ترقب في طهران رغم تهديدات «الحرس الثوري» لإسرائيل

عبداللهیان يترأس اجتماعاً بسفارة بلاده في دمشق قبل العودة إلى طهران مساء الاثنين (الخارجية الإيرانية)
عبداللهیان يترأس اجتماعاً بسفارة بلاده في دمشق قبل العودة إلى طهران مساء الاثنين (الخارجية الإيرانية)
TT

ترقب في طهران رغم تهديدات «الحرس الثوري» لإسرائيل

عبداللهیان يترأس اجتماعاً بسفارة بلاده في دمشق قبل العودة إلى طهران مساء الاثنين (الخارجية الإيرانية)
عبداللهیان يترأس اجتماعاً بسفارة بلاده في دمشق قبل العودة إلى طهران مساء الاثنين (الخارجية الإيرانية)

يسود هدوء حذر في طهران، بعد أسبوع من التهديدات، والتصريحات الغاضبة للمسؤولين والقادة العسكريين إثر غارة جوية على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وواصل إعلام «الحرس الثوري» التلويح بضربة صاروخية باليستية مباشرة للأراضي الإسرائيلية، رداً على مقتل 7 من ضباط العمليات الخارجية، على رأسهم الجنرال محمد رضا زاهدي.

وكتب وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، على منصة «إكس» غداة عودته من دمشق: «لقد أجريت مفاوضات مهمة في سوريا مع الرئيس السوري بشار الأسد وفيصل مقداد وزير الخارجية وكذلك مستشار الأمن القومي السوري».

وتحدث عبداللهيان عن لقاءاته مع الدبلوماسيين الإيرانيين، وممثلي الأجهزة الإيرانية بمن في ذلك «المستشارون العسكريون» في إشارة إلى التسمية التي تطلقها إيران على ضباط «الحرس الثوري» في سوريا.

وكان عبداللهيان قد قال في مؤتمر صحافي مع نظيره السوري، على هامش افتتاح مقر جديد للقنصلية الإيرانية: «أقول بصوت عالٍ من دمشق إن (إسرائيل) ستعاقَب، وإن (الولايات المتحدة) مسؤولة عن الهجوم (الإسرائيلي) على السفارة الإيرانية، وتجب محاسبتها».

وبدوره، قال المقداد إن سوريا تقف إلى جانب فصائل «المقاومة» في المنطقة، وهو مصطلح تطلقه إيران على حلفاء إقليميين لها يناصبون إسرائيل العداء. لكنه لم يوضح ما إذا كانت سوريا سترد مباشرة.

ومن جهته، أوضح عبداللهيان «حقيقة أن الولايات المتحدة ودولتين أوروبيتين عارضت قراراً (لمجلس الأمن الدولي) يدين الهجوم على السفارة الإيرانية هي مؤشر إلى أن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر للنظام الصهيوني» لتنفيذ الهجوم.

وكرر عبداللهيان التهديدات بشأن الرد على إسرائيل، لكنه قال إن «كيفية الرد ستحدد في الميدان» في إشارة ضمنية إلى التسمية التي ترمز إلى «الحرس الثوري» في الأوساط الإيرانية.

زاهدي خلال جولة تفقدية برفقة إسماعيل قاآني في سوريا (همشهري)

وعرقلت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، الأسبوع الماضي، بياناً صاغته روسيا في مجلس الأمن الدولي كان من شأنه إدانة هجوم تعرض له مجمع السفارة الإيرانية لدى سوريا.

وتقول الولايات المتحدة إنها ليست متأكدة من وضعية المبنى الذي تعرض للقصف في دمشق، لكنها ستشعر بالقلق إذا كان منشأة دبلوماسية.

واتهمت إيران عدوتها اللدودة إسرائيل بانتهاك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي إلى جانب كثير من الاتفاقات.

وفي شأن متصل، تناقلت وسائل إعلام إيرانية، معلومات عن حصول عبداللهيان وعدد من أفراد طاقمه على تأشيرة أميركية، للتوجه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماع مجلس الأمن حول فلسطين، نهاية الأسبوع المقبل. ولم يصدر تعليق من الخارجية الإيرانية.

واستعرضت وكالة «مهر» الحكومية، إدانات صدرت من دول ومنظمات دولية وإقليمية تمحورت حول قصف القنصلية، وطالبت بضرورة المتابعة القانونية في المجاميع الدولية. وكان محمد دهقان، مساعد الرئيس الإيراني قد أبلغ الوكالة، الأسبوع الماضي، أن الحكومة «تدرس القرارات والخطوات القانونية، وستعلن النتائج قريباً».

وكان مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، سعيد إيرواني، قد وجه رسالة إلى مجلس الأمن وأمين عام الأمم المتحدة، يشكو فيها الهجوم على القنصلية الإيرانية.

