تلاسن بين «سلفيي مصر» والشيعة يثير مخاوف بتجدد أحداث عنف عزبة أبو مسلم

قيادي شيعي: «النور» يتلقى أوامر من «داعش».. وائتلاف سلفي: إيران تخصص ميزانيتها لنشر التشيع

تلاسن بين «سلفيي مصر» والشيعة يثير مخاوف بتجدد أحداث عنف عزبة أبو مسلم
TT

تلاسن بين «سلفيي مصر» والشيعة يثير مخاوف بتجدد أحداث عنف عزبة أبو مسلم

تلاسن بين «سلفيي مصر» والشيعة يثير مخاوف بتجدد أحداث عنف عزبة أبو مسلم

جدد تلاسن بين سلفيي مصر والشيعة المخاوف من تكرار أحداث عنف وقعت قبل عامين في «عزبة أبو مسلم» بمحافظة الجيزة القريبة من القاهرة، وتسببت في مقتل 4 أشخاص بينهم حسن شحاتة الزعيم الروحي لمعتنقي المذهب الشيعي بمصر، على أيدي متشددين.
وقال الدكتور أحمد راسم النفيس القيادي الشيعي، إن جميع السلفيين وحزبهم «النور» يتلقون أوامر من تنظيمي «داعش» و«النصرة» لتبني العنف والإرهاب، فيما رد الشيخ ناصر رضوان مؤسس وأمين عام ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت «السلفي»، قائلا إن «سبب هجوم الشيعة على السلفيين هو تصديهم لفكرهم الدموي في مصر والدول العربية»، لافتا إلى أن إيران تخصص جزءا كبيرا من ميزانيتها لنشر التشيع وزرع «أشخاص» وصفهم بـ«الجواسيس» بجميع الدول العربية.
ويرى مراقبون أن «السلطات المصرية سعت خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لمنع وقوع اشتباكات مسلحة بين السلفيين والشيعة، وأغلقت ضريح الإمام الحسين في مسجده بوسط العاصمة القاهرة لمنع إقامة أي مظاهر شيعية به أو في محيطه في ذكرى الاحتفال بيوم عاشوراء»؛ لكن المراقبين أكدوا أن «هذا الإجراء دفع لزيادة الاحتقان والاتهامات والتراشق بين الجانبين».
وسبق أن أغلقت السلطات مسجد الحسين تماما خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وطردت الشيعة عندما قاموا بمثل هذه الطقوس، رغم انفتاح جماعة الإخوان على الإيرانيين وقت حكم الجماعة.
وفي يونيو (حزيران) عام 2013 قام المئات من أهالي عزبة أبو مسلم بمركز أبو النمرس، بالقرب من الأهرام المصرية الشهيرة في غرب القاهرة، باقتحام منزل يسكنه عدد من الشيعة وأضرموا فيه النار وسحلوا الموجودين بالداخل ومن بينهم شحاتة أثناء احتفالهم بليلة النصف من شعبان.
ولا يوجد حصر دقيق لأعداد الشيعة بمصر؛ لكن مصادر غير رسمية تشير إلى أن أعدادهم لا تزيد عن نحو نصف مليون نسمة، في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 90 مليونا غالبيتهم العظمى من السنة، ومن بينهم 10 في المائة إلى 15 في المائة مسيحيون.
ويقول مراقبون إنه «جراء خوف البعض من إعلان اعتناقهم للمذهب الشيعي يمارسون عقيدتهم في الخفاء ولا يعلنون عن ذلك»؛ لكن منذ سعي مرسي قبل عامين للتقارب مع النظام الإيراني، دفعهم للمطالبة بحقهم في ممارسة طقوسهم الدينية بأضرحة المساجد وفي مقدمتها الحسين، كما طالبوا بتمثيل لهم في لجنة الخمسين التي كتبت الدستور عام 2014.
