«كوه ياو ييه» جارة بوكيت وجميلة الجزر التايلاندية

95 % من سكانها مسلمون وميزتها الهدوء والطبيعة العذراء

مغيب الشمس من أحد أجنحة أنانتارا (الشرق الأوسط)
مغيب الشمس من أحد أجنحة أنانتارا (الشرق الأوسط)
TT

«كوه ياو ييه» جارة بوكيت وجميلة الجزر التايلاندية

مغيب الشمس من أحد أجنحة أنانتارا (الشرق الأوسط)
مغيب الشمس من أحد أجنحة أنانتارا (الشرق الأوسط)

تعد جزيرة بوكيت من أشهر، إن لم تكن أشهر جزر تايلاند، فهي أكثر الأماكن التي يزورها السياح، لما تزخر به من شواطئ ومطاعم ومقاه، فهي صاخبة ومكتظة وجميلة، ولكنها لم تعد ترضي جميع الأذواق لأنها أصبحت مزدحمة جداً ولا تروق لكل السياح.

واليوم نرى جزيرة «كو ياو ييه» Koh Yao Yai المجاورة لبوكيت تتصدر أجندة السياح الباحثين عن الهدوء والسكون واكتشاف الطبيعة العذراء والتمتع بالشواطئ الرملية البيضاء في خصوصية تامة، والإقامة في منتجعات راقية مطلة على أجمل المناظر الطبيعية.

الترجمة الحرفية لـ«كوه ياو ييه» هي: «جزيرة كبيرة طويلة» تقع على بحر أندامان، تصل إليها عن طريق القارب الذي تستقله من بوكيت التي تضم مطاراً دولياً، تستغرق الرحلة البحرية 30 دقيقة فقط، تصل بعدها إلى مرفأ المنتجع الذي تختاره، يستقبلك العاملون والراقصات التايلانديات بزيهن التقليدي بالزهور وعصير جوز الهند والمناشف المعطرة الباردة التي ستكون رفيقتك طوال فترة إقامتك في الجزيرة.

مناظر خلابة وغابات عذراء (الشرق الأوسط)

تعد هذه الجزيرة محافظة جداً بالمقارنة مع بوكيت وغيرها من الجزر، فغالبية سكانها (95 في المائة) من المسلمين، وتجد فيها مسجداً، يتنقل أهلها على الدراجات النارية بمن فيهم النساء اللاتي يعملن في الحقول وغابات أشجار المطاط المنتشرة بشكل كبير في الجزيرة. يشار إلى أن الديانة السائدة في تايلاند هي البوذية ونسبتها تزيد على 92 في المائة، تليها الديانة الإسلامية (5.4 في المائة) والمسيحية تعد أقلية ونسبتها (1.2 في المائة).

مغيب الشمس من أحد أجنحة أنانتارا (الشرق الأوسط)

أفضل طريقة للتجول في الجزيرة هي الدراجة النارية، فتجد فيها السيارات ولكن بنسبة ضئيلة، السياح يتنقلون بدراجاتهم التي يستأجرونها من مكاتب عديدة تجدها منتشرة في كل مكان، وإذا كنت لا ترغب في قيادة الدراجة بنفسك، فالطريقة الأفضل لاكتشاف الجزيرة هي من خلال حجز نصف يوم على متن دراجة نارية مع سائق، يطلق عليها اسم Side Car وهي عبارة عن دراجة نارية يقودها دليل سياحي بجانبها مقعد يجلس فيه السائح، تبدأ الرحلة في الصباح الباكر للتمتع بمنظر شروق الشمس وبعدها تذهب في الرحلة إلى الشواطئ والغابات وتتعرف أهم ما تزخر به الجزيرة، وتتوقف خلال الرحلة في محل لبيع التذكارت يقدم أيضاً فرصة تعلم الرسم على يد رسامة متمرسة، هذا النشاط رائع لأنه سهل وفي الوقت نفسه مريح للأعصاب، فبينما تقوم بتلوين الرسم المخطط مسبقاً على قطعة القماش الخاصة بك، تتمتع بأجمل المناظر الطبيعية المحيطة بهذا المكان البسيط والجميل.

وتنتهي الرحلة في غداء بمطعم «بان ريم نام» Baan Rim Nam، هذا المطعم فريد من نوعه لعدة أسباب؛ على رأسها أن المطاعم ليست كثيرة في الجزيرة، والسبب الآخر هو أن المطعم مبني من الخشب فوق الماء مباشرة ويقدم المأكولات التايلاندية، مثل «الباد تاي» والأرز مع البيض والخضار والأسماك على الطريقة التايلاندية، ويعد هذا المطعم من أشهر عناوين الأكل في الجزيرة والحجز المسبق فيه ضروري.

