800 ألف مهاجر وصلوا إلى أوروبا عبر المتوسط هذا العام.. والأسيجة تهدد فضاء «شينغن»

النمسا تبني سياجًا لمراقبة المهاجرين.. وفرنسا تطلق عمليات المراقبة الحدودية

لاجئ سوري يعزف على آلته الموسيقية فيما يعبر مجموعة لاجئين ومهاجرين الحدود اليونانية - المقدونية أمس (إ.ب.أ)
لاجئ سوري يعزف على آلته الموسيقية فيما يعبر مجموعة لاجئين ومهاجرين الحدود اليونانية - المقدونية أمس (إ.ب.أ)
TT

800 ألف مهاجر وصلوا إلى أوروبا عبر المتوسط هذا العام.. والأسيجة تهدد فضاء «شينغن»

لاجئ سوري يعزف على آلته الموسيقية فيما يعبر مجموعة لاجئين ومهاجرين الحدود اليونانية - المقدونية أمس (إ.ب.أ)
لاجئ سوري يعزف على آلته الموسيقية فيما يعبر مجموعة لاجئين ومهاجرين الحدود اليونانية - المقدونية أمس (إ.ب.أ)

أعلنت النمسا، أمس، أنها تنوي إقامة سياج بطول 3.7 كيلومتر على حدودها مع سلوفينيا لتشديد مراقبة مرور المهاجرين.
وسيمتد هذا الجدار الذي يتألف من «سياج حديدي بسيط»، يبلغ ارتفاعه 2.2 متر، على 3.7 كلم على جانبي معبر شبيلفيلد الحدودي، جنوب البلد، الذي يعبره جميع المهاجرين تقريبا. وفي مؤتمر صحافي، قال الوزير الاشتراكي الديمقراطي، جوزف أوسترماير: «سيكون سياجا بسيطًا هدفه رسم الحدود بوضوح (..) وليس إغلاقها». وأكدت الحكومة النمساوية أن الاتحاد الأوروبي قد ابلغ بهذا التدبير، مشيرة إلى أن «تفكيكه سيتم بسهولة» لدى انتهاء الحاجة إليه.
ويشكل هذا السياج الذي يبدأ بناؤه في غضون أسبوعين سابقة من نوعها بين بلدين في فضاء «شينغن» على صعيد حرية التنقل. ولم يتوصل الاتحاد الأوروبي بعد إلى طريقة منسقة للتعاطي مع أزمة الهجرة، فيما وصل أكثر من 800 ألف مهاجر، أتى القسم الأكبر منهم من أفريقيا والشرق الأوسط، إلى القارة عبر البحر منذ بداية السنة، كما تقول الأمم المتحدة.
وخلال قمة في مالطا، أول من أمس، تحدث رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عن «سباق ضد الساعة» من أجل «إنقاذ شينغن». وبعد المجر التي أقفلت حدودها مع صربيا بالكامل ثم مع كرواتيا أمام المهاجرين هذا الخريف بواسطة سياج شائك، وبدأت سلوفينيا الأربعاء بوضع الأسلاك الشائكة على حدودها مع كرواتيا. لكن لوبليانا، عاصمة سلوفينيا، أكدت أنها لا تريد إغلاق حدودها أمام اللاجئين.
من جهتها، أعلنت ألمانيا التي تعد أبرز مقصد للمهاجرين، أمس أنها ستمدد حتى منتصف فبراير (شباط) عمليات المراقبة التي بدأتها على الحدود في سبتمبر (أيلول)، وقررت النمسا الخطوة نفسها. وتنص معاهدة شينغن على إجراءات استثنائية تتيح تجميد قواعد حرية التنقل فترة قد تمتد إلى سنتين.
وكانت السويد، المقصد الآخر الذي يفضله اللاجئون، أعلنت أيضًا، أمس (الخميس)، بدء عمليات المراقبة على حدودها، رغم المجازفة بتشويه صورة «القوة العظمى الإنسانية»، التي تتميز بها. وفي فرنسا، بدأت المراقبة على الحدود منذ أمس، على أن تستمر شهرًا، وحشدت 30 ألف شرطي، لضبط دخول أراضيها، في إطار مؤتمر باريس حول المناخ.
وقد اتفقت البلدان الثمانية والعشرون التي تسعى إلى وقف تدفق المهاجرين قبل وصولهم إلى القارة، لكنها لم تحرز أي نجاح حتى الآن، على أن تعقد «في أسرع وقت ممكن» قمة مع تركيا لإقناعها بالاحتفاظ بأكبر عدد ممكن من اللاجئين. لكن هذه المبادرة ما زالت تصطدم «بمشكلات التمويل»، كما أقر رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر.