«وضع معقد»

وفي هذا السياق، قال حسن هاني زاده، عضو إدارة تحرير وكالة «مهر» وأحد المقربين من مكتب المرشد الإيراني إن «الهجوم الإسرائيلي الأخير انتهاك للقوانين الدولية وانتهاك للسيادة السورية».

وفي سياق متصل، قال هاني زاده في حديث لصحيفة «آرمان ملي» إن «إيران سترد مع أخذ جميع الحسابات السياسية والأمنية والعسکریة بناءً على مصالحها الوطنية ومصالح محور المقاومة». وأضاف: «سيكون الرد الإيراني مؤلماً»، لكنه لفت إلى أن «ما يتردد عن قرب الهجوم ومن أي منطقة، أغلبها تكهنات إعلامية غير مقبولة، دون أدنى شك فقط عدد قليل من القادة العسكريين يعرفون متى ومن أين ستنتقم إيران من إسرائيل».

ورجح هاني زاده أن يكون الرد الإيراني «معقداً ومركباً في الوقت والمكان المناسب، دون تسرع». وقال: «في المرحلة الأولى من المحتمل أن تضرب إيران عدة جبهات أو نقاط، ومن جانب آخر قد تستهدف قواعد عسكرية وأمنية».

ومع ذلك، حذر من الدخول إلى «الألاعيب السياسية لنتنياهو»، وقال: «الوضع في المنطقة معقد، وأي تحرك متسرع من أي طرف يمكن أن يؤدي إلى حرب كبيرة في المنطقة».

وكان مسؤولون ونواب إيرانيون سابقون قد حذروا من انجرار إيران إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل والولايات المتحدة.

وعلى وقع التوتر المتنامي، حذّر رحيم صفوي، كبير المستشارين العسكريين للمرشد الإيراني، من أن سفارات إسرائيل «لم تعد آمنة» بعد الضربة، مضيفاً أن طهران تعد المواجهة مع إسرائيل «حقاً مشروعاً وقانونياً».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الأحد، أن الجيش «استكمل استعداداته للرد على أي سيناريو يمكن أن يحدث في مواجهة إيران».

وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة في حالة تأهب قصوى، وتستعد لهجوم إيراني محتمل يستهدف مصالح إسرائيلية أو أميركية في المنطقة.

صورة للصاروخ «فتاح» أول صاروخ فرط صوتي إيراني (إرنا)

«شعارات»

وبعدما أطلق إعلام «الحرس الثوري» حملة دعائية، تستعرض مواصفات 9 صواريخ «قادرة على ضرب إسرائيل»، من بينها صاروخ «فتاح 2» الفرط الصوتي، أعادت وكالة «نور نيوز»، منصة المجلس الأعلى للأمن القومي، تصريحات أدلى بها قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زاده في يونيو (حزيران) الماضي عندما كشفت إيران عن صاروخ «فتاح»، وقال فيها إن «الصاروخ قادر على اجتياز جميع أنظمة الدفاع الصاروخي في المنطقة».

وقال «الحرس الثوري» حينها إن الصاروخ الذي يعمل بالوقود الصلب، تتراوح سرعته بين 13 و15 ماخ، أو ما يصل إلى 1400 كيلومتر. وقالت طهران إن هذا الصاروخ يمكنه اختراق أنظمة الدفاع الجوي لأي دولة في المنطقة. وقال حاجي زاده إنه «جرى إجراء اختبار أرضي لمحرك الصاروخ» دون أن يحدد موعد تجريبه أو دخوله الخدمة.

وبعد 5 أشهر من إعلان صاروخ «فتاح»، أزاح «الحرس الثوري» خلال جولة تفقدية قام بها المرشد الإيراني علي خامئني عن هيكل صاروخ، وكتب عليه «صاروخ فتاح 2» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وجاءت جولة خامنئي على ما يبدو رداً على رفض القوى الغربية رفض القيود على البرنامج الصاروخي، حسب جدول الاتفاق النووي المنهار.

ولم يقدم «الحرس الثوري» أي تفاصيل عن صاروخ «فتاح 2»، قبل أن يظهر اسمه ضمن قائمة 9 صواريخ مرشحة للاستخدام في الضربة التي لوحت بها إيران رداً على إسرائيل.

في الأثناء، أطلقت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» حملة تطالب المراجع الشيعة بإصدار فتوى لـ«الجهاد المسلح ضد إسرائيل». وجاء الطلب في سياق بيان نشرته الوكالة وموقع من «مجموعة محبي أهل البيت».

وجاء في مقتطفات من البيان الذي أورده موقع «ديدبان» الإخباري: «نطلب من المراجع العظام الدفاع عن الإسلام، ومواجهة الظلم الإسرائيلي، ويجب إصدار فتوى للجهاد المسلح ضد الكيان المزيف والمجرم الإسرائيلي، كي يدافع المسلمون عن القبلة الأولى تمهيداً لظهور حكومة المهدي».

