ليبيا: «الاستقرار» تتوسع داخلياً... و«الوحدة» تعزز «تمكينها» خارجياً

المنفي يشدد على منع أي انتهاكات للحدود مع دول الجوار

الدبيبة خلال جولاته في إثيوبيا (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال جولاته في إثيوبيا (حكومة «الوحدة»)
TT

ليبيا: «الاستقرار» تتوسع داخلياً... و«الوحدة» تعزز «تمكينها» خارجياً

الدبيبة خلال جولاته في إثيوبيا (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال جولاته في إثيوبيا (حكومة «الوحدة»)

تكثف الحكومتان المتنازعتان على السلطة في ليبيا جهودهما بقصد «التمكين» لكل منهما، و«إزاحة» الأخرى؛ إذ بدا أن «الاستقرار»، التي يترأسها أسامة حمّاد، متمسكة بالتوسّع جنوباً، في حين يلاحظ أن غريمتها «الوحدة» في العاصمة طرابلس، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، ماضية لمزيد من توطيد علاقتها خارجياً.

وحرصت حكومة حمّاد، المدعومة من مجلس النواب والتي تحظى أيضاً بإسناد من المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، خلال الأسابيع القليلة الماضية، على تكثيف جهودها باتجاه «حل أزمات المنطقة الجنوبية المتراكمة منذ سنوات»، بالإضافة إلى إعادة إعمار بعض المناطق، بما يشمل تشييد مساكن جديدة للمواطنين.

وقرر حماد إنشاء جامعة بمدينة الكفرة، عقب جولات عديدة إلى الجنوب برفقة بلقاسم حفتر، مدير «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا». كما توافد وزراء من الحكومة على مناطق بالجنوب الشرقي، من بينهم وزيرا الصحة الدكتور عثمان عبد الجليل، والداخلية اللواء عصام أبو زريبة، بالإضافة إلى أسامة الدرسي رئيس جهاز الأمن الداخلي، وقيادة من الجيش يتقدمها صدام وخالد خليفة حفتر.

وقال أبو زريبة إن زيارته إلى الكفرة تأتي ضمن جولة بالجنوب الشرقي لمتابعة الوضع هناك في ظل تدفق النازحين السودانيين الفارين من الحرب، وتقييم الحالة الأمنية على أرض الواقع. كما تحدث عن إنشاء غرفة لتأمين الحدود بهدف «حصر النازحين القادمين من السودان في مدينة الكفرة، والمدن المجاورة لها، ومكافحة الجريمة والمخدرات، وغيرها من الظواهر السلبية، وتوفير الدعم اللازم».

ومن جهته، حرص عبد الجليل على توزيع المواد الغذائية والمياه والمشروبات الغازية بنفسه على النازحين السودانيين، في جولة قالت الحكومة إنه التقى خلالها «بعدد كبير من العائلات السودانية النازحة في طريقها إلى الأراضي الليبية».

وزير الصحة بالحكومة الليبية عبد الجليل يوزع المياه الغازية على نازحين سودانيين في الكفرة جنوب شرقي البلاد (الحكومة الليبية)

واستبقت هذه الجولات لقاء عقده القائد العام للجيش بحمّاد، وبلقاسم حفتر مدير «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، ووكيل وزارة الحكم المحلي أبو بكر الزوي، رفقة وفد ضم عمداء بلديات الجنوب والجنوب الشرقي جالو وأوجلة وتازربو والكفرة. وخلال اللقاء تم بحث «الخطط والمشاريع» بالمدن والمناطق التي تشرف عليها حكومة حمّاد، بالتنسيق مع صندوق التنمية، بهدف «تذليل كافة الصعوبات، وتنفيذ المشروعات الوطنية، من بينها رصف الطرق الرئيسية، وإنشاء وصيانة المدارس والمستشفيات، ومحطات الكهرباء، وكذلك إنشاء الوحدات السكنية بمناطق ومدن الجنوب».