وأكدت وزيرة الداخلية المحافظة في النمسا يوهانا ميكل - ليتنر أن وضع سياج بسيط في شبيلفيلد «متطابق مع شينغن»، وقد نوقشت هذه المسألة مع السلطات السلوفينية. وقد دخل النمسا أكثر من 450 ألف مهاجر هذه السنة، قبل أن يواصل القسم الأكبر منهم طريقهم إلى ألمانيا.
من جهة أخرى، بدأ عراقيون في مركز لاحتجاز اللاجئين في تشيكيا إضرابا عن الطعام وسط مخاوفهم من إعادتهم إلى بلدهم، بحسب ما أفادت به الشرطة وقس محلي، أول من أمس.
وقال القس الإنجيلي الذي يساعد المهاجرين، ميكولاس فيميتال، إن «أول 20 رجلا بدأوا إضرابهم صباح الثلاثاء»، وبحلول منتصف الخميس زاد العدد إلى 60 مهاجرا. وتوعد المحتجان رازاد فازال وياسين بلحاج في بيان بمواصلة إضرابهم وطلبوا الإفراج عن اللاجئين. ويحتجز نحو 100 شخص في المركز الواقع في دراهويشي غرب براغ، بحسب الشرطة. وهو واحد من أربعة مراكز يحتجز فيها المهاجرون لمنعهم من الفرار قبل إعادتهم إلى البلد الأوروبي الذي وصلوا منه.
وانضم بعض الأفغان والباكستانيين والمغاربة إلى العراقيين، بحسب الشرطة. وأضاف فيميتال أن المهاجرين «خائفون من ترحيلهم» بعد أن مددت السلطات التشيكية إقامتهم في المركز.
وتطبيقًا لقوانين الاتحاد الأوروبي، تقوم جمهورية التشيك بإعادة المهاجرين الذين دخلوا البلاد ولم يتقدموا بطلبات لجوء، إلى أول بلد أوروبي دخلوه.
وصرحت كاترينا ريندلوفا المتحدثة باسم وحدة الشرطة التشيكية المكلفة شؤون الأجانب لوكالة الصحافة الفرنسية بأن المحتجين رفضوا التقدم بطلبات لجوء في جمهورية التشيك. ويرغب هؤلاء اللاجئون كالكثيرين غيرهم التوجه إلى ألمانيا أو غيرها من دول أوروبا الغربية. وأضافت: «نحاول الآن تحديد هوياتهم، ولكنهم غير متعاونين البتة، ولا يرغبون في الحصول على وثائق سفر مؤقتة، خشية أن يؤدي بهم ذلك إلى الترحيل».
وانتقدت الأمم المتحدة الشهر الماضي أحد المراكز وهو بيلا جيزوفا شمال شرقي براغ، وقالت إنه «مهين» بسبب ضعف الظروف المعيشية فيه. ورغم التحسينات، قال اللاجئون الأسبوع الماضي إنهم ما زالوا يشعرون بأنهم سجناء فيه، واشتكوا من عنف الشرطة وقلة المعلومات. وقالت منظمة حقوقية تشيكية إن السلطات تجبر اللاجئين والمهاجرين على دفع المال مقابل إقامتهم في المراكز.



مصرع 18 مهاجراً في غرق قارب مطاطي جنوب كريت

عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
TT

مصرع 18 مهاجراً في غرق قارب مطاطي جنوب كريت

عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)

لقي ما لا يقل عن 18 مهاجراً حتفهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط في قارب مطاطي، بعدما انقلب جنوب جزيرة كريت، وفق ما أعلنت السلطات اليونانية، السبت.

وقالت السلطات إن سفينة تجارية تركية عابرة عثرت على القارب الذي غمر نصفه في الماء أمس؛ حيث جرى إنقاذ ناجيين اثنين، فيما تتواصل عمليات البحث عن آخرين.

وتُعدّ اليونان إحدى نقاط الدخول الرئيسية إلى الاتحاد الأوروبي للأشخاص الفارين من النزاعات والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وكثيراً ما تشهد هذه الرحلات وقوع حوادث مميتة.

