ليبيا: الدبيبة يصعد خلافاته مع «النواب» ويرفض «الضريبة الدولارية»

عَدّ الوضع الاقتصادي «جيداً جداً ولا يحتاج لأي إجراءات استثنائية»

اجتماع تكالة مع المبعوث الأممي (مجلس الدولة الليبي)
اجتماع تكالة مع المبعوث الأممي (مجلس الدولة الليبي)
TT

ليبيا: الدبيبة يصعد خلافاته مع «النواب» ويرفض «الضريبة الدولارية»

اجتماع تكالة مع المبعوث الأممي (مجلس الدولة الليبي)
اجتماع تكالة مع المبعوث الأممي (مجلس الدولة الليبي)

صعّد رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، من حدة خلافاته مع مجلس النواب، بعدما جادل مجدداً بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد، ونفى وجود أي أزمة اقتصادية، فيما أعلن مجلس الدولة، اليوم (الثلاثاء)، عن خطف أحد أعضائه في مدينة درنة.

وأعلن الدبيبة في كلمة متلفزة وجهها، مساء الاثنين للشعب الليبي، رفضه لما وصفه بالإجراء الأحادي من رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وقال إنه جاء بشكل مفاجئ ودون مشاورة المختصين بشأن «الضريبة الدولارية»، مُعداً أنه يستهدف تحميل المواطنين ضريبة تغطية الإنفاق الموازي. كما أوضح أن ما تحدث عنه صالح هو «الإنفاق الموازي الذي يريدون من المواطنين تسديد فاتورته»، وتساءل: «ما الهدف من فرض ضريبة على سعر الصرف والدين العام مسدد وقد حققنا فائضاً؟»، لافتاً إلى أن الدين العام كان يقارب 154 مليار دينار «والآن استطعنا (تصفيره) بالكامل مع تحقيق فائض... ونحن لم نكلف الدولة أي عجز في الموازنة، ولا يوجد لدينا دين عام، بل حققنا 26.6 مليار دينار فائضاً، وفق تقرير المصرف المركزي، كما انخفض معدل التضخم إلى مستوى لا يوجد في أي دولة إقليمية تقريباً، من 5 في المائة في 2022، إلى 1.8 في المائة في 2023». (الدولار يساوي 4.83 دينار في السوق الرسمية).

الدبيبة مخاطباً الشعب الليبي في كلمة متلفزة (حكومة «الوحدة»)

وادعى الدبيبة أن الحكومة ضخت للمصرف 75 مليار دولار، وهو ما يعادل ما حققته الحكومات السابقة في 6 سنوات، وقال إن احتياطي ليبيا من النقد الأجنبي بلغ 84 مليار دولار، «وهو ما يكفينا لسنوات». معتبراً أن «وضعنا الاقتصادي جيد جداً، ولا يحتاج لأي إجراءات استثنائية»، وموضحاً أنه بعد كل هذه الأرقام الإيجابية الواردة بتقرير المصرف المركزي، وديوان المحاسبة والمؤسسات الدولية، لا يفهم ما فائدة القرار الأخير برفع مستوى الصرف بنسبة 27 في المائة.

مجلس النواب أعلن تشكيل لجنة لمتابعة مدى تأثير تغير سعر الصرف على دخل المواطن (مجلس النواب)

وكان مجلس النواب قد أعلن اتفاق أعضائه في جلستهم، مساء الاثنين، على مخاطبة محافظ المصرف المركزي بشأن التشاور مع رئاسة المجلس، طبقاً للقوانين النافذة لملء الشواغر في عضوية مجلس إدارة المصرف، وتقديم تقرير بقيمة الاحتياطي بالمصرف حتى تاريخه، بالإضافة إلى تقديم تقرير آخر بإيرادات بيع النقد الأجنبي منذ تغيير السعر.

