في وقت تعاني فيه أوكرانيا من نقص كبير في الذخيرة، وفي وقت يعرقل فيه الكونغرس تقديم مساعدات جديدة لكييف ولا يسد احتياجاتها من المعدات الأساسية مثل المدفعية والذخيرة المستخدمة في أنظمة الدفاع الجوي، قامت الولايات المتحدة بتزويدها بأسلحة خفيفة وذخيرة تمّت مصادرتها أثناء نقلها من القوات الإيرانية إلى المتمرّدين الحوثيين في اليمن، وفق ما أعلن الجيش الأميركي الثلاثاء.
وأعلنت واشنطن أنها صادرت الأسلحة من الحرس الثوري الإيراني خلال عملية نقلها إلى اليمن. وقالت القيادة العسكريّة الأميركيّة الوسطى (سنتكوم) في بيان نشر على وسائل التواصل الاجتماعي: «نقلت حكومة الولايات المتحدة أكثر من 5000 (سلاح كلاشنيكوف) من طراز (إيه كيه 47)، ورشاشات وبنادق قناصة و(آر بي جي 7)، وأكثر من 500 ألف قطعة ذخيرة عيار (7.62) ملم إلى القوات المسلحة الأوكرانية» الأسبوع الماضي. وأضافت أن «هذه الأسلحة ستساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها في مواجهة الغزو الروسي»، وهناك ما يكفي من المعدات لتسليح كتيبة. وأفادت (سنتكوم) بأنه تمّت مصادرة الأسلحة والذخيرة بين مايو (أيار) 2021 وفبراير (شباط) 2023 من أربعة «مراكب لا تنتمي إلى أي دولة» أثناء نقلها من «الحرس الثوري» الإيراني إلى المتمرّدين الحوثيين في اليمن.
وأوضحت أن «الحكومة استحوذت على ملكية هذه الذخائر في الأول من ديسمبر (كانون الأول) عبر المصادرة المدنية من طريق وزارة العدل». وقالت (سنتكوم) إن «دعم إيران للجماعات المسلحة يهدد الأمن الدولي والإقليمي وقواتنا والدبلوماسيين والمواطنين في المنطقة، إضافة إلى شركائنا. سنواصل القيام بكل ما يلزم لتسليط الضوء على أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار وإيقافها». ويستهدف الحوثيون سفناً في خليج عدن والبحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 في هجمات يقولون إنها للتضامن مع الفلسطينيين في غزة، في تحد أمني دولي يهدد طريقاً رئيسية للملاحة. وسبق للولايات المتحدة أن قامت بعملية نقل مماثلة لصالح أوكرانيا في مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، ووفرت لها 1.1 مليون طلقة من عيار 7.62 ملم كانت قد تمّت مصادرتها في طريقها من القوات الإيرانية إلى اليمن. إلا أن تقديم المساعدات العسكرية الثقيلة مثل قذائف المدفعية وذخائر أنظمة الدفاع الجوي ذات الأهمية المحورية في القتال الجاري حالياً، معلّق حتى إشعار آخر بعدما عرقل الجمهوريون في مجلس النواب منذ العام الماضي، إقرار حزمة دعم بقيمة 60 مليار دولار طلبتها إدارة الرئيس جو بايدن لأوكرانيا.
ودفع تعليق المساعدات الأميركية قوات كييف إلى تقنين استخدامها للذخيرة، في ظل غموض يكتنف موعد استئناف الولايات المتحدة للدعم العسكري. وكانت الولايات المتحدة أعلنت تقديم مساعدات بقيمة 300 مليون دولار في مارس (آذار)، كانت الأولى منذ ديسمبر. لكن واشنطن حذّرت من أن هذه الحزمة التي تضمنت قذائف مدفعية وذخائر لأنظمة الدفاع الجوي وتلك المضادة للدروع، ستنفد سريعا. وتمّ تمويل هذه الحزمة باستخدام أموال وفّرها الكونغرس على مشتريات أخرى، ما سمح للإدارة الأميركية بتقديم دعم لأوكرانيا رغم المأزق في الكونغرس. والولايات المتحدة أكبر الداعمين الغربيين لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022، وقدّمت لها عشرات المليارات من الدولارات.
وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن إن «ميزانية وزارة الدفاع تسعى إلى الاستثمار في الأمن الأميركي، وفي القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية، ولهذا السبب أيضاً طلبت إدارة الرئيس بايدن ما يقرب من 60 مليار دولار بوصفته ملحقا للأمن القومي لوزارة الدفاع، وهو ما أصبح مكملا للدعم الذي نقدمه لشركائنا في إسرائيل وأوكرانيا وتايوان».
وفي معرض شرحه لأسباب التمسك بطلب التمويل الإضافي، قال أوستن إن «تخصيص هذا المبلغ، سيسمح بتدفق مبلغ 50 مليار دولار إلى قاعدتنا الصناعية لتسريع المساعدات لشركائنا، مع خلق وظائف أميركية جيدة في أكثر من 30 ولاية».
