عمر الشريف في دبي وكلوديا كاردينالي في القاهرة

فيلم مشترك واحد جمع بينهما

كلوديا كاردينالي أيام الشباب  -  عمر الشريف.. لعب كل الأدوار
كلوديا كاردينالي أيام الشباب - عمر الشريف.. لعب كل الأدوار
TT

عمر الشريف في دبي وكلوديا كاردينالي في القاهرة

كلوديا كاردينالي أيام الشباب  -  عمر الشريف.. لعب كل الأدوار
كلوديا كاردينالي أيام الشباب - عمر الشريف.. لعب كل الأدوار

بينما يحتفي مهرجان دبي بعمر الشريف عبر عرض فيلم هو آخر ما قام الممثل الراحل بالعمل فيه، يختار مهرجان القاهرة الممثلة الإيطالية (المولودة في تونس) كلوديا كاردينالي كعنوان لاحتفائها وضيفة على المهرجان المصري العريق.
المفارقة بالطبع أن المصري عمر الشريف، الذي كان لسنوات قريبة، الرئيس الفخري لمهرجان القاهرة، رحل عن دنيانا قبل أشهر قليلة، عن 83 سنة، بينما كلوديا كاردينالي (أو «ك. ك» كما كانت الصحافة الفنية تحب أن تطلق عليها) ما زالت حيّة في السابعة والسبعين من عمرها وهي ظهرت حتى الآن في 115 فيلمًا.
* مع الكبار ولكن..
مثل سواها من نجمات الستينات الجميلات دخلت كلوديا كاردينالي السينما بسبب ذلك الجسد الجميل والرشيق الذي استخدم للإثارة. مثل بريجيت باردو وجينا لولوبريجيدا ومارلين مونرو تحولت كاردينالي إلى نجمة بين ليلة وضحاها. أسبغت عليها السينما الإيطالية الألوان والأضواء، واحتفت بجمالها الجاذب، واستدعت أمامها ممثلون أول، في ذلك الحين، منهم ريناتو سلفاتوري وأنطوني فرانكيوزا وبيتر سلرز. عندما قويت عظامها، وأصبح لها وزن في السينما غير الإيطالية ظهرت أمام أنطوني كوين في «مأمورية مفقودة»، ومع شلة من كبار ممثلي هوليوود وهم بيرت لانكستر ولي مارفن ووودي سترود وروبرت رايان في «المحترفون»: وسترن لعبت فيه دور الزوجة الهاربة من جور زوجها إلى حضن المكسيكي الثائر رازا (جاك بالانس).
هذان الفيلمان وردا في عام 1966 وبعدهما واصلت مشوارًا لم يثر انتباه كثيرين، إذ هي لعبت في أفلام عدد من فناني السينما أمثال فديريكو فيلليني (في «ثمانية ونصف»، 1963) ولوكيانو فيسكونتي («الفهد»، 1964) ومورو بولينيني («غير مكترثة»، 1962 و«الملكات»، 1966). ولو أن هذه المغامرات في أرض الفن لم تنجب لها التميّز الذي ربما حلمت به.. ليس في تلك الفترة، كان عليها أن تنتظر حتى تقدّم بها العمر قبل أن يشار لها بالبنان كفنانة فعلية وذلك من مطلع الثمانينات عندما طلبها الألماني فرنر هرتزوغ للظهور في فيلمه «فيتزجيرالدو» وأثني على ذلك ماركو بيلوكيو حينما وضعها في دور ماتيلدا في فيلمه «هنري الرابع» (1984).
وهي لا تزال شديدة الظهور في الأفلام. في العام الماضي لوحظت في أربعة أفلام بينها فيلم مغامرات اسمه «الجبل الصامت» ودراما عاطفية بعنوان «أيفل تاور». هذا العام تمثل شخصيتها في فيلم «حدث ذات مرتين في الغرب» ولديها دور رئيسي في فيلمها الذي ينطلق للعروض في العام المقبل تحت عنوان «كل الطرق تؤدي إلى روما».
* كل شعوب العالم