وقال عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم المجلس، إنه تم أيضاً الاتفاق على إرسال نسخة من بيان الأصول والخصوم للمصرف، وتقديم تقارير مالية واقتصادية عن أوضاعه، وإرسال القوائم المالية المعتمدة، بالإضافة إلى استدعاء لجنة التخطيط والمالية والموازنة العامة للجلسة القادمة من أجل تقديم إحاطة للمجلس.

كما أعلن تشكيل لجنة فنية من رؤساء اللجان النوعية بالمجلس (المالية - الاقتصاد - الرقابة)، وخبراء برئاسة النائب الثاني لرئيس المجلس لمتابعة مدى تأثير تغير سعر الصرف على دخل المواطن.

تكالة طالب محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير بإيقاف تداول العملة من فئة 50 ديناراً وسحبها (إ.ب.أ)

من جانبه، طالب رئيس مجلس الدولة، محمد تكالة، محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، بإيقاف تداول العملة من فئة 50 ديناراً وسحبها، وإيقاف الإنفاق الموازي، والكشف عن المسؤولين عنه، مع موافاته بمقترح للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، وسبل تجنب تكرارها بما يضمن عدم إثقال كاهل المواطن بأي أعباء.

وعَدّ تكالة أنه يجب وضع الأمور في إطارها السليم، بعيداً عن المواربة وتحمل المسؤولية، ووضع حد عاجل لهذه التجاوزات الخطيرة، التي سببت ضرراً بالغاً بالاقتصاد الوطني، على حد قوله.

لكن المصرف المركزي طلب رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، من مديري المصارف، تطبيق إجراءات فرض الرسم على سعر الصرف، وتسهيل إجراءات التعامل بالنقد الأجنبي للأغراض الشخصية، وفتح الاعتمادات المستندية لكل السلع والخدمات، مع تقديم إقرار بموافقة العميل على قبول السعر مضافاً إليه الضريبة.

من جانبه، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة، عبد الله باتيلي، إن تكالة الذي التقاه مساء الاثنين، شاركه تقييمه للتطورات الأخيرة، وأكد على ضرورة معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب. وجدد باتيلي التأكيد على «ضرورة التوصل لاتفاق سياسي شامل لوضع ليبيا على طريق الانتخابات؛ بوصفها الطريق الآمنة الوحيدة نحو الاستقرار والأمن والتنمية المستدامة».

ومن جانبه، قال تكالة إن اللقاء بحث مستجدات الحالة السياسية الليبية، والاجتماع الذي رعته الجامعة العربية لحل الانسداد السياسي، والسير بالبلاد في مسار ديمقراطي سليم وتوافقي لتنفيذ انتخابات وطنية نزيهة وشفافة، تلبي طموحات الشعب الليبي.

اجتماع حفتر مع سفير بريطانيا (الجيش الوطني الليبي)

من جهة أخرى، أكد المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، خلال اجتماعه مساء الاثنين في بنغازي مع سفير بريطانيا، مارتن لونغدن، دعمه لجهود بعثة الأمم المتحدة من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية للوصول إلى مرحلة الاستقرار الدائم في ليبيا. ونقل عن مارتن إشادته بدور قوات الجيش في استتباب الأمن والاستقرار في البلاد، مؤكداً مكانة حفتر في العملية السياسية في ليبيا.

في المقابل، اتهم مجلس الدولة جهة أمنية في مدينة درنة، لم يحددها، باعتقال عضو المجلس، صفوان المسوري، محملاً تلك الجهة، التي قال إنها ضربت بعرض الحائط بحصانته التشريعية المستمدة من القوانين النافذة بالدولة، المسؤولية عن سلامته الشخصية.

وقال بيان للمجلس، اليوم الثلاثاء، إن عملية الاختطاف جاءت في الوقت الذي يعمل فيه المجلس على تجاوز حالة الانقسام السياسي، ودرء نتائجه الكارثية على الوطن والمواطن، وتهيئة ظروف التقارب مع شريكه بالعملية السياسية مجلس النواب، أملاً في الوصول إلى حل ينهي الأزمة السياسية القائمة، ويحد من تداعياتها.