وتوجه أوستن بالشكر إلى جميع الذين عملوا على إقرار حزمة تمويل فعالة، في إشارة إلى تصويت مجلس الشيوخ على هذه المساعدة قبل أسابيع. وقال إنه مر الآن أكثر من عامين على «حرب الكرملين العدوانية» ضد أوكرانيا، حيث يراهن الرئيس (بوتين) على أن الولايات المتحدة سوف تتعثر وتتخلى عن أصدقائنا، وتترك أوكرانيا في خطر مميت.
وأضاف أوستن محذراً من أنه «إذا انتصر الكرملين في أوكرانيا، فسوف يشجع المعتدين في جميع أنحاء العالم». وقال إن «الولايات المتحدة ستكون أقل أمناً بكثير إذا نجح بوتين في تحقيق مراده في أوكرانيا»، مكرراً ما قاله بايدن، من أن بوتين لن يتوقف عند أوكرانيا إذا انسحبت أميركا، مما يعرض العالم الحر للخطر والمخاطرة بتكلفة لا يمكن تصورها، ونعلم أن الصين وآخرين يراقبون ويتعلمون مما يفعله بوتين وكيف نرد، على حد قوله.
وقال أوستن إن ثمن القيادة الأميركية حقيقي، لكنه أقل بكثير مما يترتب عنه من نتائج على الولايات المتحدة. وأضاف خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ لمناقشة ميزانية وزارة الدفاع لعام 2025، أن الولايات المتحدة تخوض صراعاً عالمياً بين «الديمقراطية والاستبداد»، وأن أمنها يعتمد في هذه الأوقات المضطربة على قوة الهدف الأميركي، مؤكداً على التصميم على تلبية هذه اللحظة.
من جهته، قال رئيس هيئة أركان القيادة الأميركية المشتركة، الجنرال تشارلز براون، إن استراتيجية وزارة الدفاع الوطني، تحدد 5 تحديات رئيسية تواجهها: الصين، وهي التحدي المتمثل في استمرار سلوكها المحفوف بالأخطار في جميع أنحاء العالم، وروسيا العدوانية حقاً بحربها غير المبررة ضد أوكرانيا، والاستقرار في كوريا الشمالية وإيران اللتين تهددان الأمن الإقليمي، والمنظمات المتطرفة العنيفة التي تم استخدامها لزيادة عدم الاستقرار وتكلفته.
وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، الثلاثاء، الدعم الأميركي لأوكرانيا بأنه «حجر الزاوية» في الكفاح من أجل الديمقراطية، وذلك في أحدث نداء له إلى الكونغرس الأميركي بشأن تمرير حزمة مساعدات متعثرة. وحذر خلال زيارته لواشنطن، من أن نجاح كييف في هزيمة روسيا «أمر حيوي لأمن أميركا وأوروبا»، فيما طالبت نظيرته وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بتعزيز الجهود الدولية من أجل إمداد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي في ضوء التهديد الروسي بشن هجوم كبير على مدينة خاركيف الكبرى في شرق أوكرانيا. وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن كاميرون سيحاول الضغط من أجل منح أوكرانيا الموارد اللازمة «للتمسك بمواقعها».
في أعقاب اجتماع مع نظيرها من مولدوفا ميهاي بوبوسوي، قالت بيربوك في برلين الثلاثاء: «للأسف، مخزوناتنا وحتى أنظمة باتريوت الخاصة بنا، تم استنفادها إلى حد كبير في الوقت الراهن». ورأت السياسية المنتمية إلى حزب «الخضر» أن من الضروري لهذا السبب إعداد قائمة بأنظمة الدفاع الجوي طراز باتريوت المتوافرة في أوروبا وفي كل أنحاء العالم، وذلك في إشارة إلى مبادرة بهذا الخصوص تم طرحها أخيراً في أحدث اجتماعات وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل.
وتابعت بيربوك أنه بالإضافة إلى ذلك، يجري العمل مع أوكرانيا والشركاء الأوروبيين لإنشاء صندوق لشراء أنظمة دفاع جوي من دول ثالثة حول العالم وتسليمها بسرعة. وأعربت الوزيرة الألمانية، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية، عن أملها في إمكانية تقديم مزيد من المعلومات خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في إيطاليا الأسبوع المقبل.
وتتكون هذه المجموعة من فرنسا وإيطاليا واليابان وكندا والولايات المتحدة وبريطانيا، بالإضافة إلى ألمانيا، وتتولى إيطاليا حاليا الرئاسة الدورية للمجموعة.
وحذرت بيربوك من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى «قصف خاركيف بالكامل. إنه يسعى إلى محوها، إنه يسعى إلى التدمير بشكل متعمد تماما».
يذكر أن مدينة خاركيف الكبرى يعيش بها نحو مليون نسمة، وقالت بيربوك: «إذا بدأت روسيا في شن هجوم كبير هناك، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى معاناة لا حصر لها»، مشيرة إلى أنه لهذا السبب بالتحديد فإن من المهم أن يتم بذل كل ما هو ممكن من أجل توريد المزيد من أنظمة الدفاع الجوي إلى أوكرانيا.