«حزب الله» يركّز عملياته على تجمعات الجنود الإسرائيليين محاولاً اقتناص «الفرص العسكرية»

تكرار عملية «عرب العرامشة» مهمة ليست سهلة

سيارة لـ«يونيفيل» في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان إلى جانب منزل دمرته غارة إسرائيلية (أ.ب)
سيارة لـ«يونيفيل» في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان إلى جانب منزل دمرته غارة إسرائيلية (أ.ب)
TT

«حزب الله» يركّز عملياته على تجمعات الجنود الإسرائيليين محاولاً اقتناص «الفرص العسكرية»

سيارة لـ«يونيفيل» في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان إلى جانب منزل دمرته غارة إسرائيلية (أ.ب)
سيارة لـ«يونيفيل» في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان إلى جانب منزل دمرته غارة إسرائيلية (أ.ب)

رغم التصعيد الذي تشهده الجبهة الجنوبية بين «حزب الله» وإسرائيل في الأيام الأخيرة، فإن الخسائر في صفوف الإسرائيليين تبقى محدودة، باستثناء العملية التي نفذها الحزب على موقع عسكري في عرب العرامشة بداية الأسبوع، وأدت إلى إصابة 18 عسكرياً.

ويبدو واضحاً من خلال العمليات العسكرية التي يعلن عنها «حزب الله» أخيراً أن استهدافه يتركز بشكل أساسي على تجمعات لعسكريين «بعد ترقب دقيق»، بهدف إسقاط أكبر عدد من الإصابات، إضافة إلى عمليات أخرى.

ويتوقف رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (أنيجما) رياض قهوجي، عند هذا الأمر، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب لم يكن يبذل في بداية المواجهة جهداً لإلحاق الضرر في صفوف العسكريين، متفادياً رد الفعل الإسرائيلي الكبير، لكن اليوم، وبعدما أسقط الإسرائيلي الضوابط، باتت عمليات الحزب تتركز أكثر على التجمعات العسكرية؛ بهدف تسجيل أكبر عدد من الإصابات في صفوف جيشه.

في المقابل، لا يرى العميد الركن المتقاعد خالد حمادة تبدلاً في عمليات «حزب الله»، مشدداً على أن «ما حصل في عرب العرامشة لم يكن عملية منظمة، بل نتيجة استهداف وحدة استطلاع في المواقع الأمامية ليس من مهامها الاشتباك ولا تحمل السلاح، وهو ما أدى إلى وقوع الخسائر»، لافتاً كذلك إلى أن تعامل «حزب الله» معها لم يكن أيضاً على المستوى المطلوب.

ويرى حمادة أن هذه العملية تأتي في سياق العمليات العادية في المواجهة بين الطرفين، موضحاً أن البيانات التي تصدر عن «حزب الله» تحمل بعض المبالغة، ومؤكداً أن «ليس هناك من تطور نوعي في العمليات، ولا استراتيجيات جديدة في المواجهة من قبل (حزب الله)».

وعن سبب عدم تسجيل أو الإعلان عن عدد كبير من الإصابات، على غرار ما حصل في عملية عرب العرامشة قبل أيام، يقول قهوجي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب يقتنص الفرص، والعملية الناجحة لا يمكن تكرارها بسهولة». ويوضح أن «الإسرائيلي لديه قدرة دفاعية ومنظومة القبة الحديدية التي تعترض عدداً كبيراً من الصواريخ والمسيرات، وبالتالي، فإن ذلك يجعل الحزب يبحث على الفرص لاقتناصها، ويرى الأهداف ويبحث عن ثغرات في الدفاعات الإسرائيلية لينفذ عملياته على أساسها. في المقابل، عندما يدرك الإسرائيلي أن الحزب اكتشف هذه الثغرة يقوم بسدّها فوراً، وبالتالي فإن العملية الناجحة ليس سهلاً تكرارها ضد خصم لديه تفوق عسكري وتكنولوجي بهذا الشكل، إضافة إلى قدرة استخباراتية يستخدمها في عمليات الاغتيال والقصف الدقيق في الساحة اللبنانية».