مقالات ذات صلة

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

شمال افريقيا المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

تجددت التوترات بين مجلسي «النواب» و«الرئاسي» في ليبيا بعد اعتراض الأخير على إقرار الأول مشروع قانون «المصالحة الوطنية» في جلسته الأخيرة الأسبوع الماضي.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا قوات موالية لحكومة الدبيبة في تدخل لتفريق المحتجين وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

«لقاء كوهين» يفاقم الاحتجاجات في غرب ليبيا ضد «الوحدة»

الدبيبة: هناك أطراف محلية لا تريد إلا الحروب والدمار والفساد في ليبيا.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مستقبلاً ستيفاني خوري في لقاء سابق بالقاهرة (وزارة الخارجية)

القاهرة تتمسك مجدداً بتفكيك الميليشيات وإخراج «المرتزقة» من ليبيا

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير تميم خلاف إن بلاده تواصل دعم تشكيل «سلطة تنفيذية موحدة» في ليبيا تساعد في إجراء الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال اجتماعها مع عدد من الشخصيات السياسية في ليبيا (البعثة)

خوري تتحدث عن «ترتيبات» لتفعيل مبادرتها السياسية في ليبيا

قالت ستيفاني خوري، إنها تباحثت مع شخصيات ليبية حول «العملية السياسية» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن؛ بما في ذلك معالجة الدوافع الأساسية للصراع.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

طالب المجلس الرئاسي الليبي البرلمان بتجنب «القرارات الأحادية» التي قال إنها «تقوض الشراكة الوطنية وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رئيس الصومال في إثيوبيا... هل تذيب الزيارة الخلافات؟

رئيس الوزراء الإثيوبي خلال استقبال الرئيس الصومالي في أديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس الوزراء الإثيوبي خلال استقبال الرئيس الصومالي في أديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

رئيس الصومال في إثيوبيا... هل تذيب الزيارة الخلافات؟

رئيس الوزراء الإثيوبي خلال استقبال الرئيس الصومالي في أديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس الوزراء الإثيوبي خلال استقبال الرئيس الصومالي في أديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)

زيارة رسمية للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى أديس أبابا، تلبية لدعوة من رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بهدف «تعزيز التعاون»، في ضوء «اتفاق أنقرة» الهادف لإنهاء الخلافات المتصاعدة بين البلدين منذ نحو عام.

تلك الزيارة التي تُعدّ الأولى بعد نحو شهر من توقيع إعلان تفاهمات بوساطة تركية في 11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنها ضمن مساعي إذابة الخلافات ومحاولات التقارب على مستوى أعلى، متوقعين زيارة مماثلة من آبي أحمد إلى مقديشو لتعزيز مسار التوصل لتفاهمات تنهي الأزمات.

وأفادت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية (صونا)، السبت، بأن حسن شيخ محمود وصل إلى أديس أبابا، واستقبله آبي أحمد، مشيرة إلى أن الزيارة «تأتي عقب (اتفاق أنقرة) الذي توصل إليه البلدان أخيراً في تركيا، وتعكس مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين».

وسبق أن زار وفد حكومي صومالي، برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية، علي بلعد، أديس أبابا، الشهر الماضي، بهدف «متابعة تنفيذ اتفاق أنقرة وتعزيز العلاقات»، وفق ما ذكرته «صونا».

وأوائل الشهر الحالي، زارت وزيرة الدفاع الإثيوبية، عائشة موسى، الصومال، والتقت بنظيرها عبد القادر محمد نور، وحينها أعلنت مقديشو دراستها طلباً إثيوبياً لإعادة النظر في المشاركة بالبعثة الأفريقية الجديدة المقرر لها مطلع العام الحالي، بعد أشهر من رفض صومالي، نظراً للخلافات بشأن المذكرة، وفق وسائل إعلام محلية.