أعيان من مدينة الكفرة في انتظار وزير الداخلية بحكومة «الاستقرار» (الحكومة)

ويرى سياسيون ليبيون أن تحركات حكومة حمّاد المكثفة «تخصم من رصيد غريمتها» بالعاصمة طرابلس، لجهة «السيطرة على الجنوب سياسياً وعسكرياً»، لكنهم أشاروا في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حكومة «الوحدة» تزيد في المقابل من علاقاتها دولياً، «مستغلة الاعتراف الدولي بها»؛ فإلى جانب زيارات الدبيبة الخارجية، ومن بينها زيارته لإيطاليا وتركيا وقطر والسنغال، ودخوله على خط الأزمة السودانية باستقباله في طرابلس طرفَي النزاع هناك، جاءت زيارته الخميس إلى إثيوبيا، ولقاؤه برئيس وزرائها آبي أحمد، وذلك في إطار ما وصفته «الوحدة» بـ«إعادة لعلاقات التعاون التي كانت قد توقفت قبل 20 عاماً».

وعلى هامش زيارة الدبيبة إلى أديس أبابا، قالت حكومة «الوحدة»، الجمعة، إن وزير العمل والتأهيل، علي العابد، بحث في العاصمة الإثيوبية مع نظيره الإثيوبي، مفرحات كامل، التعاون المشترك بين وزارتَي العمل بالبلدين، وإعداد مذكرة تفاهم بين الوزارتين بشأن التشغيل والتدريب المهني.

وفي سياق تحركات «الوحدة» الخارجية، وعلى هامش زيارته إلى ماليزيا بمناسبة الذكرى الخمسين للعلاقات الليبية - الماليزية، بحث وكيل وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة» للشؤون السياسية، محمد عيسى، مع نظيره الماليزي داتو أحمد روزيان في كوالالمبور، في سبل تطوير العلاقات، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين.

وفد من وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة» الليبية مع نظيره الماليزي في كوالالمبور (وزارة الخارجية)

ونقلت وزارة خارجية «الوحدة»، الجمعة، أنه تم الاتفاق على اتخاذ الإجراءات اللازمة لزيادة مدة تأشيرة دخول الليبيين للأراضي الماليزية، بهدف تسهيل وجود الراغبين منهم في استكمال دراستهم بالجامعات الماليزية، وكذلك تسهيل حركة التجارة بين البلدين.

في غضون ذلك، دعا رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أعضاء المجلس إلى حضور جلسة الاثنين في مدينة بنغازي لمناقشة قانون الموازنة العامة المحال من الحكومة المكلفة.

المنفي خلال استقباله رئيس لجنة الحدود البرية والبحرية محمد الحراري (المجلس الرئاسي)

يأتي ذلك، في حين شدد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، على ضرورة الحفاظ على الحدود الليبية، وذلك خلال اجتماعه في مقر المجلس مع رئيس لجنة الحدود البرية والبحرية، محمد الحراري.

وقال المكتب الإعلامي للمنفي إن الحراري أطلعه على «أهم الأعمال المنجزة من قبل اللجنة بشأن ترسيم الحدود مع دول الجوار، مستعرضاً مخططات اللجنة»، مشيراً إلى أن المنفي حث رئيس وأعضاء اللجنة على ضرورة متابعة كافة التطورات «لمنع أي انتهاك لحدود ليبيا البرية والبحرية، وإحاطته بمجريات عمل اللجنة وما يعترضها من عقبات لتذليلها».

أما فيما يتعلق بمعبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس، فقد قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» إن الوزير المكلف عماد الطرابلسي، ناقش مع نظيره التونسي كمال الفقي، في مكالمة هاتفية، سبل تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي بين البلدين في المجال الأمني، و«أهمية المعبر ودوره الحيوي»، واتفقا على «ضرورة عودة العمل بالمنفذ وفتحه من الجانبين أمام حركة المسافرين في أقرب الآجال».


مقالات ذات صلة

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في المناورات البحرية التي نفذتها «أفريكوم» (السفارة الأميركية)

تعهد أميركي بدعم القوات البحرية الليبية

تعهدت واشنطن بمواصلة العمل لدعم القوات البحرية الليبية في تعزيز جهود الأمن البحري الموحدة.

خالد محمود (القاهرة )

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.