بالنسبة للممثل عمر الشريف، الذي توفي في العاشر من يوليو (تموز) من هذه السنة، فإن مهرجان دبي سيحتفي بمشواره الطويل (نحو 120 فيلمًا) عبر عرض الفيلم القصير الذي أخرجه أحمد سالم عن المخترع والعالم العربي ابن الهيثم.
الفيلم عنوانه «ألف اختراع واختراع وعالم ابن الهيثم»، وهو الفيلم الأول حول العالم الذي يحتفي بهذا العالم العربي، الذي يجهل الكثيرون (العرب منهم قبل سواهم) أنه وضع الآلية الأولى لما عُرف لاحقًا بالكاميرا. محمد بن الحسن بن الهيثم وضع كتابًا عنوانه «كتاب المناظر» (بدأه سنة 1011 وأنهاه، حسب مؤرخين، سنة 1021) طرح فيه مفهوم الضوء وصندوق استقبال مغلق باستثناء ما يدخله من نور وما يخرج عنه وقد أصبح ظلالاً (الصورة).
والفيلم المذكور سيشهد عرضه العالمي الأول (يعرض مرّتين) في مهرجان دبي الثاني عشر الذي ينطلق الشهر المقبل.
عمر الشريف، كما يعرف الكثيرون، كان الشعلة العربية في السينما الغربية. اختاره ديفيد لين سنة 1962 لكي يلعب دور الشريف علي في «لورنس العرب» وعاد إليه مرّة ثانية بعد ثلاثة أعوام ليمنحه دور البطولة في «دكتور زيفاغو». لكن، وفي قفزات متتالية وسريعة، وثب الممثل إلى عدد من الأدوار والأعمال السينمائية المتلاحقة مستفيدًا من وهج الاكتشاف الغربي له، فظهر في «سقوط الإمبراطورية الرومانية» (لأنطوني مان، 1964) و«جنكيز خان» (هنري ليفن، 1965) و«ليلة الجنرالات» (أناتولي ليتفاك، 1967) و«مايرلينغ» (ترنس يونغ، 1968) وفي كل هذه الأفلام المذكورة وسواها من بنات تلك الفترة، وبما فيها فيلما ديفيد لين، لعب شخصيات مختلفة بوجه واحد. هو الروماني والمغولي والروسي والألماني ثم المناضل اللاتيني تشي غيفارا في فيلم رتشارد فلايشر «تشي» (1969).
لافت أيضًا أنه لم يلعب دور العربي في سينما الغرب من بعد «لورنس العرب» إلا بعد مرور 14 سنة على «لورنس العرب» إذ مثّل دورًا هوجم عليه بضراوة وذلك في فيلم «أشانتي» (إخراج فلايشر أيضًا، 1979) وبقي بعيدًا عن الشخصيات المسلمة في غالب أدواره الأجنبية إلى أن اقتطف الفرصة الثمينة عندما ظهر في «مسيو إبراهيم وزهور القرآن» سنة 2003، وكان ذلك بعدما انحسرت الأضواء العالمية عنه وعاد إلى مصر ليظهر في بعض أفلامها.
نتيجة «أشانتي» أن الحوار الذي كان بدأ بينه وبين المخرج مصطفى العقاد (مرّت ذكرى رحيله العاشرة يوم الأربعاء، الحادي عشر من هذا الشهر) حول احتمال اشتراكه في تمثيل دور رئيسي في «عمر المختار» انقطع، فالمخرج المنتج الراحل لم يشأ التعاون مع ممثل رآه أساء للشخصية العربية التي أداها في «أشانتي»، في حين أن قناعة الممثل كانت أنه قبل دورًا ولم يقبل فيلمًا، وأنه غير مسؤول عما يحدث للفيلم بعد انتهاء دوره.
من ناحية أخرى نسي العالم أن عمر الشريف وكلوديا كاردينالي ظهرا معًا في فيلم واحد ففي العام 1958 جمعهما المخرج جاك باراتييه في فيلم عنوانه «جحا». كان ذلك هو الفيلم العاشر في سياق أعماله (وأول فيلم غير مصري له) بينما كان الفيلم الثاني للممثلة الإيطالية التي لعبت دور فتاة مسلمة اسمها أمينة. ذلك الفيلم نال مناصفة جائزة لجنة التحكيم الخاصة في دورة «كان» ذلك العام.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.