الأردنيون تابعوا إسقاط المسيرات الإيرانية و«إرباك» حول إعلان حالة الطوارئ

الحكومة متمسكة بالدفاع عن السيادة الوطنية

مواطنون ورجال أمن أردنيون يتفقدون بقايا صاروخ إيراني أسقط في عمّان (أ.ف.ب)
مواطنون ورجال أمن أردنيون يتفقدون بقايا صاروخ إيراني أسقط في عمّان (أ.ف.ب)
TT

الأردنيون تابعوا إسقاط المسيرات الإيرانية و«إرباك» حول إعلان حالة الطوارئ

مواطنون ورجال أمن أردنيون يتفقدون بقايا صاروخ إيراني أسقط في عمّان (أ.ف.ب)
مواطنون ورجال أمن أردنيون يتفقدون بقايا صاروخ إيراني أسقط في عمّان (أ.ف.ب)

بالعين المجردة وعبر كاميرات الجوالات الذكية رصد الأردنيون صوراً حية وفيديوهات لاستهداف المضادات الجوية مسيّرات وصواريخ اخترقت الأجواء الأردنية، وهي في طريقها لأهداف إسرائيلية، وسقوط عدد منها في الضواحي السكنية دون أن تخلف أضراراً مادية أو بشرية، وتصدرت تلك المواد الحية منصات التواصل الاجتماعي، فيما تباينت تعليقات المشاركين في تقييم الموقف، وسعت تعليقات للتشكيك بالموقف الرسمي.

وخرج أردنيون إلى طرقات رئيسية وجبال عالية لمتابعة أضواء المضادات الجوية التي استهدفت المسيرات، وظلوا متابعين لصور حريق الأجسام الصاروخية وهي في طريقها للسقوط، وقد شارك نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات لصد المسيرات والصواريخ في مختلف محافظات المملكة.

جاء ذلك وسط تندر محلي على تفاصيل الضربة الإيرانية التي بدت إسرائيل عارفة بموعدها وتفاصيلها، وطبيعة الوقت الذي ستستغرقه رحلة المسيرات أو الصواريخ حتى تصل لأهدافها، عادّين أن هناك اتفاقاً مسبقاً بين طهران وتل أبيب على حجم الضربة ونوعية الأسلحة والمتفجرات التي تحملها، وذلك برعاية أميركية، قائلين إن «إيران وإسرائيل وجهان لدولار واحد».

محلياً أربك الإعلام المحلي المراقبين عندما أعلن تلفزيون المملكة (محطة رسمية) نقلاً عن مصادر رسمية «إعلان حالة الطوارئ في البلاد»، لينفي وزير الإعلام الأردني مهند مبيضين بعد ذلك بدقائق صحة الخبر في تصريح له على وكالة الأنباء الرسمية (بترا). فقرار إعلان حالة الطوارئ هو صلاحية دستورية حصرية للملك الأردني، ويترتب على ذلك الإعلان جملة من الاشتراطات في الحياة العامة، من بينها إعلان حكومة عسكرية، وتجميد عمل البرلمان.

وتطورت حالة الإرباك لتصل إلى بث شائعات بتعطيل المدارس والجامعات والقطاع العام، فيما شدّد رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة على ضرورة أن تتوخى وسائل الإعلام المختلفة والمنصات أقصى درجات الدقة في تحري المعلومة واستقائها من مصادرها الرسمية المعتمدة، وعدم تناقل الإشاعات والأخبار غير الدقيقة، ولا تلك التي تتقصد التضليل لخلق أجواء من القلق والخوف والشك، لافتاً إلى أنه سيتم التعامل بشكل حازم وبكل الوسائل القانونية مع هذا الأمر. وأكد الخصاونة أن الأمور تسير بشكل منتظم وطبيعي في البلاد، وأن المرافق العامة التعليمية والصحية والخدماتية تعمل جميعها بانتظام، إضافة للقطاعين العام والخاص.

تصريحات ومواقف رسمية

صباح الأحد وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء الأردني، أكد الرئيس الخصاونة أن القوات المسلحة - الجيش العربي - ستتصدى «لكل ما من شأنه تعريض أمن وسلامة الوطن ومواطنيه وحرمة أجوائه وأراضيه لأي خطر أو تجاوز من أي جهة كانت، وبكل الإمكانات المتاحة في هذا الصدد».

الأجواء الأردنية ليل السبت الأحد (رويترز)

وأكد رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة في مطلع جلسة لمجلس الوزراء أنه جرى التعامل مع بعض الأجسام الطائرة التي دخلت إلى الأجواء ليلة السبت على الأحد، وأنه «تم التصدي لها حفاظاً على سلامة المواطنين والمناطق السكنية والمأهولة للخطر»، مشيراً إلى أن شظايا قد سقطت في أماكن متعددة دون إلحاق أي أضرار معتبرة، أو أي إصابات بين المواطنين.

