«هدنة غزة»: ما فرص مفاوضات القاهرة في سد «الفجوات» بين «حماس» وإسرائيل؟

انطلقت وسط مساعٍ لإقرار اتفاق قبيل نهاية رمضان

نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يحتمون بالقرب من الحدود مع مصر في رفح (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يحتمون بالقرب من الحدود مع مصر في رفح (إ.ب.أ)
TT

«هدنة غزة»: ما فرص مفاوضات القاهرة في سد «الفجوات» بين «حماس» وإسرائيل؟

نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يحتمون بالقرب من الحدود مع مصر في رفح (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يحتمون بالقرب من الحدود مع مصر في رفح (إ.ب.أ)

استُؤنفت بالقاهرة، الأحد، مفاوضات التهدئة في قطاع غزة، التي تستهدف إقرار اتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس» يتضمن وقفاً للقتال وتبادلاً للأسرى ودخولاً منتظماً للمساعدات، وذلك بوساطة أميركية - قطرية - مصرية.

وجاءت المفاوضات الحالية في أعقاب سلسلة من الاجتماعات استضافتها على مدى الأسابيع الأخيرة مصر وقطر، دون أن يتم خلالها التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والحركات الفلسطينية؛ نتيجة ما وصفها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في جولته الأخيرة للمنطقة بأنها «فجوات» في مواقف الطرفين.

كما تأتي المفاوضات الراهنة سواء في القاهرة أو في الدوحة في أعقاب إصدار مجلس الأمن قراراً يطالب فيه بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، وهو ما لم يتحقق إلى الآن، وسط مساعٍ من الوسطاء لإقرار اتفاق في هذا المسار، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين أميركيين ومصريين.

يشارك في المفاوضات وفد إسرائيلي يتكون من ممثلين عن الجيش الإسرائيلي، وجهازَي «الشاباك» وو«الموساد»، وفق وسائل إعلام عبرية، في أعقاب قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإيفاد وفدين إلى مصر وقطر.

كانت إسرائيل قاطعت آخر جولة من التفاوض استضافتها القاهرة في الثالث من مارس (آذار)، بعد أن رفضت «حماس» طلباً إسرائيلياً بتقديم قائمة كاملة بأسماء المحتجزين في غزة الذين لا يزالون على قيد الحياة، حسبما أفادت تقارير إعلامية عبرية، بينما عدّت أوساط «حماس» ذلك في حينه «أمراً مستحيلاً» في ظل استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع.

وبدأت المفاوضات في القاهرة قبل يوم واحد من موعد مقرر لمحادثات أخرى يعقدها مسؤولون إسرائيليون في واشنطن، (الاثنين)؛ لبحث ترتيبات العملية العسكرية التي تعتزم إسرائيل تنفيذها في رفح.

ونقل تلفزيون «القاهرة الإخبارية» عن مصدر أمني مصري قوله إن جهوداً مصرية - قطرية مشتركة تُبذل لإحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل و«حماس»، بغية التوصّل لاتفاق لوقف القتال والإفراج عن الأسرى والمحتجزين.

في حين كانت هيئة البث الإسرائيلية ذكرت، الجمعة، أن تغيراً ملموساً طرأ على موقف الوزراء في الحكومة الإسرائيلية بما يسمح بالتقدم في إنجاز صفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس». وقالت الهيئة إنه بعد اجتماع مجلس الوزراء، وجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رئيس «الشاباك» رونان بار، بالذهاب لإجراء محادثات في القاهرة، وفي الوقت نفسه توجّه رئيس «الموساد» لإجراء محادثات في قطر.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، أن الحضور الإسرائيلي إلى الدوحة والقاهرة يمثل «وسيلة للمماطلة واستنزاف الوقت لتحقيق جملة من الأهداف الميدانية»، رغم كل ما يتردد في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول رغبة الحكومة في التجاوب مع جهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل نهاية شهر رمضان.

وأشار الرقب لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نتنياهو يسعى لكسب الوقت لتحقيق أهداف ميدانية، من بينها إيجاد آلية لإخلاء مدينة رفح الفلسطينية تمهيداً لتنفيذ عملية برية بالمدينة، إضافة إلى إفساح المجال لإنجاز الممر البحري الأميركي لما يمثله من أهمية في ترتيبات ما بعد الحرب.

ولفت إلى أن مفاوضات التهدئة الراهنة أمامها فرصة للتوصّل إلى اتفاق إذا التزم الاحتلال الإسرائيلي بالبنود التي تم الاتفاق عليها سابقاً بشأن الإفراج عن 40 من الأسرى الإسرائيليين في غزة، مقابل 700 من السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، بينهم 100 من ذوي المحكوميات المؤبدة، أما إذا لجأ الوفد الإسرائيلي للمماطلة «فسيكون مصير المفاوضات الراهنة مصير سابقاتها نفسه».

