4 أسباب علمية تمنح الأفارقة الهيمنة على سباقات الماراثون الطويلة

دراسة: العدّاؤون في إثيوبيا وليسوتو ومالاوي وكينيا الأسرع عالمياً

العداء الكيني بنسون كيبروتو الفائز بلقب ماراثون الرجال في طوكيو 2024 (رويترز)
العداء الكيني بنسون كيبروتو الفائز بلقب ماراثون الرجال في طوكيو 2024 (رويترز)
TT

4 أسباب علمية تمنح الأفارقة الهيمنة على سباقات الماراثون الطويلة

العداء الكيني بنسون كيبروتو الفائز بلقب ماراثون الرجال في طوكيو 2024 (رويترز)
العداء الكيني بنسون كيبروتو الفائز بلقب ماراثون الرجال في طوكيو 2024 (رويترز)

لعقود من الزمن، هيمن سكان دول شرق أفريقيا، خصوصاً الكينيين والإثيوبيين، على سباقات الماراثون الطويلة، وكانوا يندفعون عبر خطوط النهاية، في حين أن منافسيهم المنهكين بالكاد يتمكنون من الوصول إليها.

ويشكل عداؤو الماراثون الكينيون ظاهرة لدرجة أن المنظمات البحثية أجرت دراسات حول سبب هيمنتهم على سباقات المسافات الطويلة. وعلى مدار 6 عقود، حصد أكثر من 100 عداء كيني معظم ذهبيات وميداليات السباقات العالمية.

وكشف تحليل واسع النطاق لأكثر من مليون سجل سباق، أن العدائين من دول شرق أفريقيا هم القوة المهيمنة في سباقات «الألترا ماراثون» التي يبلغ طولها 50 كيلومتراً.

و«ألترا ماراثون» هو سباق أطول من سباقات الماراثون التقليدية التي تبلغ 42.195 كيلومتر، وتختلف مسافاته، ويبلغ طول أقصر سباق 50 كيلومتراً، بينما السابقات الطويلة يمكن تصل لأكثر من 100 كيلومتر.

واكتسبت سباقات «ألترا ماراثون» التي تستمر أكثر من 6 ساعات، شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة. ومن بين سباقات «ألترا ماراثون»، تبرز مسافة الـ50 كيلومتراً كخطوة صعبة، لكنها قابلة للتحقيق مقارنة بالماراثون القياسي.

وتلقي دراسة، نشرت في العدد الأخير من دورية «ساينتفك ريبورتس»، الضوء على اتجاهات الأداء في تلك السباقات ذات الشعبية المتنامية. وخلال الدراسة، أجرى باحثون من سويسرا ومؤسسات متعاونة من جميع أنحاء العالم تحقيقاً شمل مجموعة بيانات ضخمة من نتائج سباقات «الألترا ماراثون» التي امتدت مسافة 50 كيلومتراً، التي تشمل ما يقرب من 1.4 مليون سجل سباق من المشاركين الذكور والإناث، بهدف تحديد أسرع المتسابقين حسب بلد الانتماء والفئة العمرية وموقع السباق.

أسباب علمية

وكشفت النتائج أن العدائين من دول شرق أفريقيا، بما في ذلك إثيوبيا وليسوتو ومالاوي وكينيا، هم الأسرع في سباقات الماراثون البالغة طولها 50 كيلومتراً.

وأظهرت الدراسة أن المضامير السباقية في أوروبا، وتحديداً في لوكسمبورغ، وبيلاروسيا، وليتوانيا، وفي الشرق الأوسط، وتحديداً في قطر والأردن، توفر الظروف المثالية لتحقيق أوقات سباق أسرع.

وحول الأسباب العلمية وراء تفوق العدائين من دول شرق أفريقيا، يقول الدكتور بيت كنيتشل الباحث الرئيسي للدراسة من معهد الرعاية الأولية في جامعة زيوريخ بسويسرا: «يمكن أن تعزى ذلك إلى 4 عوامل رئيسية، تشمل (الاستعداد الوراثي، والالتزام بالنظام الغذائي التقليدي، والعيش والتدريب على ارتفاعات عالية، والخلفية الاجتماعية والثقافية).