وفي بيان صحافي جدّد مجلس الوزراء في جلسته الأحد التأكيد على أن الإجراء الوحيد الذي تم اتخاذه من قبل سلطة الطيران المدني الأردنية ليلة السبت وهو إغلاق الأجواء الأردنية بشكل احترازي ومؤقت، ووفقاً للضوابط المعيارية الدولية المعتمدة للمحافظة على أمن وسلامة الطيران المدني.

ولفت مجلس الوزراء في البيان إلى أن سلطة الطيران المدني تقوم وعلى مدار الساعة بمراجعة هذا الإجراء وتقييمه ووضع شركات الطيران والمسافرين في صورة تطوراته وفقاً للأسس المعيارية لسلامة الطيران، وذلك بعد عودة مطار الملكة علياء الدولي إلى العمل بالشكل المعتاد، وإعادة برمجة مواقيت الرحلات للمسافرين القادمين والمغادرين.

تبع ذلك تصريحات لوزير الخارجية أيمن الصفدي، شدّدت على أن وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، والبدء بتنفيذ خطة شاملة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين، هو السبيل لوقف التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة.

وأشار الصفدي إلى أن وقف التصعيد ضرورة إقليمية ودولية تتطلب تحمل مجلس الأمن مسؤولياته في حماية الأمن والسلم، وفرض وقف العدوان على غزة واحترام القانون الدولي، محذراً من أن استمرار العدوان يدفع المنطقة نحو المزيد من التصعيد الإقليمي الذي ستهدد تداعياته الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.

وفيما حث الصفدي على ضرورة تكاتف الجهود الدولية لخفض التصعيد وحماية المنطقة كلها من تبعاته، شدّد على أن بلاده ستستمر في جهودها غير المنقطعة لوقف العدوان على غزة ووقف التصعيد الإقليمي، والعمل مع الأشقاء والشركاء في المجتمع الدولي لإطلاق تحرك حقيقي وفاعل لتنفيذ حل الدولتين، كون ذلك سبيلاً وحيداً لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل، مجدداً التأكيد على أن الأردن سيستمر أيضاً في اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية أمنه وسيادته، ولن يسمح لأي كائن كان بتعريض أمنه وسلامة شعبه لأي خطر.

تمسك رسمي بالسيادة

وفي حين عبّر سياسيون أردنيون عن خشيتهم من إساءة تفسير صد المسيّرات والصواريخ الإيرانية التي عبرت الأجواء المحلية، جاء الرد الرسمي واضحاً في تأكيده التمسك بالسيادة الوطنية وعدم السماح باختراق الأجواء الأردنية، خصوصاً بعد الجهود الدبلوماسية والإغاثية التي بذلتها المملكة لصالح وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع، وكسر الحصار الإسرائيلي عليها براً وجواً.

وركز الموقف الرسمي على رفضه دوافع طهران في رفع منسوب التوتر والقلق في المنطقة، وأنه يُطبق المعادلة نفسها أمام أي محاولة إسرائيلية لاختراق الأجواء الأردنية في طريقها لتنفيذ أي اعتداء عبر أراضيه، ويتمسك الأردن بموقفه من حماية سيادته على أرضه، مُلتزماً بكونه ليس طرفاً في الصراع الإيراني الإسرائيلي، ومتمسكاً بأن الأولوية هي للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، والذهاب لمعالجة القضية الفلسطينية بشكل يعيد الحقوق المشروعة للفلسطينيين بإعلان دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية.

وإن أُبلغت عمّان رسمياً بقرب توجيه طهران ضربتها لتل أبيب بحسب مصادر محلية، وأعلنت إغلاق الأجواء أمام حركة الطيران، فإنها بذلك أخذت بالاعتبار تهيئة قواتها الجوية الملكية للتعامل مع الظرف الطارئ، الذي قد يتسبب بإحداث فوضى قد تهدد أمنها الوطني. لذلك فإن إعلان حالة الطوارئ على المستوى العسكري والأمني هو أمر اعتيادي وقرار للمجلس الأمني يتعلق بالتعامل مع ظرف طارئ أو تهديدات مستمرة، وهو يختلف جذرياً عن الخبر الذي تناقلته وسائل إعلام عن «إعلان حالة الطوارئ في المملكة».

وأمام تشكيك مدعوم من حسابات على منصات التواصل الاجتماعي من الداخل والخارج، شدد الأردن على أن الإسناد الأميركي عبر القواعد في العراق وسوريا، جاء تنفيذاً لاتفاقية الدفاع المشترك التي تسمح بالتنسيق عند مواجهة أي خطر مشترك أو تهديد. وهو ما يبرر إسقاط الدفاعات الأميركية لعدد من المسيرات والصواريخ على الحدود الأردنية مع العراق وسوريا.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».