وكانت الرحلة القصيرة، ولكن الخطيرة من السواحل التركية إلى الجزر اليونانية القريبة، في قوارب مطاطية أو صغيرة غالباً ما تكون في حالة سيئة، تُعدّ الطريق الرئيسي للهجرة. إلا أن تكثيف الدوريات وعمليات إعادة المهاجرين أسهما في تراجع محاولات العبور. وفي الأشهر الأخيرة، تزايدت محاولات الوصول من ليبيا إلى جزيرة كريت.

ولم تُحدد السلطات بعد الجهة التي أتى منها القارب.

وتُشارك سفينة وطائرة من وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) ومروحية تابعة لخفر السواحل اليوناني و3 سفن تجارية في عملية البحث.


​ «الترويكا» الأوروبية تُكثّف مشاوراتها وسط مخاوف من ضغوط أميركية على أوكرانيا ​

ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
TT

​ «الترويكا» الأوروبية تُكثّف مشاوراتها وسط مخاوف من ضغوط أميركية على أوكرانيا ​

ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)

لا تُوفّر الاتصالات المتسارعة لوضع حد للحرب في أوكرانيا صورة واضحة لما آلت إليه حتى اليوم، نظراً للتصريحات الأخيرة المتضاربة الصادرة عن الأطراف المعنية بالحرب.

فمن جهة، أعلن كيث كيلوغ، المبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا، في كلمة له السبت في «منتدى ريغان للدفاع الوطني»، أن التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب أصبح «قريباً جداً» وما زالت دونه «الأمتار العشرة النهائية». وبحسب كيلوغ، فإن عقبتين رئيسيتين ما زالتا عالقتين، هما مصير منطقة الدونباس الأوكرانية التي تطالب موسكو بضمها بالكامل، بما في ذلك الأراضي لم تسيطر عليها عسكرياً، ومصير محطة زابوروجيا للطاقة النووية الأكبر في أوروبا. وبرأيه أنه «إذا حللنا هاتين القضيتين، فإن بقية الأمور ستسير بشكل جيد نسبياً»، مُضيفاً: «نحن على وشك الوصول... نحن قريبون جداً، جداً».

روبيو متحدّثاً خلال اللقاء بين الوفدين الأوكراني والأميركي في هالانديل بيتش بفلوريدا يوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

في المقابل، نقلت وسائل إعلامية روسية عن يوري أوشاكوف، مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومفاوضه الرئيسي في الملف الأوكراني الأحد، أنه يتعين على الولايات المتحدة «أن تجري تغييرات جدية، بل جذرية» في مقترحاتها بشأن أوكرانيا. وقال أوشاكوف لقناة «آر تي» التلفزيونية الروسية إن الجهود المبذولة لصياغة النصوص الخاصة بأوكرانيا ما زالت في «مراحلها المبكرة». وتجدر الإشارة إلى أن أوشاكوف شارك في اجتماع الساعات الخمس في موسكو، الأسبوع الماضي، إلى جانب الرئيس بوتين، مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجارد كوشنر. وبحسب مصدر دبلوماسي أوروبي في باريس، فإن كلام أوشاكوف، إذا كان يعكس حقيقة المفاوضات الروسية - الأميركية، يعني أن الطرفين «ما زالا بعيدين عن التوصل إلى اتفاق، علماً بأن المقترحات الأميركية تميل بشدة إلى جانب موسكو».

زيلينسكي وحيداً

رغم التضارب البيّن في تقدير التقدم الحاصل في المفاوضات، فإن الترويكا الأوروبية؛ بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تستشعر الهلع من التقارب الأميركي - الروسي من جهة، ومن احتمال أن تعمد إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى فرض حل لا يضمن المصالح الأوكرانية.

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماعهما في لاهاي على هامش قمة الحلف الأطلسي 25 يونيو الماضي (د.ب.أ)

وهذا التخوف يفسر تداعي واستعجال الترويكا لعقد قمة جديدة في لندن، هذه المرة، بدعوة من رئيس الوزراء كير ستارمر وحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني ميرتس، وبالطبع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. واللافت أن الأربعة تشاوروا مطولاً بداية الشهر الحالي بمناسبة الزيارة التي قام بها الأخير إلى باريس، وما تبعها من جولة اتصالات واسعة مع كبار القادة الأوروبيين ومع الفريق الأميركي المفاوض.