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «بالإضافة إلى ذلك، فإن الحياة في هذه البلدان، والتي تتطلب على سبيل المثال «المشي أو الجري بحقائب مدرسية ثقيلة لفترات طويلة من الزمن، قد تسهم في تحسين حالة المتسابقين البدنية وقدرتهم على التحمل».

ونوه بأن هناك افتراضاً سائداً أيضاً بأن الخلفية الجينية تؤثر بشكل كبير في الإمكانات الرياضية من خلال تحديد خصائص الجسم والقلب والأوعية الدموية والعضلية التي تسهم في التكيف أثناء التدريب البدني، ويشير هذا إلى أن العدائين من دول شرق أفريقيا قد يتمتعون بميزة فريدة بسبب هذه العوامل.

نجاح استثنائي

وأظهرت الدراسة أن أسرع المتسابقين في سباقات الماراثون الفائقة في مسافة 50 كيلومتراً كانوا في الفئة العمرية 20 - 24 عاماً، على عكس الاعتقاد التقليدي بأن ذروة أداء الماراثون الفائق تأتي في الفئات العمرية الأكبر سناً، ويشير هذا إلى أن العدائين الأصغر سناً قد يتمتعون بميزة في مسافة السباق هذه، لكن كنيتشل قال إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العوامل التي تسهم في نجاح هذه الفئة العمرية.

وينحدر معظم العدائين الكينيين من قبيلتي «كالينجينز» و«نانديز» في منطقة الوادي المتصدع والتي تشكل سكانها 10 في المائة فقط من سكان البلاد البالغ عددهم 50 مليون نسمة. وبفضل طبيعتها الجغرافية المرتفعة، أصبحت هواية الجري تشكل أسلوب حياة لسكان منطقة الوادي المتصدع التي أصبحت أيضاً وجهة تدريبية مفضلة للنجوم والمدربين العالميين.

ويبدو أيضاً أن النجاح الاستثنائي لهؤلاء العدائين يعزى في الأساس إلى خصائص بيئية وجسدية مواتية، وتدريب متواصل على ارتفاعات عالية، إلى جانب الدافع النفسي القوي لتحقيق النجاح في الميدان الرياضي وخارجه.

وقضى الكاتب البريطاني أدهارناند فين، مؤلف كتاب «الجري مع الكينيين»، كثيراً من الوقت في منطقة الوادي المتصدع بكينيا، محاولاً فهم سر نجاح عدائي الماراثون الكينيين. وذكر في كتابه، أنه وجد أن السر ليس عاملاً واحداً، بل مزيج من العوامل المختلفة، ويشمل ذلك البيئة والنمط الحياتي والتدريب الشاق.

ويضيف هناك عوامل مثل التنشئة الريفية القاسية، وركض الأطفال في كل مكان، بالإضافة إلى النظام الغذائي البسيط، وانتفاء الوجبات السريعة، ووجود ارتفاعات وتضاريس جري مثالية مثل التلال المتموجة، والطرق الترابية في كل مكان، كلها عوامل تسهم في تطوير العدائين الكينيين والإثيوبيين.

ويوضح الكاتب أن الجري في كينيا يتيح فرصاً للرياضيين لتحقيق النجاح الاقتصادي، وتغيير حياتهم وحتى تحويل مجتمعاتهم، وبفضل وجود كثير من النماذج الناجحة، يتمكن الشباب من الوصول إلى الدعم والتحفيز ليصبحوا عدائين مميزين.

يختتم الكاتب بتأكيد أن هذا النجاح ليس نتيجة لعامل واحد، بل مجموعة من العوامل التي تتداخل معاً لتخلق ثقافة رياضية ملهمة.