وتعهَّد الاتفاق الذي رعته تركيا، الشهر الماضي، بين الصومال وإثيوبيا، بإنهاء الخلاف والذهاب لمحادثات في نهاية فبراير (شباط) المقبل، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية، في ظل رفض مقديشو توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

وباعتقاد المحلل المتخصص في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، فإن تلك الزيارة «تظهر أن البلدين أصبحا أقرب من ذي قبل، وأن الخلافات خفت وتيرتها بينهما إلى حد بعيد، وأنهما يبحثان الآن عن حل دائم، وأن (اتفاقية أنقرة) يبدو أنها ما زالت فعالة».

ويرى أن تلك الزيارة انتقال من مستوى متوسط إلى أعلى بزيارة الرئيس الصومالي، مرجحاً أن ترى مقديشو قريباً وفداً من إثيوبياً مماثلاً يقوده آبي أحمد، بما يؤدي في النهاية إلى «اتفاق وحل بشأن الخلافات يبدو أنه سيكون مؤقتاً وغير نهائي».

جلسة مباحثات بين الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي في أديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)

وبرأي المحلل السياسي في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن توقيت الزيارة «يحمل عقداً تشاورياً مع آبي أحمد، بغرض تلطيف الأجواء المشحونة بينهما، بعد مناوشات عسكرية شنها جنود إثيوبيون موجودون بالصومال، الشهر الماضي، على القوات الصومالية المتمركزة في قاعدة بولاية غوبالاند، دون أن ينفصل ذلك عن طلب إثيوبيا المشاركة في البعثة الأفريقية الجديدة».

وترجح تلك التطورات أن تكون أنقرة «ضاعفت من جهودها في إنقاذ الاتفاق وعدم جاهزية مقديشو في الدخول بمواجهات حالياً مع إثيوبيا»، وفق الحاج، الذي لا يستبعد أن يقوم رئيس الوزراء الإثيوبي بزيارة مماثلة إلى مقديشو لمنح الاتفاقية كامل الشعور بالالتزام والثقة والمسؤولية من الجانب الإثيوبي.

وتأتي زيارة حسن شيخ محمود لأديس أبابا تزامناً مع عقد الاجتماع الأول للجنة الوزارية بين وزراء خارجية مصر بدر عبد العاطي، والصومال أحمد معلم فقي، وإريتريا عثمان صالح محمد، بالقاهرة، السبت، بهدف «تعزيز التعاون الإقليمي ودعم الأمن والاستقرار بالقرن الأفريقي»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وحمل عبد العاطي في مؤتمر صحافي مع نظيريه بالصومال وإريتريا، رسالة غير مباشرة لإثيوبيا قائلاً إنه «تم التأكيد خلال الاجتماع على أن أمن البحر الأحمر مرهون بإرادة الدول المشاطئة فقط، ولا يمكن على الإطلاق قبول أي وجود لأي دولة غير مشاطئة به سواء بوجود عسكري أو بحري».

وبحسب علي محمود كلني، فإن الزيارة لن تتأثر بمخرجات «الاجتماع الثلاثي» في القاهرة، باعتبار أن «هذا مسار، وذاك مسار آخر»، مضيفاً أن «قرار مصر بعدم السماح لإثيوبيا بالوصول إلى مياه البحر الأحمر ليس جديداً، وهي تقول ذلك في كل مرة، وإثيوبيا تعلم أن هذا غير ممكن من دون أن تكون مصر جزءاً منه، ودون موافقتها فعلياً».

في حين يتوقع الحاج أن الموقف المصري المعلَن برفض أي وجود لأي دولة غير مشاطئة على البحر الأحمر سيكون في حسبان إثيوبيا جيداً، لكنها «ستترك تقديرات المُضي في ذلك إلى طبيعة ما يتمخض من نتائج المحادثات بينها وبين الصومال»، مرجحاً أن «تجتهد إثيوبيا في إيجاد موطئ قدم لها على شاطئ البحر الأحمر، عبر نوعية الالتزامات الناتجة من مصفوفة (اتفاق أنقرة)، الذي لن تسمح تركيا بانهياره بأي حال من الأحوال».