تونس: تجديد المطالبة بإنشاء المحكمة الدستورية

سعيد يدعو لاستنباط حلول تنظم العلاقة بين البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم

سعيد أثناء زيارته إلى ضريح بورقيبة (موقع الرئاسة)
سعيد أثناء زيارته إلى ضريح بورقيبة (موقع الرئاسة)
TT

تونس: تجديد المطالبة بإنشاء المحكمة الدستورية

سعيد أثناء زيارته إلى ضريح بورقيبة (موقع الرئاسة)
سعيد أثناء زيارته إلى ضريح بورقيبة (موقع الرئاسة)

أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، أهمية وجود نص قانوني ينظم العلاقة بين المجلسين النيابيين (البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم)، ودافع عن فكرة وجود غرفة نيابية ثانية بعد الانتقادات التي وجهتها المعارضة للمسار السياسي الجديد، بقوله إن مثل هذا القانون موجود في كل دولة لها برلمان يتكوّن من غرفتين تشريعيتين، ولا بد من نص قانوني ينظّم العلاقة بينهما.

وفي انتظار هذا القانون، دعت المعارضة التونسية في الوقت ذاته إلى إرساء المحكمة الدستورية التي تنظر في مدى مطابقة النصوص القانونية للدستور، وهي من الإجراءات التي طالبت بها لتنقية المناخ السياسي، وإعداد البلاد لانتخابات رئاسية نهاية السنة، لكن السلطات التونسية لم تبد حماساً كافياً لإثارة هذا الملف.

وفي المقابل، أبدى سعيد بمناسبة إحياء الذكرى 24 لرحيل الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة تفهما لطبيعة العلاقة التي ستربط بين الغرفتين النيابيتين. وأشار إلى «إمكانية الاستلهام من بعض التجارب المقارنة في هذا الاتجاه، واستنباط حلول تنظّم العلاقة بين المجلسين، على غرار اللجنة المتناصفة الموجودة في عدد من الدول التي بها برلمان يتكون من غرفتين».

وأكد أن الهدف من إحداث المجلس الوطني للجهات والأقاليم منتصف شهر أبريل (نيسان) الحالي «هو تحقيق الاندماج بين جميع الجهات، وتمكين تلك التي كانت مهمشة من المشاركة في صنع القرار والتعبير عن إرادتها». وأضاف أن المشروع هو «مشروع الشعب» الذي يعبر عن إرادته من خلال الانتخاب في المجلس الأول (البرلمان)، ومن خلال تعبير مختلف جهات البلاد عن إرادة الناخب في كل منطقة بالمجلس الثاني (المجلس الوطني للجهات والأقاليم).

وتأتي هذه التوضيحات إثر الضغوط التي سلطتها مجموعة من الأحزاب السياسية وعدد من المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية السنة الحالية، لاستكمال محطتين مهمتين قبلها: المحكمة الدستورية، والقانون المنظم للعلاقات بين الغرفتين، أي البرلمان المنبثق عن انتخابات 2022، و«المجلس الوطني للجهات والأقاليم» المنبثق عن الانتخابات المحلية الأخيرة.

ويرى هؤلاء أن مرحلة الاستعداد للاستحقاق الرئاسي وفق ما ستعلنه هيئة الانتخابات بالتشاور مع رئاسة الجمهورية تتطلب «الاشتغال الفوري على هذين الملفين اللذين سيحددان طبيعة العلاقات الرابطة بين مختلف المؤسسات الدستورية، وطرق حل الخلافات في حال حصولها، كما أنهما يمثلان خطوة أساسية نحو استكمال البناء السياسي والدستوري لمنظومة الحكم التي أقرها الرئيس التونسي بعد إعلان التدابير الاستثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021، وتقويض منظومة الحكم التي كانت تتزعمها حركة النهضة».

وفي هذا الشأن، دعا أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، في تصريح إعلامي إلى «تنقية المناخ السياسي»، قبل موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.

أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)

وأكد «أن من أهم شروط المعارضة للمشاركة في هذه الانتخابات هو تركيز المحكمة الدستورية التي تنظر في مدى مطابقة شروط الترشح للرئاسة مع المعايير الدولية». ورأى أن المطالبة بتوافر شرط «الحقوق السياسية والمدنية، في حين أن معظم القيادات السياسية في السجن، ستكون في صلب اهتمام المحكمة الدستورية».