وفي حين يتّهم «حزب الله» إسرائيل بإخفاء العدد الحقيقي لخسائرها البشرية في المعركة، سُجِّل منذ بدء المواجهات بين الطرفين مقتل 370 شخصاً على الأقلّ في لبنان، بينهم 245 عنصراً من «حزب الله» و70 مدنياً على الأقل، وفق حصيلة أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيرة إلى مقتل عشرة عسكريين وثمانية مدنيين في الجانب الإسرائيلي.

وبعدما كان «حزب الله» أعلن، مساء الجمعة، عن استهداف تجمعين لجنود إسرائيليين في محيط موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا، وتجمعٍ آخر في موقع بيّاض بليدا، عاد السبت، وأعلن عن استهداف مقاتليه مرة ثانية تجمعاً في موقع بيّاض بليدا، وانتشاراً لجنود في جبل عداثر، إضافة إلى موقع حدب يارين، والتجهيزات التجسسية في موقع الراهب.

وفي إطار تركيزها على التجمعات العسكرية، أعلنت «المقاومة الإسلامية» عن استهدافها انتشاراً لجنود إسرائيليين شرق مستعمرة «إيفن مناحم»، وانتشاراً آخر في محيط موقع رويسات العلم.

في هذا الوقت، استمر القصف الإسرائيلي المتقطع على بلدات الجنوب. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» السبت، أن طائرة مسيرة استهدفت بلدة عيتا الشعب، ليعود الجيش الإسرائيلي ويقول إن جنوده قصفوا مبنى عسكرياً تابعاً لـ«حزب الله» في منطقة عيتا الشعب في لبنان، بعد أن رصدوا دخولاً مسلحاً إليه، مشيراً كذلك إلى أن طائرات سلاح الجو استهدفت مسلحاً «يعمل في البنية التحتية» لـ«حزب الله» في منطقة كفركلا في جنوب لبنان».

واستهدف القصف أيضاً بلدة الضهيرة الحدودية في القطاع الغربي، وقصف الطيران منزلاً في بلدة الجبين، حيث توجهت فرق الإسعاف إلى المنطقة لتفقدها. وأفادت معلومات بسقوط ثلاثة قتلى من «حزب الله» في الغارة على هذا المنزل.

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» قد أفادت بإطلاق القنابل الضوئية فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط، ليلاً، بالتزامن مع تحليق للطيران الاستطلاعي فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق في الجنوب، وصولاً إلى مشارف مدينة صور.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

المشرق العربي صورة سبق أن وزعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

صورة سبق أن وزعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
صورة سبق أن وزعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

صورة سبق أن وزعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
صورة سبق أن وزعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

أثار إعلان إسرائيل إسقاط مسيّرة لـ«حزب الله» كانت تتجه نحو حقل نفطي إسرائيلي في البحر الأبيض المتوسط مخاوف من نية «الحزب» استهداف حقول الغاز في إسرائيل. ورغم أن المعطيات الأولية الإسرائيلية أفادت بأن المسيّرة هي للتصوير فقط، فإن مقربين من الحزب وضعوها في إطار التهديد باستهداف المنصات في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة إثر فشل مساعي التسوية في غزة.

وتوعد المسؤولون الإسرائيليون مؤخراً بـ«تغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، بينما يواصل «حزب الله» منذ فترة بث فيديوهات لمواقع استراتيجية إسرائيلية يقول إنها تندرج في إطار بنك الأهداف التي سيجري قصفها في حال قررت تل أبيب توسعة الحرب على لبنان.

اعتراض مسيّرة متجهة صوب «كاريش»

وأعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، اعتراض مسيّرة قال إنها أُطلقت من لبنان، ورجّح أنها كانت متجهة نحو حقل «كاريش» للغاز في البحر الأبيض المتوسط. وقال في بيان إن «سفينة صواريخ وسلاح الجو تمكنا من اعتراض مسيرة أُطلقت من لبنان في اتجاه المياه الاقتصادية الإسرائيلية». ورجّحت «القناة 13» الإسرائيلية أن تكون المسيَّرة «استخبارية»، في حين قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إنه «لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المسيَّرة التي جرى اعتراضها مفخخة أم كانت لأغراض الاستطلاع».