مقالات ذات صلة

«موسم الرياض»: فيوري يتعهد «بتدمير» أوسيك في «معركة الإعادة»

رياضة عالمية تايسون فيوري (رويترز)

«موسم الرياض»: فيوري يتعهد «بتدمير» أوسيك في «معركة الإعادة»

قال الملاكم البريطاني تايسون فيوري إنه سيتخلى عن الحذر عندما يواجه بطل الوزن الثقيل الأوكراني أولكسندر أوسيك، وأكد أنه يستهدف الفوز بالضربة القاضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أرينا سابالينكا (أ.ف.ب)

سابالينكا تسعى إلى استعادة صدارة التصنيف العالمي... والهاتريك في ووهان

تواصل البيلاروسية أرينا سابالينكا سعيها نحو استعادة المركز الأول في التصنيف العالمي عندما تخوض غمار دورة ووهان الصينية الدولية للألف نقطة في كرة المضرب.

«الشرق الأوسط» (ووهان )
رياضة عالمية فيرجيل فان دايك (أ.ب)

قائد ليفربول: نريد المنافسة حتى اليوم الأخير للفوز بالبريمرليغ

يرغب فيرجيل فان دايك، قائد فريق ليفربول، في أن يواصل فريقه المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، هذا الموسم، حتى المرحلة الأخيرة من عمر البطولة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية جيريمي دوكو (د.ب.أ)

دوكو: السيتي لا يحتاج إلى تسجيل المزيد من الأهداف في غياب رودري

أكد جيريمي دوكو، نجم فريق مانشستر سيتي، عدم وجود ضغوط على مهاجمي فريقه لتسجيل مزيد من الأهداف لتعويض غياب لاعب خط الوسط الإسباني رودري.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية يانيك سينر (أ.ف.ب)

دورة شنغهاي: سينر يتجاوز إتشيفيري بصعوبة إلى الـ16

عانى الإيطالي يانيك سينر والروسي دانييل مدفيديف المصنفان أول وخامساً عالمياً توالياً لبلوغ الدور ثمن النهائي من دورة شنغهاي لماسترز الألف نقطة في كرة المضرب.

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
TT

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

وتحتفي الجوائز، التي أسس لها رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل منذ أكثر من قرن من الزمان، بالأعمال الرائدة التي قد يستغرق إكمالها عقوداً.

ومن الصعب للغاية التنبؤ بمن سيفوز بأعلى مراتب الشرف في العلوم. وتظل القائمة المختصرة والمرشحين سراً، ويتم إخفاء الوثائق التي تكشف عن تفاصيل عملية الاختيار عن الرأي العام لمدة 50 عاماً.

ومع ذلك، هناك بعض الاكتشافات «المذهلة» التي كانت تستحق جائزة «نوبل» ولم تحصل عليها، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

أول جينوم بشري

أحد أبرز الاكتشافات التي كانت مرشحة للحصول على جائزة «نوبل» هو رسم خريطة الجينوم البشري، وهو مشروع جريء بدأ في عام 1990 واكتمل في عام 2003.

أول خريطة كاملة للجينوم البشري (أ.ب)

وشارك في فك الشفرة الوراثية للحياة البشرية اتحاد دولي يضم آلاف الباحثين في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان والصين.

وكان لهذا المسعى تأثير بعيد المدى على علم الأحياء والطب والعديد من المجالات الأخرى. لكن أحد أسباب عدم حصول المشروع على جائزة «نوبل» هو العدد الهائل من الأشخاص المشاركين في هذا العمل الفذ.

ووفقاً للقواعد التي وضعها نوبل في وصيته عام 1895، لا يمكن للجوائز أن تكرم إلا ما يصل إلى ثلاثة أشخاص لكل جائزة، وهو تحدٍ متزايد نظراً للطبيعة التعاونية لكثير من الأبحاث العلمية الحديثة.

الذكاء الاصطناعي

يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير حياة الناس بوتيرة غير مسبوقة. وهو «مجال مزدحم»، لكن يبرز فيه اسمان، وفقاً لـ«ديفيد بندلبيري»، رئيس تحليل الأبحاث في معهد «كلاريفيت» للمعلومات العلمية.