ويرى مراقبون «أن المخاوف الأساسية من إرساء المحكمة الدستورية تعود إلى سلطاتها التقديرية الواسعة وإمكانية تدخلها لعزل رئيس الجمهورية في حال مخالفته لنص الدستور، وهي التي تعلن حالة شغور المنصب سواء بصفة وقتية أو دائمة»... ويؤكد هؤلاء أنها سترفض شرط «توفر الحقوق المدنية والسياسية للترشح للانتخابات الرئاسية» لمخالفته نص الدستور، ما يمكن القيادات المعارضة القابعة في السجن بتهمة «التآمر ضد أمن الدولة» من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومنافسة الرئيس التونسي الحالي.

وبشأن تنظيم العلاقة بين الغرفتين، قال المحلل السياسي حسان العيادي إنه «في ظل التوتر السياسي الحالي بين البرلمان والسلطة التنفيذية، والذي تجسد في إسقاط مشروع قانون مررته الرئاسة، وطالبت باستعجال النظر فيه، فإن ذلك يعني أن تونس قد تشهد صراعاً غير معلن بين السلطة التنفيذية والبرلمان، وصداماً بين الغرفتين بشأن صلاحيات كل منهما».

تونسي يدلي بصوته في انتخابات المجالس المحلية فبراير 2024 (إ.ب.أ)

يذكر أن الهيئة التونسية للانتخابات أعلنت الأربعاء الماضي، عن النتائج النهائية لانتخابات أعضاء «المجلس الوطني للجهات والأقاليم»، وتركيبة الغرفة البرلمانية الثانية.

وكشف رئيسها فاروق بوعسكر عن دعوة الغرفة البرلمانية الثانية إلى الانعقاد في ظرف أسبوعين، متوقعاً أن يباشر المجلس مهامه في غضون شهر أبريل الحالي، ومؤكداً أن هيئة الانتخابات «أتمت مهامها، وما تبقى من مسائل تشريعية يعود إلى السلطة التشريعية».


مقالات ذات صلة

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

شمال افريقيا «الحرس الوطني التونسي» ينقذ قارباً يحمل مهاجرين غير نظاميين (صفحة الحرس الوطني التونسي على فيسبوك)

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

أعلن مصدر قضائي في تونس الخميس العثور على ست جثث متحللة لمهاجرات غرقى من بينهن رضيعة في أحدث مأساة تشهدها سواحل تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من وقفة سابقة نظمها محامون وسط العاصمة التونسية للاحتجاج على «التضييق على الحريات» (أرشيفية - إ.ب.أ)

تونس: المحامون يحملون «الشارات الحمراء» احتجاجاً على «قيود مسلطة على مهامهم»

يتّهم المحامون، السلطةَ التنفيذية «بالهيمنة على جهاز القضاء» منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد بالنظام السياسي في 2021، وتوسيع صلاحياته في دستور جديد، و«بإعاقة عملهم».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي وعلم بلاده (د.ب.أ)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

فتحت وزارة النقل تحقيقاً في الواقعة «لتحميل المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات الإدارية والترتيبية في الغرض».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا العلم التونسي أمام البنك المركزي في العاصمة تونس 4 أكتوبر 2017 (رويترز)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

أوقف القضاء التونسي 4 أشخاص إثر رفع علم دولة تركيا من طريق الخطأ على مبنى حكومي بالعاصمة، على ما ذكرت وسائل إعلام محلية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا إحدى الطائرات الأربع التي تسلمتها تونس (وكالة الأنباء التونسية)

4 طائرات استطلاع من أميركا إلى تونس

سلمت أميركا تونس 4 طائرات مخصصة للاستطلاع ومجهزة بأحدث المنظومات؛ «بما سيعزز القدرات العسكرية والعملياتية للجيش الوطني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

«الشرق الأوسط» (تونس)

الصومال: مقتل 6 على الأقل في انفجارين بمقديشو

قوات الأمن تحيط بالمكان الذي شهد الانفجار وسط مقديشو (رويترز)
قوات الأمن تحيط بالمكان الذي شهد الانفجار وسط مقديشو (رويترز)
TT

الصومال: مقتل 6 على الأقل في انفجارين بمقديشو

قوات الأمن تحيط بالمكان الذي شهد الانفجار وسط مقديشو (رويترز)
قوات الأمن تحيط بالمكان الذي شهد الانفجار وسط مقديشو (رويترز)

