سيطر الوجوم والترقب على الشوارع في العاصمة السورية دمشق، يوم الثلاثاء، بعد الضربة الإسرائيلية على مبنى القنصلية الإيرانية الملاصق للسفارة الإيرانية على أوتوستراد المزة في العاصمة دمشق، مساء الاثنين، ومخاوف من ضربات مقبلة تصيبهم بسبب سكنى الأهداف الإسرائيلية بين المدنيين.
مصادر متابعة في دمشق، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهجوم على القنصلية الإيرانية رسالة خطيرة من إسرائيل تقول إنه ما من مكان آمن لإيران في سوريا. ما يعني توقع السوريين المدنيين لضربات في أي مكان توجد فيه مواقع أو شخصيات إيرانية داخل المدن السورية، وما أكثرها من مواقع».
ولفتت المصادر إلى حالة القلق في الشارع السوري من تواصل الضربات الإسرائيلية داخل المدن السورية (حلب، دير الزور، حمص، دمشق)، بسبب التغلغل الإيراني الواسع في أنحاء البلاد، خصوصا المناطق السكنية، منها ما هو معروف في الجوار، ولكن غالبية مواقع القادة الإيرانيين وأتباعهم مخفية عن سكان الأحياء ولا يعرفون بها، فقط تكشف بعد الضربات الإسرائيلية.
وعاشت العاصمة السورية لحظات عصيبة عند وقوع الهجوم في الخامسة من مساء الاثنين، أي في وقت ذروة الحركة في الشوارع قبل موعد الإفطار.
تقول سيدة سورية من سكان حي المزة قريبا من موقع القنصلية الإيرانية، إنها كانت في المطبخ تعد الإفطار بانتظار عودة زوجها وأولادها إلى البيت، عندما دوى الانفجار، «ارتج البناء وكاد قلبي يتوقف من الهلع والخوف على أفراد عائلتي الذين لم يكونوا بقربي ساعتها».
تتساءل السيدة بغضب: «ترى هل التفتت وسائل الإعلام، التي كانت تلهث لإحصاء عدد القتلى العسكريين الإيرانيين، لكم أسرة سورية عاشت رعباً قاتلاً في تلك الساعة التي يكون فيها كثير من أفرادها متجهين إلى المنازل لتناول الإفطار؟ هل أحصوا عدد المنازل التي تحطم زجاج نوافذها في محيط موقع الانفجار، وكم شخصا أصيب بهلع شديد أو بشظية بينما هو في منزله أو في طريقه إليه؟». تقول سيدة أخرى: «اتصلت بزوجي بسرعة لأطمئن عليه بعد دوي التفجير الذي رجت معه البناية، فعلمت أنه عالق بازدحام خانق على أوتوستراد المزة بسبب حادثة التفجير عند السفارة الإيرانية. وتتساءل: ما ذنبي أنا وغيري لنتحمل نتائج حرب بين إسرائيل وإيران؟».
وتتابع: «لم نعد آمنين حتى في بيوتنا، قبل الهجوم على السفارة الإيرانية كان هناك هجوم مماثل على مركز البحوث العلمية في جمرايا، ليلة الأحد، ولم ننم بسبب الروائح السامة التي انبعثت في الأجواء في أعقاب الهجوم، ورغم ما تحدث به الأهالي عن تلك الروائح في مواقع التواصل، لم يخرج أي مسؤول في الحكومة ليوضح ماهية تلك الروائح أو ينصح المدنيين بكيفية التعامل معها».
وتلفت لما يكرره السوريون من أن الاهتمام كله «مركز على العسكريين والخسائر الإيرانية، أما المدنيون السوريون فلا بواكي لهم».
وينتقد السوريون، همسا ولمن يثقون به، خصوصا من طالت مناطقهم ضربات إسرائيلية لاحقت قياديين من الحرس الثوري أو مخازن أسلحة تابعة لهم أو لـ«حزب الله»، السماح لإيران بالتغلغل بينهم وتشكيل خطر على المناطق السكنية الآمنة، فيما العالم يتفرج على الاعتداءات الإسرائيلية بصمت.
الشماتة تضاف إلى حالة الغضب بين المدنيين، إذ يقول واحد من سكان حي المزة ممن فقدوا أفرادا من عائلاتهم في الأزمة السورية منذ عام 2011، معلقا على مقتل قياديين إيرانيين: «يمهل ولا يهمل». مضيفاً: «القاتل يقتل ولو بعد حين»، رافضا التوضيح بتعليق آخر.
تجدر الإشارة إلى أنه ومع تكثيف إسرائيل هجماتها ضد أهداف إيرانية في سوريا، منذ بدء الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زادت مخاوف السوريين من التغلغل الإيراني في المناطق والأحياء السكنية، كما تراجعت رغبتهم في تأجير بيوتهم لأشخاص محسوبين على الميليشيات الإيرانية أو «حزب الله» اللبناني، خشية تعرضها للتدمير.
وبحسب مصدر في مكتب عقاري بدمشق، فإن عمليات التأجير تتم عبر وكلاء سوريين بالنيابة عن الإيرانيين أو «حزب الله»، ويدفعون بالعادة مبالغ مغرية. غير أن حركة تأجير البيوت القريبة من مواقع إيرانية، تراجعت نتيجة المخاوف من استهدافها.
ولفتت المصادر العقارية إلى أن حركة بيع وتأجير البيوت للإيرانيين، نشطت كثيرا خلال فترة الأزمة السورية، ما دفع كثيرا من السوريين لشراء العقارات بهدف طرحها للبيع مرة أخرى للإيرانيين وتحقيق أرباح كبيرة، إلا أن هذه الحركة تراجعت في العام الأخير، لا سيما في الأشهر الستة الماضية، وأن كثيرا ممن اشتروا عقارات وتحديدا في مدينة دمشق قديمة، يعرضون عقاراتهم الآن ولا يتلقون عروضا مرضية.