أرز مع المانغو وصلصة جوز الهند أشهر أنواع الحلوى التايلاندية (الشرق الأوسط)

الفنادق والمنتجعات في الجزيرة لا تزال قليلة نوعا ماً، إنما إذا كنت تبحث عن عنوان للإقامة التايلاندية التقليدية فلا بد من اختيار علامة «أنانتارا» لأنها تايلاندية، وافتُتح منتجع «أنانتارا كوه ياو ييه» في أغسطس (آب) الماضي. ميزة المنتجع أنه يناسب الأزواج والعائلات لأنه يقدم نشاطات خاصة بالصغار والكبار ويضم برك سباحة تناسب الجميع مع ألعاب مائية مخصصة للصغار في واحدة منها، وفيه أيضاً ثلاثة مطاعم، واحد منها تايلاندي يقدم الأطباق التقليدية الشهيرة، وآخر أوروبي يقدم الباستا والبيتزا وغيرها من الأطباق الأوروبية، ومطعم متخصص بالسوشي مع جلسات خارجية مطلة على البحر.

جزيرة كوه ياو ييه تتيميز بهدوئها وشواطئها الجميلة (الشرق الأوسط)

يتربّع منتجع وفلل «أنانتارا كوه ياو ياي» على أرض تبلغ مساحتها 27 فداناً كانت تُستخدم لزراعة أشجار جوز الهند، وتحيط بها تلّة مرصوفة بالأشجار إلى جانب خليج باهر تزيّنه الأحجار الجيرية التي يسكنها عدد هائل من الطيور. يمتد هذا المنتجع الفاخر الجديد على مسافة كيلومتر واحد من شاطئ تفترشه الرمال الذهبية. ويضم 148 جناحاً وفيلا وبنتهاوس، كلّها مصممة بأسلوب كلاسيكي مع لمسة من التراث التايلاندي لتعكس ثراء الثقافة المحلية في أبهى حلة. ويستطيع الأزواج الاستمتاع بأجواء الفخامة والخصوصية التي توفّرها الفلل المؤلفة من غرفة أو غرفتَي نوم بجانب الشاطئ، وتقدّم خدمة المساعد الشخصي، بالإضافة إلى إمكانية استخدام الدراجات الهوائية.

جناح مطل على أجمل المناظر الطبيعية (الشرق الأوسط)

الرحلات إلى الجزر تعني عادة أن الزائر سوف يمضي وقتاً أكثر في مكان إقامته، لأن معظم النشاطات تنطلق من المنتجع، لذا يفضل كثيرون الإقامة في منتجعات راقية تقدم خدمات عديدة. ففي أنانتارا كوه ياو ييه توجد ثماني وحدات سكنية يطلق عليها اسم «Penthouse» وميزتها أنها واسعة جداً وتضم مسبحاً خاصاً على سطح الجناح الواقع في الطابق الأخير من أحد أبنية المنتجع، والإطلالة على الشاطئ والمناظر الطبيعية من شرفة هذا الجناح غير عادية، يمكنك رؤية جزيرة كاروبي التي تبعد 20 دقيقة منها من شرفتك الخاصة، كما يمكنك أن تشاهد أجمل منظر لشروق الشمس من وراء الصخرة العملاقة مقابل المنتجع.

ألعاب خاصة بالأطفال في منتجع أنانتارا (الشرق الأوسط)

أين تأكل؟

من أهم المطاعم في الجزيرة مطعم «ذا بيتش» الذي يقدم المأكولات البحرية الطازجة من قائمة الأسماك التي يتم صيدها يومياً، ففي كل مساء وتحت سماء مزدانة بالنجوم المضيئة ترى أسطولاً من مراكب صيادي السمك الصغيرة فتضمن أن الأسماك ستكون طازجة، كما يعد مطعم «باكارانغ» من العناوين الجيدة، وهو متخصص بالمطبخ التايلاندي (مأكولات آسيوية مع بهارات حريفة بعض الشيء).

مطعم بام ريم نان الشهير في الجزيرة (الشرق الأوسط)

وإذا كانت إقامتك في أنانتارا، فإن المنتجع يقدم فرصة تناول العشاء على الشاطئ مع تصميم لائحة طعام خاصة بك يقوم بتنفيذها الطاهي الخاص بالتنسيق مع المساعد الشخصي، ومهمته تلبية طلباتك طوال فترة إقامتك، ويطلق على هذه الخدمة «داينينغ باي ديزاين».

مطعم باكارانغ متخصص في المأكولات التايلاندية (الشرق الأوسط)

أما إذا كنت تبحث عن عنوان تقليدي فننصحك بمطعم «بان ريم نان». عندما تصل إليه يتوجب عليك خلع حذائك والمشي على أرضيته الخشبية والجلوس على كراسي من الخشب المعتق مع إطلالة ساحرة على البحر مباشرة، ويقدم المأكولات التايلاندية التقليدية، مثل الأسماك والأرز من دون أن ننسى جوز الهند الذي يدخل في معظم الأطباق الحلوة، وأشهرها الأرز مع المانغو وصلصلة جوز الهند.

