المعارضة السورية ترى في اعتداءات باريس حافزًا لتسريع الحلّ

مروة: مكافحته لن تتحقق إلا بتشكيل هيئة حكم انتقالية

المعارضة السورية ترى في اعتداءات باريس حافزًا لتسريع الحلّ
TT

المعارضة السورية ترى في اعتداءات باريس حافزًا لتسريع الحلّ

المعارضة السورية ترى في اعتداءات باريس حافزًا لتسريع الحلّ

ما أعلنته وزارة الخارجية الروسية أمس، قبل انطلاقة لقاءات فيينا لجهة أن هجمات باريس ستؤثر على جدول أعمال المباحثات، ظهر بشكل واضح في المواقف التي أطلقت على ألسنة ممثلي الدول المشاركة التي ركّزت على ضرورة مكافحة الإرهاب. وعلى الرغم من أن مصير الرئيس السوري بشار الأسد كان شبه غائب عن التصريحات، اعتبر الائتلاف الوطني السوري، على لسان نائب رئيسه هشام مروة، أنّ المستجدات الأمنية في فرنسا من شأنها أن تدفع الدول المعنية، ولا سيما في أوروبا، نحو الإسراع في التوصل إلى حلّ سياسي وتحديدا تشكيل هيئة حكم انتقالية قادرة على المساهمة في تنفيذ هذه المهمة. وأكد الائتلاف في بيان له، أنّ مسؤولية المجتمع الدولي في استئصال الإرهاب من جذوره، بما في ذلك الأنظمة التي ترعاه وتموله، وفي مقدمتها نظام بشار الأسد.
وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فردريكا موغيريني كانت واضحة، من جهتها، بأن اجتماع فيينا «يأخذ معنى آخر» بعد اعتداءات باريس، كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لدى وصوله إلى فيينا «إن أحد أهداف اجتماع فيينا هو تحديدًا أن نرى بشكل ملموس كيف يمكننا تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة (داعش)». بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبيل الاجتماع «لا يوجد أي مبرر للأعمال الإرهابية ولا مبرر لدينا لجهة عدم بذل المزيد لإلحاق الهزيمة بـ(داعش) وجبهة النصرة وأمثالهما».
من جانبه، قال هشام مروة في “حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «إعلان وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير أن المشاركين في مؤتمر فيينا قرروا بدء محادثات فورية مع المعارضة السورية، خطوة إيجابية نحو الاتجاه الصحيح في أي حلّ بشأن سوريا»، لافتًا في الوقت عينه إلى أن وفدًا من الائتلاف برئاسة خالد خوجة، موجود في فيينا حيث التقى عددا من المسؤولين المعنيين، على هامش الاجتماعات، وذلك بناءً على دعوات غير رسمية من دول داعمة للمعارضة. وأشار مروة إلى أن وفدًا مما يعرف بـ«إعلان دمشق» يضم هيثم مناع وجهاد المقدسي وخالد المحاميد موجود أيضا في فيينا وعقد لقاءات مع بعض المسؤولين.
كذلك قال نائب رئيس الائتلاف: إن الحديث عن مكافحة الإرهاب بعد اعتداءات باريس ستدفع الأوروبيين، ليبذلوا جهودًا للقضاء على الإرهاب، وهذا ما لن يتحقّق إلا بالتعاون مع المعارضة السياسية والعسكرية المتمثلة بالائتلاف الوطني والجيش الحر، ومن ثم تشكيل هيئة حكم انتقالية من النظام والمعارضة تتولى هذه المهمة، مضيفا «وهو ما سبق للمسؤولين الفرنسيين أن أكدوه لنا».
جدير بالذكر أن روسيا تشارك إلى جانب نحو 20 دولة ومنظمة في اجتماعات فيينا المخصصة لبحث سبل التوصل إلى حل للأزمة السورية، بينما سجّل يوم أمس، مشاركة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بعدما كان من المقرر أن يحضر بدلاً عنه نائبه أمير حسين عبد اللهيان، وذلك في أعقاب إلغاء زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أوروبا. ومع عودة هؤلاء المسؤولين إلى فيينا لحضور جولة جديدة من المباحثات أمس السبت، كان دبلوماسيون قد عبروا عن اعتقادهم بأنه لم يتحقق تقدم يذكر مع إصرار القوى الغربية وحلفائها على رحيل الأسد، بينما يقول داعموه الروس والإيرانيون إن مصيره يقرره الناخبون. وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند للصحافيين في فيينا بعد الاجتماع مع نظيره المصري سامح شكري «هناك عدد من القضايا الصعبة ومستقبل الأسد ربما هو الأصعب من بينها، وهذا سيكون موضوعا مهما في المباحثات».
وقال مسؤولون إن التقدم كان صعبًا في الاجتماعات التحضيرية، وأضافوا أن الوزراء قد تكون لديهم القدرة على التحرك بسرعة أكبر نحو إنهاء الصراع الذي قتل فيه 250 ألف شخص فضلا عن فرار أربعة ملايين شخص من سوريا.
ومن نقاط الخلاف الأساسية تحديد أي المنظمات تعتبر «جماعات معارضة»، ومن ثم يمكنها المشاركة في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة ودعا إليها بيان مشترك بعد الاجتماع السابق وأي المنظمات تعتبر «جماعات إرهابية». وقال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة «رويترز»: «سيكون من المستحيل عمليا الاتفاق على تلك القائمة في هذه المباحثات.. سيستغرق هذا وقتا. لن توضع القائمة في يوم».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.