وما يقلق الأوروبيين، بحسب مصدر الإليزيه، استبعادهم من المفاوضات، «ما يعني ترك زيلينسكي وحيداً بمواجهة ضغوط فريق الرئيس دونالد ترمب». كما يعني أن أي اتفاق يتم إبرامه بعيداً عنهم «لن يأخذ بعين الاعتبار أمن الدول الأوروبية ومصالحها». ولخص وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني بات ماكفادن جانباً من المخاوف بوصف ذلك «اللحظة الراهنة» بأنها «محورية للغاية. الجميع يريد انتهاء الحرب، ولكنهم يريدون أن يتم ذلك بطريقة تمنح أوكرانيا حرية الاختيار في المستقبل».

خلفيات مخاوف «الترويكا»

على ضوء هذين العنصرين، يمكن فهم خلفيات ما كشفت عنه مؤخراً صحيفة «دير شبيغل» الألمانية مع فحوى مكالمة هاتفية جرت الأسبوع الماضي بين ماكرون وميرتس بشأن أوكرانيا، حيث قال الأول إن «هناك احتمالية أن تخون الولايات المتحدة أوكرانيا فيما يتعلق بالأراضي، دون وضوح بشأن الضمانات الأمنية».

الرئيسان الفرنسي ماكرون والأوكراني زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك والمستشار الألماني ميرتس في كييف يوم 10 مايو (إ.ب.أ)

ولما سُئلت مصادر قصر الإليزيه عن صحة ما نشرته «دير شبيغل»، اكتفت بالقول إن ماكرون لم ينطق بهذه الكلمة؛ أي خيانة. لكن الأهم أن الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً «الترويكا»، غير مطمئنة «لمزاجية» ترمب في إدارة الملف الأوكراني. وكان الأوروبيون قد اطمأنوا نسبياً بعدما عدّوا أنهم نجحوا في تعديل الخطة الأميركية الأصلية المكونة من 28 بنداً، بعد اجتماعات جنيف التي حرصوا على الوجود فيها إلى جانب الوفد الأوكراني.

وعدّت «الترويكا» أن إرغام أوكرانيا على التخلي عن كامل مقاطعة دونباس، ومنع كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ورفض موسكو نشر قوات أوروبية - أطلسية على الأراضي الأوكرانية، وامتناع واشنطن عن الالتزام بتوفير ضمانات أمنية لأوكرانيا لجهة ردع روسيا عن مهاجمتها لاحقاً وبعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام، كل ذلك يشكل عوامل تثير القلق.

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)

بيد أن ما فاقم المخاوف الأوروبية هو ما ورد في وثيقة «الاستراتيجية الأمنية الأميركية» التي نشرت الجمعة، التي تعد أن لأوروبا «توقعات غير واقعية» بالنسبة لنتائج الحرب، وأن واشنطن سوف تعمل على تعزيز «المقاومة السياسية للمسار الحالي» لأوروبا. وما يزيد الطين بلة، أن رؤية الوثيقة لأوروبا ليست من النوع الذي يدعو الأوروبيين إلى الاستكانة لوقوف أميركا إلى جانبهم، أو لمدى قوة الرابط الأطلسي والبند الخامس من معاهدة الحلف التي تنص على الدفاع عن أي عضو فيه يتعرض لاعتداء خارجي.

مصير الأصول الروسية

من هذه الزاوية، يمكن تفهم الاستعجال الأوروبي لمشاورات إضافية.

وتعاني «الترويكا» من وضع غير مريح لها، إذ إنها لا تستطيع، من جهة، الوقوف بشكل واضح وصلب بوجه الرئيس ترمب لتخوفها من ردود فعله، ومن أن ينفض يديه من الملف الأوكراني. كما أنها، من جهة ثانية، لا يمكنها قبول طروحاته والسير بخطته بسبب المخاطر والنتائج المترتبة عليها حاضراً ومستقبلاً.

زيلينسكي وستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن يوم 24 أكتوبر (إ.ب.أ)

لذا، فإنها في «منزلة بين المنزلتين»، حيث تؤيد من دون حماسة وتعارض بلطف. ولم يتضح بعدُ أبعاد قول مسؤول أميركي الجمعة إن واشنطن توصلت مع كييف إلى «إطار لترتيبات أمنية». ولا شك أن هذه المسألة ستكون رئيسية في قمة الاثنين في لندن.

