المعارضة المسلحة تفشل محاولة حكومة الائتلاف إعلان «نواة المنطقة الآمنة»

الطعمة لـ {الشرق الأوسط}: «الجبهة الشامية» منعتني من دخول سوريا

مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يتجمعون حول نار أشعلوها قرب بلدة الهول في ريف محافظة الحسكة  بشمال شرقي سوريا (رويترز)
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يتجمعون حول نار أشعلوها قرب بلدة الهول في ريف محافظة الحسكة بشمال شرقي سوريا (رويترز)
TT

المعارضة المسلحة تفشل محاولة حكومة الائتلاف إعلان «نواة المنطقة الآمنة»

مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يتجمعون حول نار أشعلوها قرب بلدة الهول في ريف محافظة الحسكة  بشمال شرقي سوريا (رويترز)
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يتجمعون حول نار أشعلوها قرب بلدة الهول في ريف محافظة الحسكة بشمال شرقي سوريا (رويترز)

فشلت محاولة المعارضة السياسية السورية إعلان نواة للمنطقة الآمنة من مدينة أعزاز الحدودية مع تركيا، بعدما منعت فصائل «الجبهة الشامية» رئيس حكومة الائتلاف السوري أحمد طعمة، ووفدا وزاريا يرافقه، من دخول الأراضي السورية لتفقد «المنطقة المزمع إنشاؤها»، كما قال الطعمة لـ«الشرق الأوسط».
وفي ما بدا وكأنه محاولة من المعارضة المسلحة لإثبات نفوذها على المعارضة السياسية، رفض مدير معبر السلامة الحدودي إدخال الطعمة والوفد المرافق بحجة «عدم التنسيق المسبق». وقال بيان من إدارة المعبر إنه «نظرا لعدم اتباع الإجراءات الرسمية من قبل الحكومة المؤقتة والوفد المرافق لها، وعدم التنسيق مع إدارة المعبر المدنية وحفاظا على سلامتهم العامة، قامت إدارة المعبر آسفة بعدم إدخالهم».
وهذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها الطعمة دخول الأراضي السورية، حيث كان من المقرر أن يعقد وفد الحكومة مؤتمرا صحافيا من داخل الأراضي السورية، يتضمن رسائل للدول العربية والأجنبية عن جاهزية الحكومة لإدارة المناطق الآمنة، بالإضافة إلى بعض الفعاليات مع مجلس محافظة حلب الحرة.
وقال مصدر في الحكومة المؤقتة، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما حصل يؤشر بشكل واضح إلى واقع الأمر على الأرض. وأضاف: «ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها مثل هذا الأمر، ابتداء من مدينة إدلب التي منعت دوائر الحكومة المؤقتة من العمل فيها تحت تهديد السلاح». وأشار إلى «نقاشات مهمة جرت مع الفصائل المسلحة، وكانوا دائما يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، ويتبادلون الأدوار في الكذب والمراوغة».
وحذر المصدر من أن «استمرار الأمر القائم سيؤدي إلى وضع مشابه للسيناريو الليبي، حيث إن الفصائل العسكرية مصلحتها الفوضى وعدم الاستقرار لاستمرار نفوذها»، معتبرا أن هذه الفصائل أصبحت «أشبه بأجهزة أمنية داخل أنظمة مستبدة».
وقال الطعمة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف من الزيارة كان «تفقد المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها»، نافيا عدم التنسيق المسبق مع الفصائل المسلحة. وأضاف: «لقد تم التنسيق، والإخوة الأتراك كانوا في الجو أيضا، وقد أمنوا لنا المواكب العسكرية حتى الحدود، ووصلنا إلى نقطة المعبر بسيارات تركية، لكننا فوجئنا بمسؤول النقطة يبلغنا بأن المكتب السياسي للجبهة (الشامية) غير موافق على دخولنا». وتابع: «لقد اعتقدت للوهلة الأولى أنهم يمازحوننا، لكن عندما تيقنت من جديتهم طلبت من الوفد الوزاري العودة». وقال أيضا: «لقد طلب منا أن ندخل المكتب المجاور لتقديم الشاي، لكن عندما أصبحنا في الداخل فوجئنا باستقدامهم عددا كبيرا من المسلحين بآلياتهم وعتادهم الكامل وقفوا إلى جانب المبنى حيث كنا، على الرغم من أن نقطة المعبر غير مسلحة عادة». وإذ أوضح أن أيا من هؤلاء لم يتفوه بأي تهديد، فإنه رأى أن «العراضة العسكرية لا يمكن أن تفهم سوى أنها تهديد».
وأشار الطعمة إلى أن «الزيارة لم تكن بهدف الاستقرار النهائي في سوريا، لكنها كان مقررا أن تكون زيارة مطولة، نعقد فيها مؤتمرا صحافيا مع الوزراء». وشدد على أن الهدف الأساسي للحكومة هو الانتقال إلى الداخل السوري، لكنه اعترف بأن «المسألة ليست سهلة، ولا يمكن تحقيقها دفعة واحدة»، معتبرا أنه لا بد من أن يتم تصحيح الوضع القائم بالتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة.
وإذ رأى الطعمة أن ما حصل يرسم صورة عن الواقع المؤسف في المناطق المحررة، فإنه رفض اعتبار ما حصل «هوة بين المعارضة السياسية والعسكرية». وقال: «لا أريد تضخيم الأمور، وتحميل المسألة أكثر مما تحتمل، لكن هناك بعض الفصائل التي تعتقد أنها تسيطر على جزء من الأرض ويحق لها أن تحكم هذا الجزء».
وردا على سؤال عمن سيحمي الحكومة المؤقتة إذا دخلت الأراضي السورية في هذا الواقع، قال: «لذلك وضعنا خططا لإنشاء قوة عسكرية مركزية تستطيع أن تدافع عن الحكومة ومؤسساتها، لكن الأمر يحتاج، ككثير من الأمور الأخرى، إلى تمويل وقرار سياسي داعم من الدول الشقيقة والصديقة».
وأكد الطعمة، ردا على سؤال، أن المنطقة الآمنة «أصبحت اليوم أقرب من أي وقت مضى»، مشيرا إلى أن كلامه هذا ينطلق من «تطمينات تركية بهذا الخصوص، ومن التفاهمات والنقاشات التي جرت مع أصدقاء الشعب السوري، والاقتناع النسبي بضرورة قيام هذه المنطقة».
وبينما رفض مسؤولو «الجبهة الشامية» التعليق على الاتهامات، أكّد أبو أحمد العاصمي، القيادي في «الجيش الحر»، لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار عدم دخول الحكومة لا يحمل أي خلفية سياسية بل على العكس من ذلك، كان لضمان أمن المجموعة في ظل الوضع الدقيق في منطقة الشمال حيث توجد ثلاث مجموعات مختلفة هي «الأكراد» و«الجيش الحر» و«داعش». وتشهد المنطقة معارك محتدمة، إضافة إلى الوجود الكثيف للطيران الروسي في الأجواء. وأوضح أن المناطق المحررة في الشمال تخضع للحكومة المؤقتة، ومعظم الموظفين التابعين لها موجودون داخلها، كما أن «الجبهة الشامية» هي تحت مظلة «المجلس العسكري». ولفت العاصمي إلى أن زيارة الوفد قد تتم في الساعات أو الأيام القليلة المقبلة عند الانتهاء من الإجراءات اللازمة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.