البرلمان اللبناني يعود للتشريع بعد أكثر من سنة على وقع الاعتصامات

فشل مسعى «الكتائب» لتحويل الجلسة إلى انتخاب رئيس للجمهورية

البرلمان اللبناني يعود للتشريع بعد أكثر من سنة على وقع الاعتصامات
TT

البرلمان اللبناني يعود للتشريع بعد أكثر من سنة على وقع الاعتصامات

البرلمان اللبناني يعود للتشريع بعد أكثر من سنة على وقع الاعتصامات

عاد مجلس النواب اللبناني يوم أمس الخميس إلى عمله التشريعي بعد نحو سنة على تعليق هذه المهمة على خلفية إعطاء رئيسه نبيه برّي الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية. ولكن ومع تعذر تحقيق أي خروقات تذكر في هذا المجال، نتيجة إصرار حزب الله وحليفه المسيحي النائب ميشال عون على وجوب الاتفاق على اسم الرئيس قبل التوجه لانتخابه، توافقت معظم الكتل السياسية اللبنانية على وجوب اللجوء إلى «تشريع الضرورة» لتسيير أمور المواطنين وإقرار القوانين المالية التي يهدّد التغاضي عنها بتعريض الاستقرار المالي للخطر.
التكتلان المسيحيان الأساسيان: «التغيير والإصلاح» و«القوات اللبنانية» التزما بالاتفاق الذي أمكن التوصل إليه يوم أول من أمس الأربعاء بعدما كانا قد قرّرا مقاطعة الجلسة التشريعية احتجاجًا على عدم إدراج بند قانون الانتخاب على جدول أعمالها، فحضر نوابهم الجلسة وشاركوا في المناقشات العامة تمسكا منهم بتمرير قانوني استعادة الجنسية وتحرير أموال البلديات. في حين بقي حزب «الكتائب اللبنانية» الذي يرأسه النائب سامي الجميل على موقفه الرافض لعقد جلسة تشريعية في ظل شغور سدة الرئاسة، إذ حضر الأخير ونواب كتلته إلى القاعة العامة لكنهم دعوا إلى تحويل الجلسة إلى جلسة لانتخاب رئيس. غير أن برّي رفض ذلك بحجة أن «الجلسة حددت تشريعية وليس اقتراعية»، وهو ما أدّى تلقائيا إلى انسحاب الجميل ونوابه للمشاركة في اعتصام نفذته مصلحة الطلاب في «الكتائب» احتجاجًا على «خرق الدستور» الذي ينص على تحوّل البرلمان إلى هيئة ناخبة (اقتراعية) فور شغور سدة الرئاسة. ووصف الجميل الجلسة بـ«غير الدستورية وغير الشرعية التي تمثل انقلابا على الجمهورية وعلى إرادة اللبنانيين»، وقال: «هذه الممارسة عوّدت اللبنانيين أن رئيس الجمهورية ليس ضرورة... واليوم نعودهم أن احترام الدستور ليس ضروريًا، وعلى هذه الحال سيصبح لبنان غير ضروري».
هذا، ولم تقتصر الحركة الاعتراضية على الجلسة التشريعية على حزب «الكتائب»، إذ انضم إلى مناصري الحزب عشرات الناشطين في الحراك المدني الذين اعتبروا أن «إقرار أي تشريعٍ هو مخالفٌ للدّستور»، وجدّدوا مطالبهم بوجوب حل أزمة النفايات والالتفات للمطالب المعيشية للمواطنين. وكان عدد آخر من الناشطين استبق الجلسة برمي كميات من النفايات أمام عدد من الوزارات احتجاجًا على عدم حل الأزمة المستمرة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي. كذلك انضمت حملة «جنسيتي» للمعتصمين في وسط بيروت، فاستغل ناشطوها فرصة انعقاد مجلس النواب، للمطالبة بإعطاء أبناء المرأة اللبنانية، المتزوّجة من رجل أجنبيّ، الجنسية اللبنانية. واعتبر هؤلاء أنّ «المرأة أهمّ من تشريع الضّرورة». أما «المستأجرون القدامى» فوجدوا في اجتماع النواب فرصة للاعتراض على «عدم إدراج قانون الإيجارات على جدول أعمال الجلسة».
مع هذا، لم تؤثر اعتراضات الخارج على سير الأعمال داخل الهيئة العامة، فمرّت الجلسة الصباحية كما المسائية بسلاسة، فأمكن إقرار عدد لا بأس به من القوانين وأبرزها تلك المالية وقانون استعادة الجنسية. وبينما أعرب رئيس الحكومة تمام سلام لدى انطلاق الجلسة التشريعية عن أمله في «أن ينعكس هذا الجو على كل شيء خصوصا ما نعاني منه في ظروف صعبة»، طالب رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بـ«إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للبلاد من أجل تكوين السلطة، وبالتالي الانطلاق من ذلك لإقرار قانون انتخاب جديد».
في المقابل، يصر «التيار الوطني الحر» (الذي يتزعمه عون) على وجوب إعطاء الأولوية لقانون الانتخاب وليس لانتخاب رئيس، وهو ما عبّر عنه النائب في «التيار» إبراهيم كنعان خلال مداخلته في جلسة مجلس النواب، إذ شدد على أن «قانون الانتخابات هو أساس تكوين السلطة، ومن هنا نطالب بوضعه كأولوية، لتكوين السلطة وتأمين المصلحة الوطنية العليا».
وكان «التيار» و«القوات اللبنانية» قبلا بالمشاركة بالجلسة التشريعية بعد التوصل مع باقي الكتل السياسية على تسوية نصّت على إقرار قوانين، واستعادة الجنسية، وتحرير أموال البلديات، وإقرار باقي المشاريع المتصلة بالتزامات لبنان بالقوانين المالية ومنها تعديل قانون مكافحة الإرهاب، ونقل الأموال عبر الحدود وتبادل المعلومات الضريبية. كما لحظت التسوية إدراج قانون الانتخابات على رأس جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة بعد تشكيل لجنة نيابية مصغّرة من جميع الكتل مع مهلة شهرين لإنجاز مشروع قانون انتخاب متوافق عليه، وفي حال فشلت اللجنة تحال كل المشاريع المطروحة إلى اللجان المشتركة.
ولا تبدو مصادر في «تيار» عون متفائلة كثيرا بالتسوية التي تم التوصل إليها خاصة لجهة إقرار قانون جديد للانتخاب. وقال أحدها لـ«الشرق الأوسط»: «أصلا الاتفاق الذي تم لم نكن نتوقعه وحصل بسحر ساحر، لكن ما نحن مقتنعون به أنّه ما كان ليحصل لولا تكاتفنا مع القوات وتمسكنا بموقف موحد». واستبعدت المصادر حصول أي خروقات تذكر على صعيد قانون الانتخاب قبل انتهاء فترة التمديد الثاني للمجلس في العام 2017: «باعتبار أن الكتل النيابية التي سارت بالتمديد حريصة وللأسف على عدم إجراء انتخابات قبل ذلك الموعد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.