ويحدد بندلبيري الأفراد «الجديرين بالحصول على جائزة نوبل» من خلال تحليل عدد المرات التي يستشهد فيها زملاؤهم العلماء بأوراقهم العلمية على مر السنين.

والشخصيتان البارزتان هنا هما ديميس هاسابيس وجون جامبر، مؤسسا شركة «ديب مايند» التابعة لـ«غوغل» اللذان أنشآ «AlphaFold» وهو نموذج ذكاء اصطناعي للتنبؤ بهياكل البروتين من تسلسل الأحماض الأمينية بدقة عالية، والذي استخدمه ما لا يقل عن مليوني باحث حول العالم، وفق «سي إن إن».

ديميس هاسابيس (يسار) وجون جامبر يتسلمان أحد الجوائز في لوس أنجليس (سي إن إن)

ويساعد «AlphaFold» في تسريع التقدم في علم الأحياء الأساسي والمجالات الأخرى ذات الصلة. ومنذ نشر العالمان بحثهما الرئيسي حول هذه القضية في عام 2021، تم الاستشهاد به أكثر من 13 ألف مرة، وهو ما يصفه بندلبيري بـ«الرقم الاستثنائي»، لأنه من بين إجمالي 61 مليون ورقة علمية، تم الاستشهاد بنحو 500 ورقة فقط أكثر من 10 آلاف مرة.

فهم ميكروبيوم الأمعاء

تعيش تريليونات من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات والفطريات) في جسم الإنسان، وتُعرف مجتمعة باسم «الميكروبيوم البشري». ومع التقدم في التسلسل الجيني خلال العقدين الماضيين، أصبح العلماء أكثر قدرة على فهم ما تفعله هذه الميكروبات، وكيف تتفاعل مع بعضها أو مع الخلايا البشرية، وخاصة في القناة الهضمية.

ويقول بندلبيري إن هذا «مجال طال انتظار» أن يحصل عالم فيه على جائزة «نوبل». ويعد عالم الأحياء الأميركي، الدكتور جيفري آي. غوردون، رائداً في هذا المجال.

عالم الأحياء الأميركي الدكتور جيفري آي. غوردون (أرشيفية)

وسعى غوردون إلى فهم الميكروبيوم المعوي البشري وكيفية تشكيله لصحة الإنسان، بدءا من الأبحاث المعملية على الفئران. وقاد بحثاً توصّل إلى أن ميكروبيوم الأمعاء يلعب دوراً في التأثيرات الصحية لنقص التغذية، الذي يؤثر على ما يقرب من 200 مليون طفل على مستوى العالم. ويعمل غوردون على تطوير "تدخلات غذائية" تستهدف تحسين صحة الأمعاء.

الجينات المسببة للسرطان

في السبعينيات، كان من المفهوم أن السرطان ينتقل في بعض الأحيان بين العائلات، لكن التفكير السائد حول سرطان الثدي لم يأخذ في الاعتبار أي قابلية وراثية للإصابة بهذا المرض. ومع خلفيتها في البحث عن الاختلافات الجينية بين البشر والشمبانزي، اتبّعت ماري كلير كينغ، عالمة الوراثة الأميركية وأستاذة الطب وعلوم الجينوم، نهجاً جديداً.

ماري كلير كينغ تظهر مع الرئيس الأميركي حينذاك باراك أوباما بعد حصولها على الميدالية الوطنية للعلوم في حفل بالبيت الأبيض في مايو 2016 (سي إن إن)

وعملت كينغ قبل فترة طويلة من حصول العلماء على رسم خريطة الجينوم البشري، وأمضت 17 عاماً في اكتشاف وتحديد الدور الذي تلعبه طفرة «جين BRCA1» في سرطاني الثدي والمبيض.

وقد أتاح اكتشافها إجراء اختبارات جينية يمكنها تحديد النساء المعرضات بشكل متزايد لخطر الإصابة بسرطان الثدي، بالإضافة إلى الخطوات التي يجب اتخاذها لتقليل المخاطر، مثل الفحص الإضافي والعمليات الجراحية الوقائية.