ثمة مسألة أخرى ملحة يتعين على الأوروبيين بتّها سريعاً، وتتناول مصير الأصول الروسية المجمدة في مؤسسة «يوروكلير» المالية في لوكسمبورغ، التي يرغب الأوروبيون باستخدام 90 مليار يورو منها لتقديمها، خلال عامي 2026 و2027، بشكل قروض لأوكرانيا لتمويل ماليتها ومجهودها الحربي.

وبالنظر لرفض بارت دي ويفر رئيس وزراء بلجيكا، وفاليري أوبان، المديرة العامة للمؤسسة المالية، المسّ بالأصول الروسية لما يترتب على ذلك من تبعات مالية واقتصادية وقانونية، فإن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وميرتس اجتمعا مطولاً مساء الجمعة مع دي ويفر وأوبان لإقناعهما بقبول استخدام الأصول المذكورة. بيد أن الأخيرين ما زالا يعارضان، رغم الوعود التي أغدقها ميرتس وفون دير لاين. وسيكون ملف الأصول مطروحاً لدى انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي يومي 18 و19 من الشهر الحالي في بروكسل.


«رمادية وعزلة»... ساركوزي يصدر كتاباً يصف فيه تجربته داخل السجن

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
TT

«رمادية وعزلة»... ساركوزي يصدر كتاباً يصف فيه تجربته داخل السجن

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)

اتسمت الأسابيع الـ3، التي قضاها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في السجن بالعزلة والرمادية، وفق ما أظهرت مقتطفات نُشرت السبت من كتاب جديد له يصدر قريباً، ويصف فيه تجربته وراء القضبان.

وأصبح ساركوزي البالغ 70 عاماً أول رئيس في تاريخ فرنسا الحديثة يدخل السجن بعد إدانته بالحصول على أموال لحملته الانتخابية الرئاسية عام 2007 من الزعيم الليبي معمر القذافي.

وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات، لكنه حصل على إفراج مشروط برقابة قضائية بعد 20 يوماً فقط من دخوله زنزانته.

ووضع ساركوزي كتاباً من 216 صفحة بعنوان «مذكرات سجين» من المقرر أن يصدر في 10 ديسمبر (كانون الأول)، وقد نشرت كثير من وسائل الإعلام الفرنسية مقتطفات منه، السبت.

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي خلال جلسة محاكمته (إ.ب.أ)

وكتب ساركوزي في إحدى الفقرات: «سيطر اللون الرمادي على كل شيء، والتهم بشراهة كل شيء، وغطى كل سطح»، متابعاً: «كنت سأعطي كل شيء مقابل أن أتمكن من النظر عبر النافذة أو للاستمتاع بمشاهدة السيارات وهي تمر».

وفي ليلته الأولى داخل الزنزانة، ركع ساركوزي وصلى بعد مشاهدة مباراة كرة قدم.

سجن «لا سانتيه» وسط باريس الذي نُقل إليه ساركوزي (رويترز)

وقال: «جاء الأمر طبيعياً. بقيت على هذه الحال لدقائق عدة. دعوت الله أن يمنحني القوة لأتحمل صليب هذا الظلم».

وكان ساركوزي الذي تولى الرئاسة بين عامَي 2007 و2012، بحماية ضابطَي أمن في السجن، وظلَّ حبيس زنزانته لمدة 23 ساعة يومياً، باستثناء أوقات الزيارة.

وكتب: «كثيراً ما يقال إن المرء يتعلم في أي عمر. وهذا صحيح لأنني تعلمت كثيراً في سجن لا سانتيه، عن الآخرين وعن نفسي أيضاً».

كان نظامه الغذائي في محبسه يتكوَّن من «منتجات الألبان وألواح حبوب الشوفان والشعير والمياه المعدنية وعصير التفاح وبعض الحلويات».

الشرطة ترافق السيارة التي أقلت الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بعد إطلاق سراحه من السجن بباريس... نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

وفي مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو»، كشف ساركوزي عن أنه خطَّ الكتاب بمعظمه في أثناء وجوده خلف القضبان «بقلم حبر جاف على طاولة خشبية صغيرة يومياً»، وأنهاه بعد إطلاق سراحه في 10 نوفمبر.

ولا يزال ساركوزي شخصية مؤثرة في اليمين الفرنسي على الرغم من المشكلات القانونية التي طاردته منذ مغادرته منصبه.

ويشدد ساركوزي على براءته، ومن المقرر أن تبدأ محاكمته الاستئنافية في مارس (آذار).