ورفض مسؤولون في «حزب الله» التعليق على الموضوع، علماً بأنه اعتاد عدم تبني أي مسيّرات يجري إسقاطها أو عمليات يجري إجهاضها. ورجحت مصادر مطلعة على أجواء «الحزب» أن تكون مهمة المسيَّرة «استطلاعية، وقد يكون هدفها تصوير المنصات لإدراجها في جزء جديد من الفيديوهات التي ينشرها الحزب بين فترة وأخرى والتي يقول إنها تلحظ أهدافاً استراتيجية يستطيع قصفها في أي لحظة»، لافتة إلى أن «إرسال مسيّرة لقصف المنصات أو الحقل أمر مستبعد تماماً؛ لأن الحزب يعي أنه بذلك يطلق صفارة انطلاق الحرب الواسعة التي لا يريدها».

بنك أهداف استراتيجية

وقال الخبير العسكري، العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط، إنه «في سياق الحرب المقيدة التي يخوضها (حزب الله) ضد العدو الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعد أن حقق الحزب من هذه الحرب أهدافه بنسب عالية، يرى الحزب أنه ليس بحاجة للحرب الشاملة التي يحتاج إليها العدو، لذلك لا يقوم بما يؤدي إلى الانزلاق إليها». وأوضح حطيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «(حزب الله) يعد الحرب النفسية التي تعزز الردع لمنع الحرب الموسعة ضرورية جداً، لهذا يخوض المواجهة على مسارين: مسار الكشف عن القدرات والمعلومات التي يملكها وتحدث في كشفها هزة عند العدو كما حصل من خلال عمليات الهدهد الثلاث، وما عرض عن قدرات جوية يملكها (الحزب)، أما المسار الثاني فهو بتأكيده على جاهزيته وجديته في التعامل مع بنك الأهداف الاستراتيجية الكبرى لدى العدو»، لافتاً إلى أن «عملية إرسال المسيّرات فوق منصات الغاز والنفط تأتي في هذا السياق».

صواريخ تطول كريات شمونة

وواصل الحزب عملياته، السبت، مستهدفاً التجهيزات التجسسية في موقع مسكفعام، ونقطة الجرداح في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن صفارات الإنذار دوَّت في كريات شمونة ومحيطها في إصبع الجليل.

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إنه جرى رصد إطلاق 4 صواريخ من لبنان تجاه كريات شمونة دون الإبلاغ عن وقوع إصابات، وأشارت القناة إلى رصد إطلاق صاروخ من لبنان تجاه عرب العرامشة في الجليل الغربي دون وقوع إصابات.

في المقابل، كثفت الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتها الوهمية فوق صور وقراها ومنطقتي النبطية وإقليم التفاح، وفي أجواء مدينة صيدا ومنطقة جزين. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بتعرُّض أطراف بلدة الجبين، في القطاع الغربي، لقصف مدفعي، وكذلك بلدة ميس الجبل. واستهدفت غارتان بلدة كفركلا، بينما قام جنود إسرائيليون بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة في اتجاه أطراف بلدتي الوزاني وكفركلا.

إسرائيل في أشد حالات الضعف

في هذا الوقت، واصل «حزب الله» تشييع عناصره الذين يسقطون في المواجهات في الجنوب. وخلال أحد مراسم التشييع، أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فيّاض أن «المقاومة ماضية في مواجهة العدوّ الصّهيوني، حتّى يقف العدوان على غزّة، وتحقّق أهدافها وتنتصر، مهما طال أمد الحرب، وغلت التّضحيات، وهذا وعدها وعهدها، وما تقوله الدّماء والتّضحيات».

وشدد فياض على أن «الزّمن تغيّر وتغيّرت المعادلات، فإسرائيل اليوم في أشدّ الحالات ضعفاً كما لم تكن يوماً في تاريخها، في حين أن مقاومتنا في أكثر الحالات قوّةً كما لم تكن يوماً في تاريخها، لذلك انظروا إلى المستقبل بكلّ تفاؤل وثقة».