أعضاء الباسيج الطلابي يستقبلون خامنئي بترديد هتافات (موقع خامنئي)

وبموازاة ذلك، انتشر مقطع فيديو من لقاء المرشد الإيراني علي خامنئي ومجموعة من أعضاء الباسيج الطلابي، مساء الأحد. ويطلب أحد الطلبة المتحدثين في اللقاء من خامنئي السماح بإرسال أعضاء «الباسيج الطلابي» لميادين القتال ضد إسرائيل، للانتقام من مقتل الضربة الأخيرة. ويقول الطالب: «أرواحنا نقدمها لفلسطين»، قبل أن يردد الطلبة شعار: «أيها القائد، نحن جاهزون جاهزون».

وقال خامنئي رداً على ذلك إن «بعض المقترحات عملية، يمكن متابعتها وبعضها غير عملي، ما قاله هذا الشاب عن إرسالهم إلى فلسطين، هذه شعارات (يضحك الجميع)، اطمئنوا لو كان ذلك ممكناً، لأقدمنا على ذلك من قبل».


مقالات ذات صلة

العراق يرفض استخدام أرضه للعدوان على دول المنطقة

المشرق العربي الأعرجي مستقبلاً الملحق العسكري الإيراني مجيد قلي بور في بغداد السبت (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يرفض استخدام أرضه للعدوان على دول المنطقة

علن مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، رفض الحكومة العراقية استخدام أراضيه وأجوائه منطلقاً لضرب إيران أو أي من دول المنطقة.

حمزه مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (د.ب.أ)

إيران: الأنباء عن تخطيطنا لاغتيال ترمب «كوميديا من الدرجة الثالثة»

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم (السبت)، إن «إيران لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية».

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو يشارك في اجتماع أمني بوزارة الدفاع في تل أبيب خلال الضربة التي استهدفت إيران نهاية الأسبوع الماضي (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي - أ.ف.ب)

طيار إسرائيلي شارك في الهجوم على إيران يروي تفاصيل الضربة

عرضت صحيفة «تليغراف» البريطانية ما وصفته بطيار شارك بأول عملية كبرى تنفّذها إسرائيل ضد إيران في 26 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عراقجي يحضر اجتماع «3+3» لجنوب القوقاز في أنقرة (أ.ف.ب)

إيران تتهم ألمانيا «بتجاهل» حقيقة أن شارمهد كان «إرهابياً»

اتّهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ألمانيا «بتجاهل حقيقة» أن جمشيد شارمهد كان «إرهابياً»، في سياق الأزمة الدبلوماسية بين برلين وطهران

«الشرق الأوسط» (طهران)
المشرق العربي عناصر من الشرطة يقفون قرب أنقاض مبنى متضرر في موقع هجوم صاروخي وسط دمشق (رويترز)

«المرصد السوري»: 3 قتلى بضربات إسرائيلية على حلب وإدلب

قُتل 3 أشخاص، وأصيب 14 آخرين بضربات جوية إسرائيلية على حلب وإدلب في سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، السبت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إيران تدعو ترمب لتغيير سياسة «الضغوط القصوى»

ظريف يتوسط وزير الخارجية عباس عراقجي وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني في مؤتمر بطهران (الخارجية الإيرانية)
ظريف يتوسط وزير الخارجية عباس عراقجي وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني في مؤتمر بطهران (الخارجية الإيرانية)
TT

إيران تدعو ترمب لتغيير سياسة «الضغوط القصوى»

ظريف يتوسط وزير الخارجية عباس عراقجي وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني في مؤتمر بطهران (الخارجية الإيرانية)
ظريف يتوسط وزير الخارجية عباس عراقجي وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني في مؤتمر بطهران (الخارجية الإيرانية)

دعت إيران الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى «تغيير سياسة الضغوط القصوى» التي اتبعها خلال ولايته الأولى تجاه البلاد. وقال نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف، للصحافيين أمس: «يجب على ترمب أن يظهر أنه لا يتبع سياسات الماضي الخاطئة».

وأشار ظريف إلى أن نهج ترمب الذي اتبعه تجاه إيران، خلال ولايته الأولى، أدى إلى زيادة مستويات التخصيب. وقال: «لا بد أن ترمب أدرك أن سياسة الضغوط القصوى تسببت في وصول تخصيب إيران إلى 60 في المائة من 3.5 في المائة»، مضيفاً: «بصفته رجل حسابات، يجب عليه أن يقوم بالحسابات ويرى ما هي مزايا وعيوب هذه السياسة».

من جانبه، نفى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اتهامات واشنطن بوجود صلة بين طهران ومؤامرة لاغتيال ترمب، ودعا إلى بناء الثقة بين البلدين.

من ناحية ثانية، أعلن أمس أن الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب سيجتمعان الأربعاء في البيت الأبيض.