وشدد الأكاديمي والسياسي الفلسطيني على أن «الكرة الآن بملعب الاحتلال»، فهو مَن يمكنه الالتزام الذي سبق الاتفاق عليه وصاغته الولايات المتحدة، أو الاستمرار في «لعبة استنزاف الوقت»، مشيراً إلى أن «حماس» قدمت تنازلات عديدة في جولات التفاوض السابقة، ولا يمكنها التخلي عن عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة، لكن يمكن أن يخضع الأمر للتفاوض ووفق إجراءات وجدول زمني يتفق عليه.

وكانت حركتا «حماس» و«الجهاد»، أكدتا الأسبوع الماضي، عقب اجتماع بين رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية وأمين عام «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة في طهران، أن نجاح أي مفاوضات «يعتمد على وقف الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من غزة، وحرية عودة النازحين، وإدخال المساعدات».

في السياق ذاته، رأى خبير الشؤون الإسرائيلية في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» أن لجوء الحكومة الإسرائيلية إلى إبداء بعض المرونة بشأن الجولة الراهنة من مفاوضات التهدئة، والحديث عن رغبة مختلفة هذه المرة في إقرار اتفاق لتبادل الأسرى لا يخرج عن كونه جزءاَ مما يصفها بـ«المناورات الإسرائيلية».

وأوضح عكاشة لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يسعى من وراء إرساله وفدين للتفاوض في الدوحة والقاهرة، إلى إظهار مرونة في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية عبر الانخراط في التفاوض، وفي الوقت ذاته احتواء غضب قطاع من الوزراء الغاضبين في حكومته والمطالبين بإقرار اتفاق لتبادل الأسرى، لكنه في الوقت ذاته يواصل الاستعداد لعملية برية في رفح، ويتعمد تسريب تقارير عن استعدادات لتهجير سكان المدينة بوصفه أداة ضغط على جميع الأطراف.

وتوقّع خبير الشؤون الإسرائيلية ألا يقبل الوفد الإسرائيلي المفاوِض بفكرة وقف الحرب وعودة النازحين إلى شمال غزة، وهو ما تتمسك به الحركات الفلسطينية، عادّاً أن «الوضع الميداني ستكون له كلمة الحسم» في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن حركة «حماس» في وضع عسكري «يسوء تدريجياً» وربما تدفعها خسائرها، خصوصاً في معركة «مجمع الشفاء» إلى إبداء مزيد من المرونة في المفاوضات الراهنة.

يذكر أن الهدنة الوحيدة التي شهدها قطاع غزة في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تم التوصّل إليها بوساطة أميركية - قطرية - مصرية، ودامت أسبوعاً واحداً، وجرى خلالها إطلاق سراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية، ومنذ ذلك الحين تتواصل الجهود لإقرار هدنة جديدة بالقطاع الذي يواجه ظروفاً إنسانية بالغة السوء، وفق تقارير أممية عدة.


مقالات ذات صلة

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة سبتمبر الماضي (رويترز) play-circle

خاص إجراءات أمنية جديدة في «حماس» خشية اغتيال قادتها بالخارج

باتت حركة «حماس» تتحسب لعملية اغتيال إسرائيلية جديدة، محتملة لبعض قياداتها في خارج الأراضي الفلسطينية، وتحدثت مصادر كبيرة عن قلق من حدوثها في دولة غير عربية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يقفون حراساً أثناء البحث عن جثث رهائن إسرائيليين إلى جانب عمال الصليب الأحمر وسط أنقاض مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تعلن مقتل 40 مسلحاً محاصراً من «حماس» في أنفاق تحت رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، إنه قُتل نحو 40 من مسلحي حركة «حماس» الذين كانوا محاصرين في أنفاق تحت رفح بجنوب قطاع غزة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي الفلسطيني ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle

مقتل ياسر أبو شباب في غزة

قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، نقلاً عن مصادر أمنية، إن ياسر أبو شباب أبرز زعماء العشائر المناهضة لحركة «حماس» في قطاع غزة توفي متأثراً بجراحه.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا تُظهر هذه الصورة المأخوذة من مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين مباني مدمرة وأعمدة دخان تتصاعد في الأفق إثر غارات إسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

مصر: لا مجال للحديث عن تقسيم غزة... والانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترمب ضرورة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.