسائل إعلام تركية تحدثت عن وصول طائرة تقل ناريشكين إلى مطار أسنبوغا في أنقرة، الأربعاء الماضي، بالتزامن مع لقاء بوتين والأسد في موسكو، ونقلت عن خبراء أمنيين أن طائرة «مفرزة» خاصة، يعتقد أنها تقل مدير المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين وصلت إلى أنقرة قادمة من موسكو.

وقالت مصادر لـ«صحيفة تركيا» إن الاجتماع بين كالين وناريشكين كان حاسماً في تحديد موعد ومكان لقاء إردوغان والأسد.

وقبل ذلك، التقى ناريشكين وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، بموسكو في 10 يونيو (حزيران) خلال مشاركة الأخير في اجتماعات مجموعة «بريكس»، بينما كانت آخر زيارة له لتركيا في يونيو (حزيران) 2022، حيث عقد لقاء مع مدير الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وليام بيرنز، تركز على الأزمة الأوكرانية، بحسب ما كشف فيدان مؤخراً، مؤكداً أنه كان اجتماعاً «تاريخياً» ربما يتم الكشف عن نتائجه بعد سنين.