«داعش» يفرج عن 37 آشوريًا بوساطة من شيوخ عشائر سوريين وعراقيين

أنباء عن دفع 4 ملايين دولار فدية.. والتنظيم المتطرف يستثني المقاتلين ضده

مقاتلون من المعارضة السورية يحرسون نقطة عسكرية بعد استيلاء المعارضة على ثلاث قرى في منطقة الحسكة من {داعش} (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية يحرسون نقطة عسكرية بعد استيلاء المعارضة على ثلاث قرى في منطقة الحسكة من {داعش} (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يفرج عن 37 آشوريًا بوساطة من شيوخ عشائر سوريين وعراقيين

مقاتلون من المعارضة السورية يحرسون نقطة عسكرية بعد استيلاء المعارضة على ثلاث قرى في منطقة الحسكة من {داعش} (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية يحرسون نقطة عسكرية بعد استيلاء المعارضة على ثلاث قرى في منطقة الحسكة من {داعش} (أ.ف.ب)

أفرج تنظيم داعش المتطرف أمس عن 37 مسيحيًا آشوريًا، معظمهم من النساء، كان قد خطفهم قبل أكثر من ثمانية أشهر في محافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا، وفق إعلانات منظمات آشورية و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي أشار إلى دفع مبالغ مالية كبيرة للتنظيم، لقاء الإفراج عنهم.
«المرصد الآشوري لحقوق الإنسان» ذكر في بريد إلكتروني أن «تنظيم داعش الإرهابي أطلق سراح 37 شخصًا كان قد اختطفهم يوم 23 فبراير (شباط) الماضي أثناء اجتياحه للقرى والبلدات الآشورية على نهر الخابور في محافظة الحسكة». وأفاد مصدر في «المرصد الآشوري» لوكالة الصحافة الفرنسية أن المفرج عنهم «يتوزعون بين 27 امرأة وعشرة رجال، معظمهم من كبار السن، ولقد وصلوا صباحا إلى بلدة تل تمر الآشورية آتين من مناطق تحت سيطرة التنظيم قرب مدينة الحسكة».
وأوضح «المرصد الآشوري» أن المخطوفين وصلوا إلى بلدة تل تمر، كبرى البلدات الآشورية في المنطقة، على متن حافلة كبيرة، وكان الأسقف مار أفرام أثنيل في استقبالهم في مقر كنيسة القديسة بتل تمر. وأكد مراقبو «الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان» أن معظم المُفرج عنهم هم من بلدتي تل شاميرام وتل جزيرة. وبهذا الإفراج الجديد يرتفع عدد المخطوفين المفرج عنهم منذ مارس (آذار) الماضي إلى 88 شخصًا من مجموع 215 مدنيًا سبق خطفهم في 23 فبراير 2015 إثر اجتياح التنظيم للمناطق الآشورية في ريف الحسكة الشمالي. ولا تزال المفاوضات مستمرة لإطلاق سراح باقي المخطوفين، وهم بحسب توثيقات «الشبكة الآشورية» 124 شخصا من المدنيين.
عملية الإفراج، نفذت إثر تفاوض شارك فيه شيوخ من عشائر سوريا والعراق، كما قال مصدر سوري معارض مطلع لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن المبلغ الذي تم دفعه، «يناهز الأربعة ملايين دولار أميركي». وأردف المصدر أن المفاوضات «لم تشمل اتفاقات حول القتال الميداني، واقتصرت على دفع المبالغ المالية، إلا بشرط واحد يتمثل في تعهد بعدم قتال الآشوريين ضد التنظيم»، علمًا بأن المقاتلين الآشوريين «لم يشاركوا في أي معركة ضد (داعش) منذ استعادة السيطرة على قرى وبلدات حوض الخابور».
بدوره، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» هو الآخر نبأ الإفراج عن المخطوفين، ناقلاً عن مصادر متقاطعة أن تنظيم داعش أفرج عن 37 شخصًا من المختطفين الآشوريين لديه، غالبيتهم من كبار السن، وذلك بعد وساطة من قبل شيوخ عشائر عربية في سوريا والعراق، وذلك مقابل مبالغ مالية كبيرة. وأكدت مصادر «المرصد» أن التنظيم أبلغ المفاوضين أن كل من لم يثبت تورطه بالقتال ضد التنظيم من المختطفين الآشوريين سيفرج عنه بالطريقة نفسها. وكان «داعش» شن في 23 فبراير هجومًا استهدف منطقة الخابور التي تضم 35 بلدة آشورية في محافظة الحسكة، وتمكن من السيطرة على 14 بلدة منها قبل أن يتمكن مقاتلو ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية من طرد مسلحي التنظيم المتطرف من هذه البلدات في مايو (أيار) الماضي. ووفق «المرصد الآشوري» يأتي إطلاق سراح المخطوفين السبت «نتيجة جهود ومفاوضات حثيثة تقوم بها أسقفية سوريا لكنيسة المشرق الآشورية ومقرها مدينة الحسكة».
الجدير بالذكر، أن التنظيم المتطرف خطف خلال الهجوم 220 آشوريا من أبناء المنطقة بينهم نساء وأطفال، ثم أطلق سراح العشرات منهم على دفعات منذ ذلك الحين. وتتضارب أرقام الجهات المعنية حول عدد المخطوفين الذين لا يزالون رهائن لدى التنظيم بين 140 أو150، خصوصًا، بعد تقارير أفادت بإقدامه على قتل ثلاثة من المخطوفين بإطلاق الرصاص عليهم الشهر الماضي من دون أن يعلن التنظيم ذلك رسميا عبر المواقع الجهادية القريبة منه، بالإضافة إلى العثور على جثث ثلاثة مخطوفين آخرين.
هذا، وبلغ عدد الآشوريين الإجمالي في سوريا قبل بدء النزاع في عام 2011 نحو ثلاثين ألف نسمة من أصل 1.2 مليون مسيحي، ومعظمهم في محافظة الحسكة المتاخمة للعراق. كذلك يشكل المسيحيون بكل طوائفهم نحو خمسة في المائة من إجمالي عدد السكان في سوريا، لكن عددا كبيرا منهم نزح إلى خارج البلاد منذ اندلاع النزاع الحربي وتصاعد نفوذ التنظيمات المتطرفة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».