وقبل 10 أعوام تقدم بعض الشيعة بطلب إلى السلطات المصرية للاعتراف بهم كطائفة دينية رسمية بموجب القانون؛ إلا أن الحكومة لم تقم بالرد على طلبهم.
وقال الشيخ رضوان لـ«الشرق الأوسط» إن «السلفيين فقط هم من يعمل على كشف مخططات الشيعة، ويتم مواجهتهم بالفكر وليس بالعنف كما يدعون»، لافتا إلى أن «الشيعة هم الأكثر دموية ومنهجهم التفجير ثم إلصاق التهم بغيرهم وتاريخهم الدموي حافل بذلك»، موضحا أن «من يقوم بالتفجيرات في كل دول العالم شيعة تحركهم خلايا الحرس الثوري الإيراني».
وتساءل مؤسس الائتلاف السلفي «لو كانت السلطات المصرية تعرف أن السلفيين الأكثر عنفا لماذا تتركنا كل هذا الوقت؟»، نافيا وجود اتجاه لممارسة العنف ضد الشيعة، مؤكدا «نواجه فكرهم بالفكر وليس التحريض»؛ لكنه لم ينف قيام عوام من المصريين ينتمون للسلفية بالعنف تجاههم.
ويرفض التيار السلفي منذ صعوده على سطح الحياة السياسية عقب ثورة 25 يناير عام 2013 التي أطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، السماح للشيعة بإثارة النعرات الطائفية، والدعوة لممارسة عبادات طائفية لا تمت بصلة لدين الإسلام، فضلا عن التمدد في المجتمعات السنية واختراقها، وسبق أن استخدمت قيادات سلفية لغة تحريضية ضد الشيعة خلال حكم مرسي، وخلال الشهر الماضي خلال احتفالاتهم بذكرى عاشوراء.
في المقابل، شنت وكالات أنباء إيرانية هجوما شرسا على السلفيين واتهمتهم بتلقي التحريض على ممارسة العنف ضد الشيعة.
وأعرب الشيخ ناصر رضوان عن اعتقاده أن إيران تخصص جزءا كبيرا من ميزانيتها لنشر التشيع وزرع «أشخاص» وصفهم بـ«الجواسيس» في جميع الدول العربية، وخصوصا مصر، فضلا عن إرسالها لأشخاص في جميع الدول ومصر لعمل تفجيرات إرهابية، مضيفا أن محاولة تشبيه السلفيين بـ«داعش» كلام لا يستحق الرد، رافضا «الزج باسم السلفيين في أي أحداث عنف تقع خلال الفترة المقبلة»، بقوله: «معروف للجميع أن منهج (الدعوة السلفية) بعيد كل البعد عن انتهاج العنف».
من جانبه، قال النفيس لـ«الشرق الأوسط»: «إن جميع السلفيين يتلقون أوامر من داعش والنصرة.. والخلاف بين جميع هذه التنظيمات والتيارات على القيادة فقط»، لافتا إلى أن «حزب النور الذي يطلق على نفسه الذراع السياسية للدعوة السلفية بمصر - وأنا أشك في ذلك، يتبنى نفس نهج تنظيم داعش، مشيرا إلى وجود علاقة أيضا بين منهج الدعوة السلفية التكفيري الإرهابي وتنظيم القاعدة»، موضحا أن هناك خشية واضحة من الثقافة الحسينية بمصر، لكونها العلاج لظاهرة العنف في البلاد.
وأكد القيادي الشيعي، أن «الخلاف بين التيارات والجماعات السلفية في المزاج فقط»، لافتا إلى أن بعضهم يطلقون على أنفسهم «سلفية جهادية» وهم من يفضلون العنف والقتل، فيما يطلق البعض الآخر منهم على نفسه «سلفية علمية» لميلهم للتحاور والخطاب - على حد وصفهم؛ لكن الخطاب الخاص بهم واحد وهو «التحريض ضد الشيعة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».