الأمطار تغرق مناطق في غزة وتكشف عن مأساة تتكرر كل عام

البنية التحتية غير جاهزة وإمكانات الدفاع المدني محدودة

الأمطار تغرق مناطق في غزة وتكشف عن مأساة تتكرر كل عام
TT

الأمطار تغرق مناطق في غزة وتكشف عن مأساة تتكرر كل عام

الأمطار تغرق مناطق في غزة وتكشف عن مأساة تتكرر كل عام

تعرضت مناطق من جنوب قطاع غزة للغرق، نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت على محافظة خانيونس، وأدت إلى إغلاق طرق رئيسية، بسبب ارتفاع منسوب المياه إلى متر واحد أو أكثر في بعض المناطق، مما أعاد لأذهان السكان المشاهد الأخيرة من شتاء العام الماضي، حين غرقت مئات المنازل في منطقة الشيخ رضوان، شمال مدينة غزة، ونزح الآلاف من سكانها الذين لجئوا إلى المدارس.
وقد اضطر مئات المواطنين إلى إخلاء منازلهم بعد هطول الأمطار بغزارة لنحو ساعة كاملة، مما تسبب في إغلاق الطرق الرئيسة في محافظة خانيونس، بعد غرقها وغرق الكثير من البيوت، في مشهد يتكرر كل شتاء. وقد أدى هذا إلى شل الحياة في المحافظة، التي تعد ثاني أكبر محافظات قطاع غزة. بينما اتهم المواطنون فيها البلدية بالإهمال وعدم تفقد الشوارع، على الرغم من تحذيرات الأرصاد الجوية من احتمال هطول أمطار غزيرة.
وحاولت طواقم الدفاع المدني والبلدية السيطرة على الموقف، وإخلاء المنازل التي تعرضت للغرق، وتصريف مياه الأمطار التي وصل منسوبها إلى ما يقارب المترين في منطقة ما يسمى «كراج رفح»، حيث تعرضت سيارات مدنية فيها للغرق، بالإضافة إلى غرق عشرات المحالات التجارية.
وأوضح جهاز الدفاع المدني، أنه تمكن من إجلاء 90 شخصا تعرضوا للغرق في الشوارع العامة بمحافظة خانيونس، مبينا أن طواقمه ما زالت تعمل على شفط المياه، وتواصل إخلاء العوائل. بينما رفضت بلدية المحافظة، في بيان لها، التهم التي وجهت إليها بالتقصير، وبينت أنها تعمل فورا على معالجة الخلل، بتصريف المياه وإنقاذ العالقين والمركبات وإخلاء السكان.
ويعاني سكان قطاع غزة من مأساة كبيرة في بداية موسم الشتاء عادة، جراء وجود بنية تحتية قديمة فيها، وغير جاهزة، وقدراتها ضعيفة وغير قادرة على مواجهة منخفضات جوية، تحمل معها الأمطار الغزيرة التي لا يمكن لمصبات تصريف المياه التعامل معها، مما يؤدي إلى غرق المنازل، خاصة الأرضية منها، كتلك التي في مخيمات اللاجئين.
ويقول سامي ياسين، وهو من سكان مخيم الشاطئ، إنه تعرض العام الماضي لكارثة حقيقية، إذ غرق منزله الأرضي الصغير بشكل شبه كامل، حين صل منسوب المياه إلى نحو متر ونصف المتر. وبين ياسين، أنه عمل على إخلاء عائلته بمساعدة الجيران وبعض من أقربائه، بعد صعوبات واجهتها طواقم جهاز الدفاع المدني في الوصول إلى المنطقة حيث يقع منزله، لعدم قدرة «مصبات التصريف» على استيعاب كميات المياه الكبيرة التي تجمعت، وتصريفها باتجاه البحر الذي لا يبعد عن منزله سوى نحو 700 متر.
بينما رأى محمد نصر (27 عاما)، وهو من سكان خانيونس، أن الأزمة المتكررة كل عام، تعود بالأساس، إلى عدم وجود بنية تحتية حديثة تتوافق مع واقع المنخفضات الجوية القوية والكثيفة التي تستمر لأيام عدة تضرب المنطقة في كل موسم شتاء على غير المتوقع. وطالب نصر الجهات المختصة بإعادة تأسيس البنية التحتية، خاصة للمناطق التي تتعرض للغرق باستمرار، كما المخيمات وبعض الأحياء الغربية المنخفضة. مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غرق المنازل يتسبب بخسائر فادحة للعائلات التي تفقد ملابسها وأثاثاتها ومقتنيات بيوتها التي لا يستطيعون تعويضها.
وكان مساعد عام الدفاع المدني في غزة، محمد العطار، قد أشار في مؤتمر صحافي عقد قبل أيام، إلى عدم جهوزية الدفاع المدني لاستقبال موسم الشتاء هذا العام، نظرا لقلة الإمكانات، بفعل تأثر الجهاز كغيره من القطاعات، بالحصار المفروض على القطاع منذ نحو عشر سنوات. داعيا حكومة الوفاق الوطني، إلى تحمل مسؤولياتها تجاه غزة، وتوفير المعدات والتجهيزات اللازمة لمواجهة المخاطر المحتملة في ظل تحذيرات الأرصاد الجوية المتوقعة لفصل الشتاء الحالي.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».