أهم النشاطات

تُعد «كوه ياو ييه» من الجُزر النامية التي يقصدها عدد قليل من السياح، ما يعني أنّها تخبئ رحلات آسرة لعشّاق الطعام والطبيعة واليوغا والحياة البحرية. يستطيع الضيوف الاختيار من بين مختلف الرحلات الاستكشافية، بدءاً من الجولات على متن الدراجات الكلاسيكية المزوّدة بمقعد جانبي وصولاً إلى زيارة مزرعة للمطاط، واختبار الصناعات المحلية، والمشاركة في صفوف تعلّم ابتكار نقشات التاي داي، واستكشاف الجزيرة، وتسلّق الجبال والاستمتاع برياضة الغوص أو السكوبا دايفينغ. كما يتسنّى للمتنزّهين اتّباع المسار غير المألوف لبلوغ جزيرة «هونغ» الهادئة؛ حيث ينتظرهم خليج آسر يضمّ بحيرة شاطئية نقية، وتناديهم قوارب الكاياك ليجدفوا على طول القنوات المرصوفة بأشجار القرم فيما تحلّق فوقهم طيور أبو قرن، أو تنطلق بهم رحلة بحرية على متن قارب طويل إلى ضفة رملية طبيعية للاستمتاع بعشاء استثنائي على ضوء الشموع. كما تشمل الأنشطة في هذه الوجهة صفوف اليوغا والتزلّج على المياه، وخوض الجولات الجبلية على متن الدراجات الهوائية والاستمتاع بالتنزّه بين أحضان الطبيعة وغيرها.

رحلة استكشافية على دراجة نارية مع دليل (الشرق الأوسط)

المركز الصحي

من أكثر ما تشتهر به تايلاند التدليك والعناية بالبشرة، ففي تايلاند تتوفر الأماكن الخاصة بالتدليك أو المساج في كل مكان، حتى عند بوابات الإقلاع في المطارات، فخلال زيارتك لا بد أن تقوم بحجز جلسة تدليك على يد اختصاصيين يقومون باستخدام الأحجار والمناشف الساخنة مع الزيت لتدليك الجسم، كما تتوفر خدمات شهيرة أخرى مثل تدليك الرجلين أو Reflexology وهذا النوع من التدليك مفيد جداً، لأن الرجل تحتوي على نقاط متصلة بأعضاء حيوية بالجسم. إضافة إلى أنواع أخرى من العلاجات التي تعنى بتشخيص الأمراض عن طريق الرنين.

رحلات بحرية

تنظم المنتجعات ومكاتب سياحية خاصة رحلات بحرية تأخذك في رحلة إلى أجمل الشواطئ، ومن أجملها Son Bay، ومن الضروري الذهاب في الصباح أو فترة ما قبل الظهر حتى تتمكن من السباحة بسبب المد والجزر، وهذا الشاطئ جميل لأنه هادئ جداً، كما يعد شاطئ Laem Haad من الشواطئ الرائعة أيضاً لأنه يمتد على مسافة طويلة ويتمتع برمال بيضاء ناعمة جداً.

ومن الممكن زيارة جزر مجاورة عن طريق استئجار مراكب تتوقف في محطات عديدة من بينها جزيرة Phang - Nga المعروفة باسم جزيرة «جيمس بوند» (موقع تصوير أحد أفلام العميل الشهير بوند) بالإضافة إلى شاطئ Loh Pared وAo Muong Chan، ومن المحطات الجميلة أيضاً جزيرة القرود.

ومن النشاطات المميزة، رحلات مائية على متن القارب تنطلق بعد الظهر وتبحر بك لمشاهدة غروب الشمس، وتقوم المنتجعات بتنظيمها في مجموعات صغيرة من الضيوف ويقدمون لهم المأكولات الخفيفة على أنغام الموسيقى، وفي الخلفية أجمل منظر لوداع الشمس.

قبل السفر

أفضل وقت للسفر إلى تايلاند هو ما بين شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وأبريل (نيسان)، كما يفضل أخذ مبلغ من المال لشراء التذكارات والأشغال اليدوية التي تشتهر بها تايلاند، وأكثر كلمتين ستسمعهما في تايلاند وستجد نفسك ترددهما يومياً، هما: «ساوادي كا» وتعني مرحباً، و«كاب كون كا» وتعني شكراً، وتجدر الإشارة إلى أن التايلانديين، لا سيما العاملين في قطاع الضيافة، يتقنون فن استقبال الضيف وإلقاء التحية عليه بطريقة مهذبة جداً.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.