أثارت أنباء عن احتمال تعيين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نائباً له أو أكثر، خلال فترة ولايته الجديدة، التي تبدأ دستورياً الشهر المقبل، تفاعلاً على «السوشيال ميديا»، الجمعة، وتزامن ذلك مع ترجيحات بتعديلات وزارية عقب حلف السيسي اليمين الدستورية.
وبحسب ما قاله الإعلامي المصري، وعضو مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، مصطفى بكري، خلال برنامجه على فضائية «صدى البلد»، مساء الخميس، فإن «هناك توقعات تشير إلى احتمال تفعيل نص المادة 150 من الدستور المصري، والتي تنص على إمكانية تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية خلال الفترة المقبلة».
وفي أعقاب حديث بكري، اشتعلت بورصة التكهنات على مواقع التواصل الاجتماعي، الجمعة، بشأن من سيتولى منصب نائب الرئيس، وتصدرت «هاشتاغات» تحمل أسماء متوقعة لتولي المنصب، «الترند»، من بينها «#عباس_كامل» في إشارة إلى رئيس المخابرات العامة المصرية، و«#كامل_الوزير»، في إشارة لوزير النقل المصري.
ووفق حساب باسم «أحمد العربي» على «إكس»، الجمعة، فإن «التكهنات تشير إلى أن النائب سيكون كامل الوزير أو عباس كامل»، لكن صاحب الحساب توقع أن «يكون المنصب من نصيب وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد».
بينما رجح حساب آخر باسم حازم موسى، على «إكس»، الجمعة، أن «يتولى المنصب عباس كامل».
في حين تحدث حساب ثالث باسم «إم. يوسف» على «إكس»، الجمعة، عن أن «أنسب شخص لهذا المنصب هو كامل الوزير».
وتنص المادة 150 من الدستور المصري، التي أشار إليها بكري في حديثه، على أنه «لرئيس الجمهورية أن يعين نائباً له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، وله أن يفوضهم في بعض اختصاصاته، وأن يعفيهم من مناصبهم، وأن يقبل استقالتهم».
نائب رئيس «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، أشار إلى «أهمية وجود نائب للرئيس في الفترة الحالية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المهم أن يكون هناك نواب لرئيس الجمهورية يقضون فترة من التدريب السياسي في مؤسسة الحكم، لا سيما مع ضعف الأحزاب السياسية وعدم قدرتها على إفراز قيادات سياسية قادرة على الإدارة والحكم».
وأضاف أن «هذه هي الفترة الأخيرة لحكم السيسي بموجب الدستور، ومن المهم إعداد كوادر سياسية قادرة على إدارة البلاد بعد عام 2030». ولا يحبذ ربيع «تكريس ما تكرر في وقت سابق بأن النائب هو من يتولى المنصب بعد الرئيس»، معرباً عن أمله في أن «يكون بين من يتم تعيينهم في منصب نائب الرئيس، لو تحقق ذلك فعلاً، شخصية تتمتع بخبرة اقتصادية لتكون قادرة على التعامل مع التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد».

في حين أوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «الفترات الانتقالية في الحكم عادة ما تكون مليئة بالتنبؤات المائلة للتفاؤل، من حيث انتشار أنباء عن انفتاح وإصلاح اقتصادي، وتعددية سياسية وغيره». وأشار إلى أن «الحديث عن تعيين نائب يأتي في سياق هذه التنبؤات المتفائلة». وأضاف سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن «الفكرة جيدة، لأنها تدعم مؤسسة الرئاسة وتزيد من قوتها»، لكنه أبدى «تحفظاً» على «دقة الأنباء المتداولة بشأن تعيين نائب للرئيس»، ورغم ذلك أشار سعيد إلى أنه «من المهم تعيين نائب للرئيس، وتغيير ما تردد خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، بأنه كان لا يريد نائباً، حتى لا يكون بديلاً له»، بحسب قوله.