قالت الشرطة الصومالية وشهود عيان إن 6 أشخاص قتلوا، وأصيب 10، اليوم (السبت)، في انفجارين بالعاصمة الصومالية مقديشو، وبلدة في منطقة شبيلي الوسطى. ولم يتضح بعد الجهة التي تقف وراء تنفيذ هذين الهجومين، رغم أن حركة «الشباب» المتشددة كثيراً ما تنفذ تفجيرات وهجمات مسلحة في مقديشو، وأماكن أخرى في الدولة الواقعة بالقرن الأفريقي.

بقايا السيارة المفخخة بعد تفجيرها في العاصمة مقديشو (إ.ب.أ)

ووقع الانفجار الأول في مقديشو بسيارة مفخخة، كانت متوقفة على طريق بالقرب من المسرح الوطني بمقديشو، على بعد كيلومتر واحد من مكتب الرئيس. وأسفر انفجار السيارة المفخخة، التي كانت مركونة قرب المسرح الوطني الصومالي في العاصمة مقديشو، عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 5 آخرين.

واستهدف الانفجار مطعماً شعبياً في مديرية حمروين، مما أدى إلى احتراق كثير من عربات «التوك توك»، وتسبب في أضرار كبيرة بالمناطق التجارية المحيطة.

سكان يفرون من المكان الذي شهد الانفجار في مقديشو (رويترز)

وهرعت قوات الأمن إلى موقع الانفجار على الفور، لكن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن.

وقال شرطي في مكان الواقعة، طلب عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول بالحديث إلى الصحافة، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن السيارة انفجرت، مما تسبب في مقتل 5 أشخاص وإصابة 7. بينما أكد شرطي آخر في المنطقة أعداد الضحايا. ولم يرد متحدث باسم الشرطة على اتصال من «رويترز» طلباً للتعليق.

وفي واقعة منفصلة، قال بشير حسن، قائد شرطة جوهر في شبيلي الوسطى بالصومال، خلال مؤتمر صحافي، إن قنبلة زرعت في سوق للماشية بمدينة جوهر أدت إلى مقتل شخص وإصابة 3 مدنيين آخرين.

وتخوض حركة «الشباب» معارك منذ سنوات للإطاحة بالحكومة المركزية في الصومال، وإقامة حكمها الخاص على أساس تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.

صورة تظهر حجم الدمار الذي لحق بالمكان الذي شهد الانفجار (رويترز)

وجاء هذان الانفجاران بعد أن نجحت قوات الأمن الصومالية، أمس (الجمعة)، في التصدي لهجوم شنته حركة «الشباب» على نقطة تفتيش أمنية في مديرية كحدا بالعاصمة مقديشو، وفقاً لما أفاد به سكان محليون.

وبدأ الهجوم بانفجارين، تلتهما نحو ساعة من الاشتباكات العنيفة، ولا تزال أعداد الضحايا غير معروفة، حيث لم يصدر عن مسؤولي المنطقة أي تحديثات حتى الآن.

ورداً على الهجوم، نفذت القوات الأمنية الصومالية عمليات في عدة أحياء من المديرية، صباح اليوم (السبت). وذكر عدد من السكان أنهم استيقظوا مذعورين من الانفجارات الأولية التي أشعلت المواجهات بين مسلحي حركة «الشباب» وقوات الأمن.

وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، نفذت حركة «الشباب» الإسلامية المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، هجوماً أسفر عن مقتل 37 شخصاً على الأقل، بينما أصيب 64 آخرون جراء تفجير انتحاري نفسه في شاطئ بالعاصمة مقديشو.

قوات الأمن الصومالي أخلت المكان الذي شهد الانفجار من السكان (رويترز)

وحسب مصدر أمني، فقد قتلت قوات الأمن الصومالية 5 من عناصر حركة «الشباب» المتطرفة، والتي سبق أن نفذت في الماضي كثيراً من التفجيرات والهجمات في مقديشو ومناطق عدة في البلد غير المستقر بالقرن الأفريقي. ورغم إخراجهم من العاصمة بعد تدخل قوات الاتحاد الأفريقي في عام 2011، ما زالوا منتشرين في المناطق الريفية. لكن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وعد بشن حرب «شاملة» ضدهم.