ولم يعين مبارك نائباً له طوال فترة رئاسته للبلاد، التي امتدّت نحو 30 عاماً، انتهت بتنحيه عن الحكم إثر أحداث «25 يناير (كانون الثاني)» عام 2011، وكان قبل إعلان التنحي، وفي ظل المظاهرات الشعبية المطالبة برحيله، قد أعلن مبارك تعيين رئيس المخابرات الأسبق، عمر سليمان نائباً له.
وعرفت مصر منصب نائب الرئيس منذ الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر في 13 مارس (آذار) 1958، في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وشهدت تلك الفترة تعيين عدة نواب للرئيس على فترات متتالية، بدأت بالمشير عبد الحكيم عامر وعبد اللطيف البغدادي، مروراً بزكريا محيي الدين، وحسين الشافعي، وبعد ذلك كمال الدين حسين، وحسن إبراهيم، وعلي صبري، وانتهت بتعيين الرئيس الأسبق محمد أنور السادات نائباً للرئيس.
وتولى السادات الرئاسة بعد وفاة عبد الناصر، وعين نائبين فقط خلال فترة رئاسته، محمد فوزي من عام 1972 إلى 1975، ثم مبارك، الذي ظل نائباً للرئيس حتى اغتيال السادات عام 1981. وخلال عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، تم تعيين محمود مكي نائباً للرئيس في أغسطس (آب) 2012 حتى استقال في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه. وعقب مظاهرات «30 يونيو (حزيران)» التي أطاحت بحكم مرسي وتنظيم «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً»، عُين محمد البرادعي نائباً للرئيس المؤقت عدلي منصور عام 2013، لكنه استقال من منصبه بعد شهر واحد.

المعلومات التي أوردها البرلماني بكري في برنامجه أشارت إلى أن «السيسي سوف يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس النواب الثلاثاء المقبل». وأن «السيسي سيلقي خطاباً أمام مجلس النواب يركز على جوانب المرحلة الجديدة». وبحسب بكري، فإن «خطاب السيسي سيركز على ثوابت الدولة المصرية، والمشاركة الاجتماعية في صناعة القرار، ووضع الأسس العملية للمسار الاقتصادي». وعدّ بكري ذلك «تصحيحاً للمسار في ضوء الأحداث التي شهدتها مصر الفترة السابقة». كما لفت إلى أنه «عقب حلف اليمين الدستورية سيتوجه السيسي إلى العاصمة الإدارية الجديدة لرفع العلم المصري عليها، كما ستشهد الجولة زيارة النصب التذكاري الجديد».
ووفقاً للمادة 140 من الدستور المصري، فإن «ولاية الرئيس تبدأ في اليوم التالي لانتهاء الولاية الحالية له». وتنتهي ولاية السيسي الثانية في 2 أبريل (نيسان) المقبل.
وتوقع بكري «إجراء تعديل وزاري بعد حلف الرئيس لليمين، مع استمرار رئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي في منصبه»، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن «الدستور المصري لا يلزم بتغيير الحكومة مع بدء ولاية رئاسية جديدة». وبحسب بكري، فإنه «من المؤكد أننا سنكون أمام وزارة جديدة حال استمرار مدبولي بمنصبه، وسنرى وجوهاً جديدة يعهد إليها بمهام محددة»، متوقعاً «خروج بعض وزراء المجموعة الاقتصادية من الحكومة الحالية».
عودة إلى عبد المنعم سعيد الذي يرى أن «الفترة الحالية تتطلب تغييراً وزارياً يضع على رأس الحكومة شخصية اقتصادية كون رئيس الوزراء هو الشخص الأقرب للرئيس، وهو بمثابة المستشار في الشأن الداخلي».
وعانت مصر أخيراً أزمة اقتصادية تفاقمت مع تداعيات جائحة «كورونا»، والحرب الروسية - الأوكرانية، ثم الحرب في غزة، ما أدى إلى موجة غلاء تزامنت مع تراجع في قيمة العملة المحلية الجنيه، قبل أن تبدأ الأوضاع بالتحسن مع الإعلان عن صفقات وتمويلات خارجية مثل صفقة «رأس الحكمة»، وزيادة قرض صندوق النقد الدولي، و(الدولار يساوي 47.3 جنيه في البنوك المصرية).
